دراسات قانونية
الوقف القضائي الجزائي والتعليقي للخصومة (بحث قانوني)
هذا النوع من الوقف يتم بناء على حكم المحكمة، حيث ينص القانون على ان يكون للمحكمة او الجهة القضائية المختصة الحق في ان توقف سير المحاكمة ولا يحصل الوقف هنا الا بناء على قرار صادر عن أي منهما، ولذا فأن القرارات السابقة على قرار ايقاف الخصومة (سير المحاكمة) تعتبر صحيحة بعد توفر سبب الخصومة وقبل صدور القرار بالوقف(1). والوقف القضائي اما ان يكون جزائياً والوقف هنا يكون بمثابة عقوبة يفرضها القانون على المدعي لتخلفه عن تقديم المستندات او تنفيذ اجراء كلفته به المحكمة، واما ان يكون وقفاً تعليقياً ويراد به وقف سير الدعوى امام المحكمة المختصة الى حين الفصل في مسألة اولية يتوقف عليها الفصل في النزاع الاصلي. وان هذا الوقف مبناه الجواز القانوني أي ان القانون يمنح المحكمة سلطة في وقف سير الدعوى في حالات معينة ولكن لا ينشأ الابناء على حكم يصدر من المحكمة المختصة بنظر مسألة النزاع يقضي به. والقانون العراقي لا يعرف في احكامه الوقف الجزائي وتضمن فقط النص على الوقف التعليقي ضمن احكام م (83). وسنتناول دراسة الوقف القضائي بنوعيه فيما يلي وبالتفصيل الوافي:
أولاً:- الوقف القضائي الجزائي:-
هذا النوع من الوقف للدعوى لم ينص عليه القانون العراقي في احكامه واخذت به القوانين المقارنة فقانون المرافعات المصري نص في المادة (99) منه على انه “تحكم المحكمة على من يتخلف من الخصوم عن ايداع المستندات او عن القيام باي اجراء من اجراءات المرافعات في الميعاد الذي حددته له المحكمة بغرامة من جنيه الى عشرة جنيهات، والمحكمة بدلاً من الحكم على المدعي بالغرامة ان تحكم بوقف الدعوى لمدة لا تتجاوز ستة اشهر وذلك بعد سماع اقوال المدعى عليه، واذا مضت مدة الوقف ولم ينفذ المدعي ما امرت به المحكمة جاز اعتبار الدعوى كأن لم تكن“.
ولا ينص القانون الليبي على احكام الوقف الجزائي للخصومة في حالة عدم تقديم المدعي لمستندات الدعوى مثله في ذلك مثل القانون العراقي وكذا القانون اللبناني الا ان احكام القضاء الليبي قضت بوقف سير الخصومة في حال عدم تقديم المدعي مستنداته(2) . ونصت المادة رقم (5) الفقرة (2) من القانون الكويتي على الوقف الجزائي فقد منح المشرع الكويتي محكمة الموضوع سلطة فعالة في تسيير الدعوى لتعجيل الفصل فيها، فأباح لها ان تحكم على من يتخلف من الخصوم او موظفي المحكمة عن القيام بأي اجراء من اجراءات المرافعة في الميعاد الذي حددته بغرامة لا تتجاوز عشرين ديناراً بقرار غير قابل للطعن فيه كما نص على ذلك القانون المصري وللمحكمة اذا تخلف المدعي عن ايداع المستندات او تنفيذ أي اجراء كلفته به في الميعاد المحدد ان تحكم بوقف الدعوى لمدة لا تتجاوز ثلاثة شهور وذلك بعد سماع اقوال المدعى عليه اذا كان حاضراً، فقد يضار المدعى عليه من هذا الوقف فيكون هذا الحكم جزاء له على تقصير ارتكبه المدعي(3). قضى القانون الجزائري بالوقف الجزائي للخصومة وهو ما يأمر به القاضي من وقف اجراءات الخصومة جزاءً للمدعي على تراخيه في اتخاذ اجراء معين او تكليف باتخاذ اجراء طلب القاضي منه اتخاذه، كأجراء الاعلان على الوجه الصحيح او ارشاد عن محل اقامة خصمه وغيرها ولا ينتهي الوقف في هذه الحالة الا اذا أتم المدعي ما هو مطلوب منه والا تعرض في النهاية الى الحكم بسقوط الخصومة اذا مضت المدة اللازمة لذلك(4). الظاهر مما تقدم ان لمحكمة الموضوع سلطة تقديرية واسعة في فرض هذا النوع من الجزاء على المدعي المهمل ولها ان تتدرج في فرض الجزاءات المقررة في هذه الاحكام ولها ان تفرض اولاً الغرامة على المدعي المهمل والقانون الكويتي يشمل بهذا الجزاء كل اطراف الخصومة بالاضافة الى موظفي المحكمة اذا اهملوا وقصروا في إداء وتنفيذ ما طلب منهم ومن ثم اذا ما استمر المدعي على اهماله في تقديم المستندات وتنفيذ ما أمرته به المحكمة فعندئذ يلجأ قاضي الموضوع الى فرض الجزاء الذي هو اشد قسوة من الغرامة الا وهو الحكم بوقف السير في الدعوى واذا ما انقضى الميعاد الذي حدده القانون واصر المدعي على اهماله فعندئذ يحكم عليه بالعقوبة الاخطر اثاراً على المدعي وهي اعتبار الدعوى كأن لم تكن والحكم بأبطالها. وأن هذا الوقف يفرض كجزاء بحق المدعي المهمل فقط ولا يمكن لمحكمة الموضوع ان تقضي بوقف سير الخصومة كجزاء على المدعي عليه المهمل لما يترتب على ذلك من اطالة امد النزاع وفي هذا مصلحة للمدعى عليه واذا ما اصر المدعى عليه على اهماله فأن المحكمة تقضي بسقوط الخصومة والحكم باعتبارها كأن لم تكن وبذا يتحقق مراد المدعى عليه في التخلص من الدعوى ويترتب على ذلك الحاق الضرر الجسيم بالمدعي الذي بادر الى اقامة الدعوى بغية مطالبة المدعى عليه بحق له في مواجهته وهذا لا يمكن ان يتصور بأي حال من الاحوال فينطوي على تغليب مصلحة المدعى عليه المهمل على مصلحة المدعي الذي لم يصدر عنه أي اهمال او تقصير. على ان الجزاء الناجع الذي يفرض على المدعى عليه المهمل في مثل هذه الحالة هو فرض الغرامة المالية بحقه كجزاء لا هماله وتخلفه عن تنفيذ ما طلب منه، واذا ما قررت المحكمة وقف الخصومة فلا يجوز اتخاذ أي اجراء من اجراءات التقاضي خلال مدة الوقف. في الوقف الجزائي فأن اغلب القوانين المقارنة أشترطت على المحكمة قبل القضاء به سؤال المدعى عليه عن مدى موافقته على هذا الوقف ورضاه به، لاحتمالات ان مثل هذا الوقف يؤثر في حقوقه ويضر بها ويهدر مصلحته في سرعة حسم الدعوى. فهل يكون رأي المدعى عليه في حالة عدم موافقته على الوقف ملزماً لمحكمة الموضوع، الرأي السائد أن هذا الالزام غير متحقق وان لمحكمة الموضوع ان تقضي بالوقف حتى وان عارض المدعى عليه(5). في ذلك على ان يكون له حق الطعن بقرار الوقف ولا يؤدي ذلك الى حرمان المدعي من حقه بالطعن في قرار الوقف ايضاً. ولا يغير من طبيعة الوقف الجزائي ما دام قصد به توقيع الجزاء على المدعي لتخلفه عن تنفيذ اجراء كلفته به المحكمة ان تسمع المحكمة اقوال المدعي عليه لان سماع اقوال المدعى عليه قبل الحكم بالوقف من مقتضيات الحكم به حتى لا يضار المدعى عليه منه، مع ان هذا الوقف جزاء يوقع على المدعي(6).
ويذهب الدكتور ابو الوفا الى القول برأي مغاير للرأي السائد بصدد هذا الموضوع ويرى ان القاضي لا يجوز له الحكم بالوقف اذا ما عارض المدعى عليه فيه والا اصبح الحكم به عقوبة على المدعى عليه ايضاً فالخصومة هي ليست ملكاً للمدعي فحسب بل هي ملك له وللمدعى عليه، وقد لا يعترض المدعى عليه على ترك الخصومة وأنما قد يعترض على وقفها لانه في هذه الحالة الاخيرة يظل مهدداً بها ويظل مركزه القانوني معلقاً(7). على ان الاخذ بهذا الرأي يشل سلطة المحكمة في فرض الجزاء لمجرد اعتراض المدعى عليه ويعطل حكم القانون الذي نص على هذا الجزاء لحمل المدعي على تنفيذ ما أمرته به المحكمة. وقد يكون للمدعى عليه مصلحة مشروعه في الاعتراض كما في حالة صدور امر الى المدعي لمصلحة العدالة يرى المدعى عليه انه ضار به، ومثال ذلك أمر المحكمة للمدعي بأن يدخل شخص من الغير في الخصومة لمصلحة العدالة او لاظهار الحقيقة، وليس من المقبول تعليق استعمال المحكمة لسلطتها على ارادة المدعى عليه ولو اراد المشرع هذا لنص على عدم توقيع الجزاء الابناء على طلب المدعى عليه ولكنه لم يتطلب سوى سماع اقواله(8). ولذا نتساءل في هذه الحالة لماذا أشترطت أغلب التشريعات في الوقف الجزائي سماع اقوال المدعى عليه دون أشتراط موافقته على فرضه، لعل القصد والرأي عندنا ان القصد من هذا الاستماع الى اقوال المدعى عليه لكي تتفادى المحكمة أي ضرر او حيف قد يلحق بحقوق المدعى عليه نتيجة هذا الوقف، فالمدعى عليه يسعى في خصومات عديدة الى سرعة حسمها والتخلص منها بأسرع ما يمكن اذا كان له من الدفوع والمستندات ما يدفع بها خصومة المدعي الذي قد يروم من هذا الوقف تمديد الخصومة واطالة امد النزاع وبقاء المدعى عليه مهدداً بدعوى لا يكون فيها للمدعي حق قانوني قبله وانما يكون هدفه في اقامتها ورفعها الى القضاء الكيد للمدعى عليه دون وجه حق او سند قانوني. ويشترط ان يقعد المدعي عن تقديم المستندات التي طلبت منه المحكمة لا تلك التي يرى تقديمها من وجهة نظره وذلك ان المحكمة غير ملزمة بتوجيهه او تكليفه الى اثبات مقتضيات دفاعه فكل ما لها او عليها ان تقول كلمتها فيما يقدم اليها، فأذا ما اقيمت دعوى اخلاء للتأخير في دفع الاجرة ولم يقدم المدعي عقد الايجار وكلفته المحكمة بتقديمه ولم يقدمه فلا تقضي هنا بالوقف ولكنها تفصل في الدعوى بحالتها، فأذا ما اقام دعوى استئنافية ولدى مراجعة المحكمة ملف الدعوى وأستبان لها ان ثمة مستندات مهمة قد قام المدعي باستلامها وكلفته بتقديمها وقعد هو عن ذلك كشهادة بنهائية الحكم الجنائي وثباته او اعلام وراثة في قضية تعويض في هذه الحالة ان تقرر وقف الدعوى على الا تزيد مدة الوقف عن ستة اشهر وفق القانون المصري(9). وان قرار المحكمة القاضي بفرض الوقف الجزائي على المدعي المهمل يقبل الطعن فيه وفقاً للقواعد العامة المقررة في الطعن وان الطعن به يكون فور صدوره وعلى وجه الاستقلال دون انتظار صدور حكم نهائي في موضوع النزاع المعروض على المحكمة وللمدعى عليه الطعن بالقرار المذكور في حالة عدم موافقته على الوقف كما يكون للمدعي الحق في الطعن به واذا اعترض المدعى عليه على الحكم بالوقف فلا يكون أمامه الا الطعن به، ولكن اذا ما وافق على هذا الوقف صراحة فلا يملك الحق في الطعن بالقرار الصادر بالوقف، ولان القاعدة تقضي بأن قبول الحكم المانع من الطعن فيه كما يكون لاحقاً لصدوره يكون سابقاً عليه(10).
ولا سيما ان التشريعات المقارنة كما بيّـنا مفصلاً فيما تقدم اشترطت الاستماع الى اقوال المدعى عليه بصدد وقف الدعوى وقفاً جزائياً قبل الحكم به، أي ان المدعى عليه اذا وافق على الوقف الجزائي قبل صدور حكم به وهذا الاعم والاغلب فيعد في هذه الحالة بمثابة الذي يقبل بحكم الوقف مسبقاً. وقضت محكمة النقض المصرية بانه “وان كان الوقف الذي يوقع على المدعي جزاء على اهماله في اتخاذ ما تأمر به المحكمة يعتبر حكماً طبقاً للمادة (109) من قانون المرافعات السابق ويجوز الطعن فيه فور صدوره على استقلال دون انتظار الحكم في الموضوع، عملاً بالمادة (37) من ذات القانون، الا ان المشرع استهدف به تعجيل الفصل في الدعوى، وتأكيد سلطة المحكمة في سبيل حمل الخصوم على تنفيذ اوامرها، وهو بهذه المثابة لا يتصل بموضوع الدعوى، ولا يفصل في نزاع بين الخصوم ولا يبت في اية مسألة متفرعة عنه، وبذلك يمكن اعتباره حكماً قطعياً في مسألة متفرعة عن النزاع، ومن ثم فليس من شأن صدوره قبل حصول الصلح في الدعوى ان يحول دون أستحقاق نصف الرسوم” طعن رقم 300 في 9/3/1971. والاحكام الصادرة بوقف الدعوى جزاء او تعليقاً يجوز الطعن فيها تمكيناً للخصم من تعجيل نظر الدعوى، وأن حل الميعاد المحدد لتعجيلها بحكم الوقف قبل الفصل في الطعن، اصبح الطعن وارداً على غير محل وتعيَّن القضاء باعتباره منتهياً، كما يجوز الطعن في الاحكام التي تصدر باعادة الدعوى الى الايقاف ولئن نص القانون على عدم جواز الطعن استقلالاً في الاحكام التي تصدر اثناء سير الدعوى ولا تنتهي بها الخصومة الا بعد صدور الحكم المنهي للخصومة كلها، غير أنها أستثنت من ذلك طائفة من الاحكام ومنها تلك الصادرة بوقف الدعوى لانه لا سبيل الى الزام المتضرر منها بالانتظار حتى يزول السبب المعلق عليه الوقف(11).ولأن الاحكام التي ترفض الايقاف ليست لها خطورة الاحكام التي تقضي بالوقف وأيضاً ما يترتب على الوقف من نتائج(12). اذا انقضت مدة الوقف فعلى المدعي ان يبادر الى اتخاذ الاجراءات واستئناف السير فيها وتحديد موعد للترافع واعلان المدعى عليه وتكليفه بالحضور في الموعد المحدد، على ان استئناف السير في الدعوى ليس حكراً على المدعي فقط وانما يكون للمدعى عليه الحق ايضاً في طلب السير في اجراءاتها، فالدعوى هي ملك لجميع اطرافها ولا يحق لاي منهم ان ينفرد باتخاذ اجراء معين فيها دون الاخر الا في حدود الدفاع عن حقه ومصلحته. وأن تسيير الخصومة يعد عملاً تحفظياً لانه يحول دون سقوطها أو انقضائها بمضي المدة، ولذا يجوز ان يقوم به أي خصم في حالة تعددهم لمصلحة باقي الخصوم، ومن أهم مظاهر حق الخصم في تسيير الخصومة الحق في تسييرها. وتسيير الخصومة (الدعوى) هو الاجراء الذي يؤدي الى تحريك الدعوى الراكدة لاي سبب وكذلك الحضور الى المحكمة في الميعاد المحدد للترافع من مظاهر تسيير الخصومة ولان الخصم يتوقى بذلك شطب الدعوى(13). وبالتالي يحميها من التعرض لجزاء البطلان، والاصل ان المدعي هو الذي يجب ان يعجل الدعوى، واذا ما عجل المدعي الدعوى ونفذ ما أمرته به المحكمة فبذلك يتم أستئناف اجراءات الخصومة ومن النقطة التي وقفت عندها، على ان هناك من يذهب الى القول بعدم جواز تعجيل الدعوى قبل انتهاء مدة الوقف حتى لو ان المدعي نفذ ما أمرته به المحكمة وما طلب منه(14).
ولكن الرأي عندنا ان عدم جواز تعجيل الدعوى قبل انقضاء مدة الوقف يعطل سرعة حسم الخصومات ويطيل امد التقاضي دون مسوغ قانوني لاسيما وان الوقف كان بسبب عدم تنفيذ المدعي ما طلب منه، فأن قدم المستندات ونفذ ما أمرته به المحكمة قبل انقضاء مدة الوقف فالاولى ان يتم تعجيل الخصومة واستئناف سيرها بناء على طلب الخصم صاحب المصلحة ولو كان المدعى عليه او من تدخل الى جانبه تدخلاً اختصامياً ويكون بالنسبة للمدعي كالمدعى عليه او من تدخل طالباً الحكم لنفسه واذا انقضت مدة الوقف دون ان ينفذ المدعي ما طلب منه بتقديم المستندات او القيام باجراء معين فأن المحكمة تقضي بسقوط الخصومة واعتبارها كأن لم تكن على ان هذا القرار يكون قابلاً للطعن فيه وفقاً للقواعد العامة للطعن في الاحكام. وكما أن القانون العراقي لم ينص في احكامه على الوقف الجزائي الا ان المادة (47) من قانون المرافعات نصت على ان:-
1-على المدعي عند تقديم عريضة دعواه ان يرفق بها نسخاً بقدر عدد المدعى عليه وقائمة بالمستندات التي يستند اليها مرفقاً بها صوراً من هذه المستندات ويجب عليه ان يوقع هو او وكيله على كل ورقة مع اقراره بمطابقتها للاصل، وتقوم المحكمة بتبليغها للخصم،
2-لا تقبل عريضة الدعوى أذا لم ترفق بها المستندات والصور المنصوص عليها في الفقرة (1) من هذه المادة، إلا إذا كانت الدعوى من الدعاوى التي يجب إقامتها خلال مدة معينة، وكانت هذه المدة على وشك الانتهاء”.
3-لا يجوز تعيين يوم للنظر في الدعوى المشمولة باحكام الفقرة (2) من هذه المادة الا بعد تقديم المستندات والصور، وفي حالة عدم تقدمها خلال ثلاثة أشهر من تاريخ دفع الرسم تعتبر عريضة الدعوى مبطلة بحكم القانون“.
من هذا النص نجد ان القانون العراقي نص على احكام أشد صرامة من الحكم بالوقف الجزائي حيث رتب على عدم تقديم المستندات عند اقامة الدعوى امام القضاء حكماً يقضي بعدم قبول الدعوى اصلاً الا اذا كانت تتمتع بصفة معينة وهي وجوب اقامتها خلال مدة معينة وكانت هذه المدة على وشك الانتهاء “وذلك بغية الحفاظ على حقوق المدعي في هذه الدعوى وعدم حرمانه من اقامة الدعوى لصيانة تلك الحقوق. وفي الفقرة الثالثة قضت بعدم تعيين يوم للمرافعة في الدعوى اذا لم ترفق مع عريضتها نسخ منها ومن المستندات، واذا ما عُين يوم للترافع فعلى المحكمة من تلقاء نفسها دون تمسك الخصم صاحب المصلحة ان تقضي بانهاء الخصومة وابطال الدعوى جزاءً للمدعي المهمل لتخلفه عن تقديم المستندات والبطلان هنا يقع بقوة القانون وأن حكم المحكمة مقرر له وليس منشأ ويعود تاريخ البطلان الى تاريخ اقامة الدعوى. والقوانين التي اخذت بالوقف الجزائي أنطوت في احكامها على نوع من التراخي مع المدعي في حال عدم تقديم المستندات او القيام باجراء معين وذلك بفرض الغرامة او وقف الدعوى للمدة التي حددها القانون وفي حال انتهائها دون تنفيذ ما طلب منه تقضي باعتبار الدعوى كأن لم تكن في حين ان القانون العراقي ضمن احكام المادة (47) قطع الطريق على المدعي الذي اهمل في تنفيذ التزامه بتقديم المستندات وذلك بالحكم بابطال عريضة الدعوى دون منحه فرصة في فرض الغرامة او وقف الدعوى الى حين تنفيذ تلك الالتزامات.
واما فيما يخص اثر هذه الجزاءات فأن اثرها يسري بحق المدعين فقط ولا يمتد الى المدعى عليه واذا تعدد المدعين فالمحكمة تقرر عدم قبول الدعوى وابطال عريضتها بالنسبة للمدعي المهمل فقط والذي تخلف عن القيام بهذه الاجراءات الا اذا كان موضوع الخصومة لا يقبل التجزئة فعدم القبول والحكم بالبطلان للدعوى يسري عليهم جميعاً دون أستثناء، وفي حالة الوقف الجزائي فيما يتعلق بالتشريعات المقارنة …فاذا تعدد المدعون وأهمل بعضهم في تنفيذ ما أمرته به المحكمة دون الاخرين فمن الصعوبة بمكان الحكم بوقف السير في الدعوى بالنسبة للمدعي المهمل والمضي في اجراءاتها بالنسبة للباقين لما يترتب على ذلك من صعوبات من الناحية العملية ولهذا فأن المحكمة تقرر وقف السير في الدعوى ككل دون تجزئة الخصومة. اما عن الحكم باعتبار الدعوى كأن لم تكن اذا تعدد المدعون واهمل احدهم في تنفيذ ما امرته به المحكمة وانقضت مدة الوقف فعندئذ للمحكمة ان تقرر اعتبار الدعوى كأن لم تكن فقط بالنسبة للمدعي المهمل ومن ثم استئناف السير في الدعوى لباقي المدعين، وحيث ان القاعدة تقضي بأن الخصومة حالة قانونية تقبل التجزئة ما لم يكن موضوعها غير قابل للتجزئة بطبيعته او بحكم القانون. وقدمنا ان القانون اللبناني لم يأخذ بالوقف الجزائي الا انه الزم الخصم الذي يقدم لائحة او سنداً أو ورقة يبرزها في المحاكمة تبليغها الى الخصم الاخر وذلك عملاً بحق الدفاع العائد للخصوم وبمبدأ مناقشة المستندات والادلة التي تبرر للمحكمة، فاذا قدم المدعي او احد الخصمين لائحة وأرفقها بمستندات لم تبلغ الى الخصم الآخر، حق لهذا الخصم الاخير ان يدلي بدفع يتضمن طلب تبليغه هذه المستندات واذا كان احد الخصمين قد أبلغ الآخر بنسخة من سند، كان لهذا حق التشبث بابراز الاصل وعندما يدلي بالدفع، تتوقف المحكمة عن السير في الدعوى الى ان تبلغ المستندات المطلوبة(15).
ثانياً:-الوقف القضائي التعليقي:-
بعد ان عرضنا للنوع الاول من الوقف القضائي وهو الوقف الجزائي نأتي على تفصيل النوع الثاني وهو الوقف التعليقي وكلاهما كفتان لميزان واحد هو الوقف القضائي الذي لا يتحقق الا بناءً على حكم يصدر عن محكمة الموضوع ويبدأ من تاريخ صدور الحكم ولاسباب معينة حددها القانون وللمحكمة في كلا النوعين سلطة تقديرية في الحكم بالوقف او عدم الحكم به. والوقف التعليقـي نص عليه قانون المرافعات المدنية العراقي في المادة (83) منه بقولها “اذا رأت المحكمة ان الحكم يتوقف على الفصل في موضوع آخر قررت ايقاف المرافعة واعتبار الدعوى مستأخرة حتى يتم الفصل في ذلك الموضـوع وعندئذ تستأنف المحكمة السير في الدعوى من النقطة التي وقفت عندها ويجوز الطعـن بهذا القـرار بطريـق التمييز. 2- اذا استمر وقف الدعوى بفعل المدعي او امتناعه مدة ستة أشهر تبطل عريضة الدعوى بحكم القانون“.
ونصت المادة (129) مرافعات مصري على أنه “للمحكمة ان تأمر بوقف الخصومة كلما رأت تعليق حكمها في موضوعها على الفصل في مسألة اخرى يتوقف عليها الحكم، على ان تستأنف الدعوى سيرها فور حسم النزاع في هذه المسألة“. ونصت م (248) من قانون المرافعات الليبي على هذا الوقف بقولها “في غير الاحوال التي نص عليها القانون على وقف الدعوى وجوباً او جوازاً يكون للمحكمة ان تأمر بوقفها كلما رأت تعليق حكمها في موضوعها على الفصل في مسألة اخرى يتوقف عليها الحكم، وبمجرد زوال سبب الوقف تستأنف الدعوى بقوة القانون سيرها من النقطة التي وقفت عندها، ويقوم قلم الكتاب بتعجيلها اذا أقتضى الحال“، وورد الوقف التعليقي في القانون الكويتي ضمن احكام المادة (143) منه حيث جاء فيها “للمحكمة ان تأمر بوقف الدعوى كلما رأت تعليق الحكم في موضوعها على الفصل في مسألة اخرى يتوقف عليها الحكم في الدعوى“. واخذ القانون اللبناني في احكامه بالوقف التعليقي وذلك اذا حدث اثناء نظر الدعوى ان يبدي احد الخصوم دفعاً لا تختص به المحكمة المعروض عليها النزاع اختصاصاً متعلقاً بالوظيفة او اختصاصاً نوعياً ويكون الفصل في ذلك الدفع أمراً لازماً حتى تتمكن المحكمة من الحكم في الدعوى والقانون الجزائري لم يرد فيه نص يتضمن الحكم بالوقف التعليقي كقاعدة عامة ويرجع ذلك مباشرة الى وحدة النظام القضائي الجزائري واعتباره جهة واحدة، والنظام الجزائري لا يعترف بتعدد الاختصاص الولائي لجهات قضائية مختلفة، لذا فان اية وحدة قضائية تختص بالفصل في اية مسألة فرعية تعرض في النزاع الذي تنظره، من ثم لا يقوم داع لوقف الخصومة الاصلية انتظاراً للفصل في المسألة الاولية (الفرعية) من جهة قضائية اخرى، وان الامر بوقف الاجراءات هو سلطة للقاضي يستعملها كلما كان من الملائم وقف اجراءات خصومة معينة في انتظار انجلاء موقف معين او الفصل في خصومة اخرى وعليه فأن هذا الوقف يجد له صورة في التشريع الجزائري تطبيقاً لقاعدة الجنائي يوقف المدني ضمن احكام نص المادة (165) اجراءات مدنية التي تقرر أنه اذا رفعت الدعوى العارضة بالتزوير بصورة مستقلة واصلية امام القضاء الجنائي (عن مستند مقدم في دعوى مدنية) فأنه يوقف الفصل في الدعوى المدنية الى حين صدور حكم في دعوى التزوير”(16). ونص القانون السوري في المادة (164) منه على ان “ في غير الاحوال التي نص عليها القانون على وقف الدعوى وجوباً او جوازاً يكون للمحكمة ان تقرر وقفها كما رأت تعليق حكمها في موضوعها على الفصل في مسألة اخرى يتوقف عليها الحكم“.
اذاً الوقف التعليقي يتقرر عندما تكون الدعوى محلاً للنظر في موضوعها من قبل القضاء والفصل فيها لكن يعترض هذا السير مسألة فرعية او اولية بحيث يتوقف الحكم في الدعوى الاصلية على الفصل فيها، أي بمعنى ان الحكم في النزاع الاصلي يكون متوقفاً على الحكم في المسألة الاولية، ويشترط في هذا الوقف ان يكون الفصل في المسالة الاولية خارجاً عن الاختصاص الوظيفي او النوعي للمحكمة المختصة بالفصل في الدعوى الاصلية ويستوجب من المحكمة الفصل في هذه المسألة وذلك بغية التمهيد للحكم في الدعوى الاصلية، وعليه اذا كانت المسألة الاولية تختص محكمة الدعوى الاصلية بالنظر في موضوعها والبت فيها ففي هذه الحالة لا تقرر وقف الدعوى الاصلية الى حين البت في تلك المسألة وأنما تقضي فيها مع قضائها في الدعوى الاصلية مثال ذلك ان ترفع دعوى بصحة ونفاذ عقد فيتدخل خصم فيها طالباً رفضها استناداً الى ملكيته للعقار محل الدعوى، فحينئذ يكون طلب المتدخل مسألة اولية يجب على المحكمة الفصل فيها اولاً وعلى هدى هذا القضاء يكون قضاؤها في الدعوى، فأن خلصت الى ان المتدخل هو المالك قضت برفض الدعوى اما ان خلصت الى انه غير مالك قضت بصحة ونفاذ العقد. اذ تلتزم المحكمة بتصفية كل نزاع يطرح في الدعوى، فأن كان مما تختص به فصلت فيه اما ان لم يكن كذلك قررت وقف الدعوى حتى يتم تصفيته من المحكمة المختصة اولاً(17).
ومع اشتراط ان يكون الفصل في المسألة الاولية خارجاً عن الاختصاص الوظيفي او النوعي لمحكمة الدعوى الاصلية وبخلافه فليس لها ان تقرر وقف الدعوى الاصلية وانما تفصل في المسألة الاولية ومن ثم على ضوء قضائها في هذه المسألة تصدر حكمها في الدعوى الاصلية دون ان تقرر وقف السير فيها. ومع ذلك نجد ان القضاء العراقي يقضي بجعل الدعوى الاصلية مستأخرة وذلك الى حين الفصل في المسألة الاولية التي اثيرت من قبل احد اطرافها حتى لو كان الفصل في المسألة الاولية من اختصاص ذات المحكمة فتقرر عندئذ وقف الدعوى الاصلية الى حين البت في موضوع تلك المسألة ومثال ذلك اذا ما أقامت زوجة المتوفى دعوى تصحيح القسام الشرعي والمسألة الارثية لدى محكمة الاحوال الشخصية كونها احد ورثة المتوفى ولم تدرج ضمن ورثته في القسام الشرعي وطعن احد الورثة الاخرين او جميعهم بعدم بقائها على ذمة مورثهم حين الوفاة بسبب انفصام عرى الزوجية بواقعة طلاقها من مورثهم حال حياته- واقاموا دعوى اثبات الطلاق امام ذات المحكمة، فليس لقاضي دعوى تصحيح القسام الشرعي (الدعوى الاصلية) البت والفصل فيها وعليه ان يصدر قراره بوقف سير المرافعة في تلك الدعوى الى حين الفصل في دعوى اثبات واقعة الطلاق حيث تعتبر مسألة أولية يتوقف الفصل في دعوى تصحيح القسام الشرعي على الفصل في موضوعها. وهناك من يذهب الى القول بأن المسألة الأولية إذا لم تكن خارجة عن اختصاص محكمة النزاع الاصلي فليس لهذه ان تقرر وقف الدعوى الى حين البت في موضوعها ويجب عليها ان تفصل فيها باعتبار ان قاضي الاصل هو قاضي الفرع وانه متى كان مختصاً بدعوى معينة فانه يكون مختصاً بكل ما يتفرع عنها، ولا يحتاج في ذلك الى وقف السير في الدعوى المرفوعة اليه اصلاً، وغاية ما هناك انه يتوقف عن الفصل فيها الى ان تصفى تلك المسألة الفرعية اولاً وقد يقضي فيهما بحكم واحد(18). وان كون هذه المسألة من اختصاص المحكمة التي تبت في النزاع الاصلي وجب عليها ان تبت فيها اولاً باعتبارها من وسائل الدفاع التي يعتبر تحقيقها والفصل فيها من اجراءات الخصومة نفسها فلا يتحقق الوقف(19). وقد استقر القضاء في العراق على انه في الاحوال التي يدعي فيها احد الخصوم بتزوير ورقة مقدمة الى المحكمة او انكار الامضاء عليها او بصمة الابهام يكون لقاضي الموضوع الخيار بين اتخاذ الاجراءات القانونية بالتحقيق في صحة الورقة والامضاء او البصمة من قبله مباشرة’، والبت في صحة الادعاء والتوصل الى حُكم في هذه المسألة الفرعية. واما ان يكون لقاضي الموضوع الخيار في احالة الورقة موضوع الانكار وشبهة التزوير الى المحاكم الجزائية المختصة وانتظار صدور قرار نهائي بشأن صحتها ومن ثم يفصل في دعوى النزاع الاصلي، وفق قرار الحكم الصادر من المحكمة الجزائية المختصة.
وفي الحالة الاولى لا يؤدي قرار القاضي المختص الى وقف السير في الدعوى، ويكون هناك مجرد تعطيل للبت في الدعوى الاصلية دون توقف لها. وفي الحالة الثانية يترتب على اجراء القاضي المختص توقف المرافعة وبطلان اية اجراءات يتخذها خلال مدة الوقف(20). اذاً فقاضي محكمة النزاع الاصلي عندما يتخذ القرار بالتحقيق في صحة الادعاء بتزوير الورقة المبرزة في الدعوى او الامضاء او بصمة الابهام لا يحتاج الى قرار بوقف الدعوى وجعلها مستأخرة (على حد تعبير القانون العراقي) لان البت في هذه المسألة يعتبر من عناصر حسم الدعوى الاصلية والفصل في موضوعها، ولا يجوز لمحكمة الموضوع ان تأمر بوقف الدعوى باستثناء حالة احالة الطرفين الى القضاء الجنائي للفصل في التزوير اذا كان من الممكن ان يؤخذ الحكم في المسألة الاولية من عناصر الدعوى نفسها لان عليها ان تعرض لتصفية كل نزاع يقوم على أي عنصر من عناصر الدعوى بتوقف الحكم فيها على الفصل فيه. وقضت محكمة التمييز بأنه “لا يصح جعل الدعوى مستأخرة لحين أبراز مستنداتها وأنما يتعين على المحكمة ان تكلف المدعي بابرازها وتمهله مدة مناسبة لذلك والا قضت بابطال عريضة الدعوى وفقاً للمادة (50) من قانون المرافعات المدنية” رقم (894) والمؤرخ في 19/4/1986(21).
والقوانين التي اشترطت لتحقيق هذا الوقف ان يكون موضوع المسألة الاولية خارجاً عن الاختصاص الوظيفي او النوعي لمحكمة موضوع النزاع الاصلي، فالرأي عندهم ان البت في المسألة الاولية اذا كان من اختصاص محكمة النزاع الاصلي نوعياً او وظيفياً يكون لذات المحكمة الحق في الفصل فيها باعتبار ان هذه المسألة الاولية هي من دفوع الخصومة الاصلية نفسها فلا يتحقق الوقف. ويذهب رأي الى القول بأن المحكمة تجمع بين الخصومتين وتبت فيهما في آنٍ واحد كما لو كان ذلك نوعاً من انواع توحيد الخصومة للارتباط، ولكن خروج هذه الخصومة (أي المسألة الاولية) عن الاختصاص النوعي او الوظيفي لمحكمة الدعوى الاصلية فيجب عندئذ ان تقرر وقف سير هذه الخصومة، فالمسألة الاولية قد تعرض في صورة دعوى تقريرية يجب ان تُنظر في خصومة اخرى غير الخصومة الاصلية، ويحدث هذا اذا كانت الدعوى التقريرية التي تتعلق بالمسألة الاولية تخرج من اختصاص الغرفة البدائية والدعوى الاصلية تنظر من قبل القاضي المنفرد او كانت دعوى المسألة الاولية تخرج من ولاية القضاء المدني لتدخل في ولاية القضاء الجزائي او الاداري او قضاء الاحوال الشخصية فعندئذ يجب على المحكمة ان تأمر بوقف الدعوى الاصلية الى حين الفصل في المسألة الاولية من قبل المحكمة المختصة(22). ويخرج عن ذلك الفصل في الدعوى الحادثة حيث يكون لمحكمة الموضوع ذات الاختصاص بنظر الدعوى الاصلية ان تفصل في الدعوى الحادثة سواءً اقيمت من قبل المدعي وتعتبر دعوى منضمة او اقيمت من قبل المدعى عليه وتعتبر دعوى متقابلة واستناداً لاحكام المادة (72) من قانون المرافعات العراقي فأن المحكمة التي تختص بنظر الدعوى الاصلية تفصل في الدعوى الحادثة الاّ اذا كانت تخرج عن اختصاصها واذا تعذر على المحكمة الحكم في الدعويين معاً وكان الحكم في الدعوى الاصلية متوقفاً على الحكم والفصل في الدعوى الحادثة فلا تقرر المحكمة وقف الدعوى الاصلية الى حين الفصل في الدعوى الحادثة فنص هذه المادة يتضمن حكماً صريحاً بالفصل في الدعوى الحادثة اولاً ومن ثم الفصل في الدعوى الاصلية. وان الوقف التعليقي مشروط بشرط اساسي الا وهو ان يكون الفصل في المسالة الاولية لازماً وضرورياً للفصل في الدعوى الاصلية ولا غنى عنه وان يكون حتمياً والفصل في الدعوى الاصلية متوقف على الفصل في المسألة الاولية. اذاً يقتضي الفصل في موضوع الدفع بحثاً للقواعد القانونية او تفسيراً او تأويلاً لها أي بمعنى ان يكون هذا الدفع في شكل دعوى تتمتع بكافة شروط الدعوى وتقتضي الفصل من القاضي ايضاً التحقيق والبحث القانوني بغية كشف الحقائق والبت والفصل فيها اذا الامر لا يعزو ان يكون مجرد دفع شكلي او موضوعي بل يتعداه الى ان يكون دعوى متكاملة بكل جوانبها القانونية(23).
وعلى ذلك اذا لم يكن الفصل في المسألة الاولية ضرورياً ولازماً للبت في موضوع النزاع الاصلي وبحيث يمكن تصفية وحسم هذه الدعوى دون ان يكون متوقفاً الحكم فيها على الحكم في المسألة الاولية فالمحكمة عندئذ تستمر في نظر الدعوى والبت في موضوعها دون ان تقرر الوقف، وبهذا الصدد قضت محكمة التمييز “بأن قرار محكمة الاستئناف بجعل الدعوى مستأخرة غير صحيح ومخالف لحكم القانون، وجاء في حيثيات الدعوى ادعى وكيل المدعي بأن سبق وان اصدرت المحكمة الخاصة على موكله الحكم بالسجن المؤبد ومصادرة امواله المنقولة وغير المنقولة وتم حجز مستحقاته لدى المدعى عليه الثاني (وزير الدفاع/اضافة لوظيفته) او البالغة (اثنان وعشرون مليون وخمسون الف دينار) ولشمول موكله بالعفو رقم (225) لسنة 2002 في 20/10/2002 طلب دعوة المدعى عليهما اضافة لوظيفتهما للمرافعة والحكم برفع الحجز والمصادرة عن الاموال المنقولة وغير المنقولة العائدة لموكله من المدعى عليه الاول والزام المدعى عليه الثاني اضافة لوظيفته بتسليم المبلغ المستحق له اعلاه الى موكله واصدرت محكمة الموضوع حكماً غيابياً بحق المدعى عليه الاول يقضي اولاً برفع الحجز عن الاموال المنقولة وغير المنقولة العائدة للمدعي وثانياً الزام المدعى عليه الثاني اضافة لوظيفته بتسليم المدعي المبلغ المستحق والبالغ (اثنان وعشرون مليون وخمسون الف دينار) عن عقد الاعاشة، واصدرت المحكمة ذاتها قراراً يقضي برد الاعتراض وتأييد الحكم الغيابي وعند عدم قناعة المدعى عليه الثاني اضافة لوظيفته بالحكم المذكور طعن به استئنافاً، اصدرت محكمة استئناف بغداد/الرصافة حكماً يقضي بفسخ الحكم البدائي المستأنف تعديلاً بـرد الدعوى بالنسبة للمدعى عليه الاول اضافة لوظيفته من جهة الخصومة ولعدم قناعة المدعي بالحكم المذكور طعن به تمييزاً قررت محكمة التمييز نقض الحكم المميز. ومن ثم قررت محكمة الاستئناف اعتبار الدعوى مستأخرة ولعدم قناعة وكيل المميز (المستأنف عليه) بالقرار المذكور طعن به تمييزاً. قررت محكمة التمييز لدى التدقيق والمداولة وبالرجوع الى القرار المتخذ من قبل محكمة الاستئناف المؤرخ في 25/10/2004 بأستئخار هذه الدعوى فقد وجد ان المحكمة أستندت في قرارها المطعون فيه الى كتاب الامانة العامة لمجلس الوزراء المرقم ق/6/1/55/1683 والمؤرخ في 17/8/2004 وهذا التوجه من المحكمة غير صحيح لان مجلس الوزراء ليس طرفاً في هذه الدعوى وحيث ان سلطة الائتلاف المؤقتة اصدرت الامر رقم 2 القسم الثاني فقرة (2) والمؤرخ في 23/5/2003 والذي علق جميع الالتزامات المالية الخاصة بالكيانات المنحلة وان ملحق أمر سلطة الائتلاف المؤقتة رقم (2) قد اعتبر وزارة الدفاع من الكيانات المنحلة عليه قرر تصديق القرار المميز من حيث النتيجة ورد الطعن التمييزي وصدر القرار بالاتفاق“(24).
وقضت محكمة النقض المصرية بأن “مناط الحكم بوقف السير في الدعوى طبقاً للمادتين 16 من قانون السلطة القضائية رقم 46 لسنة 1972، 129 من قانون المرافعات عند اثارة احد الخصوم دفعاً لازماً للفصل في الدعوى ان تكون هذه المسألة التي يثيرها الدفع خارجة عن اختصاص المحكمة المتعلق بالوظيفة او بالاختصاص النوعي والا تعين عليها الفصل فيها“(25). والوقف التعليقي يكون وجوبياً او جوازياً، واذا كان الوقف وجوبياً أي نص عليه حكم القانون لا يكون للمحكمة أي دور او سلطة تقديرية للحكم به او عدم الحكم حيث يكون لزاماً عليها في حالات الوقف الوجوبي ان تقضي به. النص في القانون العراقي في حكم المادة (83) لم ترد عبارة (وجوباً او جوازاً) كما وردت في نصوص القوانين المقارنة ولكن هذا لا يمنع من ان هناك وقفاً وجوبياً نص عليه القانون العراقي وذلك تطبيقاً لقاعدة “الجنائي بوقف المدني” فقد نصت المادة (6) من قانون اصول المحاكمات الجزائية رقم 23 لسنة 1971 على انه “على المحكمة المدنية وقف الفصل في الدعوى حتى يكتسب القرار الصادر في الدعوى الجزائية المقامة بشأن الفعل الذي أسست عليه الدعوى المدنية درجة البتات وللمحكمة المدنية ان تقرر ما تراه من الاجراءات الاحتياطية المستعجلة“.
ونصت المادة (27) من القانون المذكور على انه اذا أوقف الفصل في الدعوى المدنية وفقاً للمادة (26) ثم انقضت الدعوى الجزائية وجب على المحكمة المدنية السير في الدعوى والفصل فيها”. وورد الحكم بالوقف في هذه الحالة في نص المادة (170) من قانون الاثبات رقم 107 لسنة 1979 بقولها “لا يرتبط القاضي المدني بالحكم الجزائي الا في الوقائع التي فصل فيها الحكم وكان فصله فيها ضرورياً“. المادة (456) من قانون الاجراءات الجنائية المصري جاء فيها “يكون للحكم الجنائي الصادر من المحكمة الجنائية في موضوع الدعوى الجنائية بالبراءة او الادانة قوة الشيء المحكوم فيه امام المحاكم المدنية” ونصت م (265) من القانون المذكور على انه “اذا رفعت الدعوى المدنية يجب وقف الفصل فيها حتى يحكم نهائياً في الدعوى الجنائية المقامة قبل رفعها او اثناء السير فيها” ونصت م (450/3) من قانون اصول المحاكمات المدنية اللبناني على ان “نسبية القضية تحتمل الاستثناءات التالية، 3- فيما يختص بالقرارات الصادرة عن محكمة جزائية بالفقرة الحكمية الجزائية لا يجوز ان يناقضها حكم مدني او تجاري“. فقد تسبب الجريمة ضرراً للغير فينشأ عنها دعويان، دعوى جنائية لتوقيع العقاب ودعوى مدنية للمطالبة بالتعويض عن الضرر، فاذا ثبتت مسؤولية فاعل الجريمة جنائياً بموجب الحكم الصادر من محكمة الجزاء وطالب المتضرر بتعويض الضرر امام المحكمة المدنية فليس للقاضي المدني ان يناقش موضوع مسؤولية الفاعل لان هذه الواقعة تبت فيها محكمة الجزاء ولان المسؤولية المدنية تكون تابعة للمسؤولية الجزائية التي فصلت فيها محكمة الجزاء ضمن اختصاصها وكان فصلها فيها ضرورياً(26).
ولم يرد في القانون الفرنسي نص صريح يقضي بقاعدة “الجنائي بوقف المدني” فرأى البعض اسنادها الى احكام المادة (3) من قانون التحقيق الجنائي التي تفرض على القاضي المدني ان يتوقف عن السير في الدعوى المرفوعة اليه الى ان يفصل القاضي الجزائي في الدعوى العامة، ولكن الاجتهاد وغالبية الفقهاء رأوا ان الاتصال بين هذا النص وبين القاعدة ضعيف، فأسندوا القاعدة عندئذ الى فكرة اعتلاء القضاء الجزائي على القضاء المدني أخذين باعتبارات تتعلق بالنظام العام وان القضاء الجزائي يصدر احكامه في سبيل مصلحة عامة اجتماعية متوخياً اقرار الامن والسلام عن كل فعل او حركة تخل به فلابد للقضاء المدني ان يتقيد بهذه الاحكام لاسيما وانه يقتصر على الفصل في منازعات فردية(27). وان القاضي المدني لا يكون ملزماً بوقف السير في الدعوى المدنية الا اذا كانت هناك وقائع مشتركة بين الدعويين المدنية والجنائية. وان الدعوى المدنية التي تتقيد بالحكم الجنائي وبالتالي يجب وقف السير فيها الى حين الحكم نهائياً في الدعوى الجنائية يجب ان يفهم المعنى الواسع، فتشمل كافة الدعاوى غير الجنائية ويستوي في ذلك ان يكون موضوعها مسألة من مسائل القانون المدني او التجاري او قانون الاحوال الشخصية او القانون الاداري فالدعوى المرفوعة امام القضاء الاداري يجب وقف السير فيها حتى يتم الفصل نهائياً في الدعوى الجنائية وذلك لان الحكم الجنائي يحوز حجية الامر المقضي فيه امام القضاء الاداري وبالتالي فمن الطبيعي وقف الدعوى الادارية الى حين الحكم نهائياً في الدعوى الجنائية وبالتالي يكون لزاماً على القاضي المدني ان ينتظر حتى يتم الفصل نهائياً في الدعوى الجنائية(28). واذا قضي ببراءة المتهم لعدم ثبوت الواقعة ورفض الدعوى المدنية (امام المحكمة الجنائية) قبله فليس محتماً عليها ذكر اسباب الرفض بل التبرئة تغني عن ذكر اسباب خاصة نقض مصري(29).
وقضت محكمة النقض المصرية بأن “وقف السير في الدعوى المدنية لحين صدور حكم نهائي في الدعوى الجنائية المقامة قبل او اثناء السير في الدعوى المدنية متى كانت الدعويان ناشئتين عن فعل واحد، وتعلق هذه القاعدة بالنظام العام” طعن رقم 4746 في 7/6/1992(30). ايضاً قضت محكمة النقض المصرية بأن “الحكم المطعون فيه ان التفت عن طلب الطاعن وقف الدعوى حتى يفصل في الجنحة المقامة من قبله ضد المشكو منه لا يكون قد اخطأ في تطبيق القانون او في فهم الواقع في الدعوى” وجاء في حيثيات القرار المذكور فأن نص المادة 265 من قانون الاجراءات الجنائية، يدل على مبدأ تقيد القاضي المدني بالحكم الجنائي في الموضوع المشترك بين الدعويين وهو وقوع الجريمة ونسبتها الى فاعلها وفق المادة (456) من القانون المذكور وم (102) من قانون الاثبات، يستلزم ان يكون الفعل المكون للجريمة سابقاً في وقوعه على رفع الدعوى المدنية اذ لا يتأتى ان يكون أساساً مشتركاً بين الدعوييـن اذا كان لاحقـاً على رفـع هذه الدعـوى وكان الثابت في الدعوى انها اقيمت من المطعـون ضـده، في 21/4/1982 بطلب اثبات العلاقة الايجارية بينه وبين الطاعن عن محل النزاع، وكانت الجنحة قد أقيمت على المطعون ضده بتاريخ لاحق على التأريخ المذكور لان المطعون ضده دخل في يوم 5/6/1982 عملاً لحفظ المال – محل النزاع – ولم يخرج منه بناء على تكليفه بذلك ممن لهم الحق في ذلك، وكان هذا الفعل الجنائي المنسوب اليه لاحقاً في وقوعه على رفع الدعوى المطعون في حكمها ومن ثم لا يعتبر اساساً مشتركاً بين الدعوى الجنائية المقامة ضده وبين الدعوى المدنية التي رفعت من قبله حتى يتوجب وقف هذه الدعوى الاخيرة وكان الفصل في طلب اثبات العلاقة الايجارية في الدعوى المطروحة على المحكمة المدنية هو مما تختص بالفصل فيه”. ايضاً يعتبر وقفاً وجوبياً وفق احكام القانون المدني المصري ما نصت عليه المادة (838) من ان المحكمة الجزئية تفصل في المنازعات التي تتعلق بتكوين الحصص وفي كل المنازعات الاخرى التي تدخل في اختصاصها عند نظرها دعوى القسمة، فأذا قامت دعوى لا تدخل في اختصاصها كان عليها ان تحيل الخصوم الى المحكمة الابتدائية وأن تعين لهم الجلسة التي يحضرون فيها وتوقف دعوى القسمة حتى يفصل نهائياً في تلك المنازعات(31).
اما القرارات التأديبية الصادرة عن الهيئات المختصة لا تتمتع باية حجية لدى القضاء المدني، لان الموضوع الذي تتناوله يتعلق بالمهنة دون الحقوق والواجبات التي يرتكز عليها التعامل العادي بين الناس، وقد تأخذ المحكمة بالقرارات التأديبي على سبيل الاستئناس، كما لو صدر قرار تأديبي بحق الكاتب العدل لمخالفته واجباته المهنية بتنظيمه عقداً له مصلحة فيه مثلاً فلا تكون لهذا القرار حجية على الدعوى المدنية الرامية الى ابطال العقد المنظم من قبله(32). ايضاً تنص المادة الرابعة من قانون المحكمة العليا رقم 8 لسنة 1969 المصري على ان “تختص المحكمة العليا بالفصل دون غيرها في دستورية القوانين اذا ما دفع بعدم دستورية قانون امام المحاكم وتحدد المحكمة التي اثير امامها الدفع ميعاداً للخصوم لرفع الدعوى بذلك امام المحكمة العليا ويوقف الفصل في الدعوى الاصلية حتى تفصل المحكمة العليا في الدفع، فاذا لم ترفع الدعوى في الميعاد اعتبر الدفع كأن لم يكن” وفي هذه الحالة يكون الوقف اذا ما اقيمت الدعوى امام المحكمة العليا بعدم دستورية قانون معين عند النظر في النزاع امام المحاكم المختصة بالفصل في الدعوى الاصلية وقفاً تعليقياً وجوبياً ولكن لا يتحقق هذا الوقف الا اذا أقيمت الدعوى حقيقة امام المحكمة العليا خلال الميعاد الذي حددته محكمة النزاع الاصلي والا اعتبر الدفع كأن لم يكن(33). وايضاً تقرر المحكمة وقف السير في الدعوى اذا طرأت عليها حوادث او اوضاع يقتضي فيها ذلك حتى ينتهي الحادث او الوضع الطارىء بالفصل فيه، كما لو رفعت دعوى تنصل عن عمل متعلق بخصومة قائمة، في هذه الحالة يجوز للمحكمة وقف الدعوى الاصلية اذا رأت تعليق حكمها في الدعوى على الفصل في طلب التنصل(34). وبهذا الصدد قضت محكمة التمييز بأن “لدى التدقيق والمداولة وجد ان الحكم المييز غير صحيح ومخالف لاحكام القانون ذلك ان محكمة الاستئناف قد حسمت الدعوى قبل استكمال التحقيقات اللازمة فيها، وذلك ان وكيل المميز عليها (المدعى عليها) دفع بشراء موكلته الشقة موضوعة الدعوى من المدعي (المميز) وسكنت الشقة واقامت الدعويين المرقمتين 2812/ب/1997 و 1299/ب/1999 بطلب تمليكها الشقة استناداً الى قرار مجلس قيادة الثورة المنحل المرقم 1198 لسنة 1977 المعدل وقد لاقت صعوبات في التبليغ فلجأت الى مجلس قيادة الثورة المنحل وأستصدرت منه القرار المرقم 21 لسنة 1999 بتمليكها الشقة ولوحظ في اضبارة التسجيل العقاري للشقة موضوعة الدعوى، بيع المميز عليها الشقة الى المدعوة (أ.ع) وتسجيلها بأسم المشترية في السجل مما يقتضي تكليف وكيل المميز بطلب ادخال المالكة الحالية للشقة شخصاً ثالثاً في الدعوى الى جانب المدعى عليها للنظر في الدعوى بمواجهتها ثم ملاحظة اذا كانت الدعوى مشمولة باحكام الفقرة (5) من المادة (8) من قانون تأسيس الهيئة العليا المختصة بحل منازعات الملكية العقارية وتكليف المدعية بمراجعتها بشأن موضوع الدعوى وتقديم المستندات وايضاً تقديم استشهاد يؤيد المراجعة ثم ايقاف المرافعة واعتبار الدعوى مستأخرة الى نتيجتها م (83/1) وصدر القرار بالاتفاق بنقض القرار المميز“.(35).
فالوقف التعليقي يكون جوازياً وللمحكمة سلطة تقديرية في الحكم به او الاستمرار في نظر الدعوى الاصلية اذا تبين لها ان الحكم في الدعوى الاصلية لا يتوقف على البت في المسألة الاولية وايضاً يكون لها التثبيت من مدى جدية النزاع بشأن المسألة الاولية واذا ما كان الغرض من الادعاء به هو مجرد النكاية والكيد بقصد اطالة امد النزاع امام القضاء ودون ان يكون مبنياً على حقائق قانونية تقتضي الفصل فيها قضائياً ولها ان تقرر عدم وقف السير في الدعوى الاصلية حفاظاً على حقوق الخصم الاخر في الدعوى الاصلية ومنعاً لعرقلة حسن سير العدالة متى ظهر لها عدم جدية هذا النزاع وبصدد هذا الموضوع جاء في حيثيات قرار حكم صادر عن محكمة التمييز “ان محكمة بداءة الكرادة قررت رفض طلب وكيل المدعى عليه باستئخار دعوى المدعي التي تنص على المطالبة بالتعويض عن فرق البدلين للنكول عن تسجيل العقار بأسم المشتري ولعدم قناعة المذكور بالقرار طلب بعريضته التمييزية المؤرخة في 7/8/2002 نقضه للاسباب الواردة فيها. قررت محكمة التمييز “قبول الطعن التمييزي شكلاً ولدى التدقيق وجدت ان الحكم صحيح وموافق للقانون ذلك لان الفصل في دعوى المطالبة بالتعويض عن فرق البدلين للعقار وفق قرار مجلس قيادة الثورة المرقم 1198 لسنة 1977 لا يتوقف على الفصل في دعوى المطالبة ببدل بيع العقار وبذلك فأن الطعون التمييزية غير واردة ولا سند لها من القانون قرر تصديق القرار المميز وصدر القرار بالاتفاق في 27/8/2002(36).
وقضت محكمة النقض المصرية بأن “المقرر في قضاء هذه المحكمة ان وقف الدعوى طبقاً للمادة 129 من قانون المرافعات هو أمر جوازي للمحكمة حسبما تستبينه من جدية النزاع في المسألة الاولية الخارجة عن اختصاصها وان سلطة المحكمة التقديرية يقف عند حد لزوم الفصل في المسألة الاولية قبل الفصل في الدعوى وهي لا تأمر بالوقف الا اذا قررت وجود ارتباط بين هذه المسألة والدعوى التي تنظرها وهذا منها ويعتبر مسألة قانونية تخضع لرقابة محكمة النقض وكان على المحكمة ان تعرض لتصفية كل نزاع يدخل في اختصاصها يقوم على عنصر من عناصر الدعوى ويتوقف الحكم فيها على الفصل فيه وليس لها ان توقف الفصل بالدعوى حتى يفصل في ذلك في دعوى اخرى سواء كانت تلك الدعوى رفعت بالفعل ام لم ترفع بعد(37). اما عن طبيعة الحكم الذي يقضي بالوقف التعليقي فهو حكم قطعي وهذا ما جاء في الاسباب الموجبة للقانون العراقي النافذ حيث ورد فيها “ان القرار الذي يعلق فيه امر البت في الدعوى على اجراء آخر ترى المحكمة ضرورة اتخاذه او استيفائه ووقف الفصل فيها لهذا السبب حتى يُتخذ هذا الاجراء او يتم يجعل حكم الوقف الصادر في هذا الشأن حكماً قطعياً(38). فيما تضمنه من عدم جواز الفصل في موضوع الدعوى قبل تنفيذ مقتضاه، وقررت محكمة النقض بأنه “أذا حكمت المحكمة بايقاف قضية لتقديم حكم مثبت للوراثة ثم حكمت باعادة القضية للايقاف بعد ان قدم لها حكم باعتبار انه مثبت للوراثة وقضت بانه لا يكفي لذلك، كانت هذه المحكمة ممنوعة من اعتبار الحكم الاول كافياً لاثبات الوراثة ما دام ان حكمها الذي قضت فيه باعادة القضية للايقاف وبعدم كفاية ذلك الحكم في اثبات الوراثة لم يطعن فيه بأي طريق من طرق الطعن في الاحكام، وان فعلت ذلك تكون قد خالفت القواعد الخاصة لحجية الشيء المحكوم به“. ضمن هذا الحكم يبدو ان محكمة النقض اعتبرت الحكم الصادر بالايقاف حكماً قطعياً يمكن ان يكتسب حجية الشيء المحكوم فيه، وقضت محكمة استئناف مصر بأن الحكم الصادر بالايقاف هو حكم قطعي يؤخر نظر الدعوى، وان هذا التأخير ان يضر بالمدعي يجعل له مصلحة في استئناف الحكم(39).
وقضت محكمة النقض المصرية بأن “تعليق الفصل في الدعوى حتى يفصل في مسألة اخرى ترى المحكمة ضرورة الفصل فيها والحكم بوقف الدعوى لهذا السبب يجعل حكم الوقف قطعياً لما تضمنه من عدم جواز الفصل في موضوع الدعوى قبـل تنفيـذ مقتضـاه ويعصـم الخصومة من السقوط المقـرر بنص م (134) من قانون المرافعات المصري رقم الطعن 32 في 6/3/1986(40).قضت محكمة النقض المصرية ايضاً بان “الحكم بوقف الدعوى الى حين الفصل في مسألة اخرى ترى المحكمة ضرورة الفصل فيها هو حكم قطعي اعتباره مانعاً من مباشرة خصومة الدعوى مؤداه وقف سريان تقادم الخصومة بمضي المدة حتى يتم تنفيذ فما قضى به، وما ورد في احكام م (140) من قانون المرافعات المصري هو تقـادم مسـقط ترد عليه اسباب الوقف والانقطاع والمادة (140) لا تعني ترتيب استثناء من احكام وقف التقادم، كما حكم بأن الحكم بوقف الدعوى الى حين الفصل في مسألة اخرى ترى المحكمة ضرورة الفصل فيها حكم قطعي اثره امتناع العودة لنظر الموضوع قبل ان يقدم لها الدليل على تنفيذ ما قضى به الحكم“(41).
وبصدد التساؤل عن مدى سلطة محكمة الموضوع المختصة بالفصل في الدعوى الاصلية باصدار القرار بوقف السير فيها الى حين حسم النزاع في المسألة الاولية ؟ ان لمحكمة الموضوع التي تختص بنظر الدعوى الاصلية سلطة تقديرية واسعة في الحكم بالوقف او عدم الحكم به، ولكن قرار المحكمة بالوقف او عدمه انما يخضع لرقابة محكمة التمييز وليس لها ان تقرر الوقف الا اذا وجدت ان هناك ارتباطاً وثيقاً بين الدعوى الاخرى والدعوى التي تنظرها على نحو يجعل الفصل في الدعوى الاولى مفترضاً ضرورياً للفصل في الثانية، وبغير هذا الارتباط لا نكون بصدد مسألة اولية بالمعنى الصحيح(42). ولهذا يعتبر مسألة قانونية تخضع لرقابة النقض وجوب عدم الوقف تطبيقاً لنص م (129) مرافعات مصري بغير تحقق هذا الارتباط(43). اذاً محكمة الموضوع لا تخضع لرقابة محكمة النقض في مصر ولا رقابة محكمة التمييز في العراق عندما تقرر الوقف الى حين الفصل في مسألة الاولية اذا كان الحكم مبنياً على اسباب قانونية ولكن بشرط تحقق ارتباط بين الدعويين الدعوى الاصلية ودعوى المسألة الاولية وبخلافه تعتبر المسألة قانونية تخضع لرقابة محكمة التمييز، وان محكمة الموضوع لا تخضع لرقابة محكمة التمييز بما تقضي في هذه الحالات وذلك أستناداً الى الدفوع والوقائع والمستندات التي تعرض عليها ولها ان تقدر فيما اذا كانت كافية للحكم بالوقف او عدم الحكم به حيث ان ذلك يعد من قبيل الوقائع التي يكون محكمة الموضوع ان تستقل بتقديرها، وان رقابة محكمة التمييز تقتصر على تطبيق القانون وليس لها أي رقابة على الوقائع فهي من اختصاص محكمة الموضوع فقط، وقضت محكمة النقض المصرية بهذا الصدد بالطعن رقم 754 في 5/11/1992 بأن “قرار الوقف التعليقي جوازي للمحكمة ومتروك لمطلق تقديرها والطعن في حكمها لعدم استعمالها هذه الرخصة لاسباب سائغة غير جائز“(44). القانون العراقي لم ينص على جواز الطعن بقرار المحكمة المختصة بنظر الدعوى الاصلية المتضمن رفض جعل الدعوى مستأخرة الى حين الفصل في دعوى المسألة الاولية على وجه الاستقلال ويكون الطعن به عند الطعن في الحكم الصادر في موضوع الدعوى في حين قضى صراحة بجواز الطعن بقرار المحكمة المتضمن جعل الدعوى مستأخرة الى حين الفصل في دعوى المسألة الاولية .
ويذهب قضاء محكمة النقض الفرنسية الى هذا الاتجاه ويقرر ان للقاضي مطلق الحرية، في تقدير ظروف الدعوى وفي الحكم بالوقف او عدم الحكم به ويقرر ان الحكم بالوقف لا يعدو ان يكون في الواقع حكماً انما هو عمل من اعمال الادارة القضائية، ولذا لا يلزم تسببه، كما لا يخضع لرقابة محكمة النقض على اعتبار ان فهم الواقع هو عمل منطقي من اختصاص محكمة الموضوع لا تراقبه محكمة النقض(45). ونص القانون على جواز الطعن في القرار القاضي بجعل الدعوى الاصلية مستأخرة الى حين الفصل في المسألة الاولية مع انها من القرارات التي لا تنتهي بها الخصومة والتي حظر المشرع الطعن بها فور صدورها وتصدر قبل الفصل في موضوع الدعوى فقد نصت المادة (170) مرافعات عراقي على ان “القرارات التي تصدر اثناء سير المرافعة ولا تنتهي بها الدعوى لا يجوز الطعن بها الا بعد صدور الحكم الحاسم للدعوى كلها عدا القرارات التي ابيح تمييزهـا استقلالاً”. والمادة (206) فقرة (6) من القانون المذكور نصت على ان “لا يجوز الطعن بطريق التمييز في القرارات الصادرة بوقف السير في الدعوى واعتبارها مستأخرة حتى يفصل في موضوع آخر..” واشارت الفقرة الثانية من ذات المادة على ان الطعن يكون امام محكمة الاستئناف بصفتها التميزية اذا كانت قد صدرت من محكمة البداءة ويكون الطعن لدى محكمة التمييز اذا كانت قد صدرت عن محكمة الاستئناف بصفتها الاستئنافية او محاكم الاحوال الشخصية او محاكم المواد الشخصية ويكون القرار الصادر نتيجة الطعن واجب الاتباع” وعلة جواز الطعن بالوقف هو انه لا سبيل لالزام المتضرر من الحكم بأن ينتظر حتى يزول السبب المعلق عليه الايقاف. خاصة إذا كان الفصل في النزاع المتعلق بالمسألة الأولية غير مؤثر من الناحية القانونية في حسم النزاع الأصلي والمشرع العراقي اخضع الطعن في هذه القرارات التي تصدر قبل الفصل في موضوع الدعوى الى نظام سريع وعلة ذلك ان مثل هذه الاحكام لا تمس موضوع الخصومة الاصلية ولا تؤدي الى الفصل في موضوع النزاع وبالنظر لما تقتضيها طبيعة هذه الاحكام من سرعة الفصل فيها بغية عدم تأخير النظر في موضوع الدعوى الاصلية، بقصد التيسير على المتقاضين في الاجراءات وجاء في الاسباب الموجبة لقانون المرافعات العراقي ان يكون الطعن في هذا القرار بطريق التمييز “أي جعل الدعوى مستأخرة لان صدور هذا القرار يعالج مسألة قانونية لا موضوعية فضلاً عما في ذلك من توفير في الوقت وتبسيط الاجراءات“.
اما عن مدة الوقف والفترة التي ينقضي بها، فالقانون العراقي وكذلك القوانين المقارنة لم تضع اجلاً محدداً لانتهاء هذا الوقف لا سيما ان فض النزاع في المسألة الاولية مرهون بالمحكمة التي تفصل في موضوعها والاجراءات التي تقررها في البحث والتأويل والتفسير للتوصل الى الحكم الذي يحسم موضوع النزاع فيها، ومع ذلك نص المشرع في المادة (83/2) “بإبطال عريضة الدعوى بحكم القانون اذا استمر الوقف لمدة ستة أشهر بفعل المدعي او امتناعه” وهذا النص يتحدث عن جزاء البطلان اذا أستمر الوقف بفعل المدعي وامتناعه ….، ولعل المشرع هدف من هذا الحكم ان يكون الخصم صاحب الدفع المتعلق بالمسألة الاولية جاداً في عرض النزاع على القضاء وبذل ما في وسعه للوصل الى الحكم النهائي فيه دون ان يكون قاصداً من اثارته مجرد الكيد للخصم الاخر وعرقلة حسم النزاع الاصلي. ولذا فأن المراجعة الدورية من الخصم صاحب المصلحة وهو في الغالب المدعي قبل انقضاء هذا الميعاد يحمي الدعوى من الحكم بأبطالها واسقاطها ومستنداً في ذلك الى ان النزاع في المسألة الاولية لا يزال معروضاً على القضاء ولم يحكم بعد في موضوعه ولا يمنع هذا من مراجعة المدعى عليه وطلبه تجديد الميعاد ولكن المدعي هو الاكثر حرصاً على هذه المراجعة الدورية لمنع الدعوى الاصلية من التعرض للسقوط مما يترتب على ذلك من خسارة في الوقت والجهد والمصاريف اذا لم يراع التجديد والمراجعة في ميعاده. والقانون المصري م (16) الفقرة (2) من قانون السلطة القضائية نص على انه “اذا قصر الخصم في استصدار حكم نهائي في الدفع في المدة المحددة كان للمحكمة، ان تفصل في الدعوى بحالتها“ والفقرة (1) من هذه المادة نصت على انه “اذا لم تكن الدعوى بالمسألة الاولية مرفوعة امام المحكمة المختصة قبل الحكم بالوقف وجب على المحكمة التي تنظر الدعوى الاصلية اذا حكمت بالوقف ان تحدد للخصم اجلاً لرفع الدعوى بالمسألة الاولية” وهذا النص يتضمن استثناءً من قاعدة قطعية الحكم بالوقف أي عدم جواز الفصل في الدعوى الاصلية قبل حسم النزاع هي المسالة الاولية وهو استثناء يجب عدم التوسع فيه فيقتصر على حالة تقصير الخصم في استصدار حكم نهائي في المسألة الاولية(46). ويثور التساؤل عن مدى جواز وقف الدعوى التي تتضمن قضاءً مستعجلاً الى حين الفصل في النزاع المتعلق بالمسألة الاولية، نلاحظ على العموم ان الوقف لا يتصور بطبيعة الحال في هذه الدعاوى حيث ان طبيعة هذه الدعاوى تتنافى مع الحكم بالوقف لما تتطلبة من سرعة الحسم في موضوعها، وان القضاء المدني المستعجل لا يتأثر بقاعدة “الجنائي بوقف المدني” فهذه القاعدة موجهة الى المحكمة المدنية الموضوعية ولا تقيدها في اختصاصها بل تنظم اجراءات سير الدعوى امامها، ومن ثم اذا ثبت ان القضاء المستعجل مختص بنظر المنازعة المتصلة بمسألة جنائية فأن هذا الاختصاص يستمر ولو تحركت الدعوى الجزائية امام المحكمة المختصة والمحكمة الجنائية(47). وقضت بذلك صراحة م (6) من قانون اصول المحاكمات الجزائية العراقي بقولها “للمحكمة ان تقرر ما تراه من الاجراءات الاحتياطية والمستعجلة” وذلك في حالة وقف الدعوى المدنية الى حين الفصل في الدعوى الجزائية بشأن الفعل الذي اسست عليه الدعوى المدنية تلك“.
اذاً الوقف ينتفي مع تحقق صفة الاستعجال وذلك خشية ضياع معالم الواقعة المراد تثبيتها او تلف الاموال المراد وضع الحجز عليها اذا كانت سريعة التلف او خشية وفاة الشهود او سفرهم خارج البلاد بالنظر للصبغة الخاصة لهذه الدعاوى وما تقتضيه من سرعة الحسم في موضوعاتها. الا ان ذلك لا يمنع من الوقف التعليقي في بعض الحالات الضرورية والتي لا يستطيع معها قاضي الامور المستعجلة-الفصل في الاجراء الوقتي المعروض امامه قبل تصفية مسالة اولية اخرى من الجهة صاحبة الاختصاص وتأسيساً على ذلك قضي بوقف السير مؤقتاً في الاستئناف المستعجل الى حين الفصل في الدعوى حول تنازع الاختصاص والمقامة امام المحكمة الدستورية العليا في مصر وتحديد أي من الحكمين المتناقضين هو الأولى بالتنفيذ ومنعاً لتضارب الاحكام وحسن سير العدالة يتعين وقف السير في الاستئناف مؤقتاً الى حين الفصل في تلك الدعوى المقامة امام المحكمة الدستورية العليا(48).
والقانون العراقي لم يتضمن نصاً صريحاً يقضي بمنح الخصم صاحب الدفع بالمسألة الاولية اجلاً محدداً لاقامة الدعوى به امام المحكمة المختصة، ولكن هذا لا يمنع من منح الخصم مثل هذه المهلة لاقامة الدعوى بالدفع المتعلق بالمسألة الاولية امام القضاء وذلك تحقيقاً لسير العدالة ولتفادي صدور احكام متناقضة لا توافق بينها في موضوع واحد او في دعويين كل منهما ذات ارتباط وثيق وصلة بالاخرى وقضت محكمة التمييز بان “كان على المحكمة فسح المجال امام المدعي ومنحه مدة مناسبة لاقامة الدعوى بما يدعيه (وهو طلاق والده المدعى عليه (المميز عليه) لوالدته المتوفاة (ن. أ) طلاقاً رجعياً وعدم اعادتها الى عصمته خلال فترة العدة وبذلك لا يكون وارثاً لها وطلب اخراجه من القسام الشرعي وتصحيح المسألة الارثية واستئخار هذه الدعوى المتضمنة طلب تصحيح القسام الشرعي الى حين صدور حكم بات في دعوى تصديق الطـلاق واستناداً لاحكام المادة (83) مرافعات“(49). وتقف الخصومة وقفاً تعليقياً في مرحلة التنفيذ حيث يتم وقف الاجراءات في التنفيذ وذلك عند اقامة دعوى الاستحقاق للمطالبة من قبل المدعي أمام المحكمة المختصة بتثبيت ملكية الاموال المنقولة او العقارية التي تم ايقاع الحجز عليها بعائديتها له وعدم منازعته في هذه الملكية ونصت المادة (245/2) مرافعات مدنية عراقي على ان “لمن يدعي عائدية الاموال التي صدر حكم بتصديق الحجز الاحتياطي عليها او من يدعي بأي حق فيها اقامة دعوى الاستحقاق لدى المحكمة المختصة أو الطعن بطريق اعتراض الغير على الفقرة الحكمية..” وان يكون للمدعي في هذه الحالة من المستندات والبيانات ما يكون كافياً من الناحية القانونية لاثبات الملكية والعائدية واثبات الحقوق ويكون لمحكمة الموضوع التي وقع النزاع امامها بحث اهمية هذه المستندات والبيانات في اثبات الحق المدعى به ويعد ذلك من قبيل المسألة الاولية التي يترتب على الحكم في موضوعها تعديل او الغاء الحكم الذي تم تنفيذه ويكون لمحكمة الموضوع اصدار قرارها بوقف التنفيذ الى حين حسم النزاع في هذه الدعوى والوقف لا يكون الا بقرار حكم قضائي يصدر عن هذه المحكمة.
ونص القانون المصري المادة (454) مرافعات على ان “يجوز طلب بطلان اجراءات التنفيذ مع طلب استحقاق العقار كله او بعضه وذلك بدعوى ترفع بالاوضاع العادية ويختصم فيها مباشر الاجراءات والمدين او الحائز واول الدائنين المقيدين“. ووفق المادة (67) من قانون التنفيذ العراقي اذا كانت المستندات التي يستند اليها من اقام دعوى الاستحقاق ثابتة التأريخ ووجد المنفذ العدل ما يؤيد ملكية المعترض للاموال التي تم حجزها فيصدر القرار بالغاء الحجز، اما اذا كانت هذه السندات غير ثابتة التاريخ فلا يجوز للمنفذ العدل ان يفصل في عائدية تلك الاموال ويكون الفصل في هذا الموضوع من قبل محاكم البداءة المختصة. واذا تبين ان الممانع في التنفيذ واضع اليد حقيقة على العقار بصفة مالك لا بصفة مستأجر او مزارع فيتعين في هذه الحالة الحكم بوقف التنفيذ(50).يكون هذا القرار بالوقف قضائياً يستلزم صدور حكم به من قبل قاضي التنفيذ في مصر وقاضي محكمة البداءة في العراق. وقضى المشرع المصري بوقف التنفيذ لمجرد رفع دعوى استرداد المنقولات المادة (393) مرافعات مصري فاذا رفعت دعوى استرداد المنقولات المحجوزة تقف اجراءات التنفيذ ولا يتم البيع الا بعد الحكم في الدعوى والوقف هنا قانوني يتم دون صدور حكم به(51).وفي القانون العراقي يكون الوقف الصادر في دعوى استحقاق المنقولات المحجوزة وقفاً قضائياً لا يتم الابناء على صدور حكم قضائي عن قاضي محكمة البداءة المختص بنظرها. واذا قرر قاضي التنفيذ وفقاً لاحكام القانون المصري الاستمرار في التنفيذ عند اقامة دعوى استرداد المنقولات يكون ذلك بشرط ايـداع الثمـن او بدونـه المادة (394-397) مرافعات مصري(52). ويكون القاضي المختص بنظر دعوى الاستحقاق المضي في اجراءات البيع والتنفيذ اذا لم يكن لمدعي الاستحقاق سند ظاهر يؤيد ملكيته للعقار المستحق وان يكون ثابت التأريخ ويكون هذا التأريخ قبل توقيع الحجز الاحتياطي او التنفيذي على العقار لضمان جدية الدعوى وتمكين الخصوم من الرد عليها ولما يترتب عليها من أثر في التنفيذ(53). وقضت محكمة النقض المصرية بأن يجب ان تقام دعوى الاستحقاق الفرعية من غير اطراف التنفيذ… وان وارث المحجوز عليه المختصم في اجراءات التنفيذ بهذه الصفة، له اقامة دعوى استحقاق فرعية متى استند من ملكيته الى حق ذاتي غير مستمد من مورثه” طعن رقم 473 في 20/6/1979(54).
(محاماه نت)