دراسات قانونيةسلايد 1

العدالة الجنائية الاصلاحية للأطفال

بقلم. د. سعاد ياسين

تعد فئة الأطفال (الأحداث) من بين فئات المجتمع الضعيفة التي لها حقوق انسانية ينبغي على هيئات المجتمع الدولي حمايتها، حيث أنهم يمثلون الفئة الأكثر تأثراً بانتهاكات حقوق الانسان ، لذا كان اهتمام المجتمع الدولي بحقوق الطفل ليس فقط من خلال حمايته لحقوق الانسان عامة وإنما خصهم بإجراءات خاصة تضمن لهم توفير العدالة الجنائية لحقوقهم، بيد أن التشريعات الحديثة لغالبية الدول عملت على التمييز في المعاملة الجزائية بين المجرمين البالغين والأحداث الجانحين، فخصتهم بإجراءات جزائية وأحكام قانونية خاصة، وجزاءات وتدابير عقابية مناسبة ترتكز على تطبيق تدابير أمنية ملائمة لهم أملاً في إصلاحهم وتهذيبهم وإعادة إدماجهم في المجتمعى، وقد وجدت هذه العدالة الاصلاحية مصادرها في الاعلان العالمي لحقوق الانسان لعام 1948م ، والعهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لعام 1966م،  والحقوق المدنية والسياسية من ذات العام ، وبروتوكول منع وقمع ومعاقبة الاتجار بالبشر وبخاصة النساء والاطفال لعام 2000م ، واتفاقية حقوق الطفل لسنة 1989م والبروتكولات الملحقة بها، وقد حازت قضية حماية الطفل (الحدث) مكانة هامة في الاتفاقيات والمواثيق الدولية وكذلك في التشريعات الوطنية، واهتمت قواعد بكين لعام 1985 بظروف محاكمة هؤلاء، ووضعت الأمم المتحدة قواعد نموذجية لإدارة شؤون قضاء الاحداث، وكذلك مباديء الرياض لعام 1990 وهافانا 1990 ، كما اهتمت اتفاقية حقوق الطفل لعام 1989 بإرساء قواعد خاصة لحماية الحدث الجانح المتهم بارتكاب جريمة معينة، حيث وضعت مجموعة من المبادىء والضوابط لضمان حمايته في مرحلتي التحقيق والمحاكمة ، من أهمها أن الطفل (الحدث الجانح)  يتمتع بقرينة البراءة في حال نُسب اليه اتهام بارتكاب جريمة ما ، لذا وجب على السلطات المختصة أن تعتبر البراءة هي القرينة الاساسية عندما يوجه اتهام إلى أي انسان بما فيهم الاطفال ، وكفلت الاتفاقية له حق الطعن في الحكم الصادر بإدانته من محكمة أول درجة أمام محكمة أعلى درجة، كما تضمنت مجموعة من اجراءات العدالة له أثناء نظر قضيته، ففي مرحلة عدم التمييز والتي تتوقف على تحديد سن الحدث ، فالمادة (40) من اتفاقية حقوق الطفل أوجبت على الدول الأطراف تحديد السن التي يفترض معها قطعاً عدم قدرة الحدث على خرق القوانين الجزائية، وقد اختلفت التشريعات الوطنية في تحديد سن عدم التمييز فنجده في قانون العدالة الاصلاحية للأطفال البحريني رقم (4) لسنة 2021 قد نص في المادة (3) على أنه: لا مسؤولية جناية على الطفل الذي لم تتجاوز سنه 15 عام ميلادي كامل وقت ارتكابه الجريمة ، وفي الاردن محدده بسن 7 سنوات وكذلك الاماراتي واللبناني والقطري, بينما ترفعه تشريعات أخري إلى عشر سنوات ومنها السوري واليمني وغيرها، وفي المرحلة الثانية وهي مرحلة المسؤولية الاجتماعية يراعي خلالها اتخاذ تدابير لا تؤول إلى ايداعه في المؤسسات الاصلاحية وهو ما نصت عليه المادة (18) من قواعد بكين ، وقد أكدت المواد (13, 14, 15 16, 17 ) من قانون العدالة الاصلاحية البحريني عليها سواء تمثلت في توجيه التوبيخ ، أو الامر بالاعتذار ، أو وضعه تحت اشراف شخص من اقاربه أو رقابة ….الخ ، وفي مرحلة المسؤولية المخففة وفيها لا يحاكم الطفل الا أمام محكمة الاطفال او الاحداث والذي أكدت عليها نص المادة (4) من القانون البحريني والمادة (120) من قانون الطفل المصري، وقد تراوحت التدابير خلالها ما بين (تهذيبية- تقويمية- اصلاحية- علاجية) مراعاة لسن الحدث وحالته البدنية والاخلاقية والظروف البيئية المحيطة به .

إغلاق