دراسات قانونية

بحث قانوني يشرح الاختصاص الردعي لمجلس المنافسة

لضمان حرية المنافسة كمبدأ أساسي في قانون المنافسة، فإنه يتعين إفساح المجال أمام كافة المؤسسات للقيام بالنشاط الاقتصادي الذي ترغب فيه، لذلك فقد حدد قانون المنافسة الجزائري[1] وعلى غرار قوانين المنافسة لمختلف الدول قواعد التنافس المشروع، وحظر مجموعة من الممارسات التي تصدر عن التجار والتي يكون الغرض منها إما عرقلة حرية المنافسة وإما الحد منها أو الإخلال بها في سوق واحدة للسلع والخدمات[2].

وقد خول المشرع لمجلس المنافسة صلاحية السهر على حماية المنافسة من هذه الممارسات وذلك بالنظر إلى السلطات الواسعة التي منحه إياها وعلى رأسها تلك المتعلقة بتوقيع العقاب على مرتكبي المخالفات.

وفي هذا الصدد يمكن القول بأن السلطة القمعية لمجلس المنافسة تشكل الابتكار الأكثر بروزا الذي يميز هذه البناءات الجديدة، فمجلس المنافسة لا يكتفي بمراقبة حركة المنافسة من خلال وظيفة الضبط التي يقوم بها والتي تعتبر أساسا وقائية بمعنى أنها تهدف إلى الرقابة المسبقة للسوق من خلال تفادي التعسفات قبل أن تقع، بل أكثر من ذلك فقد منحه المشرع الجزائري سلطة ردع الجرائم التي تخل بالمنافسة ضمن الاختصاصات التي عهد له بها، وهو ما يعبر عنه بالضبط اللاحق[3]، ومن أجل ذلك فهو مزود بعدد كبير من الأدوات التي تسمح له بالتدخل، والتي تتمثل بالخصوص في إصدار القرارات والعقوبات التي تعتبر الإجراء النموذجي المستعمل عمليا في هذا الشأن.

ونتيجة لذلك فإنه يبدو من غير المألوف أن يعهد باختصاصات قمعية عائدة في الأصل للقاضي الفاصل في المواد الجنائية، لاسيما بعد أن حدد قانون المنافسة لسنة 2003 الطبيعة الإدارية للمجلس من خلال المادة 23 المعدلة[4]، وهو ما أثار العديد من الجدالات وطرح عدة تساؤلات حول مدى دستورية الاختصاصات القمعية لمجلس المنافسة وهل لهذا الأخير مطلق الحرية في استعمال صلاحياته الردعية التي اعترف له المشرع صراحة بها؟ وكذا عن مدى تميز النظام الردعي أو السلطة القمعية التي يتمتع بها المجلس عن تلك التي يمارسها القاضي الجنائي؟

وتبعا لذلك سوف تقسم خطة الدراسة إلى مبحثين؛ المبحث الأول يتناول مدى تأطير سلطة العقاب الممنوحة لمجلس المنافسة، أما المبحث الثاني فيتطرق إلى مظاهر ممارسة مجلس المنافسة لسلطته الردعية في هذا الجانب. مع استعمال المنهج الوصفي في عرض جميع المعطيات المتعلقة بالموضوع، المنهج التاريخي لمعرفة التطورات التي مر بها مفهوم التدخل الردعي لمجلس المنافسة وكذا المنهج المقارن من خلال تبيان موقف بعض التشريعات والاجتهادات القضائية المقارنة في هذا الشأن.

المبحث الأول: تأطير سلطة الردع الممنوحة لمجلس المنافسة

تصطدم عملية تحويل اختصاصات قضائية لصالح هيئات إدارية بالأحكام الدستورية المكرسة لمبدأ الفصل بين السلطات، لذلك فإنه لا يمكن لمجلس المنافسة أن يتصرف في سلطته القمعية دون تأطير. ومن الواجب التساؤل بداية هنا عن أساس هذا التوجه الذي ينزع إلى تجريد السلطة القضائية من أحد صلاحياتها الكلاسيكية أي معاقبة مخالفة قاعدة القانون في مجال المنافسة (المطلب الأول) ثم التطرق إلى مدى توافر الضمانات القانونية بتوقيع جزاء عادل عند ممارسة الاختصاصات الردعية القريبة والمختلفة في نفس الوقت عن القمع الجنائي (المطلب الثاني).

المطلب الأول: الأساس القانوني لسلطة الردع المخولة لمجلس المنافسة

لقد اعترف المشرع الجزائري لمجلس المنافسة كسلطة إدارية مستقلة بالاختصاص القمعي بموجب قانون المنافسة لسنة 2003 المعدل والمتمم، حيث أصبح المجلس يلعب دورا أكيدا للردع العقابي من خلال الفصل في الخصومات خارج كل تدخل من القاضي، وذلك عندما تظهر نتيجة التحقيقات أن المتعاملين الذين ينشطون في مجال اختصاصهم المادي، قد ارتكبوا جرائم ضد التشريع والتنظيم المعمول بهما في مجال المنافسة[5].

هذه الممارسة المتمثلة في نقل الاختصاصات القضائية والتي تشكل الاختصاص العادي والطبيعي للقاضي الجزائي إلى مجلس المنافسة تظهر معاكسة لنصوص الدستور التي تكرس مبدأ الفصل بين السلطات كأساس لتنظيم السلطات العامة والذي يفرق بدقة بين اختصاصات السلطة التشريعية، التنفيذية والقضائية[6]، مما يدفع إلى التساؤل عن أساس سلطة العقاب الممنوحة لمجلس المنافسة.

في الحقيقة هناك العديد من العوامل وراء الاعتراف لمجلس المنافسة بالصلاحيات الردعية غير أن ذلك لا يعني أن هذه الاختصاصات سوف تؤثر في طبيعته، بل تجعله يتمكن من تحقيق المهام المنوطة به على أكمل وجه، ويعطى للعقوبات التي يصدرها طابعا إداريا باعتباره سلطة إدارية تتمتع بالشخصية القانونية والاستقلال المالي، ويمكن تعريف الجزاءات الإدارية بأنها: “تلك الجزاءات ذات الخاصة العقابية التي توقعها سلطات إدارية مستقلة أو غير مستقلة وهي بصدد ممارستها لسلطتها تجاه الأفراد، بغض النظر عن هويتهم الوظيفية وذلك كطريق أصلي لردع خرق القوانين واللوائح[7].

وبالرجوع إلى القانون المقارن، نجد أن بعض دساتير الدول تمنح للإدارة سلطة إصدار جزاءات إدارية، أي أنها تبنت فكرة القمع الإداري دستوريا كالبرتغال وإسبانيا من حيث أنها ميزت بين الجرائم الجزائية والإدارية، وألمانيا التي ميزت محكمتها الدستورية بين الجرائم الجزائية التي تدخل ضمن اختصاص القاضي والجرائم التنظيمية الخاصة بالمجال الاقتصادي، والتي تستدعي تدخل القمع الإداري[8].

وقد نطق الاجتهاد الدستوري الفرنسي بموجب قراره المؤرخ في 28 جويلية 1989 بشرعية الجزاءات الإدارية بعد أن تردد بداية في الإقرار بها، إذ تدخل المجلس الدستوري الفرنسي لتقنين ممارسة الاختصاص القمعي فاشترط منح هذا الاختصاص لسلطة إدارية مستقلة ضمن الحدود الضرورية لتأدية مهامها وأن يرفق المشرع هذه الجزاءات بتدابير موجهة لحماية الحقوق والحريات المكفولة دستوريا[9].

وبذلك فإن الردع الإداري لا يعاكس بشيء مبدأ الفصل بين السلطات وأن الاعتراف بشرعية الجزاءات الإدارية للسلطات الإدارية المستقلة حسب الاجتهاد الفرنسي يكون على أساس امتيازات السلطة العامة، وهو ما يعني تأسيس سلطة العقاب المخولة لمجلس المنافسة باعتباره هيئة إدارية مستقلة على هذا النحو، بما أنه مكلف في الواقع بمهمة الصالح العام الذي يقوم على التحقق من احترام النصوص القانونية والتنظيمية المطبقة على متعاملي السوق[10].

وبخصوص التشريع الجزائري يمكن القول بأن ظهور الصلاحيات القمعية لمجلس المنافسة في القانون قد جاء عقب ظاهرة إزالة التجريم عن الممارسات المقيدة للمنافسة والتي كانت تعتبر بمثابة جرائم اقتصادية تستدعي تدخل القاضي الجزائي لقمعها[11]، حيث كان قانون الأسعار لسنة 1989 يمنح صلاحية قمع الممارسات التي تخل بحرية المنافسة للقاضي الجزائي والذي كان ينطق بعقوبات الحبس والغرامات المالية ضد الأشخاص مرتكبة هذه الممارسات[12]، لكن بعد استحداث المشرع لجهاز جديد وهو مجلس المنافسة أسندت له هذه المهمة كما تم تزويده بنفس السلطات التي كان يتمتع بها القاضي الجزائي. فالردع الإداري قد انتشر وكسب مجالا أوسع مع إنشاء السلطات الإدارية المستقلة أو سلطات ضبط النشاط الاقتصادي والتي عهد إليها المشرع مهام ضبط جديدة في إطار الانتقال من مرحلة الاقتصاد الموجه إلى اقتصاد السوق، يتعلق الأمر بمهام مراقبة السوق، مراقبة المؤسسات ونظام السوق، التحكيم بين مصالح مختلفة، تنظيم النشاط وأخيرا وخاصة استعمال السلطات القمعية[13]، وانطلاقا من ذلك فإن نظام العقاب الإداري يهدف إلى التقليل من تضخم التشريع العقابي الناتج عن تبني سياسة جنائية صارمة تهدف إلى تجريم كل سلوك مناف كما أنه يصبح بديلا حقيقيا للعقاب الجزائي بالنسبة لبعض الجرائم الأقل خطورة[14]، هذا من جهة.

من جهة أخرى فإن الاختصاص القمعي الذي تتمتع به السلطات الإدارية المستقلة عموما ومنها مجلس المنافسة خاصة يعبر عن عدم ملائمة القمع الذي يمارسه القاضي الجنائي مع طبيعة القطاع الاقتصادي، إذ أن السلطة القمعية الممنوحة للمجلس تعتبر عاملا أساسيا للقيام بالمهمة الضبطية وهي التي تحقق فعاليتها[15]. فعملية النقل التي تمت لصالح مجلس المنافسة تعود أساسا إلى العجز والقصور الذي أظهرته السلطات القضائية ومحدوديتها إلى جانب تأخر العدالة العقابية إلى حد كبير في هذا الخصوص. ومن ثمة فإن اعتراف المشرع بالسلطات العقابية للمجلس كهيئة إدارية يعود إلى عوامل المرونة، السرعة والفعالية التي يتميز بها تدخله مقابل تعقد وطول الإجراءات القضائية[16] وكذا عدم التكوين الاقتصادي للقاضي الجنائي في هذا المجال.

وتجدر الإشارة إلى أن المشرع الجزائري قد اكتفى هنا بإقرار السلطة العقابية للمجلس من خلال نصه على الوسائل التي يمكن لهذا الأخير استعمالها، فإنه لم يتطرق لمسألة التأسيس القانوني أو شرعية الجزاءات الإدارية التي منحها للسلطات الإدارية المستقلة عموما، ولم يتطرق القضاء بدوره إلى هذه المسألة [17]، وقد فتح هذا الأمر المجال للجدال خاصة وأن القانون السابق للمنافسة لسنة 1995 لم يوضح بصراحة طبيعة مجلس المنافسة، واكتفى في المادة 16 منه في فقرتيها 1 و2 على النص على أنه: “ينشأ مجلس المنافسة يكلف بترقية المنافسة وترقيتها. يتمتع مجلس المنافسة بالاستقلال الإداري والمالي”.

زيادة على ذلك، فمن الملاحظ أن مجلس المنافسة يتمتع بسلطة توقيع جزاءات إدارية وليس عقوبات جنائية، ولعل استعمال المشرع لمصطلح “عقوبات” في المواد المتعلقة بصلاحيات مجلس المنافسة في هذا الصدد، والتي سوف يتم التطرق إليها من خلال الجزء الثاني من الدراسة أدى إلى خلط في المفاهيم، وهنا نادى البعض بحذف مصطلح العقوبة على اعتبارها لا تكون إلا كجزاء ضد الجرائم الجنائية ينطق بها القاضي الجنائي، واستبداله بمصطلح الجزاء[18].

وبهذا يمكن القول بأن التدخل الردعي لمجلس المنافسة يعبر عن الطابع والخصوصية المميزة للممارسات المقيدة للمنافسة وكذا عن أهمية الصلاحيات الردعية الممنوحة لجلس في إطار الدور الذي يلعبه في حماية المنافسة والسوق بصفة عامة.

المطلب الثاني: خضوع سلطة الردع الممنوحة لمجلس المنافسة للضمانات القانونية

إن نقل الاختصاص من القاضي الجنائي إلى مجلس المنافسة يجب أن يرافقه نقل تلك الضمانات التي فرض المشرع توفيرها أمام القاضي الجنائي وهذا من أجل تفادي انتهاك حقوق المعنيين، فالعقوبات الردعية تتسم بنوع من القسوة والخطورة لذلك لا يمكن الاحتجاج بالسرعة والفعالية كمبرر لتدخل مجلس المنافسة من أجل التقليل من الضمانات الأساسية للمحاكمة العادلة والتعسف في إنزال الجزاءات، إذ أن تطبيق العقوبات من قبل المجلس لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يمس بحقوق ومصالح المؤسسات الاقتصادية[19].

وفي هذا الصدد فقد رسم المجلس الدستوري الفرنسي المعالم الرئيسية للوظيفة القمعية، فإذا كانت العقوبات الإدارية من مجلس المنافسة يمكن أن تتخذ أشكالا مختلفة، لكنها لا يمكن أن تكون بأي حال من الأحوال عقوبات سالبة للحرية. ومع ذلك فإنه ينطبق عليها نظام قريب من النظام الإجرائي للعقوبات الجزائية[20].

وفي قراره المؤرخ في 17 جانفي 1989، اعتبر المجلس الدستوري الفرنسي أنه حتى بالنسبة للعقوبات التي تسلط من طرف هيئة ولو غير قضائية، فإنها تخضع حسب الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والمواطن لنفس الضمانات التي تحكم تسليط العقوبات القضائية [21]، حيث أن الإجراء العقابي في فرنسا يترجم باستقبال واسع لقواعد الإجراءات المعمول بها في الدعوى الجزائية تحت تأثير القانون الأوربي خاصة نصوص المادة 06 فقرة 1 من الاتفاقية الأوربية لحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية، والتي تطبق على المحاكم مثلما تطبق على الهيئات الإدارية الممنوحة اختصاصات قمعية[22].

ومن ثمة، فإن النظام العقابي المتبع أمام مجلس المنافسة يخضع لنفس النظام الإجرائي المتبع أمام القاضي الجزائي، أي أنه يخضع لاحترام الضمانات والمبادئ التالية: عدم رجعية القانون، قاعدة ضرورة وتناسب العقوبات مع الوقائع، ضمان حقوق الدفاع، مبدأ تسبيب العقوبات، الحق في الاطلاع على الملف ومبدأ الخضوع لرقابة القاضي…الخ[23].

وهو نفس الأمر المعمول به في التشريع الجزائري، على أن النظام الإجرائي الحمائي المتبع في تسليط العقوبات من قبل المجلس، يتفرع إلى عدة عناصر منها ما يتعلق باستقلالية وحياد المجلس تجاه الأطراف المعنية سواء في منح رخص الاستغلال، رقابة إجراء التحقيق، المشاركة في الجلسات والمداولات أو تسليط عقوبة إدارية. ويقوم هذا النظام على ضمانتي التنافي بين الوظائف وحالات المنع[24]، حيث يبعد أعضاء المجلس عن ممارسة أي وظيفة قد تؤثر على استقلالية الرأي الذي يدلون به أثناء تصويتهم بخصوص إصدار القرار من مجلس المنافسة، ولا يمكنهم أن يكونوا قاضي وخصم في آن واحد بالنسبة للنشاطات التي يتولى المجلس رقابتها، وذلك حسب المادة 29 من قانون المنافسة، المعدل والمتمم.

أما بالنسبة لاحترام حقوق الدفاع هذا المبدأ المكفول دستوريا بموجب المادة 169 من دستور 2016 التي تنص على أنه: “الحق في الدفاع معترف به. الحق في الدفاع مضمون في القضايا الجزائية”، فهو يقتضي تكريس قرينة البراءة، تبليغ الشخص بالتهم المنسوبة إليه، الإطلاع على الملف وتقديم ملاحظاته، إمكانية اصطحاب شهود وكذا الاستعانة بمحام [25]. هذه الإجراءات والضمانات المعمول بها أثناء التحقيق مع المؤسسات المعنية، وهو ما يقتضي الرجوع إلى قانون المنافسة للإطلاع على القواعد والأحكام المنصوص عليها في هذا الشأن.

أما عن قرينة البراءة المكرسة دستوريا بموجب المادة 56 والتي تقتضي أن يعامل المتهم بحسب الأصل وهو البراءة لحين ثبوت التهمة ضده، فإن قانون المنافسة لم يشر إليها، كما لم يشر إلى إمكانية إحضار الشهود عكس ما هو معمول به في المواد الجزائية، وبخصوص حق الاطلاع على الملف الذي يعتبر من متطلبات مبدأ الوجاهية، فهو مكرس بموجب الفقرة 2 من المادة 30 من أمر 2003، المتعلق بالمنافسة التي تنص على أنه: (للأطراف المعنية وممثل الوزير المكلف بالتجارة حق الاطلاع على الملف والحصول على نسخة منه). ومن ثمة، فإنه من الضروري تبليغ الشخص المعني بالوقائع المنسوبة إليه كما يجب أن يستفيد من حقه في إبداء وتقديم ملاحظات كتابية خلال الأجل المحدد في التبليغ، ويتم تبليغ ممثله القانوني بنفس الطريقة قبل الجلسة. أو بعبارة أخرى تمكينه من الاطلاع على الملف ومنحه فرصة لتقديم دفاعه من أجل مناقشة ما نسب إليه من أفعال[26]، غير أن الفقرة 3 من نفس المادة نصت على أنه يمكن لرئيس مجلس المنافسة “بمبادرة منه أو بطلب من الأطراف المعنية، رفض تسليم المستندات أو الوثائق التي تمس بسرية المهنة. وفي هذه الحالة، تسحب هذه المستندات أو الوثائق من الملف. ولا يمكن أن يكون قرار مجلس المنافسة مؤسسا على المستندات أو الوثائق المسحوبة من الملف”.

وبالنسبة لحق الاستعانة بمحام، فكما أقره المشرع في مرحلة التحقيق، فقد كرسه كذلك في مرحلة الفصل في القضية المطروحة على مجلس المنافسة، إذ يمكن للأطراف المعنية وفقا للفقرة 1 من المادة 30، أن تعين ممثلا عنها أو تحضر مع محاميها أو مع أي شخص تختاره في جلسات الاستماع.

والجدير بالذكر، أن القاضي يظهر أكثر صرامة تجاه المجلس في حالة تجاهله هذا المبدأ ودون احترام الضمانات التي أقرها القانون عند استعماله لسلطته العقابية عامة، وذلك بإلغاء كل عقوبة متخذة. أما بالنسبة للجزاءات ومعايير وضمانات تقديرها وكذا حق الطعن فيها فسوف يتم التطرق إليها في الجزء الثاني من الدراسة.

وتجدر الإشارة إلى أنه يعاب على كيفية ممارسة الإجراء العقابي افتقاره للطابع الشفهي والعلنية، حيث نجد أن الطابع الشفهي والعلني مكرس بصفة محتشمة بالنسبة للجزاءات الإدارية التي توقعها الهيئات الإدارية المستقلة، وذلك نظرا لما يمثله هذا الأمر من إعاقة لممارسة المجلس لسلطته الردعية [27]، وهو ما يظهر من خلال المذكرات الكتابية التي يجب على الاطراف تقديمها في جلسات الاستماع المنظمة من مجلس المنافسة، وفقا للفقرة الاولى من المادة 30 من قانون المنافسة، إضافة إلى سرية الجلسات التي ينظمها حسب ما نصت عليه الفقرة 3 من المادة 28 من نفس القانون.

المبحث الثاني: مظاهر ممارسة السلطة الردعية لمجلس المنافسة

لإدانة إحدى المؤسسات، يجب أن يستند مجلس المنافسة إلى أدلة أكيدة على قيامها بإحدى الممارسات المحظورة أو على أدلة هامة ومتطابقة.

وفي هذا الصدد يتمتع المجلس بصلاحيات جزائية واسعة، ففي حالة إثبات إتيان هذه الممارسات يمكنه استعمال أي وسيلة من الوسائل التي كرسها له القانون وذلك في إطار تأكيد الدور الفعال الذي يلعبه في تنظيم السوق وكذا سلطاته في قمع الممارسات المقيدة للمنافسة. ويتعلق الأمر بصلاحية إصدار الأوامر واتخاذ الإجراءات المؤقتة (المطلب الأول) وحق إقرار العقوبات المالية (المطلب الثاني).

المطلب الأول: الأوامر والإجراءات المؤقتة

تجدر الإشارة بداية إلى أن الأوامر (الفرع الأول) والإجراءات المؤقتة (الفرع الثاني) تعد تدابير تحضيرية لاستعمال سلطة العقاب. أو بمعنى آخر فإنها تشكل المراحل الأولى لممارسة سلطة الردع المخولة لمجلس المنافسة، بما أنها تهدف إما إلى قمع التقصير في واجب أو تفادي وضعية يمكن أن ينجر عنها أضرار معتبرة، وذلك في إطار وضع حد للممارسات المخالفة للمنافسة.

الفرع الأول: الأوامر

يقوم مجلس المنافسة بتوجيه أوامر معللة إلى المؤسسات المتهمة إذا تأكد أن الممارسات المرتكبة من طرفها تحمل إخلالا واضحا بالمنافسة الحرة في السوق، وذلك حسب نص المادة 45 فقرة 1 من أمر 2003، المتعلق بالمنافسة، فإن “مجلس المنافسة يتخذ أوامر معللة ترمي إلى وضع حد للممارسات المعاينة المقيدة للمنافسة عندما تكون العرائض والملفات المرفوعة إليه أو التي يبادر هو بها، من اختصاصه”.

وفي هذه الحالة، تكون للمجلس صلاحية إصدار أوامر تختلف باختلاف المعطيات المتوفرة من أجل وضع حد للممارسات المقيدة للمنافسة، وذلك بعد التحقق من وجودها، فقد تتضمن طلب الكف عن القيام بعمل أو سلوك ما والتوقف عن إتيانه، حيث يمكن للمجلس هنا إلزام المؤسسات المعنية بوضع حد للممارسات المتابعة من أجلها، كأن يطلب عدم مواصلة تنفيذ الاتفاق المقيد للمنافسة.

إضافة إلى ذلك، يمكن أن يكون موضوع هذه الأوامر أيضا طلب اتخاذ إجراءات معينة أو القيام بعمل معين، قد يتمثل في طلب تعديل أو تكملة أو إنجاز بعض التصرفات مثل العقود والاتفاقيات والقوانين الداخلية للمؤسسة أو تعديل الشروط التعسفية المفروضة على المشتري[28]، كأن يتدخل بخصوص تعديل بنود عقد ذات طبيعة تقيد أو تحد من المنافسة[29] ويمكنه كذلك بالنسبة لمؤسسة ضحية تصرفات متعامل قوي يحاول أن يفرض عليها شروطا بمقتضى المادة 11 من أمر 2003، المتعلق بالمنافسة، والخاصة بالاستغلال التعسفي لوضعية التبعية الاقتصادية، أن يلزم هذا المتعامل بتنفيذ الأمر وبالتالي إلزامه بالتعاقد[30]. ففي قرار مجلس المنافسة الفرنسي المؤرخ في 23 مارس 1987، “Magnétoscopes JVG” والذي حدد فيه معايير التعسف في وضعية التبعية الاقتصادية، فرض المجلس على المؤسسة الممونة التي تعسفت في وضعية التبعية الاقتصادية التي توجد فيها مؤسسة أخرى بالنسبة لها بتنفيذ طلب هذه الأخيرة وبالتالي تسليم البضاعة[31].

تبعا لذلك يمكن القول أن هذه الأوامر تتميز بالطابع التقويمي أو التصحيحي وتتصف بنوع من الشدة والصرامة على أنه لا يجوز لمجلس المنافسة إصدار أوامر تتدخل في هيكلة وبنية المؤسسات المعنية، كإصدار أمر بحلها مثلا، بل ينحصر دوره في إصدار أوامر تتعلق بالسلوك الإجرامي فقط[32]، ولا أن يتدخل في اختيار المؤسسة المعنية للتدابير اللازمة لتنفيذ الأمر الذي اتخذه، فضلا عن ذلك يجب أن تصاغ الأوامر صياغة دقيقة باستعمال عبارات واضحة، محددة ومختصرة لاسيما وأن الأمر يتعلق بوسيلة جد خطرة يجب استخدامها بحذر [33].

ونظرا لطابعها الإلزامي –الأوامر- فإن المجلس يتدخل لفرض احترامها، حيث تحدد مهلة لتنفيذها وكذا إن لم تستجب لها المؤسسات المخالفة، وذلك بتقريره عقوبات مالية إما نافذة فورا وإما في الآجال التي يحددها من عدم تطبيق الأوامر، وذلك وفقا للفقرة 2 من المادة 45 من قانون المنافسة المعدل والمتمم، وكذا عقوبات تهديدية حسب ما نصت عليه المادة 58 من نفس القانون.

تجدر الإشارة إلى أن قانون المنافسة السابق لسنة 1995 والملغى ينص في مادته 24 على أن الأوامر التي يتخذها مجلس المنافسة تكون إما بوضع حد للممارسات المنافية للمنافسة و/أو بالرجوع إلى الوضعية السابقة في الأجل المحدد من طرف مجلس المنافسة. ولعل عدم إدراج قانون المنافسة لسنة 2003 للحالة الأخيرة والمتعلقة بإمكانية الرجوع إلى الوضعية السابقة يعود إلى أن ذلك قد يتخذ وقتا كبيرا لتنفيذه مما يعيق السير الحسن للسوق وتفعيل حرية المنافسة، أو قد يكون صعبا أو مستحيل التحقيق من جهة أخرى[34]. إلى جانب أنه كان ينص في نفس المادة على أن عدم تنفيذ الأوامر من الجهات المعنية في الآجال المحددة يؤدي إلى اتخاذ مجلس المنافسة لإجراءات الغلق المؤقت للمحلات المشبوهة لمدة شهر واحد على الأكثر أو حجز البضائع أو اتخاذ أي إجراء آخر لوضع حد للممارسة المنافية للمنافسة، غير أن إقرار العقوبات المالية والغرامات التهديدية التي جاء بها قانون 2003 تعتبر أكثر ردعا خاصة وأن الإجراءات السابقة هي عبارة عن إجراءات مؤقتة على عكس العقوبات المالية التي تهدف إلى المساس بأموال المؤسسة المخالفة.

الفرع الثاني: الإجراءات المؤقتة

تعتبر الإجراءات المؤقتة من المستجدات التي جاء بها قانون المنافسة لسنة 2003، حيث تنص المادة 46 منه على أنه: (يمكن مجلس المنافسة، بطلب من المدعي أو من الوزير المكلف بالتجارة، اتخاذ تدابير مؤقتة للحد من الممارسات المقيدة للمنافسة موضوع التحقيق، إذا اقتضت ذلك الظروف المستعجلة لتفادي وقوع ضرر محدق غير ممكن إصلاحه لفائدة المؤسسات التي تأثرت مصالحها من جراء هذه الممارسات أو عند الإضرار بالمصلحة الاقتصادية العامة).

تأخذ الإجراءات المؤقتة أو كما يطلق عليها “التدابير التحفظية أو المؤقتة” عادة الطابع الاستعجالي وتبرر على أساس الحاجة لحماية بعض المصالح وتفادي النتائج التي يمكن أن تنجر عن الممارسات المخالفة[35]. ومن استقراء نص المادة 46، نجد أنه حتى يتسنى لمجلس المنافسة اتخاذ هذه التدابير، لابد من توافر بعض الشروط، ويتعلق الأمر بداية بضرورة تلقي المجلس طلبا بخصوصها فتقديم طلب الإجراء التحفظي يستدعي بالضرورة وجود إخطار سابق أو مرافق لطلب التدابير المؤقتة، على أن يكون هذا الإخطار مقبولا من مجلس المنافسة [36].

إن طلب اتخاذ التدابير المؤقتة لا يعني أبدا وجوب تقديمه ضمن العريضة موضوع الادعاء الأصلي، بل يجب أن يقدم بصفة مستقلة ولاحقة، غير أنه وإن كانت هذه الاستقلالية من حيث الشكل فإنها لا تتحقق من حيث الموضوع، إذا أن طلب هذه التدابير يبقى تابعا للطلب الأصلي ويتأثر به وجودا وعدما.

أما بخصوص الأشخاص المؤهلة لطلب التدابير المؤقتة، فقد منحت المادة هذه الصلاحية لكل من المدعي والوزير المكلف بالتجارة، فالمدعي يشمل حتما كل الأشخاص الذين يمكنهم تقديم الإدعاء أو الإخطار إلى المجلس، أما بالنسبة للطلب المقدم من الوزير المكلف بالتجارة فهو ترجمة لحماية الصالح العام في حالة الإضرار بالمصلحة الاقتصادية العامة.

إضافة إلى ذلك لابد من تأسيس الطلب المقدم إذ اشترطت المادة ضرورة توافر خطورة الضرر والظروف المستعجلة التي تستدعي تدخل المجلس لإيقافها أو وضع حد لها. وتعرف حالة الاستعجال بأنها: “تلك الوضعية التي تؤدي لا محالة إلى وقوع ضرر محدق غير ممكن إصلاحه بإتباع الإجراءات العادية”[37]، فهذه التدابير لا تتخذ من أجل إزالة ضرر واقع وإنما من أجل تفادي ضرر محتمل ووشيك الوقوع، وهو ما يبرز الطابع المؤقت والاستثنائي للإجراءات التحفظية [38].

أما عن الخطر فهو يكمن في المساس بقواعد السوق عامة أو بالاقتصاد وكذا بمصالح المستهلكين أو المؤسسات الشاكية: هذه التدابير يمكن أن تحمل إيقاف الممارسة المبلغ عنها وكذا إلزام الأطراف بالرجوع إلى الحالة السابقة، حسبما ذهب إليه التشريع الفرنسي[39].

هذا وتعود لمجلس المنافسة الجزائري كامل السلطة في تقدير طبيعة هذه التدابير، غير أن الطابع المؤقت الذي تتميز به التدابير المؤقتة يستلزم ألا تتجاوز الغرض الذي قررت لأجله، بل أن تكون ضمن الحدود التي تضمن عدم وقوع الضرر أو تفاقم المخالفة دون أن تلحق الضرر بالمؤسسة المطلوب اتخاذ هذه التدابير ضدها. وكما تكون هذه التدابير محدودة من حيث آثارها، فيجب أن تكون كذلك من حيث مدتها، حيث يتم اتخاذها لمدة تكفي لتفادي الضرر[40].

ويمكن لمجلس المنافسة في حالة عدم تنفيذ الإجراءات المؤقتة وحتى عند عدم تطبيق الأوامر التي أصدرها في الآجال المحددة، أن يحكم بغرامات تهديدية لا تقل عن مبلغ مائة وخمسين ألفا عن كل يوم تأخير، حسب المادة 58 من قانون المنافسة المعدلة [41] حيث كانت الغرامة قبل التعديل في حدود مبلغ مائة الف دينار عن كل يوم تأخير. ويرفع الطعن في الإجراءات المؤقتة وفقا للمادة 63 المعدلة [42] في أجل عشرين يوما بعد أن كان ثمانية أيام قبل التعديل، وهو أجل قصير مقارنة بذلك المقرر ضد قرارات مجلس المنافسة المرتبطة بالممارسات المقيدة للمنافسة والمحدد بشهر حسب نفس المادة على أساس أننا بصدد إجراءات وقتية نظرا لعنصر الاستعجال الذي يميزها.

تجدر الإشارة في الأخير إلى أن المادة 63 في فقرتها الثانية قد أتت بحكم خاص فيما يخص الطعن في الأوامر والإجراءات المؤقتة، حيث أن الأصل العام حسب المادة أن الطعن لا يرتب أي أثر موقف لقرار مجلس المنافسة، غير أنه يمكن لرئيس مجلس قضاء الجزائر وفي أجل لا يتجاوز 15 يوما أن يوقف تنفيذ الأوامر والتدابير المؤقتة الصادرة عن مجلس المنافسة بناء على طلب في إطار الأحكام المبينة في المادة 69 من قانون المنافسة، المعدل والمتمم وشرط أن تقتضي ذلك الظروف أو الوقائع الخطيرة، المرتبطة بوجود ضرر يمس الطاعن جراء تنفيذ قرار مجلس المنافسة وما ينجم عنه من نتائج يصعب تداركها وتبقى في هذه الحالة كامل السلطة التقديرية لرئيس مجلس قضاء الجزائر في تقدير هذه الظروف والوقائع، ويمكن القول أن هذا الأمر يعد نوع من الرقابة التي خولها القانون للسلطة القضائية على قرارات مجلس المنافسة.

المطب الثاني: العقوبات المالية

إن فعالية مجلس المنافسة بصفته جهازا مكلفا بتسوية النزاعات المتعلقة بالمنافسة، تتوقف على فعالية قراراته، فيكون القرار فعالا في حالة ما إذا حقق هدفه. ولتحقيق هذه الفعالية، يمكن للمجلس النطق بجزاءات مالية سواء بصفة مباشرة أو عند عدم احترام أو عدم تنفيذ الأوامر في المواعيد التي حددها، ويتمتع بسلطة كبيرة في تقديرها وذلك في إطار وضع حد للممارسات المقيدة للمنافسة وإعادة الحالة إلى ما كانت عليه سابقا.

وتقدر العقوبات المالية وفق أسس ومعايير مقررة قانونا (الفرع الأول) كما أنها تخص الممارسات المقيدة للمنافسة والتجميعات الاقتصادية المخالفة (الفرع الثاني).

الفرع الأول: معايير تقدير العقوبة المالية

عند تقدير مجلس المنافسة للجزاء المالي الواجب فرضه يجب عليه احترام المعايير القانونية المقررة في هذا الجانب. وفي هذا الإطار تممت المادة 30 من القانون رقم 08-12 الأمر رقم 03-03 المتعلق بالمنافسة بمادة 62 مكرر 1، هذه الأخيرة أوضحت مجموعة من المعايير التي يجب على المجلس اعتمادها لتقرير العقوبات المالية “لاسيما فيما يخص خطورة الممارسة المرتكبة، الضرر الذي لحق بالاقتصاد، الفوائد المجمعة من طرف مرتكبي المخالفة، مدى تعاون المؤسسات المتهمة مع مجلس المنافسة خلال التحقيق في القضية وأهمية وضعية المؤسسة المعنية في السوق.

ويجب أن تعلل العقوبات المالية بموجب إحدى هذه المعايير على أن الأساس العام لحساب قيمتها يقدر برقم الأعمال المحقق من المؤسسة”، فتكون للمجلس الحرية في نطق الجزاء مع الأخذ بعين الاعتبار العناصر أو المعايير المحددة بموجب المادة 62 مكرر 1. وتجدر الملاحظة بأن استعمال المادة لعبارة “لاسيما” ينم عن أن المعايير وردت هنا على سبيل المثال لا الحصر.

ففيما يتعلق بمعيار جسامة أو خطورة الأفعال المرتكبة، فإنه يبين أن الممارسات المقيدة للمنافسة ليس لها نفس الدرجة من الخطورة، بل يمكن أن تتفاوت من ممارسة إلى أخرى. ويمكن تقدير هذه الخطورة بالاعتماد على المدة الزمنية التي استغرقتها الممارسة أو حجم المؤسسات المعنية أو حجم السوق المعني بالممارسات[43]. وقد اعتمد المجلس هذا المعيار، حيث أشار في إحدى حيثيات قراره رقم 99، المتعلق بالممارسات المرتكبة من طرف المؤسسات الوطنية للصناعات الالكترونية (وحدة سيدي بلعباس) أنه: “اعتبارا أن المجلس يعتمد في تحديد مبلغ الغرامة على مبدأ التدرج بحسب خطورة الممارسات التي يأخذ بها ومدى تأثيرها على السوق”[44]. وقد اعتبر مجلس المنافسة الفرنسي أن المقاطعة التجارية أو الاستبعاد من السوق ممارسات خطيرة بطبيعتها، بل من أخطر الممارسات التي تحول دون السير العادي للسوق[45].

أما فيما يخص معيار حجم الضرر الاحق بالاقتصاد، فإن مجلس المنافسة يقوم من خلاله بفحص الآثار الواقعية التي انعكست سلبا على الأسواق المعنية، ويكون الضرر واقعيا إذا كانت الممارسات المعنية قد حالت مثلا دون دخول مؤسسة مهنة معينة أو حالت دون التطور والابتكار أو أدت إلى الرفع المصطنع للأسعار. ويجب أن يثبت هنا أيضا أن الممارسات المرتكبة قد مست بحصة هامة من حصص السوق أو من حصص المؤسسات المتواجدة في السوق، غير أن هذا لا يعني أن يقوم مجلس المنافسة باحتساب هذا الضرر وتحديد مقدراه، إنما يكفي أن يقدم العناصر التي تسمح بتقدير الآثار الاقتصادية لتلك الممارسات[46].

وبالنسبة للفوائد المجمعة من قبل المؤسسات المخالفة بمعنى أن لا تكون الفوائد المحصلة من ارتكاب المخالفة أعلى من قيمة الغرامة المقررة، على أن هذا المعيار قد يصطدم بالواقع الجزائري الذي يصعب من عملية الاطلاع على قيمة هذه الفوائد. أما بالنسبة للمعيار المتعلق بأهمية وضعية المؤسسة المعنية في السوق، فإنه يؤخذ بعين الاعتبار عدد المؤسسات الناشطة في نفس السوق والحجم الذي تحوزه المؤسسة المتهمة فيها [47]، ويرجع لمجلس المنافسة سلطة تقديرها.

وتكون العقوبات محددة فرديا لكل واحدة من المؤسسات المعاقبة بطريقة مسببة[48]، فعند تقرير العقوبة يجب النظر إلى حالة الأشخاص المعاقبين لاسيما عند تعددهم، ولابد أن يؤخذ بالحسبان المسؤولية الخاصة لكل شخص في إيجاد وتنفيذ الممارسات غير المشروعة ومدى استفادتهم منها، كما يجب مراعاة كل الظروف التي أحاطت بتنفيذ هذه الممارسات، فيعتبر من الظروف المشددة، قدم الممارسات، طول مدتها واتساع نطاقها[49].

من جهة أخرى فإنه ينظر في تقدير الجزاء إلى سلوك مرتكبي الممارسات المحظورة، وتغلظ عليهم العقوبة إذا كان لهؤلاء نية وقصد تقييد المنافسة. لذا نجد أنه من بين المعايير التي تضمنتها المادة 62 مكرر 1، مدى تعاون المؤسسات المتهمة مع مجلس المنافسة خلال التحقيق في القضية، مما يثبت حسن نيتها ويجعل مجلس المنافسة يراعي ذلك عند تقدير الغرامة المالية كما سيتم توضيحه في العنصر الموالي من الدراسة.

وعموما فإن العقوبات الجزائية التي ينطق بها مجلس المنافسة تخضع للمبادئ التي تخضع لها العقوبة عامة، والمتمثلة في مبدأي الشرعية والشخصية، خاصة وأن المشرع قد قام من خلال قانون المنافسة بتبيان الأفعال التي تعد مخالفات في المجال الذي يضبطه مجلس المنافسة وكذا إقراره للمسؤولية الجنائية للشخص المعنوي، إضافة إلى الأخذ بعين الاعتبار مبدأ التناسب الذي يقتضي أن تكون العقوبة المالية متناسبة مع المقدرة المالية لكل شخص صدرت منه المخالفة؛ بمعنى تحقيق التناسب بين المخالفة المرتكبة والضرر الذي ألحقته المؤسسة من جهة وقيمة الغرامة المقدرة من قبل المجلس، ومن ثمة عدم الإسراف في توقيع الجزاء وعدم الغلو في تقديره واختيار الجزاء المناسب واللازم، حسب ما قرره المشرع في هذا المجال.

الفرع الثاني:مضمون العقوبات المالية

العقوبات المالية عبارة عن غرامات مالية توقع على المؤسسات المخالفة، نص عليها المشرع في الفصل الرابع من أمر 2003، المتعلق بالمنافسة، تحت عنوان “العقوبات المطبقة على الممارسات المقيدة للمنافسة والتجميعات”. وتجدر الإشارة هنا بأن اللجوء إلى العقوبات المالية يرجع إلى أن أغلبية الممارسات المخلة بالمنافسة المرتكبة من قبل المؤسسات تكون بدافع الربح غير المشروع. ونتيجة لذلك فإن أغلب التشريعات ومن بينها التشريع الجزائري قد لجأت إلى تطبيق مبدأ “الغنم بالغرم” لمحاربة مثل هذه السلوكيات وفرض الاحترام اللازم للقوانين المعمول بها في هذا المجال [50].

فبالنسبة للممارسات المقررة للممارسات المقيدة للمنافسة، فإنه وطبقا للمادة 56 من الأمر رقم 03-03 المتعلق بالمنافسة، المعدلة بالمادة 26 من القانون رقم 08-12 “يعاقب على الممارسات المقيدة للمنافسة بغرامة لا تفوق 12% من مبلغ رقم الأعمال من غير الرسوم، المحقق في الجزائر خلال آخر سنة مالية مختتمة، أو بغرامة تساوي على الأقل ضعفي الربح المحقق بواسطة هذه الممارسات، على أن لا تتجاوز هذه الغرامة أربعة أضعاف هذا الربح. وإذا كان مرتكب المخالفة لا يملك رقم أعمال محدد، فالغرامة لا تتجاوز ستة ملايين دينار”. والملاحظ هنا أن المشرع قد رفع من نسبة المبالغ بعد أن كانت المادة 56 قبل التعديل تعاقب بغرامة لا تفوق 7 % من رقم الأعمال، وعند عدم وجود رقم أعمال محدد، فالغرامة لا تتجاوز ثلاثة ملايين دينار، وهو ما يعد تأكيدا على إضفاء الفعالية على الدور القمعي الذي يلعبه مجلس المنافسة في مجال الممارسات المقيدة للمنافسة من ناحية، وفاعلية الطابع الردعي للعقوبة المالية من ناحية أخرى، حيث أثبت الواقع أن الأرباح الاقتصادية التي تجنيها المؤسسات من وراء الممارسات المقيدة للمنافسة جد معتبرة، وبالتالي فإن هذه الغرامات تكون أبلغ تأثيرا بالنسبة لها، الأمر الذي يعيدنا إلى إلزامية تطبيق مبدأ تناسب الغرامة أو العقوبة المالية مع حجم المخالفة المرتكبة.

زيادة على ذلك فإن المادة 57 تعاقب”بغرامة قدرها مليوني دينار، كل شخص طبيعي ساهم شخصيا بصفة احتيالية في تنظيم الممارسات المقيدة للمنافسة وفي تنفيذها”. يبدو من هذا النص أن المشرع لم يكتفي فقط بالمعيار المادي الذي يقتضي المساهمة الشخصية، وإنما أضاف أيضا المعيار المعنوي الذي يتمثل في صفة الاحتيال التي تصاحب هذه المساهمة.

والجدير بالذكر أن القانون السابق للمنافسة لسنة 1995 والملغى كان يرتكز على الربح المحقق بواسطة الممارسات المقيدة للمنافسة سواء بتنظيمها أو تنفيذها تجعل المخالف يتحمل مسؤولية شخصية ويمكن للقاضي أن يحكم في هذه الحالة بعد إحالة مجلس المنافسة الدعوى على وكيل الجمهورية المختص إقليميا قصد المتابعات القضائية بالحبس من شهر واحد إلى سنة واحدة ضد أشخاص طبيعيين تسببوا في الممارسات المذكورة أو شاركوا فيها، طبقا لأحكام المادتين 14 و15 منه. وتبعا لذلك يمكن القول أن المشرع قد أزال الطابع الجنائي عن المساهمة في تنظيم وتنفيذ الممارسات المقيدة للمنافسة، وأصبحت تعتبر مجرد مخالفة، ويعاقب عليها بغرامة مالية[51].

فضلا عن ذلك وحثا من المشرع للمؤسسات على تحري الدقة وصحة المعلومة المقدمة، فقد منح للمجلس بموجب أحكام المادة 59 (المعدلة)[52] إمكانية إقرار “غرامة لا تتجاوز مبلغ ثمانمائة ألف دينار بناء على تقرير المقرر، ضد المؤسسات التي تتعمد تقديم معلومات خاطئة أو غير كاملة بالنسبة للمعلومات المطلوبة أو تتهاون في تقديمها، طبقا لأحكام المادة 51 من أمر 2003، أو التي لا تقدم معلومات في الآجال المحددة من قبل المقرر. يمكن للمجلس أيضا أن يقرر غرامة تهديدية تقرر بخمسين ألف دينار عن كل يوم تأخير”.

أما بالنسبة للتجميعات فتعاقب المادة 61 من أمر 2003، المتعلق بالمنافسة، المعدل والمتمم، “على عمليات التجميع المنصوص عليها في المادة 17 والتي أنجزت بدون ترخيص من مجلس المنافسة بغرامة مالية يمكن أن تصل إلى 7% من رقم الأعمال من غير الرسوم المحقق في الجزائر خلال آخر سنة مالية مختتمة ضد كل مؤسسة هي طرف في التجميع أو ضد المؤسسة التي تكونت من عملية التجميع”.

وقد أقرت المادة 62 من نفس القانون لمجلس المنافسة في حالة عدم احترام الشروط أو الالتزامات المنصوص عليها في المادة 19 من أمر 2003، والمتعلقة بالشروط التي يقبل على أساسها المجلس التجميع والتعهدات التي يمكن أن تلتزم بها المؤسسات المكونة للتجميع من تلقاء نفسها ويكون من شأنها تخفيف آثار التجميع على المنافسة، إمكانية إقرار عقوبة مالية يمكن أن تصل إلى 5% من رقم الأعمال من غير الرسوم المحققة في الجزائر خلال آخر سنة مالية مختتمة من كل مؤسسة هي طرف في التجميع أو المؤسسة التي تكونت من عملية التجميع.

فالمخالفة الأولى تخص التجميعات المنجزة دون الحصول على ترخيص حسب الشروط المنصوص عليها قانونا [53] أما الحالة الثانية فتتعلق بالمؤسسات المكونة للتجميع والحاصلة على ترخيص، غير أنها قامت بمخالفة الشروط والتعهدات الواقعة على عاتقها بموجب ذلك الترخيص.

وقد أضاف القانون رقم 08-12 سابق الإشارة إليه مادة 62 مكرر [54] توضح أنه و”في حالة ما إذا كانت كل من السنوات المالية المقفلة المذكورة في المواد 56، 61 و62 أعلاه لا تغطي كل واحدة منها مدة سنة، فإنه يتم حساب العقوبات المالية المطبقة على مرتكبي المخالفة قيمة رقم الأعمال من غير الرسوم، المحقق في الجزائر خلال مدة النشاط المنجز”. فبما أن رقم الأعمال الذي يؤخذ بعين الاعتبار هو ذلك المتعلق بآخر سنة مالية مختتمة حين إصدار المجلس لقراره، فقد تستغل المؤسسات هذا الأمر لتقوم بأعمال أثناء فترة التحقيق تؤدي إلى خفض رقم أعمالها، وبالتالي الوعاء الذي تقدر على أساسه الغرامة، مما يفرغ هذه الأخيرة من هدفها المتمثل في الردع، وهو ما دفع المشرع إلى إضافة هذا الحكم من خلال اختيار رقم أعمال إحدى السنوات المالية التي تسبق قيام المؤسسة بالمخالفة المعاقب عليها وذلك تأثرا بالتعديلات التي قام بها المشرع الفرنسي في هذا الإطار[55]، مما يبين حرصه على إغلاق كل الثغرات أمام المؤسسات المخالفة ومنها كذلك تلك التي لم يمر على إنشاؤها مدة سنة.

وتجدر الاشارة إلى أن أمر 2003 قد جاء بجديد في مجال العقوبات المطبقة، تضمنته المادة 60 منه والتي تنص على أنه: “يمكن لمجلس المنافسة أن يقرر تخفيض مبلغ الغرامة أو عدم الحكم بها على المؤسسات التي تعترف بالمخالفات المنسوبة إليها أثناء التحقيق في القضية، وتتعاون في الإسراع بالتحقيق فيها وتتعهد بعدم ارتكاب المخالفات المتعلقة بتطبيق أحكام هذا الأمر. ولا تطبق أحكام الفقرة الأولى أعلاه في حالة العود مهما تكن طبيعة المخالفة المرتكبة”.

في الواقع فإن هذا الحكم يعطي الفرصة للمؤسسات المرتكبة للمخالفات المتعلقة بالمنافسة لتصحيح وضعيتها وتفادي العقوبات التي يمكن أن تلحقها والتي قد تؤدي إلى إقصائها من العملية التنافسية، كما أن هذه الإضافة تبدو مفيدة من حيث كونها تشكل بديلا عن شل نشاط المؤسسة المخالفة[56]. من جهة أخرى، فإن المشرع لم يتغاضى عن وجود المخالفة الماسة بالمنافسة ولا عن مسؤولية مرتكبيها، بل جعل من الاعتراف بوجود المخالفة شرطا ضروريا للاستفادة من هذا النص[57].

إضافة إلى ذلك فإن مبلغ الغرامات أو الغرامات التهديدية التي يقررها مجلس المنافسة تحصل بوصفها ديونا مستحقة للدولة، وذلك حسب المادة 71 من أمر 2003. هذا وتبلغ القرارات التي يتخذها مجلس المنافسة والمتضمنة العقوبات المقررة مثلها مثل باقي القرارات إلى الأطراف المعنية لتنفيذها عن طريق محضر قضائي وترسل إلى الوزير المكلف بالتجارة. ويجب أن تبين هذه القرارات تحت طائلة البطلان أجل الطعن وكذلك أسماء وصفات وعناوين الأطراف التي بلغت إليها. كمايتم تنفيذ قرارات مجلس المنافسة طبقا للتشريع المعمول به، وهذا كله وفقا لما ذهبت إليه المادة 47 من قانون المنافسة، المعدلة والمتممة بالمادة 22 من القانون رقم 08-12.

وكجزاء تكميلي يمكن لمجلس المنافسة أن يأمر بنشر قراراه أو مستخرجا منه أو توزيعه أو تعليقه طبقا للفقرة 3 من المادة 45 من قانون المنافسة، وتنشر هذه القرارات في النشرة الرسمية للمنافسة. كما يمكن نشر مستخرجات من قراراته وكل المعلومات الأخرى بواسطة أي وسيلة إعلامية أخرى، كما نصت عليه المادة 49 من قانون المنافسة، والمتممة بالمادة 23 من القانون رقم 08-12، التي تنص في فقرتها الأخيرة على أنه: “يحدد إنشاء النشرة الرسمية للمنافسة ومضمونها وكيفيات إعدادها عن طريق التنظيم”، وتطبيقا لأحكام هذه المادة فقد صدر المرسوم التنفيذي رقم 11-242 والذي يتضمن إنشاء النشرة الرسمية للمنافسة ويحدد مضمونها وكذا كيفيات إعدادها[58].

أما عن إجراءات الطعن في قرارات مجلس المنافسة فإنها تخضع لأحكام المواد 63 وما يليها من قانون المنافسة المعدل والمتمم، وهي تخرج عن نطاق الدراسة على اعتبار أن هذه الأخيرة تركز على فكرة الوظيفة الردعية لمجلس المنافسة وأن موضوع الرقابة القضائية على قرارات المجلس في هذا الشأن يتطلب دراسة أخرى معمقة.

الخاتمة:

إن إسناد الدور القمعي الذي يلعبه مجلس المنافسة عند تدخله في مجال المنافسة يعتبر عنصرا مهما، أملته ضرورات المرحلة التي شهدت إنشاء هيئات ضبط تضطلع بمهمة جد حساسة في نجاح أي سياسة اقتصادية تتعلق بإرساء قواعد المنافسة والانتقال إلى نظام ليبرالي حقيقي عوضا عن آليات الرقابة الكلاسيكية.

إن الوظيفة المخولة لمجلس المنافسة لا تكتسي الطابع الردعي فحسب وإنما لها دور في إعادة التوازن في السوق وتنظيم النظام العام الاقتصادي من خلال احترام قانون المنافسة والعمل على فرض تطبيق الأهداف التي يسعى إليها، كما تتميز بكونها ذات بعد وقائي، إذ تحمل المؤسسات المتواجدة في السوق على إعادة التفكير قبل الاقدام على ارتكاب أي ممارسة تمس بالمنافسة وتضر بالمؤسسات الأخرى، مما يميزها عن العقوبة الجنائية وعن الوظائف التقليدية للإدارة.

ومن خلال ما سبق بيانه يتبين أن الدور المنوط بمجلس المنافسة في هذا المجال لا يشكل تعد على مبدأ الفصل بين السلطات نظرا للمبررات السابقة، والتي تمت مناقشتها أيضا من خلال الدراسة، وأن المشرع لم يكتفي بمنحه الوسائل الضرورية للتدخل الردعي، وإنما عمد على إدخال بعض التعديلات والإضافات التي جاءت في صالح دعم حماية المنافسة الحرة والنزيهة وتعزيز المهمة القمعية للمجلس في الحد ومحاربة كل أشكال الممارسات الماسة بالمنافسة. إضافة إلى أن فرض العقوبات المالية وحصرها في هذا النوع من العقوبات يعبر عن التحول في الممارسة الجنائية التي اتبعها المشرع في هذا الخصوص، وذلك تماشيا مع التطور الذي يعرفه قانون المنافسة على المستوى العالمي، والذي أصبح يؤخذ بعين الاعتبار البعد الاقتصادي في تقرير وتطبيق العقوبة بشكل يجعلها تمس مباشرة النشاط الاقتصادي للمؤسسة المعنية بالعقوبة.

ومع ذلك فإن دور مجلس المنافسة الجزائري من الناحية العملية بقي غير مفعل وهو ما يظهر من خلال قلة الأحكام التي أصدرها، إذ أنه من بين حوالي 80 شكوى مقدمة أمامه ما بين الفترة 1995 و2002 لم يفصل سوى في عشرة منها تتعلق بممارسات مقيدة للمنافسة، ويمكن أن يفسر ذلك بجهل المعنيين به وبأهمية دوره في احرام قواعد المنافسة وأيضا في عدم تفعيله، حيث تم تجميده سنة 2003 وأعيد بعثه من جديد مع بعض التعديلات سنتي 2008 و2010 وكذا إصدار العديد من المراسيم التنفيذية في هذا الشأن، ورغم ذلك فإنه لم يتم تفعيله سوى سنة 2013.

وقد تم التنويه بأن قانون المنافسة سوف يعدل مرة أخرى في العديد من الجوانب وذلك للسماح لمجلس المنافسة بلعب دوره بأكثر فعالية ومن أجل وضع حد للعراقيل التي يواجهها وكذا تأمين رقابة جيدة للسوق، وأن التعديل المرتقب ضروري للتكيف مع التطورات والتغييرات الاقتصادية التي يعرفها العالم في السنوات الأخيرة ومع الدستور الجديد الذي كرس مبدأ حرية الصناعة والتجارة ومنع الاحتكار والمنافسة غير النزيهة في المادة 43 منه.

إغلاق