دراسات قانونيةسلايد 1

عمالة الأطفال في القانون اليمني والمصري والاتفاقيات الدولية (بحث قانوني)

مدخل :
ظاهرة عمالة الأطفال من الظواهر التي تعاني منها كثير من الدول وخاصة دول العالم الثالث والجمهورية اليمنية من ضمن هذه الدول التي تواجهها كثير من التحديات الناجمة عن الاختلالات الاجتماعية والاقتصادية وظروف التحول الاقتصادي وما نتج عنه من اتساع دائرة الفقر حيث بدأت ظاهرة عمالة الأطفال في الانتشار منذ بداية التسعينات التي رافقها كثير من المتغيرات السياسية والاقتصادية في المنطقة واعترافا بأهمية مواجهة هذه التحديات التي تعوق برامج التنمية في بلادنا فقد صادقت على العديد من الاتفاقيات الدولية ومنها الاتـفاقية الدولية لحقوق الطفل في عام 1991م التي تنـص في المادة رقم (32) منها بحق الطفل في حمايته من الاستغلال الاقتصادي ومن أداء أي عمل يرجح أن يكون خطرا أو يمثل إعاقة لتعليم الطفل أو أن يكون ضارا بصحة الطفل أو نموه البدني أو العقلي أو الروحي أو المعنوي أو الاجتماعي وتدعو المادة الدول الأطراف اتخاذ التدابير التشريعية والإدارية والاجتماعية والتربوية التي تكفل تنفيذ هذه المادة وبوجه خاص بما يلي:-
أ 0 تحديد عمر أدنى أو أعمار دنيا للالتحاق بالعمل.
ب0 وضع نظام مناسب لساعات العمل وظروفه .
ج0 فرض عقوبات أو جزاءات أخرى مناسبة لضمان إنفاذ هذه المادة بفعالية

كما ينص قانون العمل اليمني رقم (5) لعام 1995م في المادة (48) على أن ساعات العمل للأحداث يجب ألا تتجاوز 7 ساعات في اليوم و 42 ساعة في الأسبوع وأن على أرباب العمل إعطاء استراحة ساعة واحدة من ساعات العمل وأن لا يجبروا الأطفال على العمل لأكثر من د0 ساعات متتالية وتحظر المادة كذلك تشغيل الأحداث بعد الوقت المحدد أو خلال العطل الرسمية او العمل في الليل ما لم تسمح بذلك وزارة العمل .

وفي المادة (49) تحظر تشغيل الأطفال دون موافقة والديهم وأولياء أمورهم ويجب عند استلام الموافقة أن يسجل الأطفال لدى مكتب العمل حتى يتم مراقبة ظروف عملهم وتحظر أيضا تشغيل الأطفال في المناطق البعيدة وتلزم رب العمل بأن يوفر بيئة صحية وأمنة للعمل طبقا للشروط المنصوص عليها من قبل وزارة العمل .

أما المادة (51) من القانون فقد نصت على إلزام رب العمل بأن :
يفتح سجلا لكل حدث في خدمته يحتوي على المعلومات الأساسية المطلوبة من قبل وزارة العمل أو مكتب العمل المحلي عنه .

القيام بفحص طبي أولى لكل حدث موظف وبفحوصات دورية فيما بعد ذلك كلما كان ضروريا يظهر في مكان بارز في كل مواقع العمل الأنظمة المتعلقة بعمل الأطفال وحقوق الأطفال العاملين طبقا لقانون العمل التنفيذية الصادرة من وزارة العمل. كما تفرض المادة (145) على أرباب العمل دفع غرامة تتراوح بين 1000-10.000 ريال يمني عند خرقهم للأحكام المتعلقة بالأطفال العاملين .
تحديد ظاهرة عمالة الأطفال:
أصبحت عمالة الأطفال تحظى باهتمام واسع من المجتمع العربي والدولي لخطورتها وانعكاساتها السلبية على الأسرة والمجتمع فقد ورد في تقرير منظمة اليونسيف لعام 97م حول عمالة الأطفال بأن أكثر من 250 مليون طفل في العالم يتعرضون لمخاطر ناجمة عن تشغيلهم في أعمال خطرة وأصبحت بذلك حياتهم معرضة للخطر كما تشير الإحصائيات اليمنية الرسمية الصادرة عن الجهاز المركزي للإحصاء بناء على نتائج التعداد العام في 1994 بأن هناك اكثر من 231.655 طفل عامل ينتمون للفئة العمرية 10-14 سنة نسبة الذكور (51.7 %) والإناث (48.3 %) وتشير مسوحات التشغيل في عام 1991 والتعداد العام في 1994 إلى أن ظاهرة عمالة الأطفال في اليمن تنتشر وتتضاعف وان تدفق الأطفال إلى سوق العمل قد تزايد بمعدل نمو قدره (3%) خلال نفس الفترة ومن المحتمل أن يكون هذا العدد قد تضاعف عما كان عليه فإن الأرقام التي ذكرت تقل بدون شك عن الإعداد الكلية للأطفال العاملين. أنظر الجدول رقم (1) والمهن التي يزاولـها الأطفال متنوعة غير أن قطاع الزراعة والصيد يأخذ الغالبية العظمى التي تمثل حوالي (92 %) وهم من المناطق الريفية في الأساس بنسبة (96 %) أما المهن الأكثر رواجا في الحضر فهي مهن البيع والخدمات والمهن البسيطة والحرفية بنسبة (29.6 %، 17.6 % ) على التوالي من اجمالي الأطفال العاملين في الحضر .

ويعـتبر القطاع الخاص هو اكثر القـطاعات المستوعبة للأطـفال العـاملين بنسبة (98.3 % ) حسب نتائج تعداد عام 1994م و(1.1 % ) من الأطفال في سن الخامسة عشر يعملون في الجهاز الإداري للدولة والقطاع العام وهو يخالف ما نصت عليه تشريعات الخدمة المدنية التي حددت الحد الأدنى لسن العمل 18 سنة واستثنت سن 16 سنة لخريجي مراكز التدريب…انظر الجدول رقم (2) .

وإذا ما قمنا بتصنيف للأطفال العاملين حسب الحالة العملية لوجدنا أن هناك أطفال يعملون لدى الأسرة تقدر نسبتهم (82.9 % ) من الأطفال العاملين خارج إطار الأسرة وتشكل هذه الفئة حوالي (17.1 % ) وهؤلاء هم من يتعرضون لمخاطر كثيرة باعتبارهم خارج نطاق الرقابة العائلية … أنظر الجدول رقم (3) .

وعند استعرضنا للدراسة الميدانية التي أعدها عدد من المختصين عن عمالة الأطفال بدعم من المنظمة السويدية لرعاية الطفولة علىعينة عشوائية تقدر بـ 1000 طفل عامل من سن 7-15 سنة أكدت الدراسة أن أماكن عمل الأطفال تنطوي على عدة أخطار وأن أعمالهم غالبا ما تكون مضنية وقد سجلت هذه الدراسة ارتفاعا عاليا لمعدل الإصابات بين الأطفال فنجد أن (22%) منهم يعانون من إصابات عمل مستديمة ومنها الإصابة بالتسمم وهو الأكثر شيوعا حوالي (18%) منهم وتأتي بعده الإصابة بالنار (13.6%) ثم الصدمات الكهربائية (7.2 %) وعانى الربع من امراض تعرضهم للبرد وإصيب (7%) بأمراض معدية خطيرة وحدد المسح بعض الأخطار المعينة في أماكن عمل محددة للأطفال العاملين وهي:-
مواقع البناء:- رفع الأحمال الثقيلة التي قد تسبب كسورا عظيمة أو إعاقة في النمو.
ورش إصلاح فرامل السيارات :– التعرض للاسبستوس (الحرير الصخري) وهو مسبب معروف للسرطان الآدمي.
محطات البترول:- التعرض للبنزين وهو مسبب أخر للسرطان.
الورش ومرآب السيارات والمواقع الصناعية الأخرى:- الأمراض التنفسية الناجمة عن الهواء الملوث بالغبار والدخان والأبخرة الخطيرة والمشكلات العضلية الناجمة عن إبقاء الجسم في أوضاع غير مناسبة لأوقات طويلة .

الشارع:– العنف الجسدي وأشكال العنف الأخرى التعرض للبرد والأمراض المعدية السيارات وعوادمها. ووجد المسح أيضا أن كثير من أولئك الأطفال أجبروا على أداء أعمال شاقة للغاية وسجل أن النصف منهم تقريبـا قد أنهكوا أما من صعوبة العمل (11%) أو طول ساعاته ( 33 %) أو قلة/ عدم الاستراحة (6%).
أسباب ظاهرة عمالة الأطفال:
قبل التطرق للحلول والمعالجات لأبد أن نبرز الظاهرة بشكل واقعي ونحاول أن نجمع كـل ما ورد عنها في الدراسات والمسوحات الحالية والتي تعتبر غير كافية لتشخيص هذه الظاهرة فهي بحاجة الى دراسة ميدانية تشمل جميع الاطفال العاملين في محافظات الجمهورية المينية الا اننا سنطرح الموجود وهي اسباب وعوامل اقتصادية واجتماعية متداخلة ومعقدة اهمها :
تدني معدلات النمو الاقتصادي ومستويات الدخول والتشغيل والاستثمار بما فيه الموجه للتعليم والصحة ورعاية الطفولة واختلال توزيع الدخول بين الفئات الاجتماعية المختلفة .
ارتفاع معدلات نمو السكان والاعالة والبطالة والتضخم وضعف شبكة الامان الاجتماعي وجهود المجتمع المدني .

انخفاض معدلات التحاق الاطفال بالتعليم والتي لا يتجاوز (45%* من جملة السكان في الفئة العمرية 6-15 سنة بسبب الفقر في خدمات التعليم وارتفاع تسرب الاطفال من التعليم لعوامل اقتصادية واجتماعية وتربوية .
قصور وتناقض التشريعات ذات الصلة وعدم تطبيق ما اقرتها بشان وضع الطفل وظروف عمل الاطفال .
الفقر يعد دافعا رئيسيا لوجود الطفل في العمل خاصة اذا ما عرفنا ان الواقعون من السكان تحت خط الفقر قد بلغ حوالي (33%) حسب ما ورد في الاحصائيات الرسمية .
المعالجات والتدابير الاجرائية لظاهرة عمالة الاطفال :
لن تستطيع الحكومة لوحدها من معالجة هذه الظاهرة الا في اطار الجهد التنموي المتكامل والمنظم واشراك منظمات المجتمع المدني للتخفيف منها ومواجهتها بالعديد من التدابير التي نلخصها في التالي :

اعداد دراسات متعمقة حول ظاهرة عمالة الاطفال واسبابها ووضع برامج ومشروعات واستراتيجيات وسياسات بديلة لعمالة الاطفال .
توفير الرعاية والحماية للاطفال العاملين وان يكون التعليم والتدريب احد المحاور الهامة لجهود الرعاية .

اعداد اللوائح والقرارات المكملة والمنفذة لاحكام قانون العمل في مجال تنظيم عمل الاطفال ومراقبة المنشآت والاماكن التي تستخدم الاطفال خارج اطار القوانين واتخاذ الاجراءات الرادعة ضد المخالفين .
العمل على توفير بيئة صحية وآمنة للاطفال العاملين والحد من استغلالهم في المهن الشاقة والخطيرة بصحتهم .
تفعيل برامج شبكة الامان الاجتماعي واستهداف الفئات الفقيرة الاكثر تضررا من برنامج الاصلاح الاقتصادي .
التوعية المجتمعية عبر وسائط الاعلام المختلفة بمخاطر عمالة الاطفال على صحتهم ونموهم النفسي والجسدي وتحصيلهم العلمي .
تشكيل تحالفات عريضة تضم الحكومة ومنظمات اصحاب العمل والعمال لتحقيق الاهداف والغايات المرجوة لمعالجة هذه الظاهرة .

واخلص الى القول بان الدولة تبذل جهودا كبيرة للسيطرة والحد من هذه الظاهرة فقد تم اقرار الاستراتيجية وخطة العمل الوطنية للحد من عمالة الاطفال للفترة من 2001-2003م واصبحت الان جاهزة – للعمل بها كما نفذت وزارة العمل والتدريب المهني العديد من الندوات وورش العمل لتسليط الضوء على هذه الظاهرة وحددت واقع المشكلة والخطوات التي يجب القيام بها للحد منها ووقعت ايضا مذكرة تفاهم حول تنفيذ برنامج وطني لمواجهة ظاهرة عمالة الاطفال والحد منها وبهذا اصبحت اليمن عضو ضمن البرنامج الدولي لمكافحة هذه الظاهرة ( الايبك ) .
المراجع :
وثائق الندوة الوطـنية للحد من ظاهرة عـمل الأطفال في الجمـهورية اليمنية 1997م.
تحليل حالة الأطفال والنساء في الجمهورية اليمنية 1998م.
تعداد عام 1994م كتاب بالإحصاء السنوي 49م ، 95م ، 96م ، الجهاز المركزي للإحصاء.
عمالة الأطفال فى مصر… بين الواقع المرير والأمل المنشود

4/5/2005

تقدر منظمة العمل الدولية عدد الأطفال العاملين فى العالم بنحو 250مليون طفل فى الفئة السن 5-14سنة ,120مليون منهم يعملون كل الوقت واكثر من ثلثيهم حوالي 70.4%يعملون بالزراعة ويتركز الأطفال العاملون فى أسيا بنسبة 61%منهم تليها أفريقيا,بنسبة 32%ثم أمريكا اللاتينية بنسبة 7%وان كانت أعلى نسبة عمل بين أطفال أفريقيا فى الفئة السن 5-14سنة والتى تبلغ 41%,22%فى أسيا 17%بأمريكا اللاتينية ، وطبقا لتقارير منظمة العمل الدولية ان عمالة الأطفال تصل نحو ثلث قوة العمل الزراعية فى بعض الدول النامية !!!

حجم المشكلة فى مصر
تتواجد ظاهرة عمالة الأطفال بوضوح فى مصر شانها شان معظم البلدان التى لها نفس الظروف الاقتصادية والاجتماعية، فقد تبين من مسح أجرى فى 1999 فى القاهرة أن العمال الأطفال من الجنسين كانوا يعملون أكثر من 9 ساعات يوما فى المتوسط وأكثر من ستة أيام أسبوعيا وهو ما يتجاوز أوقات العمل التى يقضيها الكبار داخل العينة ذاتها، وقد تبين أن جميع الأطفال العاملين تقريبا يعملون بصورة غير رسمية وبدون بطاقات عمل أو شهادات صحية مما يعنى أنهم لا يتمتعون بأى حماية قانونية، كما أوضحت الدراسة أن نسبة من هؤلاء الأطفال ” حوالي الثلث ” يعانون من المعاملة السيئة والعديد من أشكال العنف التى يلقونه من أرباب العمل والمشرفين عليهم …

ووقفا لمسح العمالة بالعينة الذى اجراة الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء عام 1988 والذى قدر حجم الأطفال العاملين بنحو 1309 آلف طفل فى الفئة السن 6-14سنة – بنسبة 12%من أجمالي الأطفال بهذه الفئة العمرية , ونحو 7.6%من أجمالي قوة العمل …
اختلفت المسوح وتباينت الإحصائيات والبيانات المتعاقبة التى أجريت فى مصر عن عمل الأطفال فى تقدير حجم الظاهرة وحسما للاختلاف فى التقدير والتباين والتعاريف، حيث أنه مازال هناك جدلاً واسعا بين الخبراء حول إدراج عمالة الأطفال لدى ذويهم من عدمه…
كما أجرى الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء بالتعاون مع المجلس القومى للطفولة والأمومة مسحا قوميا فى 2001 م شمل عينة بلغ حجمها 20الف أسرة ، اخذ المسح بالتعريف الإجرائي لعمالة الأطفال “هو كل نشاط اقتصادي قام به طفل فى الفئة العمرية 6ــ14 سنة جلال ثلاث شهور سابقة أجراء المسح ”
انتهى المسح إلى تقدير أجمالي لعدد الأطفال العاملين 2مليون وسبعمائة وست ثمانون آلف طفل يقطن اغلبهم فى مناطق ريفية 83%ويشير توزيع الأطفال العاملين بحسب النوع 73% ذكور و27% إناث من مجمع الأطفال العاملين
اظهر المسح القومى أن الأطفال الذين يعملون فى أعمال دائمة يمثلون 28,4% من مجموع الأطفال ويمثل 5,97 من مجموع الأطفال فى الفئة العمرية 6 : 14 سنة هذا فى حين كانت أعلى نسب عمل الأطفال بين الذين يعملون خلال الإجازة الصيفية فقط فهم يمثلون 54.1 % من الأطفال العاملين . كما يشير المسح إلى معلومة هامة تفيد أن 74 % من الأطفال العاملين يعملون بدون اجر لدى أسرهم فى أنشطة اقتصادية فى محيط الأسرة0

67% من الذكور , 78 % من الإناث .هذا فقد اظهر التوزيع النسبي للأطفال العاملين فى الفئة العمرية 6 : 14سنة أن الغالبية يمارسون أنشطة 64 % زراعية و 14 % حرفية و 11 % تجارية و 9 % الخدمات و2 % المجال الصناعي، مما تقدم يظهر أن غالبية الأطفال يعملون فى أنشطة زراعية …

رغم ان توجد اكبر نسبة إجمالية من الأطفال العاملين فى القطاع الزراعي حيث تؤكد الدراسات بأنهم معرضون لعدد من المخاطر الصحية وانتهاكات الحقوق التى لا نظير لها هذا فضلا عن تتعرض حياتهم دوما للخطر من خلال نقلهم فى عربات غير مأمونة ” أطفال التراحيل ” وكان أخرها حادث طريق الإسماعيلية الذى راح ضحيته 46 طفلا وفتاة ما بين قتيل وجريح 0 وقبلها فى مايو 2002 لقي 41 طفلا وفتاة مصرعهم من أبناء الفيوم مصرعهم إثناء نقلهم للعمل فى مزارع محافظة البحيرة هذا فضلا عن عشرات الحوادث الأخرى ، وقد تبين من دراسة أجريت عام 2000على أكثر من مليون طفل يستخدمون موسميا كعمال لجمع القطن فوجد أنهم يعملون بشكل نمطي 11ساعة يوميا وسبعة أيام أسبوعيا فى درجات حرارة تصل 40درجة مئوية، أيضا عمل الأطفال فى حقول القطن بعد رش المبيدات الحشرية الخطيرة بفترة وجيزة يعرضهم للعديد من المخاطر الصحية ،وان جميع الأطفال ابلغوا عن تعرضهم بشكل روتيني للضرب بعصا خشبية من جانب مشرفي العمال…

التحولات الاقتصادية وظاهرة عمالة الأطفال فى مصر
دفعت مصر للتفاوض مع كل من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي ومؤسسات التمويل الدولية لعدة سنوات تحت وطأة الدين الخارجي وتضخم أعبائه .وتم التوصل إلى إتفاق يسمح بإسقاط جزء من الديون وإعادة جدولة الجزء الآخر . لذلك انتهجت مصر رسمياً سياسة التكيف الهيكلي والإصلاح الاقتصادي .

إعتمدت هذه السياسة على حزمة سياسات التثبت قصير الأجل وحزمة سياسات التحول الهيكلي فى الأجل المتوسط والطويل وأدت هذه السياسات إلى الآثار الانكماشية المتوقعة نتيجة لانخفاض معدلات الأنفاق الحكومي خاصة الإنفاق الاستثماري وانخفاض معدلات الاستثمار الخاص بسبب رفع معدلات الفائدة،مما تترتب على ذلك انخفاض معدلات النمو إلى ما يقرب من الصفر خلال السنوات الأولى من عقد التسعينات وارتفعت معدلات البطالة إلى نحو 13% من قوة العمل ومعدل الفقر إلى 44% .

وأدت الآثار السلبية إلى تباطؤ واضحاً فى الاقتصاد القومى وعلى معدلات التشغيل وتوضح دراسة مبنية على نتائج مسح الدخل والإنفاق لعام 95 -96 أن نسبة الفقر خلال الفترة 90/91 ،95/96 قد زادت إلى الضعف وبلغت من 21% إلى 44% وزادت نسبة الفقر فى الحضر والريف من 32% ، 12% على التوالي عام 90/91 إلى 55% ،21% فى عام 95/96 ولوحظ أن هناك علاقة بين الفقر وزيادة عدد أفراد الأسرة ( أطفال ) ظهر واضحا فى عام 90/91

عمالة الأطفال فى القطاع غير الرسمي:-
إن الوضع فى مصر وخاصة القطاع الغير رسمي يوضح الزيادة المستمرة فى الطلب على عمالة الأطفال وخاصة أن القطاع الغير رسمي الذى لا يخضع لما تخضع له المصانع التابعة للقطاع الرسمي من حيث المراقبة والإشراف وتنظيم عماله الأطفال !!! ففى الوقت الذى يشهد القطاع الغير رسمي نموا هائلا خلال السنوات العشرة الأخيرة ، وهو الأمر الذى يعكس التغيرات التى طرأت على الاقتصاد المصرى ، فمنذ بدء تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي فى عام 1991 مع تراجع معدلات الهجرة الخارجية وتراجع نمو معدلات التشغيل من خلال الدولة زادت عدد وحداتة إلى أكثر من 2.5 مليون وحدة…ممثلة نحو 85% من أجمالي الوحدات الخاصة صغيرة الحجم ، وتقدر عدد فرص العمل التى يقدمها القطاع الغير رسمي فى نهاية التسعينات بما يقرب من 10 مليون فرصة عمل نفسها يعتبر عملا دائما ومستقرا …

وقد أفاد مسح أجراه الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء عام 1988 بارتفاع معدل الأطفال العاملين حيث بلغ 86% بين الأسر ذات الدخل المنخفض. والبيان التفصيلي لمعدل الأطفال حسب دخل الأسرة كالتالى:-
28% بين الأسر التى يقل دخلها عن 1000 جنيه
32% بين الأسر التى يتراوح دخلها السنوي بين 1000 إلى 1999 جنيه
26% بين الأسر التى يتراوح دخلها السنوي بين 2000 إلى 2999 جنيه
كما أشار مسح ديموغرافى وصحي تم إجراؤه عام 1992 إلى أن المستوى الاجتماعى والاقتصادي للأسر التى لديها أبناء عاملين كان أدنى من مستوى الأسر التى لا يعمل أبناؤها. وعلى الرغم من أن نمط الإنتاج قد تطور فى مصر كنتيجة للتطور التكنولوجي إلا أن ذلك لم يؤثر بدوره على سوق عمالة الأطفال كما هو متوقع فما زال الطلب عليهم مرتفعا خاصة فى الورش الصناعية خاصة وان الأطفال هم الأقل أجرا كما هو معروف ويتم الاستعانة بهم فى الأعمال المساعدة والتى لا تضيف عادة شيئا الى مهارات الطفل الفنية بما يؤهله مهنيا للارتقاء فى العمل…

عمالة الأطفال واتفاقية التجارة الحرة”( الجات ) :-

بعد تطبيق إتفاقية التجارة الحرة قد يواجه أصحاب العمل وكذلك الدول، كثيرا من المشكلات نتيجة لاستخدامهم عمال من الأطفال حيث يمكن حرمانهم من المميزات التى توفرها اتفاقية الجات والتى تؤثر على تؤثر على قدرات الصناعة المصرية فى التصدير ومن أمثله ذلك :-
فى ديسمبر سنه1997 وفى مدينه المحلة الكبرى فوجئ صاحب أحد المصانع المتخصصة فى صناعة الوبريان بعدم سماح السلطات الجمارك الأمريكية بالإفراج عن شحنه له بحوالي 13 مليون دولار ما لم يتم إحضار شهادة من وزارة العمل فى مصر من بين بنودها الرئيسية أن كافة العاملين بالمصنع يزيد سنهم عن 18 سنه ولم تخرج عن الشحنه إلا بعد الحصول على الشهادة المطلوبة . ولم يقف الأمر عند هذا الحد . بل زار المصنع وفد من قبل المستورد ليتأكد من دقة البيانات التى حررت فى الشهادة .
ومن جانبه أعلن الاتحاد الأوربي عن تخفيض التعريفة الجمركية على واردات كثيرة من منتجات من البلدان النامية وكذلك فرص متميزة للتسويق داخل دول الاتحاد الأوربى للدول التى تثبت التزاماتها بالحد الأدنى لسن التشغيل وهو الأمر الذى دفع أعضاء اتحاد الصناعات المصرية إلى تنظيم عدد من الندوات واللقاءات المستمرة مع مندوب من منظمة العمل الدولية بخصوص المحاولات المستميتة لكسب الوقت لرفع القيود على المنتجات المصرية وخاصة صناعة الملابس والمنسوجات والتى تعتمد على القطن ، وإظهار أن قضية عمالة الأطفال تستخدم للحد من قدرات بعض الدول النامية كورقة ضغط سياسية !!! وأن القانون لا يمكنه حل هذه القضية !!! وأن القضية تحتاج إلى وقت حتى يتمكن الاتحاد المصرى للصناعات من عمل عملية توعية والقضاء النهائي على الظاهرة …
القانون والاتفاقيات والمواثيق الدولية
تقر المادة 32 من اتفاقية حقوق الطفل، التي صادقت عليها مصر في 6 يوليو/تموز 1990 بحق الطفل في “حمايته من الاستغلال الاقتصادي ومن أداء أي عمل يرجح أن يكون خطيراً أو يمثل إعاقة لتعليم الطفل، أو أن يكون ضاراً بصحة الطفل أو بنموه البدني، أو العقلي، أو الروحي، أو المعنوي، أو الاجتماعي…

كما تلزم الاتفاقية الدولة باتخاذ التدابير التشريعية والإدارية اللازمة لضمان تنفيذ المادة 32 بما في ذلك “وضع نظام مناسب لساعات العمل وظروفه، و”فرض عقوبات أو جزاءات أخرى مناسبة…

وتتعرض عدة أحكام أخرى من الاتفاقية لمعاملة الأطفال العاملين، بما في ذلك الحق الذي تضمنه الدولة في الانتفاع بـ”مرافق علاج الأمراض وإعادة التأهيل الصحي والتعليم الابتدائي الإلزامي المجاني، والراحة ووقت الفراغ وتحظر الاتفاقية تعرض أي طفل “للتعذيب أو لغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللا إنسانية أو المهينة”، شأنها في ذلك شأن “العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية”، الذي صادقت عليه مصر في ( 12 يناير/كانون الثاني 1982(

وقد اعتمدت منظمة العمل الدولية في يونيو/حزيران 1999 الاتفاقية رقم 182، وهي الاتفاقية الخاصة بأسوأ أشكال عمل الأطفال، والتي تلزم الدول الأطراف فيها “باتخاذ إجراءات فورية وفعالة لضمان حظر أسوأ أشكال عمل الأطفال والقضاء عليها باعتبار ذلك مسألةً عاجلة

أما “أسوأ أشكال عمل الأطفال”، بموجب تلك الاتفاقية، فمن بينها “العمل قسراً فى الريف المصرى أو لدى ذويهم ” وكذلك “الأعمال التي يحتمل ـ إما بسبب طبيعتها أو بسبب الظروف التي تُؤدَّى فيها ـ أن تعود بالضرر على صحة الأطفال أو سلامتهم أو أخلاقهم ” وهو ما يحدث عادة مع هذه الفئة بإعتبارها الفئة الأضعف والأفقر!!!

أما أنواع العمل التي تشملها الفئة الأخيرة فتبتُّ فيها وتحددها الدول الأطراف بالتشاور مع منظمات أصحاب العمل والعمال، آخذة في اعتبارها المواثيق الدولية، خاصة توصية منظمة العمل الدولية رقم 190، بعنوان أسوأ أشكال عمل الأطفال وكانت هذه التوصية قد صدرت في عام 1999 بمصاحبة الاتفاقية رقم 182، وتنص على ضرورة النظر في عدة أمور منها الأعمال التي تعرض الأطفال للأذى البدني، و”العمل في بيئة غير صحية قد تؤدي إلى تعريض الأطفال مثلاً للمواد أو العوامل أو العمليات الخطرة، أو إلى ما يضر بالصحة من درجات الحرارة، أو مستويات الضجيج أو الذبذبات و”إلى العمل في ظروف بالغة الصعوبة، مثل العمل ساعات طويلة أو العمل الذي لا يسمح بإمكانية العودة إلى المنزل كل يوم …

ونرى فى مركز حقوق الطفل المصرى
أن عدم قيام التعاونيات الزراعية المصرية بحماية الأطفال العاملين لديها من التعرض للمبيدات والحرارة، وفرض ساعات عمل طويلة وغير مشروعة عليهم، على نحو ما هو مسجل في العديد من التقارير، يرقى في نظرنا إلى مستوى أسوأ أشكال عمل الأطفال.

أن تقاعس الحكومة عن حماية هؤلاء الأطفال من القيام بالعمل في ظل هذه الظروف،يعد من عدم الالتزام من قبلها بتعهداتها الدولية التى صادقت عليها، بل إنها تتحمل المسؤولية المباشرة عن استمرار هذه الأحوال … وخاصة أنها عند صدور قانون العمل الجديد لم تراعى حق هؤلاء الأطفال فى الحماية بالرغم من كل هذه الدراسات والمسوحات والبيانات التفصيلية، وخاصة فيما يتعلق بعمالة الأطفال فى القطاع الريفى الذى يمثل 77% من عمالة الأطفال فى مصر ،وعمالة الأطفال لدى ذويهم وعمالة الأطفال كخدم فى لمنازل، وهى الفئة لتى لم تشر إليها غالبية الدراسات والاحصائيات التى تمت فى مصر…

إن كافة الدراسات التى أثبتت أن هناك علاقة وثيقة بين تخلف المناهج التعليمية وتوجه الطفل للعمل فقد بلغت نسبة تسرب الأطفال من التعليم 25% وذلك نظرا لطبيعة المناهج التعليمية الطاردة وكذلك ارتفاع سن القبول بالتعليم. وهو ما تؤكده إحدى الدراسات والتى تشير إلى أن نسبة المتسربين فى المرحلة التعليمية الأولى وحدها بلغت فى 2000/2001 الى 1.3% من المتعلمين، يضعنا جميعاً أمام تحدى حقيقى فى العمل على تطوير العملية التعليمية بما يجعلها جاذبة للأطفال وتنمى قدراته من كافة الجوانب كما نصت المادة 29 من اتفاقية حقوق الطفل، بما فى ذلك كثافة الفصل التعليمى وأوضاع المدرسين …الخ

إن عمالة الأطفال كخدم للمنازل كأحد أسوأ أشكال عمالة الأطفال نظرا لتعرضهم الدائم للإهمال والاستغلال والقهر والحرمان حيث يعملون ساعات عمل كثيرة وغير محددة كما أنة غالبا ما يتعرض الطفل للإيذاء النفسي والبدني بالضرب والإهانة وغالبا العدوان الجنسى أيضا، وبالنسبة لهذا القطاع من عمالة الأطفال فلابد أن نشير إلى انعدام الدراسات والإحصائيات التى تناولته الهم إلا بعض أخبار حوادث العنف والانتهاكات التى يتعرضوا لها، وبالتالى يجب الشروع فى الدراسات والاحصائيات التى تمكنا من تحديد حجمهم ووضع الاستراتيجيات والخطط والقوانين التى تعمل على حماية حقوقهم…

أنه بات واضحاً أهمية التنسيق والتعاون الشفاف بين منظمات المجتمع المدنى المعنية بحقوق الأطفال والدولة فى كافة القضايا التى تتعلق بحماية الطفل المصرى الذى يمثل ما يقؤب من نصف المجتمع…وأهمية الاتفاق على خطط قومية لرفع الوعى العام بمخاطر عمالة الأطفال وتأثيرها على صحة الطفل ونمائه، كذلك إعادة صياغة التشريعات المحلية بما يتوافق مع تعهدات مصر الدولية…
أهمية العمل على تطوير قانون الطفل المصرى بما يتوافق مع الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل، بأن يتضمن الحماية اللازمة من كافة الانتهاكات التى يتعرض لها الطفل المصرى، عن طريق تجميع وتطوير كافة المواد القانونية المنتشرة فى القوانين والتشريعات المصرية الاخرى ووضعها فى قانون جامع لحماية الطفل المصرى فى كافة الظروف… مركز حقوق الطفل المصرى.
العمالة والتشرد
عمالة الأطفال حسب الجمعية العامة لمنظمة الأمم المتحدة:
إن المبدأ التاسع من مبادىء الجمعية العامة لمنظمة الأمم المتحدة ينص على :
يجب أن يتمتع الطفل بالحماية من جميع صور الإهمال والقسوة والاستغلال ويحظر الاتجار به على أية صورة.
ولا يجوز استخدام الطفل قبل بلوغه السن الأدنى الملائم وهو ما عرفه المشرع السوري بعمر 18 سنة ويحظر في جميع الأحوال حمله على العمل أو تركه يعمل في أية مهنة أو صنعه تؤذي صحته أو تعليمه أو تعرقل نموه الجسمي أو العقلي أو الخلقي.

ماهي أسباب عمالة الأطفال :
1- مشاكل اجتماعية: التفكك الأسري ، الجهل ونقص المعرفة عند الأبوين ، العادات والتقاليد والثقافة السائدة في المجتمعات العربية ، رفاق السوء .
2- مشاكل اقتصادية : بطالة ، قلة فرص العمل ، تدني نسبة التنمية الأساسية ، الفقر.
3- مشكل تربوية :
التسرب المدرسي : – وهو العامل الأساسي لعمالة الأطفال ويرجع سببه إلى تعرض الأطفال للمعاملة السيئة أو للعقاب البدني من المدرسين .
– ضعف المناهج الدراسية التي لا تسعى لتنمية فكر الطفل وإبداعاته .
– عدم توفير فرص عمل للخريجين .
– تدني العائد الاقتصادي والاجتماعي من التعليم .
– إجبار الإناث على ترك المدرسة لمساعدة أمهاتهم في الأعمال المنزلية
– غياب البرامج والسياسات التي تساعد على الحلول .
– غياب الأنشطة .
4- مشاكل قانونية :
– غض الطرف عن محاسبة جميع الأطراف المسئولين عن عمالة الأطفال .
– وجود ثغرات قانونية وضعف المسائلة الجنائية سواء على أصحاب العمل أو أولياء الأمور الذين يدفعون أولادهم للعمل وترك المدرسة .
– عدم متابعة ومراقبة تنفيذ الالتزامات التي فرضها القانون على أصحاب العمل الذين يلجأ ون إلى استخدام الأطفال لعمالة رخيصة لتدني أجورهم .
لا تتوافر لدينا أرقام حقيقية عن عمالة الأطفال ولكن من المشاهدات تشير إلى تفاقم هذه الظاهرة واتساعها ، ونجد أن هذه الظاهرة في الريف اكبر من المدينة وتشكل الإناث النسبة الأكبر.
وكشف د. نبيل مرزوق في بحثه (البطالة والفقر في سورية) وتحت عنوان البطالة وعمل الأطفال عن مجموعة معطيات إحصائية شكل فيها العاملون من الفئة العمرية 10- 14 عاما نحو 3% من قوة العمل الإجمالية في البلاد وترتفع هذه النسبة في الريف حيث تصل إلى 4،2% من قوة العمل .
وفي دراسة لعام 2004 لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة(يونيسف ) با لتعاون مع منظمة (FAFO) والمكتب المركزي للإحصاء والذي غطى أكثر من 20000 أسرة معيشية تظهر أن مجموعة الأطفال من عمر 10-11 سنة تساهم ب 3,1% بالعمل مما يعني 26439 طفل يعملون ، فئة الأعمار مابين 12-14 سنة تساهم ب 12,8% أي 171659 طفل ، وفئة 15-17 سنة تساهم ب 9،32 % أي ما قدره 422856 طفل.

تترافق عمالة الأطفال بعوامل رئيسية مرتبطة بمستوى الدخل وعمل أو بطالة الأبويين ، والجهل
ويشكل التعليم عاملا” هاما” في عمالة الأطفال حيث تفتقد الأسرة والطفل الدوافع للتضحية والاستثمار في التعليم عند تدني مستوى لتعليم ، وانعدام فرص العمل بالنسبة للخريجين .
وتتجه نسبة كبيرة من الأطفال في أعمارهم الصغيرة للعمل في القطاع غير المنظم والحرفي الصغير ،
وان كانت مرتبطة بالتعليم المهني التقليدي إلا أنها تعبر عن التدني في مستوى المعيشة والدخل للأسرة وبالتالي الفقر بشكل عام ، وعدم الثقة في المستقبل المظلم لحاملي الشهادات والتي لا تطعم الخبز .
وتنعكس عمالة الأطفال في زيادة معدلات البطالة بين البالغين وخاصة في الأعمال والصناعات والحرف التي لا تتطلب تأهيلا محددا” أو جهدا” خاصا”.
ويتعرض معظم الأطفال لأخطار كبيرة تلحق بهم الأذى الجسدي بسبب ظروف العمل الغير الآمنة ، والى الضغوط النفسية الرهيبة والاستغلال والقسوة ، والعنف بكل أشكاله بما في ذلك العنف الجسدي والمعنوي والجنسي . ونشير إلى أن نسبة كبيرة من هؤلاء الأطفال يتعرضون للاغتصاب من قبل أصحاب العمل أو ممن هم يكبرونهم سنا في العمل .
كل هذا يؤثر سلبا على عاطفتهم وسلوكهم الاجتماعي والأخلاقي داخل أسرهم وفي مجتمعهم ، والعديد منهم ينحرف ويستسلم للعادات غير الحميدة كالتدخين والقمار وتعاطي المخدرات وغيرها من الآفات الاجتماعية التي تدمر المجتمع .
وأكثر المهن التي تستقطب الأطفال هي أعمال البناء ، وتصليح السيارات ، الحدادة ، النجارة ، العمل في الكسارات وقطع الحجارة ونحتها ، الزراعة ،أعمال البويا .
وتقدر منظمة العمل الدولية و(اليونيسيف) عدد الأطفال العاملين في الدول النامية والذين تقل أعمارهم عن 14 سنة نحو 200 مليون طفل !!!!!!؟؟؟؟؟؟؟
الحلول :
– حصر الأعداد الحقيقية للأطفال العاملين وتصنيفهم وسن القوانين لحمايتهم.
– وضع برامج التدخل وإشباع احتياجات الأطفال .
– متابعة تنفيذ هذه القوانين والبرامج.
– تضافر الجهود بين مختلف الهيئات الرسمية والأهلية للتعامل مع هذه الظاهرة .
– التدخل المكثف للجمعيات الأهلية والدولية ورجال الأعمال في إصلاح الوضع المادي لهؤلاء الأطفال
و أسرهم من خلال التبرعات والإعانات المادية والعينية والعمل على إيجاد فرص عمل لأحد الأبوين إن تبين أنهم عاطلين عن العمل .
ولو إن منظمات العمل الدولية تقدم سنويا مساعدات لدول العالم الثالث لتساعدها على النهوض ولتخفف عنها ظاهرة تتنامى يوما بعد يوم فان 5 أو 6 مليارات دولار كافية لتقديم المساعدة ، وهذا المبلغ يعتبر زهيدا مقارنة بالمبالغ الطائلة التي تصرف على التسلح والحروب في هذه لدول .
أمثلة متعددة على عمالة الأطفال وما يعانونه
نادية، محمد، حسن، سعيد، فيصل، أطفال سرق منهم الفقر طفولتهم، وسلبت منهم الفاقة براءتهم، عاشوا زمانا غير زمانهم، واقتحموا أعمالا لا تقدر عليها أناملهم، وحملوا أعباء وأثقالا لا تقوى عليها أذرعهم وأجسادهم.

إنهم أطفال لم يجدوا من يحضنهم ويغدق عليهم من كرمه، ولم تسعفهم ظروف البيت والعائلة في توفير عالم تحيى فيه البراءة ويزدهر فيه الصبا، كما لم تلتفت المؤسسات والجهات الرسمية وغير الرسمية إلى معاناتهم إلا في المناسبات والندوات والمؤتمرات أو من خلال سن القوانين التي تحتاج إلى إجراءات، حتى إذا انفض الجمع وصدت الأبواب وانطفأت الكاميرات راح كل إلى حال سبيله وتركوا الأطفال إلى حال سبيلهم ليذوقوا مرارة التشغيل وظنك العيش.

موقع (لها أون لاين) نقل محنة الصغار ورصد رأي المتخصصين والكبار واستكنه عمق النصوص القانونية المغربية فأنجز التحقيق التالي:
صغار حرموا اللهو
بينما يشد بعض الصغار رحلهم صوب المخيمات الصيفية، ويرافق البعض آباءهم في أسفار هنيئة، ويركض البعض الآخر بين الأزقة وفي الساحات العمومية والغابات والمنتزهات فرحاً بانتهاء موسم دراسي، يغادر الأبرياء منازلهم (مهلا) أكواخهم ويطلقون العنان لأقدامهم الصغيرة التي تسابق الرياح بحثا عن عمل يجنون من ورائه بعض النقود علهم يؤمنون قوت يوميهم، بل وقوت أمهاتهم وإخوانهم أحيانا كثيرة، أو يجمعون ما قد يساعدهم على شراء لوازم الدراسة عند دخول الموسم الدراسي الجديد، أو يساعدون آباءهم في البيع والشراء وذلك أضعف الإيمان، كما يحكون.

محمد الباري واحد ضمن لائحة طويلة جداً من الأطفال الذين يجري تشغيلهم مخالفة للقانون والأعراف والإنسانية.. كلما حل الصيف وخلد الأطفال إلى الراحة والاستجمام والتسلية، كلما ركب محمد الصعاب وتحدى قسوة الظروف، فصار شغله الشاغل أن يظفر بعمل (بين قوسين) كي لا يبدأ العام الدراسي ويجد نفسه عاجزاً عن شراء الكتب، يقول محمد بعدما اطمأن لنا وتنفس الصعداء وظهر على محياه الحسرة: “إنني أعمل في الصيف من أجل شراء الكتب المدرسية والملابس في الموسم الدراسي المقبل”.

لا خيار إذن لمحمد إلا العمل والعمل.. ولا حق له إذن في أن يلهو ويلعب مثلما يلهو ويلعب زملاؤه في الفصل وأترابه في المدرسة وأقرانه في الحي والشارع.

سعيد لم يكن أحسن حالاً من محمد، بل زاد عليه محنة فقدان الأب.. سعيد يتيم الأب وكبير إخوته الخمسة، سنه لم يتجاوز 12 سنة، لكنه حل محل أبيه وانطلق يعين أمه كلما جاء الصيف لتقوى على مصاريف الأسرة.. يجمل سعيد محنته في جملة واحدة صاغها بالكاد لشدة ألمه وحسرته: “أبي توفي وتركنا نحن خمسة أطفال، أنا أكبرهم فألجأ للعمل في فصل الصيف من أجل مساعدة أمي على المصاريف اليومية، كما أنني أريد أن أوفر بعض المال من أجل الدراسة”.
محمد وسعيد نموذجان نطل من خلالهما على نماذج فاقت المائة ألف طفل، إما يشتغلون طيلة العام أو خلال فصل الصيف بعدما يكونون قد انتهوا من موسم دراسي مليء بالجد، نعم إذا كان الكبار أنفسهم لا يقدرون على الجمع بين الدراسة خريفاً وشتاء وربيعاً والعمل صيفاً، فكيف بصبية إذن؟!
بالأمس كان الرجل وحده من يخرج إلى العمل، ثم ما لبث أن ولجت المرأة دوامة العمل كذلك، ليتبعهم الأطفال الذكور فالأطفال الإناث.
تشغيل الأطفال على غرار ذلك لم يعد يقتصر على الذكور وحدهم، إنما تعدى هؤلاء إلى الصغيرات أيضاً.
نادية (13 سنة) واحدة من الطفلات الصغيرات الفقيرات تدرس بالفصل الرابع الابتدائي، تساعد أمها في بيع الخضار لتقوى على تكاليف الحياة، تقول نادية: “آتي للسوق لمساعدة أمي في بيع الخضار لأنني من أسرة فقيرة”.
الفقر والفاقة إذن من أخرجا نادية من عالم الصبا إلى عالم المسؤولية المبكرة، الحاجة وقلة الحيلة إذن من حرما نادية حلاوة اللعب في انتظار غذاء لذيذ أو عشاء شهي!
حسن (14 سنة) يكون هو الآخر على موعد كل صيف مع بيع الشيكولاتة والحلوى في الشواطئ، يجوبها سيراً على الأقدام من الصباح حتى المساء، يرفع صوته بالمناداة ويقترب من المصطافين فمنهم من يشتري ومنهم من لا يشتري ومنهم من ينهره، قليل منهم من يرأف بالمسكين فيكرمه ويزيد في الأداء.
يقول حسن: “دائماً أبيع في فصل الصيف من أجل أن أساعد أبي الذي يعمل عملاً مؤقتاً”.
فيصل (14 سنة) عبر عن عدم رضاه بوضعه وعن كرهه العمل في الصيف وقت أن يكون الأطفال الآخرون يلهون ويلعبون، يقول فيصل بكل أسى: “أنا أعمل رغم أنني لا أحب العمل في الصيف لأنني أشعر أن العديد من الأشياء تنقصني أريد أنا أيضاً أن أكون مثل سائر الأطفال الذين يقضون العطلة في الراحة والاستجمام”.
المختصون والآباء
وعن رأي المتخصصين في تشغيل الأطفال خاصة خلال فصل الصيف يقول “مصطفى التازي” متخصص في علم الاجتماع “هناك انعكاسات على تشغيل الأطفال خلال فصل الصيف، لأن ذلك يؤثر عليهم نفسياً خاصة مع بداية العام الدراسي؛ لأن العديد من زملائه سيعودون إلى المدرسة وهم يحملون ذكريات طيبة عن عطلاتهم الصيفية، في حين يعود الطفل وهو يحمل في ذهنه العمل الشاق خلال فصل الصيف، لذلك يتطلب من الآباء والمجتمع أن يحمي الأطفال من أجل الحفاظ على توازنهم النفسي”.
أما آراء الآباء فكانت متناقضة فبينما أشار سعيد ـ موظف ـ إلى أن القانون المغربي لا يجيز تشغيل الأطفال، لا ترى فاطمة مانعاً في تشغيل الأطفال صيفا؛ شريطة أن يكون عملهم من أجل التدريب ليس إلا.
يقول سعيد “القانون المغربي لا يجيز عمل الأطفال في سنة مبكرة، كما أنه لا بد للآباء أن يوفروا لأبنائهم ظروفاً معيشية مناسبة”.
سعيد سلط الضوء على أهمية النص القانوني في المقام الأول، فيما ركز على مسؤولية الآباء في المقام الثاني، وكأني به يدعو الدولة والآباء وجميع المؤسسات إلى العطف على الأطفال والأخذ بيدهم وتمكينهم من حقوقهم التي جاء بها الإسلام.
أما فاطمة ـ مدرسة ـ فتقول: “لا مشكلة في أن يعمل الأطفال خلال فصل الصيف من أجل التدريب على الاعتماد على النفس لكن ينبغي تشغيلهم في أعمال بسيطة لا تنهك أجسادهم الصغيرة”.
نادية، وحسن، وفيصل اشتغلوا بالأمس ويشتغلون اليوم وسيشتغلون في الغد إلى أن تلتفت إليهم، وإلى أمثالهم، أعين المعنيين والمسئولين والمحسنين فتعيد إليهم البسمة والأمل في الحياة، بأن توفر لذويهم الظروف المناسبة حتى ينهضوا بمهامهم ويتفرغوا لتربيتهم وتوجيههم، وزرع الحب في كيانهم والعطف والحنان في عروقهم، وأن تفعل النصوص القانونية لتعاقب كل من سوَّلت له نفسه استغلال الأطفال.
هذا القانون فأين التطبيق؟
تشير المسألة القانونية للأطفال القاصرين عموماً إلى النصوص التشريعية والتنظيمية الصادرة بهدف ضمان حماية أفضل لهم، ويتعلق الأمر بالقانون الدستوري، مثل: مدونة الأسرة، قانون المسطرة المدنية، قانون الجنسية، القانون الجنائي، قانون المسطرة الجنائية، مدونة الشغل.

وقد شكلت حماية الطفل في العمل – كما ينقل موقع تنمية المغربي- هاجساً كبيراً لدى المشرع الذي بدأ منذ زمن طويل في تنظيم بعض مظاهر عمل الأطفال. وفي الوقت الراهن، مكنت إعادة النظر في التشريع المغربي للعمل من إدخال تجديدات مهمة في ميدان عمل الأطفال.

وبهدف تحقيق الملائمة بين تشريع العمل وبين الاتفاقيات الدولية في ميدان العمل، أخذ المشرع بعين الاعتبار مبادئ الاتفاقيتين الأساسيتين المعتمدتين من طرف منظمة العمل الدولية، أي الاتفاقية رقم 138 والاتفاقية رقم 182 اللتين صادق عليهما المغرب، وبهذا تنص المدونة الجديدة للشغل في موادها على ما يلي: “لا يمكن تشغيل الأحداث، ولا قبولهم في المقاولات، أو لدى المشغلين، قبل بلوغهم سن خمس عشرة سنة كاملة.

يحق للعون المكلف بتفتيش الشغل أن يطلب، في أي وقت، عرض جميع الأوراق للأحداث الذين تقل سنهم عن ثماني عشرة سنة، على طبيب بمستشفى تابع للوزارة المكلفة بالصحة العمومية، قصد التحقق من أن الشغل الذي يعهد به إليهم، لا يفوق طاقتهم.. ويحق له أن يأمر بإعفاء الأحداث من الشغل دون إخطار، إذا أبدى الطبيب رأياً مطابقاً لرأيه، وأجرى عليهم فحصاً مضاداً بطلب من ذويهم.. يمنع تشغيل أي حدث، دون الثامنة عشرة، ممثلاً، أو مشخصاً في العروض العمومية المقدمة من قبل المقاولات التي تحدد لائحتها بنص تنظيمي، دون إذن مكتوب يسلمه مسبقاً العون المكلف بتفتيش الشغل، بخصوص كل حدث على حدة، وذلك بعد استشارة ولي أمره.

يمنع القيام بكل إشهار استغلالي، يهدف إلى جلب الأحداث لتعاطي المهن الفنية، ويبرز طابعها المربح.. يمنع على أي شخص أن يكلف أحداثاً دون الثامنة عشرة سنة بأداء ألعاب خطرة، أو القيام بحركات بهلوانية، أو التوائية، أو أن يعهد إليهم بأشغال تشكل خطراً على حياتهم، أو صحتهم، أو أخلاقهم.

يمنع أيضاً على أي شخص، إذا كان يحترف مهنةً بهلوان، أو ألعبان، أو عارض حيوانات، أو مدير سيرك أو ملهى متنقل، أن يشغل في عروضه أحداثاً دون السادسة عشرة”.

وتضيف المدونة أيضاً يجب على كل من يتعاطى هذه المهن أن يتوفر له نسخ من شهادات ميلاد الأحداث الذين يتولى توجيههم، أو بطاقات تعريفهم الوطنية، وأن يدلي بها ليثبت بها هويتهم بمجرد طلبها من طرف العون المكلف بتفتيش الشغل، أو من السلطات الإدارية المحلية.

وتزيد المدونة أنه يطلب العون المكلف بتفتيش الشغل، أو السلطات الإدارية المحلية، في حالة مخالفة الأحكام المتعلقة بالعروض العمومية، من مأموري القوة العمومية، التدخل لمنع إقامة العرض، وتحاط النيابة العامة. ويخضع الطفل العامل دون سن الثامنة عشرة لفحص طبي كل ستة أشهر.. يمنع تشغيل الأحداث دون السادسة عشرة في أي شغل ليلي إلا باستثناءات خاصة: مثلاً، عندما يقتضي الأمر اتقاء حوادث وشيكة الوقوع، أو تنظيم عمليات نجدة، أو إصلاح خسائر لم تكن متوقعة.

وقد أخذ المشرع بعين الاعتبار كذلك صحة وسلامة الأحداث وذلك طبقاً لمبادئ الاتفاقية رقم 182 بشأن أسوأ أشكال عمل الأطفال إذ يمنع تشغيل الأحداث دون الثامنة عشرة في الأشغال الجوفية التي تؤدى في أغوار المناجم.

كما يمنع القانون تشغيل الأطفال في أشغال قد تعيق نموهم، أو تشكل مخاطر بالغة تفوق طاقتهم، أو قد يترتب عليها ما قد يخل بالآداب العامة، ومن بين المستجدات الرئيسية التي جاءت بها مدونة الشغل، الزيادة في الغرامات في حالة خرق المقتضيات التي تحكم عمل الأطفال.

والتعديلات الجديدة المدخلة على القانون الجنائي تحسن إلى حد كبير من حماية الأحداث عند مخالفتهم للقوانين، وذلك برفع سن الرشد الجنائي إلى 18 سنة.

وقد وقع تبني هذه التعديلات في شهر يوليو من سنة 2003، وأصبح التحقيق في الجرائم المرتكبة من طرف الأحداث إلزامياً من خلال الترخيص للنيابة العامة بالقيام بالمتابعات القضائية في القضايا المتعلقة بالأحداث وبفرض إلزام التبليغ عن الجرائم المرتكبة ضد الأطفال.

وعلى المستوى التشريعي وقعت المملكة المغربية الاتفاقية المتعلقة بحقوق الطفل في اليوم الأول لقبول التوقيعات في 26 يناير 1990، وصادقت عليها في شهر يونيو 1993.

كما انضم المغرب كذلك إلى البروتوكولين الإضافيين لاتفاقية حقوق الطفل: يتعلق الأول بتجنيد الأطفال في النزاعات المسلحة، والثاني ببيع الأطفال، ودعارة الأطفال واستخدامهم لأغراض الدعارة والأعمال الإباحية.

وأنشأ المغرب في شهر مايو 1995، مرصداً وطنياً لحقوق الطفل (م.و.ح.ط) مكلفاً بمتابعة اتفاقية حقوق الطفل وتنفيذها، وقد قدم المرصد الوطني لحقوق الطفل إلى الحكومة اقتراحات للملائمة بين القوانين الوطنية ومقتضيات اتفاقية حقوق الطفل.

أما على المستوى الوقائي فقد وضع المغرب في السنوات الأخيرة إستراتيجية اجتماعية تتمحور حول محاربة الفقر من خلال مؤسسات التكافل الاجتماعي، وبرامج فك العزلة عن العامل القروي.

وفي مجال الإعلام حول إشكالية عمل الأطفال، قامت السلطات العمومية، والمرصد الوطني لحقوق الطفل، والجمعيات المحلية، بمساعدة ودعم من اليونيسيف ومكتب العمل الدولي/ البرنامج الدولي للقضاء على عمل الأطفال، بإنجاز أعمال مهمة، منها على الخصوص تنظيم ندوة وطنية ثلاثية الأطراف حول حماية الطفولة في وضعية هشة، في شهر ديسمبر 1997.

حسيبة يحيى شنيف
مديرة إدارة التخطيط والتنسيق والمتابعة
اليمن

إغلاق