رأي عامسلايد 1عقوبات

المغرب: قضية “الحاج ثابت” .. هكذا أعْدمَ الرّأي العام أشهر “كوميسير” بالمغرب

على طول السّنوات الفائتة، ظلّ المغاربة يسمعون عن أحكام الإعدام تُتلى على منصّات المحاكم دون أن تلقى طريقها إلى التّنفيذ، فمن جريمة “شمهروش” التي حكمَ فيها القضاء المغربي بالإعدام في حقّ المتّهمين الثّلاثة الرّئيسيين، إلى حوادث أخرى مرتبطة بالاغتصاب والقتل العمد، تصدرُ أحكامٌ قضائية كثيرة بالإعدام لكنّها لا تنفّذ. وكانت آخر مرة نفّذت العقوبة سنة 1993، في حق “الكوميسير” ثابت محمد مصطفى، الشّهير باسم “الحاج ثابت”.

ومع تفجّر حادث مقتل واغتصاب الطّفل “عدنان” البالغ من العمر 11 سنة، طفت على السّطح دعوات لتطبيق عقوبة الإعدام على المجرم، بحيث تحوّل الأمر إلى ما يشبهُ مطلبا “شعبيا”، بالنّظر إلى بشاعة الفعل الجرمي الذي أقدمَ عليه المتّهم، في حقّ الطّفل القاصر، بينما معروف أنّ القانون الجنائي المغربي ينصّ في بعض فصوله على عقوبة الإعدام.

وحتّى إذا كان الأمر يتعلّق بـ”هيجان” شعبي عقبَ ظهور تفاصيل جديدة حول تعرّض الطّفل “عدنان” للاغتصاب والقتل وما ولّدته من شعور جماعي بضرورة الانتقام وردّ الاعتبار لأسرة الضّحية عبر تشجيع تطبيق عقوبة الإعدام، فإنّ الدّولة المغربية، وهي مرتبطة بالتزامات حقوقية على المستوى الدّولي، تخضعُ تفعيل هذه العقوبة لحسابات الخسارة والرّبح.

ويعود تاريخ تنفيذ آخر حكم بالإعدام في المغرب إلى سنة 1993، في قضية شهيرة تورّط فيها قائد الشّرطة الشهير بـ”الحاج ثابت”، الذي نُفِّذ في حقه الإعدام بتهم تتعلق بالفساد والاغتصاب والاختطاف.

وفي تفاصيل القضيّة التي تَابعها الملك الرّاحل الحسن الثّاني عن بعد، عبر كاميرات كانت منصوبة في قاعة الجنايات بمحكمة الاستئناف بالبيضاء، تمّت متابعة “الكوميسير” بتهم مرتبطة بالاغتصاب والاحتجاز والاتجار بالبشر، وذلك بعدما تقدّمت سيّدة بشكاية ضدّ شخص ادّعت أنه يعمل في إيطاليا، تتهمه في مضمونها بالاحتجاز والاغتصاب في إحدى شقق الدّار البيضاء.

وبعد البحث الذي باشرته الشّرطة القضائية تبيّن أن الأمر يتعلّق بمحمد مصطفى ثابت، المعروف بلقب “الحاج ثابت”، الذي كان يشغل منصب رئيس الاستعلامات العامة لأمن الحي المحمدي عين السبع، والذي اعترفَ خلال البحث التّمهيدي بأنّه “كان يتوجه إلى أبواب المدارس والكليات أو الشوارع على متن سيارته ويعرض على المارات مرافقته، وكلما ركبت معه إحداهن يتحايل عليها، ومن رفضت يهددها ويذهب بها إلى شقته الموجودة بشارع عبد الله بن ياسين، فإن رضيت مارس معها الجنس وإن رفضت أرغمها على الاستسلام له”.

وأظهرت التّحقيقات أنّ الجاني الذي اعترف بالمنسوب إليه مارس الجنس مع حوالي 500 امرأة وفتاة قاصر، وكان يعمدُ إلى تصوير جميع أفعاله الجنسية التي كانت تجمعه بالنّساء والفتيات ويضمّها إلى أشرطة مصوّرة توثّق الجرائم التي توبع بها، بحيث كان يحتفظُ بها في شقّته.

وبتاريخ 15 مارس 1993، أصدرت غرفة الجنايات بمحكمة الاستئناف في الدار البيضاء، حضوريا ونهائيا، حكما بالإعدام على ثابت محمد، مع تحمل الصائر والإجبار في الأدنى وبإتلاف الأشرطة المحجوزة ومصادرة المحجوزات: الكاميرا والتلفزة والفيديو والسيارة لفائدة الدولة، وبإغلاق الشقة الكائنة بشارع عبد الله بن ياسين بالبيضاء. وتم تنفيذ عملية الإعدام في حق الحاج ثابت فجر الأحد 5 شتنبر 1993 بسجن القنيطرة.

ولم يلغِ المغرب عقوبة الإعدام من ترسانته القانونية، وهي موجودة في القانون الجنائي باعتبارها “عقوبة جنائية أصلية”، بينما يطالبُ حقوقيون مغاربة بإلغائها وعدم تطبيقها على اعتبار أنّ الحركية الكونية لحقوق الإنسان أنهت بشكل كليّ هذه الأحكام، ولم تعد موجودة في عدد من الدّول.

المصدر: هسبريس

إغلاق