دراسات قانونية – احوال القانون https://www.a7wallaw.com a7wal law Fri, 27 Dec 2024 21:42:24 +0000 ar hourly 1 https://wordpress.org/?v=6.7.2 https://www.a7wallaw.com/wp-content/uploads/2021/07/cropped-clipart4147696-1-32x32.png دراسات قانونية – احوال القانون https://www.a7wallaw.com 32 32 الإلتزام بضمان السلامة في المجال الرياضي https://www.a7wallaw.com/18341 Fri, 27 Dec 2024 21:42:24 +0000 https://www.a7wallaw.com/?p=18341 لقراءة الملف كاملاً اضغط على الصورة

]]>
اختيار المحكمين وواجباتهم وحقوقهم https://www.a7wallaw.com/18328 Tue, 02 Apr 2024 18:57:56 +0000 https://www.a7wallaw.com/?p=18328 لقراءة الملف كاملاً إضغط على الصورة

 

]]>
الكويت.. الجزاء المترتب على مخالفة الشرط المانع من التصرف في القانون الکويتي https://www.a7wallaw.com/16444 Wed, 12 Apr 2023 19:16:34 +0000 https://www.a7wallaw.com/?p=16444 يخضع حق الملکية لبعض القيود القانونية والقيود الإرادية والتي من بينها يبرز الشرط المانع من التصرف، وبالرغم من موافقة المشروط عليه على الشرط المانع من التصرف إلا أنه قد يخالفه في بعض الأحيان، ولمواجهة هذه الفرضية، قرر المشرع الکويتي في القانون المدني أن للمشترط وللمستفيد من الشرط المانع من التصرف الحق في إجازة أو طلب إبطال التصرف الذي أبرم بالمخالفة للشرط المانع من التصرف، ويعتبر هذا الإبطال ذا طبيعة استثنائية.

ومع ذلک، فإن صياغة المادة 816 من القانون المدني الکويتي تثير عدة تساؤلات: هل للمتصرف إليه المطالبة بإبطال التصرف عندما يکون الاشتراط مقرراً لمصلحته؟ وعند التعارض بين الرغبة في إجازة التصرف والرغبة في إبطاله، أيهما يؤخذ في عين الاعتبار؟ وللإجابة على هذه الأسئلة وعلى غيرها من أسئلة قسمنا دراستنا لهذا الموضوع إلى جزأين: تناولنا النظام القانوني لإبطال التصرف الذي أبرم بالمخالفة للشرط المانع من التصرف في (المبحث الأول)، قبل الحديث عن الأشخاص الذين يمکنهم طلب إبطاله لمخالفته للشرط في (المبحث الثاني).

المصدر: مجلة القانون والاقتصاد

]]>
حقوق الأنسان في الأسلام https://www.a7wallaw.com/16276 Mon, 21 Mar 2022 15:49:44 +0000 https://www.a7wallaw.com/?p=16276 تصدير بقلم :الاستاذ د. ابراهيم مدكور

رئيس مجمع اللغة العربية

فكرة الانسان وكرامته وحقوقه في الاسلام

إن فكرة الإنسان قديمة قدم الانسان نفسه ، فقد احس منذ نشأته بوجوده متمبزاً من الكون والطبيعة . وسعياً وراء قوته ازداد إحساسه وضوحاً وقوة ، وشعر بآماله والآمه ، بنجاحه وفشله ، بنضاله ضد الطبيعه والكائنات الأخرة . وكلما اشتد نضاله ازداد ثقة في بنفسه ، وادرك ما له من حقوق وما عليه من واجبات .

حقوق الانسان فى الاسلام

]]>
ضمانات الاستثمارات الاجنبية ضد المخاطر غير التجارية ” دراسة في أحكام اتفاقية إنشاء الوكالة الدولية لضمان الاستثمار” https://www.a7wallaw.com/15831 Wed, 01 Dec 2021 19:37:30 +0000 https://www.a7wallaw.com/?p=15831  “ورقة عمل مقدمة ضمن اعمال المؤتمر القانوني”الجديد في عمليات التأمين(الضمان)

 والذي تنظمه كلية الحقوق بجامعة بيروت العربية

لبنان – بيروت

 والمنعقد في الفترة من 24-26 ابريل 2006

 

مقدمة

1- يلعب  الاستثمار الاجنبي دورا هاما في التنمية الاقتصادية، حيث يعمل على زيادة معدل نمو الناتج و الاستثمار ، كما أنه يعمل على سد الفجوة بين الادخار والاستثمار المحليين. و دولياً ينقسم الاستثمار الاجنبي الى ثلاثة أقسام :
• استثمار أجنبي مباشر ، ويمثل الاستثمار في مشاريع وطاقات انتاجية طويلة الاجل.
• الاستثمارات المحفظية والاستثمارات المتعلقة بالأوراق المالية .
• استثمارات أجنبية في أدوات غير قابلة للأتجار مثل القروض والودائع والتسهيلات الإئتمانية للتجارة والمدفوعات المستحقة على الديون .
هذا  وقد بدأ المناخ الاستثماري يتغير على مستوى العالم كله، فقد عمدت الدول النامية والمتقدمة على الاسراع في تحرير أسواقها المالية والانصهار في بوتقة العولمة المالية وتحرير الخدمات المالية والتي نجمت عن توقيع اتفاقية الجات وقيام منظمة التجارة العالمية في منتصف التسعينات.
ومن العوامل المؤثرة في تدفق الاستثمار الأجنبي الى الدول النامية:
* الحوافز اللازمة لجذب المستثمر الأجنبي ، والتي يلزم توافرها من جانب البلد المتلقي، وتشكل هذه الحوافز البيئية الاقتصادية ، والتي تشتمل على مجموعة السياسات الاقتصادية والهيكل الاقتصادي ومراحل تطور الاقتصاد وحجم السوق ومدى وفرة الموارد الطبيعية ، وتفيد الدراسات التطبيقية والتجارب العملية على أن تحقيق الاستقرار الاقتصادي والسياسي من خلال الاصلاحات الاقتصادية وتخفيف القيود المفروضة على حركة رؤوس الاموال في الأرجنتين والصين وأورجواي وتايلاند وشيلي والفلبين والمكسيك ودول في أفريقيا، عملت هذه العوامل على زيادة التدفقات الرأسمالية الأجنبية الى هذه الدول.
* البيئة التشريعية والأطر المؤسسية وسياسات الدول المتلقية لهذه الاستثمارات ومدى تناولها موضوعات هامة تؤثر في تدفق الاستثمار الأجنبي ، مثل الحوافز والقوانين والنظم والعوائد.
*مجموعة السياسات الاقتصادية للبلاد المتلقية للأستثمار الأجنبي وهيكلها الاقتصادي ومرحلة تطورها وحجم الأسواق المالية فيها.

2- ولعل قضية التنمية في دول العالم الثالث تعتبر واحدة من أهم قضايا القرن الحالي،  حيث يمر العالم في وقتنا الحاضر بفترة نشاط وتنافس واضحين في مجال التنمية، والتي اصبحت في سلم اولويات الدول التي ترغب في النمو الحقيقي.

ولمشكلة التنمية في الدول النامية، أسباب عديدة تكمن أهمها في عدم قدرة هذه الدول على استغلال ما لديها من موارد بالشكل المناسب، إن بسبب قلة الخبرة التقنية أو انعدامها، أو لعدم توفر الأموال اللازمة لذلك. فكانت قبلة الدول النامية نحو الاستثمارات الأجنبية كحل أمثل يخفف من وطأة مشكلة التنمية في هذه الدول، نظراً لما تحققه مثل هذه الاستثمارات من آثار في الهيكل الاقتصادي للبلد المضيف للاستثمار.

فالاستثمار الأجنبي القادم من الخارج ينقل خبرات تقنية وأموالاً لازمة تعتبر من الأهمية بالنسبة للدولة مضيفة الاستثمار بما يحقق مع ذلك خفضاً لمعدلات البطالة واستغلالاً أمثل لمواردها، واستفادة أعظم من التقنية المتاحة، وتحقيقاً أصوب لما تصبو إليه من أهداف تصب في مصلحة تنمية هذا البلد سواء في  موارده أو هيكله الاقتصادي أو ميزان مدفوعاته.

ولعل الاستثمارات الأجنبية لن تتدفق على الدول النامية هكذا من غير مقابل، فالاستثمارات الأجنبية تجد كثيراً من الخيارات المتاحة بين الدول الطامحة لجذبها، ولها أن تتخير أياً منها، أما الدول النامية فهي بحاجة لجذب أي استثمار يحقق لها مطامحها في تحقيق التنمية عبر منح هذه الاستثمارات مكنات قانونية واقتصادية ووسائل فاعلة وضمانات تحقق للمستثمر اطمئناناً على مشروعه الاستثماري القادم به إلى هذه الدولة النامية أو تلك، وحوافز من شأنها أن تشجّع هذا المستثمر على الإقبال على الاستثمار وهو مطمئن أن هدفه الأساسي وهو الربح سوف يتحقق ضمن إطار هذه المنظومة المتكاملة في هذا البلد المضيف.

وتعتبر فكرة الحماية القانونية والضمان الذي يتحقق عبرها أحد أبرز الأسباب التي تحدو بالمستثمر الأجنبي أن يقرر أين ستكون وجهته في العالم النامي بالتحديد، هذه الفكرة تتمثل في منح المستثمر الأجنبي ضمانات ضد أي مخاطر قد يتعرض لها مشروعه الاستثماري في البلد النامي المضيف، ضمانات يتحقق فيها معنى الحماية من أي خطر غير تجاري كالحرب أو التأميم أو منع تحويل ناتج الاستثمار إلى الخارج، هذه المخاطر لا تتعلق بالتعامل التجاري، ولا تدخل في توقعات الأفراد، وتحققها يعني الإضرار بمصالح المستثمر الأجنبي، بما ينتج عنه إضرار أكبر بمصالح التجارة الدولية.

فضمان هذه المخاطر يجعل المستثمر بمنأى عنها، ويحقق له الأمان القانوني في حال تحققها، ويجعل من المشروع الاستثماري دوماً على شاطئ الأمان.

لذلك اتت بعض النظم القانونية الداخلية ومنحت بعض الضمانات للاستثمارات الاجنبية، الا ان عدم وجود هيئة دولية ترعى مثل هذه الضمانات شككت-ربما- في فعاليتها ، كون هذه الضمانات تظل بحاجة لالية دولية تحقق اماناً أوسع للمستثمر الاجنبي.وسوف نرى لاحقاً النظام الامريكي لضمان الاستثمار كمثال يدلل على ذلك.

من هنا نشأت الحاجة لوجود هيئة ضمان دولية، تمنح الضمان للاستثمارات وتجعلها في مأمن من كل ما قد تتعرض له من مخاطر غير تجارية ، ولعل إنشاء  الوكالة الدولية لضمان الاستثمار اتى كي يلبي هذه الحاجة.

فالدول المتعاقدة في هذه الاتفاقية- كما سنرى- و اعتباراً منها للحاجة إلى تعضيد التعاون الدولي في مجال التنمية الاقتصادية ودعم مساهمة الاستثمار الأجنبي، وعلى وجه الخصوص الاستثمارات الأجنبية الخاصة، في تلك التنمية. وادراكا لما يترتب على رفع المخاوف المتعلقة بالمخاطر غير التجارية من تسيير وتشجيع تدفق الاستثمار الأجنبي إلى الدول النامية.

وكما ورد في ديباجة الاتفاقية  فان الرغبة في تعزيز تدفق رأس المال والتكنولوجيا للأغراض الانتاجية إلى الدول النامية طبقاً لشروط تتواكب مع احتياجات وسياسات وأهداف تلك الدول، ووفقاً لأسس عادلة لمعاملة الاستثمارات الأجنبية، وكذلك الاقتناع بأهمية الدور الذي يمكن أن تقوم به الوكالة الدولية لضمان الاستثمار في هذا المجال تكملة لبرامج ضمان الاستثمار الوطنية والاقليمية وللمؤسسات الخاصة القائمة بتأمين المخاطر غير التجارية، لكل هذه الاهداف كان انشاء الوكالة الدولية لضمان الاستثمار.

 

3-: نظرة تاريخية في فكرة الضمان الدولي للاستثمار:

تعتبر الاستثمارات الاجنبية ركيزة اساسية في تطوير التجارة الدولية، فرأس المال الاجنبي يحتاج الى سوق كي يستثمر فيه ويحقق ارباحا، والدول المستثمر فيها تحاول جذب راس المال كي تحقق تنمية في مجتمعاتها، بأي شكل كان.

 

وتعتبر فكرة تقديم ضمان مالي للمستثمر الاجنبي ضد الخسائر غير التجارية، والتي من المحتمل ان يتعرض لها البلد المضيف، واحدة من انجح الطرق لجذب الاستثمار، و ترجع فكرة الضمان الدولي في اصولها الى الضمانات الحكومية التي ارتبطت في الماضي بقروض دولية، قدمها اصحاب رؤوس اموال خاصة الى هيئات اجنبية عامة او خاصة ,لضمان حكومة المقرض و المقترض.

 

 

*- النظام الامريكي لضمان الاستثمار:

 

كان للولايات المتحدة الامريكية فضل السبق في تطبيق نظام الاستثمارات الخاصة في الخارج، حيث ظهرت الحاجة لمثل هذا النظام بعيد انتهاء الحرب العالمية الثانية، والبدء في اعادة اعمار اوروبا، وذلك عبر الاستثمارات الامريكية في اوروبا.

 

وقد ادى ذلك الى صدور قانون التعاون الاقتصادي سنة 1948، والذي انشأ ضمان الاستثمارات الامريكية الخاصة في غرب اوروبا ضد خطر منع تحويل العملة من البلاد المضيفة لهذه الاستثمارات. ومع مرور الوقت تطور هذا النظام من حيث نطاقه، وادارته، وآلياته.

ورغم الانتقادات الموجهه لهذا النظام، الا انه صمد امامها، لا بل توسع واصبح هذا الضمان وما يرتبط به من اتفاقات بين الحكومة الامريكية والدول المضيفة لاستثمارات امريكية عاملا اضافيا في مساندة راس المال الخاص في الخارج وحمايته، ووقايته من المخاطر السياسية، خاصة مع النص على حلول الولايات المتحدة محل المستثمر الذي يصيبه الضرر عند تحقق الخطر2. وقد اثبت هذا النظام نجاحه، خاصة فيما يتعلق بالتعويض عن المخاطر السياسية في الخارج، او حق حلول الولايات المتحدة محل المستثمر في التعويض.

 

هذا وقد تطورت هذه الفكرة مع الوقت، الى ان تبلورت ذهنية دولية تدعو الى نظام ضمان دولي للاستثمارات الاجنبية.

ولعل التساؤل الذي يطرح هو السبب الذي من اجله ظهرت فكرة انشاء جهاز دولي لضمان الاستثمارات الاجنبية، في الوقت الذي تعددت فيه الاجهزة الوطنية القائمه على ذلك،  في معظم الدول المصدرة لرأس المال الخاص.الاجابة تكمن في انه بالنسبة للدول المصدرة لرأس المال التي ليس لديها تنظيم وطني لضمان الاستثمار فسوف تحقق فوائد ذلك الضمان كحماية لمستثمريها واموالها المستثمرة في الدول المضيفة.

 

اما الدول المصدرة لرأس المال والتي تأخذ بنظم وطنية لضمان استثمرات مواطنيها في الخارج، فقد ترددت في قبول فكرة الضمان الدولي، على اعتباران نظمها الوطنية كفيلة بتحقيق مصالح مستثمريها.

 

وبالعودة للدول المضيفة، نجد انها على اقتناع بأن امكانية الضمان في ذاتها سوف تساعد على جذب رؤوس الاموال والاستثمارات الاجنبية، ولكن هذه القناعه تقف عند الحدود التي ربما تكون مضرة بالدولة المضيفة، كالحدود التي تحكم تغطية الخسارة المشمولة بالضمان، او القواعد التي تلزم الدول المنظمة لنظام الضمان الدولي، بالقبول سلفا بالتزامات لا تحبذ الارتباط بها.اما بالنظر الى المستثمرين انفسهم، فهم من المحبذين لفكرة انشاء نظام ضمان دولي، يحمي استثماراتهم من اخطار تعود اسبابها للدول المضيفة،

ويقدم لهم ضماناً دولياً من عدم امكانية تقييد ملكيتهم لمشاريعهم، او الحد من الاستفادة منها.

 

وسوف نقوم في هذه الدراسة بعرض احكام اتفاقية انشاء الوكالة الدولية لضمان الاستثمار والتي تعد اكبر ضمان دولي للمشاريع الاستثمارية، مبتدئين دراستنا في الباب الاول بعرض الاحكام العامة للاتفاقية ثم سنفرد الباب الثاني لنطاق اعمالها.

 

4- تقسيم الدراسة:

سوف نخصص الباب الاول للاحكام العامة لاتفاقية انشاء الوكالة الدولية لضمان الاستثمار حيث سنبحث في

الوضع القانوني للوكالة من حيث النشأة والاهداف والاحكام المالية والادارية وشروط العضوية

اما الباب الثاني فسنخصصه  لدراسة نطاق اعمال اتفاقية انشاء الوكالة الدولية لضمان الاستثمار ، حيث سنعرض اولا للنطاق الموضوعي للاتفاقية فنشرح فيه المخاطر الصالحة لضمان الوكالة فالاستثمارات الصالحة للضمان

ثم  ضمان الاستثمارات المؤيدة ، وبعد ذلك نتعرض لحدود الضمان ثم للنطاق الشخصي للاتفاقية والشروط الواجب توافرها في المستثمر كي يكون صالحا لضمان الاتفاقية ثم نعرض للنطاق الاجرائي حيث نتحدث فيه عن               تسوية المنازعات ضمن اطار هذه الاتفاقية

 

الباب الاول: الاحكام العامة لاتفاقية انشاء الوكالة الدولية لضمان الاستثمار

سوف نتعرض في هذا الباب للأحكام العامة للاتفاقية مبتدئين بالوضع القانوني الذي تتمتع يه الوكالة وكيف نشأت والاغراض التي من اجلها اتى انشاؤها، ثم سنعرج على الاحكام المالية والادارية التي تضمنتها الاتفاقية

 

الفصل الاول: الوضع القانوني، الانشاء، الاهداف

 

تنص الاتفاقية على إنشاء وكالة دولية لضمان الاستثمار كمنظمة دولية مستقلة تتمتع “بالشخصية القانونية الكاملة” في ظل قواعد القانون الدولي والقوانين الوطنية لأعضائها (المادة 1). يكون هدفها الأساسي هو تشجيع تدفق الاستثمارات للأغراض الإنتاجية فيما بين الدول الأعضاء وخاصة الدول النامية الأعضاء (المادة 2). وتؤكد الاتفاقية على  وجوب تركيز الوكالة على المشروعات والبرامج المحددة في جميع القطاعات الاقتصادية ولا يجوز حصر عمليات الوكالة في قطاع التصنيع  فقط ، ومما تجدر ملاحظته أنه بالإضافة الى ضمان الاستثمارات في تلك الدولة ضد المخاطر غير التجارية، ستقوم الوكالة بأنشطة مكملة أخرى لتشجيع تدفق الاستثمارات (المادة 2ب). وتتضمن المادة 23 من الاتفاقية تفصيلات للنشاط الذي ستقوم به الوكالة.

 

المبحث الأول: النشأة والاهداف

 

مطلب أول: النشأة

لعل النجاح الذي حققته نظم ضمان الاستثمار في الولايات المتحدة الاميركية وغيرها من الدول التي وضعت نظاماً لضمان الاستثمار، والتوفيق الذي حالف صياغة نص الاتفاقية العربية لضمان الاستثمار والحاجة لوجود مؤسسة دولية تحمي الاستثمارات الاجنبية كضمان دولي لمثل تلك الاستثمارات، حدا بالبنك الدولي كي يضع في النهاية مشروعاً في سنة 1965 يدور حول إنشاء هيئة متعددة الأطراف لضمان الاستثمار.

وتوالت المشاريع التي ظلت رهينة عدم موافقة جميع الاطراف عليها، ثم طويت عل أن يكون الزمان كفيلاً باعادة البحث فيها، إلى أن دعا الدكتور ابراهيم شحاته – رحمه الله – نائب رئيس البنك الدولي للشؤون القانونية الى إحيائه والتعديل عليه والمطالبة بوضعه قيد التنفيذ وقد كانت هذه الدعوة عام 1984.

وبالفعل لاقت هذه الدعوة رواجا لدى صناع القرار، واعيدت دراسة المشروع، ومن ثم صياغته على ضوء تجارب المؤسسات الوطنية لضمان الاستثمار في الولايات المتحدة وأوروبا وكذلك على ضوء ما تم العمل به في المؤسسة العربية بضمان الاستثمار،  الى ان اقرت الصيغة النهائية لهذا المشروع في اكتوبر 1985، ومن ثم دعا البنك الدولي أعضاءه إلى التوقيع على المشروع والانضمام إلى ما بات يعرف بالوكالة الدولية لضمان الاستثمار

(MIGA)Multilateral Investment Guarantee Agency

وقد دخلت الوكالة الدولية لضمان الاستثمار حيز التنفيذ في 21 ابريل عام 1988 بعد تصديق الولايات المتحدة والمملكة المتحدة على اتفاقية انشائها.

وسوف نحاول – عبر دراسة تحليلية لنصوص الاتفاقية – ان نعرض للمبادئ العامة والخطوط العريضة التي تتناولها هذه الاتفاقية، وكيف اصبحت اليوم احد اهم الضمانات الدولية المقدمة لحماية الاستثمارات الاجنبية.

تضم الاتفاقية في جنباتها أحد عشر فصلاً وملحقين.

الفصل الاول تعرض لانشاء الوكالة ووضعها القانوني، واهدافها، وتعريف بالمصطلحات التي تضمنتها الاتفاقية.

أما الفصل الثاني فقد أتى على الإشارة الى العضوية في الوكالة ورأس مالها.

بعد ذلك أتى الفصل الثالث ليعرف بالعمليات التي تقوم بها الوكالة.

أما الفصل الرابع فقد خصص للتمويل المالي للوكالة.

والفصل الخامس خصص للتنظيم والادارة

بعد ذلك اتى الفصل السادس كي يتعرض لمسائل التصويت والمساهمات والتمثيل في الوكالة.

ثم اتى الفصل السابع ليبحث في المزايا والحصانات.

اما الفصل الثامن فقد تعرض للانسحاب ووقف العضوية.

اما تسوية المنازعات ضمن اطار الوكالة فقد خصص لها الفصل التاسع.

بعد ذلك اتى الفصل العاشر والحادي عشر ليتحدث عن التعديلات والنصوص الختامية على التوالي.

أما بالنسبة للملحقين، فيضم الملحق الاول ضمانات الاستثمارات المؤيدة التي  تشير اليها الاتفاقية وفق م24، أما الملحق الثاني فيتحدث عن تسوية المنازعات التي تثور بين احدى الدول الاعضاء والوكالة طبقاً لاحكام م57.

ولعل المادة 1 كانت واضحة حين تعرضت  لإنشاء الوكالة ووضعها القانوني حيث تنص على:

أ-        تنشأ وفقاً لأحكام هذه الاتفاقية الوكالة الدولية لضمان الاستثمار (ويشار إليها فيما يلي بالوكالة).

ب-      تتمتع الوكالة بالشخصية القانونية الكاملة. وعلى وجه الخصوص بأهلية:

التعاقد.

وتملك الأموال الثابتة والمنقولة والتصرف فيها.

واتخاذ الاجراءات القضائية.

مطلب ثان :اغراض الوكالة(الاهداف) :

انشأت الوكالة الدولية لضمان الاستثمار، بغية تشجيع تدفق الاستثمارات لغايات تطوير وانماء البلدان النامية ولاهداف انتاجية، ولأغراض تكون حافزا للمزيد من عمليات نقل التكنولوجيا، الذي يؤدي في النهاية، وعبر الاستثمار المباشر، الى تنمية حقيقية مستدامة – لا تنمية زائفة – بما يعود بالنفع على جميع الدول الاعضاء.

 

ولعل زيادة المعلومات ورفع مستوى كفاءة الخبرات، المرتبطة بعملية الاستثمار، تعد عاملا اساسيا لتحقيق مثل تلك الاهداف، في ظل ما يهيمن على عالم التجارة الدولية ضمن اطار من المصالح فيما يعرف بالنظام العالمي الجديد. ولا دلالة على ذلك اكثر من محاولة الوكالة الدولية القيام بوظائف تكون عونا لها في تحقيق اهدافها، بتشجيع الاستثمارات الاجنبية، عبر اعطائها تأمينات ضد المخاطر غير التجارية التي

من الممكن ان تتعرض لها، خاصة ان مثل تلك المخاطر تعتبر فوق توقعات الافراد، على عكس المخاطر التجارية التي تدخل دائما في الحسبان، وتخرج من نطاق ما تصبو اليه الوكالة.

 

تقوم الوكالة اذن باية اعمال من شأنها تحقيق اهدافها من اجل تشجيع تدفق الاستثمارات.

ولقد نصت المعاهده بوضوح على الاهداف التي تصبو اليها الوكالة، وهي، كما اشرنا، تشجيع تدفق الاستثمارات بشكل اساسي.

اما ضمان المخاطر غير التجارية الذي تقدمه الوكالة لحماية الاستثمارات الاجنبية فيعتبر وظيفة من وظائفها وليست هدفا بحد ذاته(1) ويتوجب على الوكالة عند قيامها بالانشطة المتعلقة بتشجيع الاستثمار ,ان تستهدي باتفاقات الاستثمار المبرمة بين الدول الاعضاء ,وان تسعى لازالة المعوقات الماثلة امام تدفق الاستثمارات بينها ,وكذلك تقوم بالتنسيق مع الهيئات الاخرى المعنية بتشجيع الاستثمار الاجنبي(2).ومن امثلة ذلك المؤسسة الدولية لضمان الاستثمار. ما يحقق الهدف الرئيسي وهو تشجيع الاستثمار ,وذلك يؤدي لتلافي الازدواجية في انشطة المؤسسات الدولية والاقليمية.

 

ولعل المادة 2 كانت محددة حينما تحدثت عن هدف الوكالة وأغراضها والتي نصت على ان:

“هدف الوكالة هو تشجيع تدفق الاستثمارات للاغراض الانتاجية فيما بين الدول الأعضاء. وعلى وجه الخصوص إلى الدول النامية الأعضاء، تكملة لأنشطة البنك الدولي للانشاء والتعمير (ويشار إليه فيما يلي بالبنك) وشركة التمويل الدولية ومنظمات تمويل التنمية الدولية الأخرى، وتقوم الوكالة تحقيقاً لهذا الهدف بما يلي:

أ-        اصدار ضمانات، بما في ذلك المشاركة في التأمين واعادة التأمين، ضد المخاطر التجارية لصالح الاستثمارات في دولة عضو التي تفد من الدول الأعضاء الأخرى.

ب-      القيام بأوجه النشاط المكملة المناسبة التي تستهدف تشجيع تدفق الاستثمارات إلى الدولة النامية الأعضاء وفيما بينها.

ج-      ممارسة أية صلاحيات ثانوية أخرى كلما كان ذلك ضرورياً ومرغوباً فيه لخدمة الهدف منها.

وعلى الوكالة أن تسترشد في جميع قراراتها بنصوص هذه المادة.”

 

وهناك مواد اخرى في الاتفاقية تتحدث عن وسائل تحقيق الاهداف التي من اجلها جاءت الاتفاقية فمثلا  تنص المادة المادة 23المخصصة لتشجيع الاستثمار على ان:

أ-        تقوم الوكالة باجراء الأبحاث، وبالانشطة اللازمة لتشجيع تدفق الاستثمارات، وبنشر المعلومات المتعلقة بالفرص المتاحة للاستثمار في الدول النامية الاعضاء توخياً لتحسين الظروف المتعلقة بتدفق الاستثمار الأجني إلى تلك الدول، ويجوز للوكالة بناء على طلب أي من الأعضاء أن تقوم بتقديم المشورة والمساعدات الفنية فيما يتعلق بتحسين ظروف الاستثمار في اقليم ذلك العضو. وعلى الوكالة في مجرى قيامها بتلك الأنشطة:

1-      أن تستهدف باتفاقات الاستثمار ذات الصلة بين الدول الأعضاء.

2-      وأن تسعى إلى ازالة العقبات – في كل من الدول المتقدمة والدول النامية – التي تعوق تدفق الاستثمار إلى الدول النامية الأعضاء.

3-      وأن تنسق مع الهيئات الأخرى المعنية بتشجيع الاستثمار الأجنبي وخاصة شركة التمويل الدولية.

 

ب-      تقوم الوكالة أيضاً:

1-    بتشجيع التسوية الودية للمنازعات بين المستثمرين والدول المضيفة.

2-      وبالسعي إلى الدخول في اتفاقيات مع الدول النامية الأعضاء، وعلى وجه الخصوص الدول التي يتوقع أن تكون من الدول المضيفة، تكفل للوكالة في شأن الاستثمارات التي تضمنها معاملة لا تقل تميزاً عن أفضل معاملة وافق العضو المعني على اضفائها على هيئة لضمان الاستثمار أو دولة من الدول بموجب اتفاقية تتعلق بالاستثمار، وتتعين موافقة مجلس الإدارة بالأغلبية الخاصة على هذه الاتفاقات.

3-      وبتشجيع وتيسير ابرام الاتفاقات المتعلقة بتشجيع وحماية الاستثمارات فيما بين الدول الأعضاء.

ج-      على الوكالة أن تهتم بصورة خاصة في مجال جهودها التشجيعية بزيادة حركة الاستثمارات فيما بين الدول النامية الاعضاء.

 

المبحث الثاني :الامتيازات والحصانات:

مطلب أول: الامتيازات

منحت الاتفاقية العديد من الامتيازات للوكالة ومنها:

1-نصت الاتفاقية على ان ترفع الدعاوى ضد الوكالة في محكمة قضائية مختصة في اقليم أي عضو ترتبط به الوكالة بروابط معينة ( المادة 44).  ولا يشمل ذلك الدعاوى الناشئة عن منازعات بين أطراف عقد الضمان أو اعادة التأمين والتي تخضع للتحكيم طبقاً للمادة 58، والمنازعات بين الوكالة واحد الاعضاء بشأن استثمار مضمون أو أعيد تأمينه والتي ستخضع للتحكيم أو للإجراءات البديلة التي يتفق عليها طبقا للمادة 57) وقد نصت الاتفاقية على وجه الخصوص على عدم جواز رفع أي دعوى ضد الوكالة من قبل عضو من الأعضاء أو من قبل أشخاص يستندون إلى مطالبات الأعضاء أو أي دعوى تتعلق بشئون الموظفين . تتمتع ممتلكات وأصول الوكالة حيمثا وجدت وأيا كان حائزها بالحصانة من التفتيش ونزع الملكية والمصادرة والتأميم وأي نوع من أنواع الحجز عن طريق اجراء اداري وتشريعي.

2- تعفى ممتلكات وأصول الوكالة من جميع القيود والإجراءات ووقف الدفع، وتجدر الاشارة في شأن الأصول التي تحصل عليها الوكالة نتيجة حلولها محل المستثمر إلى أن تتمتع هذه الأصول بالإعفاء من القيود السارية في اقليم الدولة المضيفة بالقدر الذي كان المستفيد من الضمان الذي حلت الوكالة محله يتمتع به (المادة 45(ب)).

 

مطلب ثان :الحصانات:

1-تنص المادة 46 على تمتع محفوظات الوكالة بالحصانة الكاملة وعلى وجوب أن يعامل الأعضاء مراسلات الوكالة الرسمية معاملةالمراسلات الرسمية للبنك. ولا تنص الاتفاقيةعلى وضع مقر الوكالة وان كان من المفهوم على أي حال وجوب معاملة مقر الوكالة على النحو الذي تجري عليه معاملة المنظمات الدولية الأخرى.

2-تنص المادة 47 على اعفاء الوكالة وأصولها وممتلكاته ودخلها وعملياتها  وصفقاتها من جميع الضرائب والرسوم الجمركية.

ولا يعني ذلك امتداد الاعفاء الى الضرائب والرسوم والتي لا تعدو في حقيقتها ان تكون مقابل لخدمات تؤدى. ومما تجدر ملاحظته في شأن الاصول التي تحصل عليها الوكالة من مستثمر عن طريق الحلول، ان دخول تلك الأصول للوكالة تتم بعد سداد الضرائب والرسوم التي كانت مستحقة على المستثمر. وبمجرد أن تدخل تلك الاصول في ملكية الوكالة فانها تتمتع بالاعفاء من الضرائب والرسوم الجمركية.

وتتعين ملاحظة ان الامتيازات والحصانات المشار اليها قد منحت للوكالة لتمكينها من القيام بوظائفها (المادة 42)، وان الوكالة يجوز لها التنازل عنها اذا لم يكن من شأن ذلك الاضرار بمصالحها. وفضلا عما تقدم يتعين على الوكالة التنازل عن حصانة موظفيها في الحالات التي ترى فيها ان من شأن التمسك بالحصانة اعاقة سير العدالة وانه من الممكن التنازل عنها دون اضرار بمصالح الوكالة (المادة 50).

وقد اسهبت الاتفاقية في هذا الموضوع ونصت في المادة 43على ان”

تتمتع الوكالة في أراضي كل من الدول الأعضاء بالحصانات والامتيازات المنصوص عليها في هذا الفصل وذلك لتمكينها من القيام بوظائفها.

اما المادة 44  فقد خصصت  للدعاوى القضائية:

باستثناء الدعاوى المرتبطة بالمنازعات المشار إليها في المادتين 57 و 58. يجوز رفع الدعاوى ضد الوكالة في محكمة قضائية مختصة في اقليم أي عضو تكون الوكالة قد اتخذت فيه مكتباً أو عينت كيلاً بغرض قبول الاعلانات والاخطارات القضائية. ولا يجوز رفع مثل هذه الدعوى ضد الوكالة:

1-      من قبل عضو من الأعضاء، أو من قبل أشخاص يتصرفون نيابة عن الأعضاء أو يستندون إلى مطالبات لهم! أو.

2-      فيما يتعلق بشؤون موظفي الوكالة. وتتمتع ممتلكات الوكالة وأصولها حيثما وجدت وأيا كان حائزها بالحصانة من كافة أنواع الاستيلاء أو الحجز أو التنفيذ إلى حين صدور حكم أو قرار تحكيم نهائي ضد الوكالة.

وعند الحديث عن حصانة الممتلكات والاصول فان المادة 45نصت على ان:

أ-        تتمتع ممتلكات وأصول الوكالة حيمثا وجدت وأيا كان حائزها بالحصانة من التفتيش ونزع الملكية والمصادرة والتأميم وأي نوع من أنواع الحجز عن طريق اجراء اداري وتشريعي.

ب-      تعفى جميع ممتلكات وأصول الوكالة بالقدر اللازم للقيام في ظل هذه الاتفاقية من جميع القيود والاجراءات وقواعد الرقابة على الصرف ووقف الدفع أيا كان نوعها، غير أنه في حالة الممتلكات والأصول التي تحصل عليها الوكالة نتيجة حلولها محل مستفيد من الضمان أو مؤسسة أعيد التأمين عليها أو مستثمر أمنت عليه مؤسسة أعيد تأمينها يقتصر اعفاء تلك الممتلكات والأصول من القيود المفروضة على تحويل العملة الأجنبية والاجراءات وقواعد الرقابة السارية في اقليم العضو المعني على القدر الذي كان المستفيد من الضمان أو المؤسسة أو المستثمر الذين حلت الوكالت محلهم يتمتعون به.

ج-      تدخل في “الأصول” لأغراض هذا الفصل أصول صندوق الاستثمارات المؤيدة المشار إليه في الملحق (1) المرفق بهذه الاتفاقية والأصول الأخرى التي تقوم الوكالة بادارتها توخيا لخدمة أهدافها.

واتت المادة 46لتتحدث عن حصانة المحفوظات والمراسلات:

أ-        تتمتع محفوظات الوكالة حيثما كانت بالحصانة الكاملة.

ب-      يعامل الأعضاء مراسلات الوكالة الرسمية معاملة المراسلات الرسمية للبنك.

اماالمادة 47 خصصت للحديث عن امتيازات الاعفاء من الضرائب ونصت على انه:

أ-        تعفى الوكالة وأصولها وممتلكاتها ودخلها وعملياتها وصفقاتها المصرح بها في هذه الاتفاقية من جميع الضرائب والرسوم الجمركية، وتتمتع الوكالة أيضاً بالاعفاء من المسؤولية عن تحصيل أو دفع أية ضريبة أو رسم.

ب-      باستثناء مواطني الحكومة المحلية، لا يجوز فرض ضريبة بطريقة مباشرة أو غير مباشرة على المبالغ التي تدفعها الوكالة إلى المحافظين ونوابهم لتغطية نفقاتهم أو على المرتبات والمكافآت الأخرى والمبالغ اللازمة لتغطية النفقات التي تدفعها الوكالة إلى رئيس مجلس الإدارة وأعضاء مجلس الإدارة ومناوبينهم ورئيس وموظفي الوكالة.

ج-      لا يجوز فرض ضرائب من أي نوع على استثمار أو على عوائد استثمار ضمنته الوكالة أو اعادت التأمين عليه، أو على وثائق التأمين التي اعادت الوكالة التأمين عليها (وتدخل في ذلك أقساط التأمين والموارد الأخرى الناشئة عنها) أيا كان حائزها إذا:

1-      نطوى ذلك على تفرقة ضد الاستثمار أو وثيقة التأمين استناداً إلى مجرد ضمانها أو اعادة تأمينها من قبل الوكالة.

2-      أو إذا كان الاساس الوحيد للاختصاص الضريبي هو موقع أي مكتب أو محل عمل للوكالة.

ثم اتت المادة 48 لتتعرض لحصانة موظفي الوكالة ونصت على انه:

يتمتع محافظو الوكالة وأعضاء مجلس الإدارة، ومناوبو المحافظين وأعضاء مجلس الإدارة ورئيس الوكالة وموظفوها:

1-      بالحصانة من الدعاوى القضائية فيما يتعلق بالأعمال التي يقومون بها في مباشرة وظائفهم الرسمية.

2-      بالاعفاءات من القيود الخاصة بالسفر ومن اجراءات التسجيل الخاصة – بالاجانب ومن واجبات الخدمة العسكرية وبالتسهيلات المتعلقة بقيود مبادلة النقد التي يمنحها الاعضاء المعنيون لممثلي موظفي ومستخدمي الأعضاء الآخرين المماثلين لهم في المركز. ويستثنى مما تقدم رعايا الحكومة المحلية.

3-      بذات المعاملة من حيث تسهيلات السفر التي يمنحها الأعضاء المعنيون لممثلي ومستخدمي الأعضاء الآخرين المماثلين لهم في المركز.

واكملت المادة 49لتنص على انه:

على كل عضو أن يتخذ في اقليمه وطبقاً لقوانينه الاجراءات الضرورية لوضع المبادئ المنصوص عليها في هذا الفصل موضع التنفيذ وعليه أن يبلغ الوكالة بالتفاصيل ما اتخذه من هذه الاجراءات.

اما المادة 50فجاءت للحديث عن مكنة  التنازل عن الحصانت والامتيازات وحدود ذلك ونصت على انه:

“…. ويجوز التنازل عنها بالقدر وطبقاً للشروط التي تقررها الوكالة في الحالات التي لا يكون من شأن التنازل فيها الاضرار بمصالحها. وعلى الوكالة أن تتنازل عن حصانة موظفيها في الحالات التي ترى الوكالة أن من شأن التمسك بالحصانة اعاقة سير العدالة وأنه من الممكن التنازل عنها دون اضرار بمصالح الوكالة”.

 

المبحث الثالث: احكام العضوية في الوكالة الانسحاب منها[4]:

مطلب اول: العضوية:

تكون العضوية في الوكالة مفتوحة لجميع أعضاء البنك الدولي وسويسرا (المادة 4 (أ) ) غير أنه ليس ثمة التزام على أعضاء البنك بالانضمام إلى عضوية الوكالة. وتعكس نصوص الاتفاقية الأهمية التي تضيفها على اشتراك كل من الدول المصدرة والدول المستوردة لرأس المال، وينعكس ذلك بصفة خاصة في النصوص المتعلقة بسريان الاتفاقية (المادة 61 (ب) ) وبالتصويت (المادة 39).

والمادة 4  حينما تحدثت عن العضوية قالت بوضوح:

“أ-      العضوية في الوكالة مفتوحة لجميع الدول الاعضاء في البنك وسويسرا.

ب-      الأعضاء الأصليون في الوكالة هي الدول المدرجة في الجدول (1) الملحق بهذه الاتفاقية والتي أصبحت أطرافاً في هذه الاتفاقية في 3 أكتوبر (تشرين أول) 1987 أو قبل ذلك التاريخ.”

مطلب ثان: الانسحاب ووقف العضوية ووقف العمليات:

بالنظر الى نصوص الاتفاقية المتعلقة بالانسحاب من عضوية الوكالة وبوقف العضوية فيها وبوقف عملياتها نجد انه يجوز لأي عضو الانسحاب من الوكالة في أي وقت بأخطار يوجهه إليها طبقاً للمادة 51. غير أنه ضماناً للاستمرارية في عمليات الوكالة وخاصة في سنواتها الأولى، ولا يجوز للعضو أن ينسحب قبل انقضاء ثلاث سنوات على عضويته في الوكالة ويجوز لمجلس المحافظين طبقاً للمادة 52 (أ) وقف عضوية العضو الذي أخل بالتزاماته في ظل أحكام الاتفاقية. ولا يجوز للعضو الموقوف خلال فترة وقفه أن يباشر الحقوق أو يتمتع بالامتيازات المنصوص عليها في الاتفاقية باستثناء الحقوق الاجرائية وحق الانسحاب من العضوية ويظل العضو مسؤولا عن جميع التزاماته (المادة 52 (ب) )، وتظل الدولة التي تفقد صفة العضوية مسؤولة عن جميع التزاماتها، بما في ذلك التزاماتها المحتملة تجاه الوكالة التي تم الالتزام بها قبل انتهاء عضويتها ما لم يتم الاتفاق مع الوكالة على ترتيبات أخرى في هذا الصدد (المادة 53).

وتجيز المادة 54 لمجلس الإدارة أن يوقف عمليات الوكالة وأنشطتها الأخرى. ويجوز لمجلس المحافظين طبقاً للمادة 55 أن يقرر بالأغلبية الخاصة تصفية الوكالة، ولا يجوز توزيع أصول الوكالة على الأعضاء بعد التصفية إلا بعد أن تسدد جميع الخصوم المستحقة على الوكالة أو تتم تسويتها على نحو ما (المادة 55 (ب) ).

وتنص المادة 55 (ج) على أن يتم أي توزيع لأصول الوكالة المتبقية على الأعضاء بنسبة نصيب كل عضو في رأس المال المكتتب فيه. كما يتم أي توزيع للأصول المتبقية في صندوق الاستثمارات المؤيدة على الأعضاء المؤيدين بنسبة الاستثمارات المؤيدة من كل منهم إلى مجموع الاستثمارات المؤيدة. ولا يكون لأي عضو الحق في نصيبه في الاصول إلا إذا قام ذلك العضو بتسوية جميع مطالبات الوكالة القائمة قبله. ويمكن من الناحية العملية اجراء المقاصة بين مستحقات الوكالة قبل العضو ونصيب العضو في الأصول بحث يقتصر التزام الوكالة على دفع المبالغ المتبقية بعد اجراء المقاصة. وتخول المادة المذكورة الوكالة توزيع الأصول بالطريقة التي يراها مجلس المحافظين “محققة للعدالة والمساواة”. ويستهدف هذا النص أن يتم التصرف في الأصول بأكثر الطرق اقتصاداً. ومن المقصود أن تتبع المبادئ المستقرة في شأن الشركات بحيث تتم تقييم الأصول العينية التي تمنح لعضو من الأعضاء من قبل جهة مستقلة ثم خصمها من نصيبه في التوزيع.

وبالعودة للنص القانوني فان المادة 51 ولغاية المادة 54 تتحدث عن احكام الانسحاب ووقف العضوية والعمليات

فالمادة 51المخصصة لاحكام  الانسحاب تتحدث عن انه يجوز لأي عضو بأخطار كتابي يوجهه إلى الوكالة في مقرها الرئيسي الانسحاب من الوكالة في أي وقت بعد مضي ثلاث سنوات من تاريخ سريان هذه الاتفاقية في شأنه، وتقوم الوكالة بأخطار البنك بصفته جهة ايداع الاتفاقية بتسلمها أخطار العضو، ويصبح الانسحاب نافذاً بعد انقضاء تسعين يوما من تاريخ تسلم الوكالة للاخطار، كما يجوز للعضو أن يسحب اخطاره خلال هذه الفترة.

اما المادة  52المخصصة لاحكام  وقف العضويةفهي تنص على انه:

أ-        يجوز لمجلس المحافظين بأغلبية أعضائه الذين يمثلون أغلبية الأصوات وقف عضوية العضو الذي أخل بالتزاماته في ظل أحكام هذه الأتفاقية.

ب-      لا يجوز للعضو الموقوف أن يباشر خلال فترة وقفه الحقوق المخولة له بمقتضى هذه الاتفاقية، باسثناء حق الانسحاب والحقوق الأخرى المنصوص عليها في هذا الفصل وفي الفصل التاسع، ويظل العضو مسؤولاً عن جميع التزامات العضوية أثناء فترة الوقف.

ج-      لا يعامل العضو الموقوف معاملة العضو في الوكالة لأغراض تقرير الصلاحية للضمان أو اعادة التأمين طبقاً للفصل الثالث أو للملحق (1) المرفق بهذه الاتفاقية.

د-       تنتهي عضوية العضو الموقوف تلقائياً بعد مرور سنة من تاريخ وقفه ما لم يقرر مجلس المحافظين مد فترة الوقف أو الغائه.

وتؤكدالمادة 53في حديثها عن  حقوق وواجبات الدول التي تفقد صفة العضويةعلى انه:

أ-        تظل الدولة التي تفقد صفة العضوية مسؤولة عن جميع التزاماتها، بما في ذلك التزاماتها المحتملة طبقا لهذه الاتفاقية، والتي تم الالتزام بها قبل انتهاء عضويتها.

ب-      مع عدم الاخلاء بالفقرة (أ) أعلاه، تتفق الوكالة مع الدولة التي تفقد صفة العضوية على الترتيبات اللازمة لتسوية المطالبات والالتزامات المتبادلة بينهما. وتتعين موافقة مجلس الإدارة على هذه الترتيبات.

اما المادة 54التي تعرض  لوقف العمليات فانها تنص على انه:

أ-        يجوز لمجلس الإدارة وقف اصدار الضمانات لفترة محددة إذا رأى حاجة إلى ذلك.

ب-      يجوز لمجلس الإدارة في الحالات الاستثنائية الطارئة أن يوقف جميع أنشطة الوكالة لمدة لا تجاوز فترة قيام الحالة الاستثنائية وذلك بشرط اتخاذ الاجراءات اللازمة للمحافظة على مصالح الوكالة ومصالح الغير.

ج-      لا يترتب على قرار وقف عمليات الوكالة أي أثر على التزامات الأعضاء وفقا لهذه الاتفاقية أو التزامات الوكالة قبل المستفيدين من الضمان أو من وثيقة اعادة التأمين أو قبل الغير.

الفصل الثاني: الاحكام المالية والادارية

يتبع الهيكل التنظيمي للوكالة النمط المتبع في المؤسسات المالية الدولية الأخرى وخاصة البنك الدولي. ويضم الهيكل التنظيمي للوكالة مجلس المحافظين ومجلس الإدارة ورئيس الوكالة وهيئة الموظفين (المادة 30).

ويتألف مجلس المحافظين من محافظ ونائب للمحافظ لكل عضو من أعضاء الوكالة (المادة 31). ولاتفرض الاتفاقية على الأعضاء أية قيود بشأن تعيين المحافظين ونوابهم. ويعقد مجلس المحافظين اجتماعا سنويا. كما يجوز له أن يعقد اجتماعات أخرى تبعا لما يتراءى له أو بناء على دعوة من مجلس الإدارة. ويتمتع مجلس المحافظين بجميع السلطات المخولة للوكالة عدا السلطات المخولة على وجه التحديد لجهاز آخر من أجهزتها بمقتضى أحكام الاتفاقية. ويجوز لمجلس المحافظين أن يفوض مجلس الإدارة في مباشرة أية سلطة من سلطاته عدا السلطات المنصوص عليها في المادة 31 (أ) كسلطة قبول أعضاء جدد أو ايقاف العضوية أو تصنيف الأعضاء لأغراض التصويت أو كدول نامية أعضاء، أو اقرار تغييرات في رأس المال أو تعديل النسبة المنصوص عليها في المادة 22 (أ)، أو تقرير مكافآت أعضاء مجلس الإدارة أو تعديل الاتفاقية أو ايقاف عمليات الوكالة وتصفيتها وتوزيع أصولها على الأعضاء.

-ويتم انتخاب مجلس الإدارة طبقا للمادة 41 (أ) والجدول (ب) المرفق بالاتفاقية. ويكون مجلس الإدارة مسؤولاً عن عمليات الوكالة العامة (المادة 32 (أ) )، وهي مسؤولية شاملة لكافة المسائل المتعلقة بسياسات الوكالة ولوائحها ولكنها لا تمتد إلى إدارة شؤون الوكالة العادية التي يضطلع بها رئيس الوكالة وموظفوها. ويجوز لمجلس الإدارة اتخاذ أي تصرف تتطلبه الاتفاقية أو تسمح به. ويحدد مجلس المحافظين مدة خدمة أعضاء مجلس الإدارة طبقاً للمادة 32 (ج). ويتألف مجلس الإدارة من عدد من الأعضاء لا يقل عن اثني عشر عضواً، ويقرر مجلس المحافظين عدد أعضاء مجلس الإدارة كما يجوز له تعديل ذلك العدد آخذا في الاعتبار التغيرات التي تطرأ على العضوية. ويجري انتخاب ربع عدد أعضاء مجلس الإدارة على حدة، وينتخب كل من الأعضاء المالكين لأكبر عدد من الأسهم واحدا منهم. ويقوم الأعضاء الآخرون بانتخاب باقي أعضاء مجلس الإدارة أن يعين مديرا مناوبا (المادة 32 (ب) ). ويجتمع مجلس الإدارة بدعوة يوجهها رئيس المجلس سواء من تلقاء نفسه أو بناء على طلب ثلاثة من أعضاء المجلس (المادة 32 (د) ).

-ويعين رئيس الوكالة من قبل مجلس الإدارة بناء على ترشيح رئيس المجلس (المادة 33 (ب) )، ويضطلع رئيس الوكالة بمسؤولية إدارة شؤونها العادية تحت الاشراف العام لمجلس الإدارة، وتعيين وتنظيم وفصل الموظفين (المادة 33 (أ) ). وتنصرف النية إلى الاحتفاظ بعدد موظفي الوكالة في حدود ضيقة مع مراعاة كفاية الوكالة وسلامتها. ويحدد مجلس المحافظين مرتب الرئيس وأحكام عقد خدمته (المادة 33 (ب) )، وهو ما يشابه النظام المتبع في البنك الدولي .

–        وتحظر م 34 تدخل الوكالة أو رئيسها أو موظفيها في “الشؤون السياسية” لأي عضو. وليس من شأن ذلك الحظر منع الوكالة من أن تأخذ في اعتبارها جميع الظروف المحيطة ذات الصلة بقراراها الخاصة باصدار الضمانات أو بانشطتها في مجال تشجيع الاستثمار.

–        ويكون مقر المركز الرئيسي للوكالة في مدينة واشنطن، مقاطعة كولومبيا، ما لم يقرر مجلس المحافظين بالأغلبية الخاصة انشاء المركز الرئيسي في موقع آخر (المادة 26 (أ) ). ويجوز للوكالة طبقا للمادة 36 (ب) انشاء مكاتب أخرى وفقا لما تقتضيه أعمالها.

-اما بخصوص العلاقة بين البنك  الدولي والوكالة، فإن الاتفاقية لا تتضمن سوى الحد الأدنى من الصلات بين المؤسستين فيما تنص عليه من أن يكون رئيس البنك رئيسا بحكم المنصب لمجلس إدارة الوكالة (المادة 32 (ب) )، ومن شأن تلك الصلة تعضيد دور الوكالة كمؤسسة تنمية دولية ومساعدتها على كسب الاعتراف اللائق بها دون المساس بدوري المؤسستين المختلفتين. وقد ترى الوكالة الدخول في اتفاقات تعاونية مع البنك أو مع شركة التمويل الدولية، أو مع كليهما، تخولها الاستعانة بالخدمات الفنية والإدارية التي تحتاج إليها . هذه لمحة عامة عن التنظيم الاداري للوكالة ، وسوف نتعرض الان  للحديث عن التصويت في الوكالة وراسمالها ثم الاكتتاب فيها.

المبحث الاول: رأس المال والاكتتاب:

–        لم يكن للوكالة في ظل مقترحات البنك الدولي السابقة رأس مال خاص بها، وكان عليها تبعا لذلك أن تقوم بعملياتها نيابة عن الدول الأعضاء التي تؤيد استثمارات لغرض ضمانها من جانب الوكالة. وخلافاً لذلك تنص الاتفاقية على أن يكون للوكالة رأس مالها الخاص (المادة 5)، ويكون لها اصدار ضمانات لحسابها تكملها ضمانات تصدرها في شأن الاستثمارات التي يؤيدها الأعضاء (المادة 24 والملحق (1) المرفق بالاتفاقية). وتسمح الاتفاقية للوكالة بأن توفر غطاء الضمان بما يجاوز عدة أضعاف رأس المال المكتتب فيه (انظر المادة 22).

–        وتنص الاتفاقية على أن يكون رأس المال المرخص به ألف مليون من حقوق السحب الخاصة، يقسم إلى مائة ألف سهم بقيمة اسمية قدرها عشرة آلاف من حقوق السحب الخاصة لكل منها. وتتم تسوية التزامات الأعضاء بدفع مبالغ رأس المال على أساس متوسط قيمة الواحد من حقوق السحب الخاصة بالدولار الأمريكي خلال الفترة من 10 يناير 1981 إلى 30 يونيه 1985، وهو 1.082 دولار لحق السحب الخاص، ويلاحظ أن التاريخ الأول هو التاريخ الذي تم فيه اختيار مجموعة العملات التي يتكون منها حق السحب الخاص في الوقت الراهن (المادة 5 (أ) )، وبعد تمام الاكتتاب في رأس المال المرخص به، يزاد رأس المال تلقائياً عند انضمام عضو جديد بالقدر الذي يتطلبه توفير الاسهم التي يكتتب فيها العضو المنضم (المادة 5 (ب) ). ويجوز لمجلس المحافظين أن يقرر زيادة رأس المال في أي وقت بالأغلبية الخاصة، أي بموافقة ما لا يقل عن ثلثي مجموع الأصوات التي تمثل خمسة وخمسين في المائة من الأسهم المكتتب فيها في رأس مال الوكالة (المادة 5 (ج) والمادة 3 (د) ).

–        ويتعين على كل عضو أن يكتتب في رأس مال الوكالة. وتنص المادة 6 على حد أدنى للاكتتاب قدره 50 سهما (500.000 من حقوق السحب الخاصة)، ومن شأن ذلك أن يصبح لجميع الأعضاء الذين ينضمون بعد ذلك. وبينما سيتم اصدار الأسهم إلى الأعضاء الأصليين بقيمتها الأسمية، فقد خول مجلس المحافظين سلطة تحديد شروط وأحكام اكتتابات الأعضاء الذين ينضمون بعد ذلك مع مراعات ألا يقل ثمن اصدار السهم عن القيمة الاسمية له، وعليه فقد يرى مجلس المحافظين مناسبة تحديد اتمان اصدار للاسهم تزيد على قيمتها الاسمية إذا كانت الوكالة وقت انضمام الأعضاء الجدد قد كونت احتياطيات (المادة 6).

–        وتنص الاتفاقية على وجوب دفع عشرة في المائة من ثمن كل سهم نقدا. ودفع عشرة في المائة بالاضافة إلى ذلك في شكل سندات ذاتية غير قابلة للتحويل ومعفاة من الفوائد أو صكوك مالية مماثلة يتم صرفها وفقا لقرار من مجلس الإدارة. ويتوخى من الدفعات النقدية تغطية تكاليف بدء العمليات والمصاريف الإدارية والمطالبات المحتملة التي قد تنشأ في ظل ضمانات الوكالة، بينما تسمح الترتيبات الخاصة بالسندات الأذنية الغير قابلة للتحويل ببقاء المبالغ التي تمثلها هذه السندات في حوزة البنوك المركزية للأعضاء مع توفير غطاء في حالة مطالبة الوكالة في سنيها المبكرة بمبلغ كبير. ويستهدف مما تقدم تعضيد مركز الوكالة منذ البداية كمؤمن يرتكز على أساس مالي سليم. وتظل الثمانون في المائة الباقية من رأس المال المكتتب فيه تحت طلب الوكالة إذا احتاجت ذلك للوفاء بالتزاماتها (المادة 7). ويتعين تأكيد أنه ليس من المنتظر أن تلجأ الوكالة إلى صرف السندات الاذنية المذكورة أو إلى المطالبة بالجزء غير المدفوع من رأس المال، إذ من المتوقع أن تقوم الوكالة بعملياتها على أسس سليمة بما يمكنها من الحفاظ على قدرتها على مواجهة التزاماتها المالية في ظل سائر الظروف (انظر المادة 25). وتنص المادة 8 (ج) على أنه في حالة اخلال عضو بالتزامه بالدفع استجابة لاستدعاء من الوكالة فأنه يجوز للوكالة أن تقوم باستدعاءات متتابعة للمبالغ غير المدفوعة من رأس المال المكتتب فيه.

–        ومع مراعاة الاستثناء المحدود الموضح ادناه، يدفع مبالغ الاكتتاب المستحقة الدفع بعملة قابلة للاستخدام الحر طبقاً لتعريف بنك العملة الوارد في الاتفاقية (المادتان 3 (د) و 8) وهو ما تستوجبه المحافظة على سلامة الوكالة المالية ويفرضه تصورها كمؤمن يتمتع بالملانة الواجبة. وقد حولت الاتفاقية مجلس الإدارة بعد التشاور مع صندوق النقد الدولي سلطة اضفاء صفة “القابلية للاستخدام الحر” على عملات أخرى بالاضافة إلى العملات التي يضفي عليها صندوق النقد الدولي هذه الصفة. ومن ثم فيجوز لمجلس الإدارة اضفاء هذه الصفة على عملة من العملات إذا اطمأن إلى امكان استخدامها لأغراض الوكالة وإذا وافقت الدول صاحبة تلك لعملة على ذلك (المادة 3 (هـ). وتجيز الاتفاقية للدول النامية توخياً لتخفيف العبء المالي الواقع عليها أن تدفع نسبة لا تجاوز خمسة وعشرين في المائة من الاكتتابات واجبة الدفع نقداً بعملاتها المحلية. ولا يتوقع بالنظر إلى اضافة المبالغ المعنية أن يكون لذلك أثر سلبي على وضع الوكالة المالي.

-تنص الاتفاقية على أن تقوم الوكالة في ظروف معينة برد مبالغ من رأس المال قام الأعضاء بدفعها استجابة لاستدعاء الوكالة. ويتعين رد تلك المبالغ إلى الأعضاء بعملات قابلة للاستخدام الحر وبنسبة المبلغ الذي دفعه العضو إلى مجموع المبالغ التي تم دفعها بناء على الاستدعاء (المادة 10 (ب) ). وفي حالة ما إذا استردت الوكالة دفعات من دولة من الدول المضيفة بعملة غير قابلة للتحويل الحر، فأنه يتوقع أن تقوم الوكالة برد المبالغ التي قام الاعضاء بدفعها بمجرد تمكنها من تحويل هذه المبالغ إلى عملات يمكن استخدامها. ويعتبر المبلغ المعادل للمبالغ التي تقوم الوكالة بردها إلى الأعضاء جزءا من رأس المال القابل للاستدعاء الذي يلتزم الأعضاء به (المادة 10 (ج) ). وذلك كله تخفيفاً للعبء المالي لجميع الأعضاء.

ولعل ذلك يبدو جليا في نص المادة 5 و ما بعدها . فالمادة 5 تحدثت عن رأس المال حيث تقول:

“أ-      رأس مال الوكالة المرخص به هو ألف مليون (1.000.000.000) من حقوق السحب الخاصة ويقسم إلى 100.00 سهم بقيمة اسمية قدرها عشرة آلاف (10.000) من حقوق السحب الخاصة لكل منها تطرح لاكتتاب الاعضاء. وتتم تسوية جميع التزامات الاعضاء المتعلقة بدفع مبالغ رأس المال على أساس متوسط قيمة الواحد من حقوق السحب الخاصة بالدولار الأمريكي خلال الفترة من 1 يناير 1981 إلى 30 يونيه 1985، وهو 1.082 دولار لحق السحب الخاص.

ب-      يزاد رأس المال عند انضمام عضو جديد إذا لم يمكن رفير الأسهم التي يكتتب فيها ذلك العضو طبقاً للمادة 6 عن طريق رأس المال المرخص به في ذلك الوقت.

ج-      يجوز لمجلس المحافظين أن يقرر بالأغلبية الخاصة زيادة رأس المال في أي وقت.”

اما المادة 6فتتعرض  للاكتتاب في الاسهم:

يكتتب كل عضو أصل في الوكالة في رأس المال بعدد الاسهم المبين قرين اسمه في الجدول (1) الملحق بهذه الاتفاقية وبالقيمة الاسمية لهذه الاسهم. ويكتتب كل عضو آخر في رأس المال بعدد الاسم ووفقاً للأحكام والشروط التي يقررها مجلس المحافظين، على إلا يقل ثمن اصدار السهم عن القيمة الاسمية له. ولا يجوز أن يقل عدد الاسهم التي يكتتب فيها العضو عن خمسين سهماً. ولمجلس المحافظين أن يضع قواعد تجيز للاعضاء الاكتتاب في رأس المال بأسهم اضافية.

وبملاحظة المادة 7 نجدها تتعرض لتقسيم رأس المال وتسديد الاكتتاب فيه:

يدفع الاكتتاب الأولى لكل عضو على النحو التالي:

1-      تدفع عشرة في المائة من ثمن كل سهم نقداً على النحو المنصوص عليه في الفقرة (أ) من المادة 8 خلال تسعين يوماً من تاريخ سريان هذه الاتفاقية في شأن العضو المعنى. وتدفع عشرة في المائة، بالإضافة إلى ذلك، في شكل سندات اذنية غير قابلة للتحويل ومعفاة من الفوائد أو صكوك مالية مماثلة، يتم صرفها وفقا لقرار من مجلس الادارة لمواجهة التزامات الوكالة.

2-      ويظل الباقي تحت طلب الوكالة كلما احتاجت إلى ذلك للوفاء بالتزاماتها.

اما المادة 8 فتتحدث عن  دفع ثمن الاسهم المكتتب فيها وتنص على :

أ-        تدفع مبالغ الاكتتابات بعملات قابلة للتحويل الحر، على أنه يجوز للدول النامية الاعضاء أن تدفع بعملاتها المحلية نسبة لا تجاوز خمسة وعشرين في المائة من مبلغ الاكتتابات الواجبة الدفع نقدا طبقاً للمادة 7 (1).

ب-      تكون الاقساط التي يطلب دفعها من أي جزء من الاكتتابات غير المدفوعة متماثلة بالنسبة لجميع الاسهم.

ج-      في حالة عدم كفاية المبلغ الذي تلقته الوكالة بناء على استدعاء (طبقا للمادة 7 (2) للوفاء بالالتزامات التي استوجبت ذلك الاستدعاء، يجوز للوكالة أن تقوم باستدعاءات متتابعة غير المدفوعة من رأس المال، وذلك أن يصل مجموع المبالغ التي تلقتها الوكالة إلى القدر الكافي لمواجهة تلك الالتزامات.

د-       مسؤولة الأعضاء عن الاسهم محدودة بالجزء غير المدفوع من ثمن اصدار السهم.

المبحث الثاني: التصويت وتعديلات الاكتتابات في رأس المال والتمثيل:

يقوم نظام التصويت في الوكالة على أساس افتراض أن لكل من دول الفئة الأولى والفئة الثانية مصلحة متساوية في الاستثمارات الأجنبية، وأن التعاون بينهم أمر بالغ الأهمية، وأنه يتعين لذلك أن يكون لكل من المجموعتين من الدول، بعد انضمام جميع الدول التي تتمتع بصلاحية العضوية إلى الوكالة، قوة تصويت متساوية (50/50). ومن المسلم به وجوب أن تعكس قوة التصويت التي يتمتع بها العضو مساهمته النسبية في رأس المال. ولذلك تنص الاتفاقية على أن يكون لكل عضو 177 صوتاً للعضوية يضاف إليها صوت واحد عن كل سهم يملكه في رأس المال (المادة 39 (أ) ). وقد تم حساب أصوات العضوية على نحو يكفل – إذا انضم للوكالة جميع أعضاء البنك – تمتع الدول النامية كمجموعة بنفس قوة التصويت التي تتمتع بها الدول المتقدمة كمجموعة. وتوخياً لحماية المجموعة التي تمثل الأقلية قبل تحقق هذه المساواة، نص على اعطاء تلك المجموعة، خلال السنوات الثلاث التالية لنفاذ الاتفاقية، أصواتا تكميلية بالقدر اللازم لرفع مجموع أصواتها إلى أربعين في المائة من مجموع الأصوات. وتوزع الأصوات التكميلية المذكورة على أعضاء المجموعة المعنية بنسبة عدد أصوات الاكتتاب لكل منهم. وتعدل تلك الأصوات التكميلية تلقائيا، سواء بالزيادة أو النقصان على حسب الحال، بما يكفل الحفاظ على نسبة الأربعين في المائة. (المادة 39 (ب) ). وتلغى الأصوات التكميلية حينما تحصل المجموعة المعنية على أربعين في المائة من مجموع الأصوات عن طريق أصوات الاكتتاب والعضوية، إذ تحقق ذلك خلال الفترة الانتقالية المشار إليها. وفي جميع الأحوال تلغى الاصوات التكميلية في نهاية فترة الثلاث سنوات المذكورة، ويتعين خلال فترة الثلاث السنوات أن تصدر جميع قرارات مجلس المحافظين ومجلس الإدارة بالأغلبية الخاصة. أي بموافقة ما لا يقل عن ثلثي مجموع الأصوات على أن تمثل ما لا يقل عن خمسة وخمسين في المائة من الاسهم المكتتب فيها في رأس المال. واستثناء مما تقدم يجب أن تصدر القرارات التي تشترط الاتفاقية صدورها بأغلبية أعلى بالاغلبية المشترطة (المادة 39 (د) )، ومثال ذلك حالات اجراء تعديلات معينة لنصوص الاتفاقية (المادة 59 (أ) ).

ويتعين على مجلس المحافظين، طبقاً للمادة 39 (ج)، أن يقوم في خلال السنة الثالثة بعد نفاذ الاتفاقية بمراجعة تخصيص الأسهم مستهدياً في قراره بالمبادئ الثلاثة التالية:

أ-        وجوب أن تعكس الاصوات التي يتمتع بها الأعضاء اكتتاباتهم الفعلية في رأس مال الوكالة وأصوات العضوية.

ب-      ووجوب عرض الاسهم المخصصة أصلاً لدول لم توقع على الاتفاقية للتوزيع على الأعضاء بالطريقة التي تمكن من تحقيق المساواة فيما يتعلق بالتصويت بين النامية والدول المتقدمة.

ج-      وجوب اتخاذ مجلس المحافظين للاجراءات المناسبة التي تكفل التيسير على الأعضاء بما يمكنهم من الاكتتاب في الاسهم المخصصة لهم. وتستهدف اعادة التوزيع تحقيق المساواة فيما يتعلق بالتصويت بين مجموعتي الدول الأعضاء على أساس اكتتاباتهم النسبة وأصوات العضوية.

وحماية لحقوق التصويت التي يتمتع بها الأعضاء من النقصان نتيجة الزيادة العامة في رأس المال، تخول المادة 39 (هـ) لكل عضو في الوكالة حق الاكتتاب في جزء من الزيادة بنسبة الأسهم التي يملها إلى مجموع أسهم رأس مال الوكالة قبل الزيادة. 

الباب الثاني: نطاق اعمال اتفاقية انشاء الوكالة الدولية لضمان الاستثمار

 

الفصل الاول: النطاق الموضوعي

سوف نعرض هنا للحديث عن العمليات التي تقوم بها الوكالة والمخاطر والاستثمارات والمستثمر الصالحين للضمان ضمن الوكالة ، والشروط المتطلبة للحصول على هذا الضمان.

 

المبحث الاول :المخاطر الصالحة لضمان الوكالة:

اتى انشاء الوكالة الدولية لضمان الاستثمار استجابة لحاجة ملحة تنطوي على ضمان نوع من المخاطر، من الممكن ان تتعرض له الاستثمارات الاجنبية، وهذه المخاطر هي المخاطر التي تكون الدولة المضيفة هي السبب المباشر في تحققها، لا يد للمستثمر الاجنبي فيها ولا حول ولا قوة.

لذلك اتت الاتفاقية ونصت على تغطية المخاطر غير التجارية، ايمانا منها بان المخاطر التجارية تدخل ضمن توقعات الافراد، عند تحديدهم لمفهوم مخاطر المشروع، واحتماليات الربح والخسارة، فضلا عن ان تغطية المخاطر التجارية سوف يتسبب باضعاف المقدرة المالية للوكالة، وجعلها عاجزة مع مرور الوقت عند الايفاء بالتزاماتها تجاه المشاريع المضمونة، ولهذا كانت هذه الاتفاقية ذات وظيفة واحدة هي ضمان المخاطر غير التجارية، ولكن قبل ان نتعرف على ماهية المخاطر التي تدخل ضمن نطاق ضمان الوكالة، يجب التعرف على العوامل التي تاخذ الوكالة بها بعين الاعتبار عند تقييم المخاطر التي تضمنها ,فبالاضافة الى المخاطر التي قد تتعرض لها الاستثمارات من قبل الدولة، يؤخذ بالاعتبار مخاطر المشروع ذاته، كموقع المشروع، والمجال الذي يستثمر فيه المشروع، واهميته، وجدواه، وملاءته المالية، واحتمالات الربح والخسارة، ومقدار مشاركة المحليين والاجانب من المستثمرين، او المشاركة المقدمة من المؤسسات الدولية.

وبالعودة الى المخاطر التي تدخل ضمن نطاق ضمان الميغا، فقد نصت م 11 على هذه المخاطر وهي على سبيل الحصر:

مخاطر القيود على تحويلات العملة.

مخاطر المصادرة والتأميم.

مخطر الحرب والعصيان المدني.

مخاطر فسخ العقد او الاخلال به.

مطلب اول: مخاطر القيود على تحويلات العملة:

 

تعرف م 11 /فقرة أ هذه المخاطر بشكل عام، بحيث تشمل جميع صور القيود سواء المباشرة او غير المباشرة ,والتي تفرضها الدولة، على تحويل العملة بصورة قانونية او عملية.

وتشترط هذه المادة ان تكون هذه المخاطر قد تسببت بفعل من الدولة المضيفة او احد اجهزتها او هيئاتها العامة. ومن ثم فإن اي اجراء تتخذه الدولة بحق المشروع ,يؤدي الى وضع قيود على تحويل العملة من والى الدولة المضيفة ذهابا وايابا، هو خاضع لضمان الوكالة الدولية لضمان الاستثمار.

ولعل ذلك يأتي ضمن ما يعرف بسياسا ت تشجيع التجارة الدولية وحثها على التقدم والازدهار(1).

مطلب ثان: خطر التأميم:

وتنص المادة 11 بفقرتها أ على خطر التأميم كثاني المخاطر المغطاة بضمان الوكالة.

وتشمل هذه المخاطر اتخاذ الحكومة المضيفة لاي اجراء تشريعي او اي اجراء اخر، يترتب عليه حرمان المستفيد من ملكيته او الحد منها، او الاضرار بمنافع اساسية لاستثماره، ويشمل ذلك اي اجراءات تتخذها السلطة التنفيذية.

ولا تشمل هذه الاجراءات تلك التي تتخذها الدولة في اطار الاجراءات العامة، والتي تخذها بقصد تنظيم النشاط الاقتصادي، والتي تتصف بصفة العمومية، ولا يقصد بها المستثمر بعينه (2).

 

ومن امثلة هذه الاجراءات ,تشريعات الضرائب وحماية البيئة والعمال، واجراءات السلامة العامة، ما لم تنطو هذه الاجراءات على تفرقه تضر بالمستفيد من الضمان.

ويتعين على الوكالة في تعريف تلك الاجراءات ان تحرص على الا يؤدي ذلك الى الاضرار بحقوق الدولة المضيفة، او المستثمرين في ظل اتفاقيات الاستثمار الثنائية او الاتفاقات الاخرى او القانون الدولي(3) بما يحقق في النهاية عدالة، بقدر المستطاع بين اطراف المعادلة الاستثمارية، الدولة المضيفة من جهة والمستثمر الاجنبي من جهة اخرى.

مطلب ثالث: خطر الاخلال بالعقد:

اما ثالث المخاطر المغطاة بضمان الوكالة، فنصت عليه م 11 فقرة أ وهو خظر الاخلال بالعقد.

ويحق للمستثمر التمتع بهذا الضمان اذا استنفد كل الطرق في الحصول على تعويض نتيجة الاخلال بعقد الاستثمار، او كانت هذه الطرق فيها من المعوقات ما يحتوي على عدم وجود مبررات لذلك، او في جميع الاحوال، ان لا يكون باستطاعة لمستثمر الحصول على حقوقه نتيجة الاخلال بعقد الاستثمار.

ذلك يعني ان على المستثمر ان يلجأ اولاً الى الحصول على تعويضه بسبب الاخلال بالشروط العقدية طبقاً للقانون المدني او أي قانون اخر، فإن لم ينجح لجأ لهذا الضمان.

مطلب رابع: خطر الحرب:

اما رابع هذه المخاطر القابلة لضمان الوكالة فقد نصت المادة 11 فقرة أ (4) عليها وهو خطر الحرب والاضطرابات المدنية او ما يعرف بالعصيان المدني.

 

ويشمل هذا الخطر الثورات والحروب، والتمرد والانقلابات، والاحداث السياسية التي تخرج عن سيطرة الحكومة المضيفة.

 

ولا تشمل هذه المخاطر، الاعمال والانشطة الارهابية التي تستهدف المستثمر بعينه، والتي من الممكن تغطيتها حسب المادة 11 فقرة ب.

هذا وتستطيع الوكالة بناء على المرونة التي تتمتع بها الاتفاقية، ان تغطي مخاطر غير تجارية اخرى، بناء على طلب مشترك من المستثمر والدولة المضيفة، بموافقة مجلس ادارة الوكالة بالاغلبية الخاصة لذلك(2).

 

 

اذن فان المادة 11 هي التي خصصت للحديث عن  المخاطر الصالحة للضمان فنصت على:

أ-        مع مراعاة أحكام الفقرتين (ب) و (ج) من هذه المادة يجوز للوكالة ضمان الاستثمارات الصالحة للضمان ضد الخسائر المترتبة على واحد أو أكثر من أنواع المخاطر التالية:

1- تحويل العملة:

فرض قيود تعزى إلى الحكومة المضيفة على التحويل الخارجي لعملتها إلى عملية قابلة للتحويل الحر، أو عملة أخرى مقبولة للمستفيد من الضمان، ويشمل ذلك تراخي الحكومة المضيفة في الموافقة خلال فترة معقولة على طلب التحويل المقدم من المستفيد من الضمان.

2- التأميم والاجراءات المماثلة:

اتخاذ الحكومة المضيفة لاجراء تشريعي أو اتخاذها أو قعودها عن اتخاذ اجراء اداري مما يترتب عليه حرمان المستفيد من الضمان من ملكيته أو من السيطرة على استثماره أو من منافع جوهرية لاستثماره. ويستثنى من ذلك الاجراءات عامة التطبيق التي تتخذها الحكومات عادة لتنظيم النشاط الاقتصادي في اراضيها والتي لا تنطوي على تفرقة تضر بالمستفيد من الضمان.

 

3- الاخلال بالعقد:

نقض الحكومة المضيفة لعقد بينها وبين المستفيد من الضمان او اخلالها بالتزاماتها في ظل ذلك العقد، وذلك في الأحوال التالية:

إذا كان من غير الممكن للمستفيد من المضان اللجوء إلى هيئة قضائية أو هيئة تحكيم للفصل في ادعائه نقض العقد أو الاخلال بأحكامه.

أو إذا لم تقم تلك الهيئة بالفصل في الادعاء خلال مدة معقولة على النحو المحدد في عقد الضمان طبقاً للوائح الوكالة.

أو إذا لم يكن من الممكن تنفيذ القرار الصادر من الهيئة المذكورة.

 

4- الحرب والاضطرابات المدينة:

أي عمل عسكري أو اضطرابات مدنية في اقليم الدولة المضيفة الذي تنطبق عليه أحكام هذه الاتفاقية وفقاً لنص المادة 66.

 

ب-      يجوز لمجلس الإدارة – بناء على طلب مشترك من المستثمر والدولة المضيفة أن يوافق بالاغلبية الخاصة على اضفاء الصلاحية للضمان على مخاطر غير تجارية محددة خلال المخاطر المشار إليها في الفقرة (أ) من هذه المادة على ألا يشمل ذلك مخاطر تخفيض أو انخفاض قيمة العملة.

ج-      لا تجوز تغطية الخسائر الناتجة عما يلي:

1- اتخاذ الحكومة المضيفة أو قعودها عن اتخاذ أي اجراء، إذا كان المستثمر المضمون قد وافق على هذا الاجراء أو كان مسؤولاً عن اتخاذه.

2-      أي اجراء تتخذه الحكومة المضيفة وتقعد عن اتخاذه قبل ابرام عقد الضمان وأي حدث وقع قبل ابرام هذا العقد.

 

المبحث الثاني: الاستثمارات الصالحة للضمان:

بعد ان تعرضنا لانواع المخاطر الصالحة لضمان الوكالة الدولية لضمان الاستثمار، سوف نعرج في هذا المقام على ماهية الاستثمارات الصالحة لان تكون قابلة لضمان الوكالة، وقد اتت المادة 13 من الاتفاقية كي تعرف ماهية هذه الاستثمارات الصالحة للضمان، ومحورتها حول حقوق الملكية والقروض المتوسطة او طويلة الاجل التي يقدمها او يضمنها المشاركون في ملكية المشروع، وكذلك ما يحدده مجلس ادارة الوكالة من صور الاستثمار المباشر، بحيث يتضمن ذلك عقود الخدمات والادارة، والامتياز والترخيص، واتفاقات الشراكة سواءاتخذ الاستثمار صورة نقدية بحتة ام صورة عينية (1).

 

ولا بد لنا هنا من الاشارة الى ان القروض التي تعتبر داخلة ضمن اطار الاستثمارات الصالحة للضمان هي وحسب القروض طويلة الاجل او المتوسطة الاجل، اما ان تعلق الامر بقروض قصيرة الاجل فلا بد ان تتوفر فيها الشروط التي حددتها الفقرة ب من م 12.

وكذلك تضم الاستثمارات الصالحة للضمان المشاريع التي تم خصخصتها، الاستثمارات المتعلقة بالمساعده الفنية، والفرانشايز، والليزنغ، وعقود نقل التكنولوجيا.

وذلك تقوم الوكالة بضمان بقية انواع الاستثمارات التي يوافق عليها مجلس ادارة الوكالة. وتورد الاتفاقية شروطا لابد للوكالة ان تتحقق من توفرها عند القيام بضمان استثمار معين وهي:

1-      ان تلبي المشاريع الاستثمارية حاجات الدول المضيفة، كاشباع حاجاتها الاقتصادية، وخلق وظائف جديدة للايدي العاملة الوطنية، وتحقيق نقل فعال للتكنولوجيا.

2-      ان تتماشى المشاريع الاستثمارية مع قوانين ولوائح الدولة المضيفة.

3-      ان تكون المشاريع الاستثمارية ذات ملاءة مالية جيدة ,وسمعه اقتصادية حسنة .

ولتحقيق اهداف الوكالة تقتصر الضمانات التي تقدمها على الاستثمارات التي تتمتع بالسلامة الاقتصادية حتى يحول ذلك دون المساس بالملاءة والسلامة المالية للوكالة، ويتعين على الوكالة ان تتحقق من توفر الحماية الكاملة للاستثمارات التي يراد ضمانها، حتى لا تكون الاستثمارات في مهب رياح الدولة المضيفة، ان عنُ لها الحد من ملكية هذه الاستثمارات او المساس بها.

وتكون الحماية المعطاة للاستثمارات فاعلة ان كانت قوانين الدولة المضيفة للاستثمار تقدم مثل هذه الحماية، او كانت الوكالة قد توصلت لعقد اتفاق مع الدولة على اعطاء حماية للاستثمارات تحول دون وقوعها في مخاطر تكون اسبابها عائدة بشكل مباشر او غير مباشر للدولة.

ولعل الاتفاقية كانت موفقة في صياغتها عندما نصت على ان الاستثمار القابل للضمان يجب ان يتضمن فوائد متساوية وعادلة للدولة المضيفة والمستثمر بما يحقق نوعا من الاستقرار بهذا الاستثمار، ونوعا من الامان لديه بان الدولة لن تحاول بان تحد من ملكية هذا الاسثمار قولا منها بأنه يفتئت على حقوقها، ويسلب المنفعه التي تعود عليها.

ولكن التساؤل المطروح ما هي المجالات التي يكون الاستثمار فيها قابلا لضمان الوكالة تجيب على ذلك الوكالة نفسها عندما وضعت دليلا الكترونيا لكل تطبيقات المعاهده، حيث ان اغلبية مجالات الاستثمار هي قابلة لان تغطى بضمانات المركز، وتتضمن على سبيل المثال وليس الحصر:

القطاع المالي، والاستثمار في مجال الغاز، والنفط والزيت، والصناعه، واعمال التعدين، والاعمال الزراعية، والبناء، واعمال البنية التحتية في الدولة المضيفة، ذلك ان هذا النوع من الاستثمارات محدد المخاطر، ونسبة المضاربة فيها ضئيلة. ام المجالات التي لا تصلح لان تكون محلا لضمان الوكالة فهي:

الاستثمار في المراهنات (واعمال المقامرة)، وانتاج السجائر (التمباك)، والاستثمار في قطاع الدفاع (حيث ان هذا حكر على الدولة)، والاستثمار في انتاج العقاقير غير المشروعه كالمخدرت، وكذلك انتاج الكحوليات، والسبب في استبعاد مثل تلك المجالات من ان تكون محلا لضمان الوكالة، يعود الى ان مثل تلك الاستثمارات غير مضمونة النتائج، وانها قائمة على نسبة عالية من المضاربة، ولعل جعلها محلا لضمان، يعرض السلامة المالية للوكالة للخطر(1).

وبالعودة للنص القانوني فإن المادة 12خصصت  للتعرض للاستثمارات الصالحة للضمان حيث نصت على ان:

أ-        تشمل الاستثمارات الصالحة للضمان حقوق الملكية والقروض المتوسطة أو الطويلة الأجل التي يقدمها أو يضمنها المشاركون في ملكية المشروع المعني، وما يحدده مجلس الإدارة من صور الاستثمار المباشر.

ب-      يجوز لمجلس الإدارة بالأغلبية الخاصة أن يضفي الصلاحية للضمان على أية أنواع أخرى من الاستثمارات المتوسطة أو الطويلة الأجل، إلا أنه لا يجوز ضمان قروض – خلاف القروض المنصوص عليها في الفقرة (أ) أعلاه – إلا إذا ارتبطت باستثمار محدد ضمنته الوكالة أو اذمعت ضمانه.

ج-      تقتصر الضمانات على الاستثمارات التي يبدأ تنفيذها بعد تسجيل الوكالة لطلب الضمان ويجوز أن تشمل هذه الاستثمارات:

1-      أي تحول للنقد الأجنبي لاغراض تجديد أو توسعة أو تطوير استثمار قائم.

2-      واستخدام الأرباح التي تدرها استثمارات قائمة، إذا كان من الممكن تحويلها خارج الدولة المضيفة.

د-       على الوكالة أن تستوثق عند القيام بضمان استثمار ما يلي:

*        السلامة الاقتصادية للاستثمار ومساهمته في تنمية الدولة المضيفة.

* ملاءمة الاستثمار لقوانين ولوائح الدولة المضيفة.

*مواكبة الاستثمار للاهداف والاولويات الانمائية المعلنة للدولة المضيفة.

*ظروف الاستثمار في الدولة المضيفة بما في ذلك توفر المعاملة العادلة والحماية القانونية للاستثمار.

المبحث الثالث: ضمانات الاستثمارات المؤيدة:

بينما كان دور الوكالة المتوخاة في ظل مقترحات البنك الدولي السابقة الخاصة بانشاء وكالة دولية لتأمين الاستثمار قاصراً على القيام بعملياتها نيابة عن الدول الأعضاء المؤيدة لاستثمارات، فإن ضمانات الاستثمارات المؤيدة في ظل الاتفاقية تلعب دورا تكميلياً – وأن كان هاماً – لعمليات الوكالة التي تقوم بها لحسابها. إذ يجوز للوكالة في ظل الاتفاقية أن تضمن طبقاً للمادة 24- بالاضافة إلى العمليات التي تقوم بها لحسابها – استثمارات أخرى، وأن تعيد تأمين استثمارات، ويتضمن الملحق (1) المرفق بالاتفاقية – وهو جزء لا ينفصل عنها – النصوص الخاصة بعمليات تأييد الاستثمارات. ومما يجدر ملاحظته أن الأصول التي ستحتفظ بها الوكالة في صندوق الاستثمارات المؤيدة و سيتم الاحتفاظ بها بالاستقلال عن أصول الوكالة، ولن تكون الوكالة مسؤولة في أصولها الخاصة عن عمليات التأييد (المادة 6 من الملحق (1) المرفق بالاتفاقية.

مطلب أول: مفهوم التأييد:

وتتلخص عملية التأييد فيما يلي: يلتزم العضو الذي يطلب من الوكالة ضمان استثمار بالتزام احتمالي بالمشاركة في الخسارة بمبلغ الضمان الذي أيده. ويحتفظ بالأقساط وغيرها من الموارد الناجمة عن ضمان الاستثمارات المؤيدة في حساب منفصل يسمى صندوق الاستثمارات المؤيدة. وتخصم من ذلك الصندوق جميع المصاريف الإدارية ومبالغ التعويضات المتعلقة بالاستثمارات المؤيدة. ويلتزم جميع الأعضاء المؤيدين لاستثمارات، في حالة استنفاد موارد الصندوق المذكور، بالمشاركة في أي خسارة ناشئة عن ضمان مؤيد كل بنسبة المبلغ الاجمالي للضمانات التي أيدها إلى مجموع مبالغ الضمانات التي أيدها جميع الأعضاء. ويتحدد الحد الأقصى لمسؤولية العضو بالحد الأقصى للمسؤولية الاحتمالية في ظل جميع الضمانات التي أيدها ذلك العضو من وقت لآخر. وتنص المواد 1 إلى 3 من الملحق (1) المرفق بالاتفاقية على الحدود المتعلقة بالتزامات الاعضاء المؤيدين لاستثمارات بالمشاركة في الخسائر في ظل نظام التأييد.

مطلب ثان: آثار التأييد:

ويمكن نظام التأييد أعضاء الوكالة من توفير حماية التأمين للاستثمار في حالات عديدة. فيجوز للاعضاء الذين لا يتوفر لديهم برنامج وطني توفير تلك الحماية عن طريق نظام التأييد لتغطية الاستثمارات التي يقوم بها مستثمروهم. ويمكن أن يوفر نظام التأييد لأعضاء اخرين أداة لتنويع المخاطر فيما يسمح لهم به من الالتزام بجزء من المسؤولية الاحتمالية لصندوق الاستثمارات المؤيدة بدلاً من الالتزام بالمسؤولية الاحتمالية عن المخاطر التي يقومون بتأمينها استقلالاً عن طريق برامجهم الوطنية.

مطلب ثالث: مدى انطباق أحكام الضمان الواردة في الاتفاقية على الضمانات المؤيدة:

وبصفة عامة تطبق نصوص الاتفاقية في شأن عمليات الضمان المؤيدة (المادة 6 من الملحق (1) المرفق بالاتفاقية). ويتضمن ذلك على وجه الخصوص الشروط المتعلقة بالصلاحية للضمان طبقا للمادتين 11 و 12 من الاتفاقية. غير أنه لا يشترط في الضمانات المتعلقة بالاستثمارات المؤيدة أن يكون المستثمرون من رعايا الدول الأعضاء ما دامت تؤيدهم دولة عضو، وتنص المادة (أ) من الملحق (1) المرفق بالاتفاقية على جواز أن يكون القائم بهذه الاستثمارات “مستثمرون أيا كانت جنسياتهم”. يبرز للدولة المضيفة أن تشارك في تأييد الاستثمار. وتعكس المشاركة في التأييد اهتمام الدولة المضيفة البالغ بالاستثمار مما يدل على قيمته الانمائية ويقلل من احتمالات المخاطر. وتنص المادة 1 (ج) من الملحق (1) المرفق بالاتفاقية على أن تعطى الوكالة أولوية للاستثمارات التي تشارك في تأييدها الدولة المضيفة المعنية.

ولا ينطبق الشرط الخاص بضرورة أن تكون الدول المضيفة لاستثمارات من الدول النامية الأعضاء، المنصوص عليه في المادة 14 من الاتفاقية في شأن الضمانات التي تصدرها الوكالة لحسابها، على عمليات التأييد. و يجوز للاعضاء تأييد استثمارات في أي من الدول الأعضاء، ويبرر السماح بعمليات التأييد في الدول المتقدمة – وهو مما يهم بعض الدول النامية المصدرة لرأس المال – أن ضمانات الاستثمارات المؤيدة لا تؤدى إلى استنزاف قدرة الوكالة على الضمان من ثم لا تحد من ضمانات الاستثمارات في الدول النامية ويتصور في حالات معينة أن يؤدي الاستثمار في شركة في دولة متقدمة إلى تيسير انشاء مشروعات مشتركة بين تلك الشركة أو شركة تابعة لها في الدول النامية. بالاضافة إلى أنه من ميزات الاستثمارات في الدول المتقدمة مما تؤدي إليه من تحسين عامل المخاطر في حافظة صندوق الاستثمارات المؤيدة وتنويعها.

وتخول المادة 5 (أ) من الملحق (1) المرفق بالاتفاقية الوكالة سلطة اعادة تأمين الأعضاء أو مؤسساتهم أو المؤسسات الاقليمية للاعضاء أو مؤسسات التأمين الخاصة في الدول الأعضاء على أساس نظام التأييد. وتخضع عمليات اعادة التأمين المذكورة لذات الشروط التي تنطبق على عمليات اعادة التأمين التي تقوم بها الوكالة لحسابها. ومن شأن اعادة التأمين على أساس نظام التأييد أن تساعد على تنويع المخاطر. ويمكن للاعضاء استخدام نظام تأييد الاستثمارات المؤمنة من قبل المؤسسات الخاصة – لأغراض اعادة التأمين – كبديل لاعادة التأمين عليها من جانب هؤلاء الأعضاء. ويقوم الأعضاء المؤيدون، كل بنسبة حصته في المشاركة في تغطية الخسائر التي تتحقق في ظل وثائق اعادة التأمين بغض النظر عما إذا كانت الخسارة قد نتجت عن ضمان مؤيد أو عن وثيقة اعادة تأمين مؤيدة.

وتنص المادة 6 من الملحق (1) المرفق بالاتفاقية على وجوب القيام بعمليات التأييد وفقا لذات الأساليب التجارية السليمة وأصول الإدارة المالية الواعية التي يتعين أن تلتزم بها الوكالة في شأن عمليات بالضمان التي تقوم بها استناداً إلى رأسمالها وحتياطياتها. ولا يتوقع – كما هو الحال في شأن عمليات الضمان التي تقوم بها الوكالة بحسابها أن تقوم الوكالة بتغطية استثمارات مؤيدة تنطوي على مخاطر تتميز بدرجة غير معقولة من الجسامة، أو يكون من شأنها الاخلال بتوازن حافظة مخاطر الوكالة. ومما تجدر ملاحظته أن من شأن عمليات التأييد الافادة من ائتمان الدول المؤيدة التي يفترض أنها ستكون من أكثر الدول تمنعاً بالقوة الائتمانية. وتفرض المادة 1 (ج) من الملحق (1) المرفق بالاتفاقية على وجه التحديد على الوكالة أن تأخذ بعين الاعتبار في قراراتها المتعلقة باصدار ضمانات الاستثمارات المؤيدة مدى قدرة العضو المؤيد على القيام بالوفاء بالتزاماته المترتبة على تأييده للاستثمار.

وتنص المادة 1 (د) من الملحق (1) المرفق بالاتفاقية على وجوب أن تقوم الوكالة بصفة دورية بالتشاور مع الأعضاء المؤيدين لاستثمارات بشأن عمليات التأييد. وفضلاً عن ذلك تنص الاتفاقية على تعديل في توزيع الاصوات المخولة للأعضاء فيما يتعلق بالقرارات الخاصة بالاستثمارات المؤيدة حيث يخول كل من الأعضاء المؤيدة لاستثمارات والأعضاء المضيفة لاستثمارات مؤيدة صوتا اضافياً في مقابل ما يعادل كل 10.000 من حقوق السحب الخاصة من المبلغ المضمون في شأن أي استثمار أيده العضو أو استضافة (المادة 7 من الملحق (1) المرف بالاتفاقية). ولذلك فإنه من الممكن، من الناحية النظرية، ألا تكون الأحكام والشروط التي يصدرها مجلس الإدارة بشأن عمليات التأييد مطابقة للاحكام والشروط الخاصة بالعمليات التي تقوم بها الوكالة لحسابها من كل الوجوه.

ولعل موضوع ضمان الاستثمارات المؤيدة تحدثت عنه الاتفاقية في ملحقها رقم 1 باسهاب حيث تنص على الاحكام التالية:

1- تأييد الاستثمارات:

أ-        لأي عضو من الأعضاء أن يؤيد للضمان استثمارا يعتزم تنفيذه مستثمر أو مستثمرون أيا كانت جنسياتهم.

ب-      مع مراعاة أحكام الفقرتين (ب) و (ج) من المادة 3 من هذا الملحق، يلتزم العضو المؤيد بالمشاركة مع الأعضاء المؤيدين الآخرين في الخسائر الناشئة عن ضمان الاستثمارات المؤيدة وذلك في حالة عجز صندوق الاستثمارات المؤيدة المشار إليه في المادة 2 من هذا الملحق عن تغطية تلك الخسائر وفي حدود ذلك العجز، وتكون مشاركة العضو في هذه الحالة بنسبة المبلغ الذي يمثل الحد الأقصى للمسؤولية الاحتمالية عن ضمانات الاستثمارات التي أيدها إلى مجموع المبالغ التي تمثل الحد الأقصى للمسؤولية الاحتمالية عن ضمانات الاستثمارات التي أيدها جميع الأعضاء.

ج-      تأخذ الوكالة بعين الاعتبار في قراراتها المتعلقة باصدار ضمانات وفقا لهذا الملحق مدى قدرة العضو المؤيد على القيام بالوفاء بالتزاماته طبقاً لهذا الحق، كما تعطي أولوية للاستثمارات التي تشارك في تأييدها الدول المضيفة المعنية.

د-       تقوم الوكالة بصفة دورية بالتشاور مع الأعضاء المؤيدين لاستثمارات بشأن عملياتها في ظل أحكم هذا الملحق.

2- صندوق الاستثمارات المؤيدة:

أ- يحتفظ بالاقسام وغيرها من الموارد الناجمة عن ضمان الاستثمارات المؤيدة وبعوائد استثمار تلك الاقسام والموارد في حساب خاص يسمى صندوق الاستثمارات المؤيدة.

ب-      تخصم من صندوق الاستثمارات المؤيدة جميع المصاريف الإدارية ومبالغ التعويضات المتعلقة بالضمانات الصادرة وفقاً لهذا الملحق.

ج-      يحتفظ بأصول صندوق الاستثمارات المؤيدة وتتم ادارتها لحساب الأعضاء المؤيدين بالاستقلال عن أصول الوكالة.

3- طلبات الدفع في مواجهة الاعضاء المؤيدين:

أ-        في حالة عجز أصول صندوق الاستثمارات المؤيدة عن الوفاء بمبلغ تلتزم الوكالة بدفعه نتيجة لخسارة ناشئة عن ضمان مؤيد، تقوم الوكالة بمطالبة كل من الاعضاء المؤيدين بدفع نصيبه في مقدار العجز محددا طبقا لأحكام الفقرة (ب) من المادة 1 من هذا الملحق إلى صندوق الاستثمارات المؤيدة.

ب-      لا يكون أي من الأعضاء مسؤولا عن دفع أي مبلغ استجابة لمطالبة طبقا لأحكام هذه المادة إذا كان من شأن ذلك أن يزيد مجموع المبالغ التي دفعها ذلك العضو عن مجموع الضمانات التي تغطي الاستمثارات التي أيدها.

ج-      عند انتهاء أي ضمان يغطي استثمارا ايده عضو من الأعضاء، تخفض مسؤولية ذلك العضو بمبلغ مساو لمبلغ ذلك الضمان، كما تخفض تلك المسؤولية بالتناسب عند قيام الوكالة بدفع أي مطالبة تتعلق باستثمار مؤيد، على أن تظل تلك المسؤولية قائمة فيما عدا ذلك إلى حيث انتهاء جميع ضمانات الاستثمارات المؤيدة القائمة وقت هذا الدفع.

د-       إذا انتفت مسؤولية أي من الأعضاء المؤيدين لاستمثارات عن دفع مبلغ استجابة لمالبة تتم وفقاً لاحكام هذه المادة نتيجة للقيد المنصوص عليه في الفقرتين (ب) و (ج) من هذه المادة، أو إذ أخل أي من الأعضاء المؤيدين للاستثمارات بالتزامه بدفع مبلغ استجابة لمثل هذه المطالبة، تؤول المسؤولية عن دفع ذلك المبلغ إلى الأعضاء الآخرين المؤيدية لاستثمارات كل بحسب نصيبه. وتخضع مسؤولية الاعضاء لهذه الفقرة للقيد المنصوص عليه في الفقرتين (ب) و (ج) من هذه المادة.

هـ-      يتم دفع أي مبلغ يتعين على العضو المؤيد دفعه استجابة لمطالبة طبقا لهذه المادة فور المطالبة وبعملة قابلة للتحويل الحر.

4- تقييم العملات والمبالغ المردودة:

تنطبق الاحكام المنصوص عليها في هذه الاتفاقية في شأن اكتتابات رأس المال والخاصة بتقييم العملات وبرد مبالغ الاكتتاب إلى الأعضاء على المبالغ التي يدفعها الاعضاء لحساب الاستثمارات المؤيدة، معدلة بما يقتضيه السياق.

5- اعادة التأمين:

أ-        يجوز للوكالة، طبقا للشروط المنصوص عليها في المادة 1 من هذا الملحق، أن تعيد تأمين أحد الأعضاء أو مؤسساته أو مؤسسة اقليمية على النحو الوارد تعريفه في الفقرة (أ) من المادة 20 من هذه الاتفاقية، أو مؤسسة تأمين خاصة في دولة عضو، وتطبق أحكام هذا الملحق الخاصة بالضمانات وأحكام المادتين 20 و 21 من هذه الاتفاقية على اعادة التأمين طبقا لهذه الفقرة، مع تعديل الأحكام المذكورة على النحو الذي يقتضيه السياق.

ب-      يجوز للوكالة أن تعيد التأمين على الاستثمارات التي تضمنها طبقا لأحكام هذا الملحق وتخصم مصاريف اعادة التأمين في هذه الحالة من صندوق الاستثمارات المؤيدة، ولمجلس الإدارة أن يجيز تخفيض التزام الأعضاء المؤيدين بالمشاركة في الخسائر المنصوص عليه في الفقرة (ب) من المادة 1 من هذا الملحق آخذا في الاعتبار اعادة التأمين الذي تحصل عليه الوكالة وأن يقرر مدى هذا التخفيض.

 

6- المبادئ الخاصة بالعمليات:

دون اخلال بنصوص هذا الملحق، تطبق الاحكام الخاصة بعمليات الضمان وبالإدارة المالية المنصوص عليها في الفصلين الثالث والرابع من هذه الاتفاقية، معدلة طبقاً لما يقتضيه السياق، على ضمانات الاستثمارات المؤيدة، باستثناء ما يلي:

1-      تتمتع بالصلاحية للتأييد الاستثمارات في اقاليم أي من الأعضاء، وعلى وجه الخصوص الدول النامية الأعضاء، التي يقوم بها مستثمر أو مستثمرون يتمتعون بالصلاحية وفقا للققرة (أ) من المادة 1 من هذا الملحق.

2-      لا تكون الوكالة مسؤولة في أصولها الخاصة عن أي ضمان أو اعادة تأمين مما يتم اصداره طبقاً لهذا الملحق، ويتعين أن ينص على ذلك صراحة في كل عقد للضمان أو اعادة التأمين يتم ابرامه وفقاً لهذا الملحق.

7- التصويت:

فيما يتعلق بالقرارات الخاصة بالاستثمارات المؤيدة، يكون لكل عضو من الأعضاء المؤيدة لاستثمارات صوت اضفي في مقابل ما يعادل كل 10.000 من حقوق السحب الخاصة من المبغل المضمون أو المعاد تأمينه على أساس نظام التأييد، ويكون لكل عضو يستضيف استثمارا مؤيدا صوت اضافي مقابل ما يعادل كل 10.000 من حقوق السحب الخاصة من المبلغ المضمون أو المعاد تأمينه من أي استثمار مؤيد يستضيفه. ولا يجوز الادلاء بهذه الاصوات الاضافية إلا في التصويت على القرارات المتعلقة بالاستمارات المؤيدة، وينتمي فيما عدا ذلك اغفالها عن تحديد قوة التصويت لكل عضو من الأعضاء.

 

المبحث الرابع:حدود الضمان:

تسمح مبادئ التأمين المستقرة بأن يزيد مجموع التزامات مؤسسة التأمين على مجموع رأسمالها واحتياطياتها. يتأسس هذا المبدأ على افتراض أنه من غير المعقول أن تتحقق خسارة في الوقت نفسه في شأن كل المخاطر المؤمن ضدها. وينطبق هذا المبدأ على الوكالة في ظل الاتفاقية، إذ تنص المادة 22 (أ) على أنه لا يجوز أن يتعدى مجموع المبالغ التي يجوز للوكالة الالتزام بالمسؤولية الاحتمالية عنها مائة وخمسين في المائة من رأس المال المكتتب فيه مضافاً إليه الاحتياطيات مضافاً إليهما جزءاً من المبالغ المغطاة عن طريق اعادة التأمين وذلك ما لم يقرر مجلس المحافظين بالأغلبية الخاصة خلاف ذلك. وتنص الاتفاقية على أن ينظر مجلس الإدارة من وقت لآخر في مدى توزع المخاطر التي تتضمنها حافظة الوكالة واحتمالات الخسائر وذلك بغرض تقرير ملاءمة التوصية إلى مجلس المحافظين بتحديد نسبة أعلى بين رأس مال الوكالة واحتياطياتها وبين الحد الأقصى لمجموع المبالغ التي يجوز لها أن تلتزم بالمسؤولية الاحتمالية عنها. ويتعين أن يصدر هذا القرار، كما سبق ذكره، بالأغلبية الخاصة على إلا يتجاوز الحد الأقصى المشار إليه بحال من الأحوال خمسة أمثال رأس المال المكتتب فيه مضافاً إليه الاحتياطيات وقدر مناسب من المبالغ المغطاة عن طريق اعادة التأمين.

وتخول المادة 22 (ب) (1) مجلس الإدارة سلطة تحديد الحد الأقصى لمجموع مبالغ المسؤولية الاحتمالية في ظل جميع عقود الضمان الصادرة لمستثمرين تابعين لعضو واحد من الأعضاء. ومن شأن ذلك اقامة نوع من التوازن بين مساهمة العضو النسبية في الوكالة وبين الفوائد العائدة على مستثمريه. ويلتزم مجلس الإدارة في وضعه لتلك الحدود بأن يأخذ في الاعتبار نصيب العضو المعني في رأس مال الوكالة، فضلاً عن الحاجة إلى وضع حدود أكثر تساهلاً للدول النامية حين تقوم أو يقوم رعاياها بتنفيذ استثمارات في دول نامية أخرى.

وثمة مجموعة أخرى من الحدود يجوز لمجلس الإدارة أن يضعها توخياً لتحقيق توزع المخاطر المشمولة بالضمان على نحو يضمن سلامة الوكالة ويتلافى تركيز المخاطر في مجالات معينة. وعليه فيمكن وضع حدود تتعلق بحجم المشروع موضوع الاستثمار أو بمجموع الاستثمارات في دولة مضيفة واحدة أو بأنواع معينة من الاستثمارات أو المخاطر أو غير ذلك (المادة 22 (ب) (2) ). وحيث أن الغرض الوحيد من هذه الحدود هو تنويع المخاطر، فأنه لا يجوز أن تتأثر الحدود الخاصة بالاستثمارات في الدولة المضيفة بمقدار مساهمة تلك الدولة النسبية في رأس المال.

وتأكيدا لذلك فان المادة 22تتحدث تفصيلا عن  حدود الضمان حيث نصت على انه:

أ-        ما لم يقرر مجلس المحافظين بالأغلبية الخاصة خلافاً لذلك، لا يجوز أن يتعدى مجموع المبالغ التي يجوز للوكالة أن تلتزم بالمسؤولية الاحتمالية عنها وفقاً لهذا الفصل ما يعادل مائة وخمسين في المائة من رأسمال الوكالة المكتتب فيه واحتياطياتها، مضافاً إليهما جزءا من المبالغ التي تمت تغطيتها عن طريق اعادة التأمين يحدد مجلس الإدارة، وينظر مجلس الإدارة من وقت لآخر في  المخاطر التي تتضمنها حافظة الوكالة في ضوء تجربة الوكالة في شأن المطالبة ودرجة تنوع المخاطر وغطاء اعادة التأمين وغير ذلك من العوامل ذات الصلة وذلك بغية تقرير ما إذا كان من الواجب رفع توصية إلى مجلس المحافظين بتعديل الحد الأقصى للمبالغ التي يجوز للوكالة أن تلتزم بالمسؤولية الاحتمالية عنها، على أنه لا يجوز بحال من الأحوال أن يتجاوز الحد الأقصى الذي يقرره مجلس المحافظين خمسة أمثال رأس المال المكتتب فيه مضافاً إليه الاحتياطيات وقدر مناسب من المبالغ المغطاة عن طريق اعادة التأمين.

ب-      دون اخلال بالحد العام للضمان المشار إليه في الفقرة (أ) من هذه المادة، يجوز لمجلس الإدارة أن يحدد:

1-      الحد الأقصى لمجموع المبالغ التي يجوز للوكالة أن تلتزم بالمسؤولية الاحتمالية عنها في ظل جميع الضمانات التي تصدرها لصالح المستثمرين التابعين لعضو واحد من الأعضاء، ويتعين على مجلس الإدارة في تحديد ذلك الحد الأقصى أن تأخذ في الاعتبار نصيب العضو المعني في رأس مال الوكالة مع تطبيق حدود أكثر تساهلاً في شأن الاستثمارات الصادرة عن الدول النامية الأعضاء.

2  –    الحد الأقصى لمجموع المبالغ التي يجوز للوكالة أن تلتزم بالمسؤولية الاحتمالية عنها في شأن المشروع الواحد، أو في شأن الاستثمارات في دولة مضيفة واحدة، أو في شأن أنواع معينة من الاستثمارات أو من المخاطر أو غير ذلك من العوامل المناسبة لتنويع مخاطر الوكالة.

المبحث الخامس: النطاق الشخصي: المستثمر الصالح للضمان:

تتطلب الاتفاقية للتمتع بالصلاحية للضمان ان يكون المستثمر من مواطني دولة عضو في الوكالة، غير الدولة المضيفة هذا في حال كان المستثمر شخصا طبيعيا.

اما في حال كون المستثمر شخصا اعتباريا فيشترط ان يكون قد تأسس في دولة عضو، او مقر اعماله الرئيسي يقع في هذه الدولة، او ان تكون غالبية رأس ماله مملوكة لاشخاص يعتبرون اجانب بالنسبة للدولة المضيفة والتي هي عضو في الوكالة. وهذا ما تطلبته المادة 13 من الاتفاقية.

وفي حال تمتع المستثمر بأكثر من جنسية، عندها يعتد بجنسية العضو في الوكالة اذا كانت الجنسية الاخرى هي لدولة غير عضو.

اما ان كان يحمل جنسيتين احدهما جنسية الدولة المضيفة، عندها يعتد بجنسية الدولة المضيفة، ويعتبر من مواطنيها، بما ينتج عن ذلك عدم صلاحية هذا المستثمر لضمان، الا اذا وافقت الدولة على اعتباره اجنبيا عنها وتوفر شرط تحويل الاصول المستثمرة من خارج الدولة المضيفة.

خلاصة القول اذن انه بالعودة لنصوص المعاهده نجد ان الاشخاص الذين يحق لهم التمتع بضمان استثماراتهم عبرالوكالة هم من تتوفر فيهم الشروط التالية:

-المستثمرون الذين يتمتعون بجنسية دولة عضو في الوكالة.

-والذين يستثمرون في بلدان اعضاء في الوكالة، ويعتبرون اجانب بالنسبة لها، او المستثمرون الوطنيون شرط ان يأتوا بأموال المشروع المراد استثماره من الخارج، وأن يستحصلوا على موافقة الدولة المضيفة.

يجوز للوكالة ان تضمن أيضا المشاريع المملوكة للدولة شرط ان تكون الدولة تستخدم في ادارتها للمشاريع اسساً تجارية، وتقوم بالاستثمار في دول اخرى.

وبالعودة للنص القانوني فاننا نجد ان المادة  13مخصصة للبحث في صلاحية المستثمرين حيث تنص  على ان :

أ-        يتمتع بالصلاحية لضمان الوكالة أي شخص طبيعي أو اعتباري بشرط:

1-      أن يكون الشخص الطبيعي من مواطني عضو غير الدولة المضيفة.

2-      أن يكون الشخص الاعتباري قد تم تأسيسه وتعيين مقر أعماله الرئيسي في اقليم أحد الأعضاء، أو تكون غالبية رأس ماله مملوكة لعضو أو أكثر أو لمواطنيهم بشرط إلا يكون العضو في أي من الحالات السابقة هو الدولة المضيفة.

3-      أن يقوم الشخص الاعتباري، سواء كان مملوكاً ملكية خاصة أو لم يكن كذلك، بممارسة نشاطه على أسس تجارية.

ب-      في حالة تمتع المستثمر بأكثر من جنسية واحدة، فإن جنسية العضو تجب جنسية الدولة غير العضو، كما تجب جنسية الدولة المضيفة غيرها من الأعضاء وذلك لأغراض الفقرة (أ) أعلاه.

ج-      يجوز لمجلس الإدارة بالأغلبية الخاصة، وبناء على طلب مشترك من المستثمر والدولة المضيفة، أن يضفي الصلاحية للضمان على شخص طبيعي ينتمي بجنسيته إلى الدولة المضيفة أو على شخص اعتباري يكون قد تم تأسيسه في الدولة المضيفة أو تكون غالبية رأس ماله مملوكة لمواطني الدولة المضيفة، وذلك بشرط أن يتم تحويل الأصول المستثمرة من خارج الدولة المضيفة.

الفصل الثاني: النطاق الإجرائي: تسوية المنازعات

تنص الاتفاقية بخصوص تسوية المنازعات على ما يلي:.

*الأمور المتعلقة بتفسير الاتفاقية أو تطبيقها والتي تثور بين عضو والوكالة أو بين أعضاء الوكالة، تنص الاتفاقيةعلى احالة الأمر أولا الى مجلس الادارة لاتخاذ قرار بشأنه، ويجوز بعد ذلك رفع الأمر الى مجلس المحافظين (المادة 56).

* المنازعات التي تنشأ في ظل عقد للضمان أو لاعادة التأمين بين الوكالة والطرف الآخر في العقد، تحال الى التحكيم طبقا للقواعد التي ينص عليها أو يشار اليها في عقد الضمان او اعادة التأمين (المادة 58).

* المنازعات التي تثور بين الوكالة بصفتها خلف للمستثمر وعضو من الأعضاء، تنص الاتفاقية على تسويتها اما طبقا الاجراءات المنصوص عليها في الملحق (2) المرفق بالاتفاقية، أو طبقا للاجراءات التي ينص عليها في اتفاق يتم ابرامه بين الوكالة والعضو المعني بشأن اجراءات بديلة لتسوية المنازعات (المادة 57(ب))، وتتعين موافقة مجلس الادارة بالاغلبية الخاصة على ذلك الاتفاق قبل قيام الوكالة بعمليات في اقليم العضو المعنى، كما يتعين على طرفي الاتفاق في اثناء مفاوضاتهم المتعلقة به ان يتخذا الملحق (2) كأساس للاتفاق. واذا قبلت الوكالة الترتيبات المذكورة، يمكن ان ينص الاتفاق المذكور – على سبيل المثال – على ان تقوم الوكالة اولا باللجوء الى الاجراءات المتاحة لاقتضاء حقها في ظل قوانين الدولة المضيفة وعلى الا تلجأ الى التحكيم في غير الحالة التي تتمكن فيها من اقتضاء حقها طبقا للاجراءات المذكورة خلال فترة زمنية محددة. ويتعين ان يكفل الاتفاق المذكور للوكالة معاملة – فيما يتعلق بحقوق اللجوء الى التحكيم – لا تقل مزاياها عن أفضل معاملة يكون العضو المعنى قد وافق على اضفائها على مؤسسة لضمان الاستثمار اوعلى دولة من الدول بمقتضى اتفاقية تتعلق بالاستثمار. ويمكن ايضا. أن ينص الاتفاق المشار اليه على طريق بديلة للتحكيم كالحصول على راي استشارى من محكمة العدل الدولية.

* المنازعات التي لا تندرج في الفقرات (أ) و (ب) و (ج) أعلاه، والتي تثور بين الوكالة من جهة وأي من الأعضاء أو مؤسسة من مؤسساته من جهة أخرى والمنازعات التي تثور بين الوكالة ودولة زالت عنها صفة العضوية، تتم تسويتها طبقا للملحق (2) المرفق بالاتفاقية، أي عن طريق المفاوضات – واذا فشلت المفاوضات – عن طريق التوفيق والتحكيم (المادة 57 (أ)).

ولا تستلزم الاتفاقية اتباع اجراءات معينة بشأن التحكيم بين الوكالة والمستفيدين من الضمان او من وثائق اعادة التأمين. ومن المتوقع ان تشير عقود الضمان واعادة التأمين الى قواعد معترف بها دوليا للتحكيم التجارى كقواعد المركز الدولى لتسوية منازعات الاستثمار، أو قواعد لجنة الأمم المتحدة لقانون التجارة الدولى، أو قواعد غرفة التجارة الدولية.

ويتطلب الملحق (2) المرفق بالاتفاقية – وهو كالملحق (1) يشكل جزءا لا يتجزأ من الاتفاقية – أن يسعى الطرفان أولا الى تسوية المنازعة عن طريق المفاوضات قبل اللجوء الى التحكيم (المادة 2 من الملحق (1) المرفق بالاتفاقية). فاذا أخففت المفاوضات في تسوية المنازعة يكون للطرفين الخيار بين محاولة تسويتها عن طريق اجراءات التوفيق أو اللجوء الى التحكيم، فاذا اتفق الطرفان على اللجوء الى التوفيق، فانه لا يحق لأي منهما ان يلجأ الى التحكيم قبل فشل التوفيق (المادة 3 من الملحق (2) المرفق بالاتفاقية) – وتنص المادة 4 (ز) من الملحق (2) المشار اليه على ان تطبق هيئة التحكيم (ويشار اليها بالهيئة) “نصوص هذه الاتفاقية وأي  اتفاقية بين طرفي المنازعة ذات صلة بها، ونصوص ولوائح الوكالة

وأنظمتها الداخلية، وقواعد القانون الدولى واجبة التطبيق، والقانون المحلى للعضو المعنى، فضلا عن نصوص عقد الاستثمار الواجبة التطبيق، ان وجدت، “وتدخل في الاشارة الى القانون المحلى للعضو المعنى قواعد تنازع القوانين، وفي حالة التعارض بين قواعد القانون الدولي والقواعد التي انفرد باصدارها أي من طرفى النزاع، تطبق المحاكم الدولية قواعد القانون الدولي. وتكون قرارات هيئات التحكيم نهائية وملتزمة للطرفين (المادة 4 (ج) من الملحق (2) المرفق بالاتفاقية)، كما تتمتع بالقابلية للتنفيذ في أقليم كل من الأعضاء كما لو كانت أحكاماً نهائية صادرة من محكمة الدولة المعنية. ويخضع تنفيذ قرارات هيئات التحكيم للقوانين المتعلقة بتنفيذ الأحكام في الدولة المطلوبة تنفيذ القرارات المذكورة في أراضيها (المادة 4(ى) من الملحق (2) المرفق بالاتفاقية) ويعكس ذلك المصلحة المشتركة لجميع الأعضاء في السلامة المالية للوكالة.

وقد نصت الاتفاقية في ملحقها المخصص لتسوية المنازعات  وهو الملحق (2) على كل هذه الاحكام تفصيلا.

وحددت الاتفاقية مجال تطبيق الملحق في المادة الاولى منه حيث نصت على انه:

“تسوى جميع المنازعات المنصوص عليها في المادة 57 من هذه الاتفاقية طبقا للاجراءات المنصوص عليها في هذا الملحق وذلك في غير الحالات التي تكون الوكالة قد دخلت مع عضو من الأعضاء في اتفاق طبقاً للفقرة (ب) (2) من المادة 57”.

 

المبحث الاول: المفاوضات والتوفيق

 

المطلب الاول: المفاوضات

خصصت المادة 2 من الملحق رقم 2 المخصص لتسوية المنازعات لاول اساليب فض هذه المنازعات وهو المفاوضات حيث نصت على انه:

يسمى الطرفان في آية منازعة مما يدخل في مجال تطبيق هذا الملحق إلى تسويتها عن طريق المفاوضات قبل اللجوء إلى اجراءات التوفيق أو التحكيم. وتعتبر المفاوضات قد استنفذت إذا فشل الطرفان في الاتفاق على تسوية خلال مائة وعشرين يوما من تاريخ طلب الدخول في المفاوضات.

 

المطلب الثاني: التوفيق

خصصت المادة 3 من الملحق رقم 2 المخصص لتسوية المنازعات لثاني اساليب فض هذه المنازعات وهو التوفيق حيث نصت على انه:

أ-        إذا لم يتم حل المنازعة عن طريق المفاوضات يجوز لأي من الطرفين أحالة المنازعة إلى التحكيم وفقا لاحكام المادة 4 من هذا الملحق وذلك ما لم يتفق الطرفان على اللجوء أولاً إلى اجراءات التوفيق المنصوص عليها في هذه المادة.

ب-      يحدد الاتفاق على اللجوء إلى التوفيق في الأمر موضوع المنازعة وادعاءات الطرفين بشأنه، كما يحدد – أن توفر ذلك – اسم الموفق الذي اتفق الطرفان على اختياره. وإذا فشل الطرفان في الاتفاق حول شخص الموفق، يجوز لهما أن يطلبا من الأمين العام للمركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار (ويشار إليه فيما يلي بالمركز الدولي) أو من رئيس محكمة العدل الدولية تعيين الموفق، وتنتهي اجراءات التوفيق إذا لم يتم تعيين الموفق خلال تسعين يوما بعد الاتفاق على اللجوء إلى التوفيق.

ج-      ما لم ينص في هذا الملحق أو يتفق الطرفان على خلاف ذلك، يحدد الموفق القواعد الخاصة باجراءات التوفيق مستهديا في ذلك بالقواعد المنصوص عليها في “اتفاقية تسوية منازعات الاستثمار بين الدول ومواطني الدول الأخرى”.

د-       يتعاون الطرفان وفقا لمقتضيات مبدأ حسن النية مع الموفق ويقومان على وجه الخصوص بتزويده بالمعلومات والوثائق التي يكون من شأنها اعانته في تأدية مهمته، وعليهما أن يضعا توصياته موضع الاعتبار الجدي.

هـ-      ما لم يتفق الطرفان على خلاف ذلك، يقدم الموفق إلى الطرفين خلال فترة لا تتجاوز مائة وثمانين يوما من تاريخ تعيينه تقريرا بنتائج مهمته يتضمن تحديدا للمسائل المختلف عليها ولمقترحاته بشأن تسويتها.

و-       ويتعين على كل من طرفي النزاع ابداء رأيه في هذا التقرير وابلاغه كتابه إلى الطرف الآخر في موعد لا يتجاوز ستين يوما من تايخ تسلمه التقرير.

ز-       لا يحق لأي من الطرفين في اجراءات التوفيق أن يلجأ إلى التحكيم إلا إذا:

لم يتمكن الموفق من تقديم تقريره في المدة المحددة في الفقرة (هـ) أعلاه.

أو لم يوافق الطرفان على جميع المقترحات الواردة بالتقرير خلال ستين يوما من تسلمهم اياه.

أو إذا لم يتمكن الطرفان بعد تبادل وجهات النظر بشأن التقرير من الاتفاق على تسوية جميع المسائل موضع الخلاف خلال ستين يوما من تسلمهم اياه.

أو إذا لم يقم أحد الطرفين بابداء رأيه في التقرير وفقا للفقرة (و) أعلاه.

ح-      ما لم يتفق الطرافان على غير ذلك، تحدد اتعاب الموفق وفقاً للفئات المطبقة في حالة التوفيق عن طريق المركز الدولي، ويتحمل الطرفان مناصفة هذه الاتعاب وغيرها من مصاريف اجراءات التوفيق بينما يتحمل كل طرف المصاريف الخاصة به في تلك الاجراءات.

 

المبحث الثاني: التحكيم

خصصت المادة الرابعة من الملحق رقم 2 المخصص لطرق فض المنازعات لاهم وسيلة وهي التحكيم حيث نصت على الاحكام والقواعد التالية:

أ-        تبدأ اجراءات التحكيم باخطار يوجهه الطرف الراغب في اللجوء إلى التحكيم (المدعى) إلى الطرف أو الاطراف الأخرى في المنازعة (المدعى عليه أو المدعى عليهم)، ويتعين أن يتضمن هذا الاخطار بيانا بطبيعة المنازعة والطلبات المراد الحكم بها واسم المحكم المعين من قبل المدعى. ويجب على المدعى عليه في خلال ثلثاين يوما من تاريخ تقديم ذلك الاخطار أن يخطر المدعى باسم المحكم الذي عينه. ويختار الطرفان خلال ثلاثين يوما من تاريخ تعيين المحكم الثاني حكما مرجحا يكون رئيسا لهيئة التحكيم.

ب-      إذا لم يتم تشكيل الهيئة في خلال ستين يوما من تاريخ تقديم الاخطار بطلب التحكيم، يتم تعيين المحكم الذي لم يعينه الطرف المعني أو رئيس الهيئة الذي لم يتم اختياره، بقرار من الأمين العام للمركز الدولي بناء على طلب مشترك من الطرفين، وإذا لم يتقدم الطرفان بطلب مشترك أو إذا لم يقم الامين العام بالتعيين في خلال ثلاثين يوما من تاريخ الطلب يجوز لأي من الطرفين أن يطلب من رئيس محكمة العدل الدولية اجراء التعيين بقرار منه.

ج-      لا يجوز لأي من الطرفين تغيير المحكم الذي عينه بعد البدء في نظر المنازعة، إلا أنه في حالة استقالة أي محكم (بما في ذلك رئيس الهيئة) أو وفاته أو عجزه عن العمل يعين محكم بدله بنفس الطريقة التي عين بها المحكم الاصلي، ويكون للخلف جميع سلطات الحكم الاصلي ويقوم بجميع واجباته.

د-       تنعقد هيئة التحكيم للمرة الأولى في الزمان والمكان اللذين يعينهما الرئيس. ويكون انعقادها في المرات التالية في المكان والزمان اللذين تحددهما الهيئة.

هـ-      ما لم ينص هذا الملحق أو يتفق الطرفان على خلافه، تحدد الهيئة الاجراءات الخاصة بها مستهدية في هذا الشأن بقواعد التحكيم الصادرة وفقا “لاتفقية تسوية منازعات الاستثمار بني الدول ومواطني الدول الأخرى”.

و-       تفصل الهيئة في جميع المسائل المتعلقة باختصاصها، غير أنه إذا أثير اعتراض امامها حول اختصاصها بنظر المنازعة استنادا إلى اختصاص مجلس الإدارة أو مجلس المحافظين وفقا لنص المادة 56 أو اختصاص هيئة قضائية أو هيئة تحكيم محددة باتفاق وفقا لنص المادة 1 من هذا الملحق، ورأت المحكمة جدية هذا الاعتراض، يرفع الاعتراض إلى مجلس الإدارة أو مجلس المحافظين أو إلى حين صدور قرار في الشأن ويكون هذا القرار ملزما لهيئة التحكيم.

ز-       تطبيق الهيئة في أي منازعة مما يدخل في مجال هذا الملحق نصوص هذه الاتفاقية وأي اتفاقية بين طرفي المنازعة ذات صلة بها، ونصوص لوائح الوكالة وأنظمتها الداخلية وقواعد القانون الدولي واجبة التطبيق، والقانون المحلي للعضو المعني، فضلا عن نصوص عقد الاستثمار الواجبةالتطبيق، أن وجدت، مع عدم الاخلال بأحكام هذه الاتفاقية، يجوز للهيئة إذا اتفقت الوكالة والعضو المعني على ذلك، أن تحكم في المنازعة وفقاً لمبادئ العدل والانصاف، ولا يجوز للهيئة الامتناع عن اصدار حكم في المنازعة بحجة نقص القانون أو غموضه.

ح-      تتيح الهيئة لطرفي النزاع فرصا عادلة للمرافعة، وتصدر جميع قرارات الهيئة بأغلبية أصوات أعضائها، ويتعين أن ينص فيها على حيثياتها، ويتعين أن يصدر قرار الهيئة كتابة وأن يوقعه عضوان من اعضائها على الاقل، ويتعين ارسال نسخة من القرار إلى كل من الطرفين، ويكون القرار الصادر من الهيئة نهائيا وملزما للطرفين، ولا يجوز استئنافه أو ابطاله أو اعادة النظر فيه.

ط-      إذا ثارت أية منازعة بين الطرفين بشأن تفسير قرار هيئة التحكيم أو تحديد نطاقه فإنه يجوز لأي من الطرفين أن يطلب كتابة في خلال موعد لا يتجاوز ستين يوما من تاريخ صدور القرار من رئيس الهيئة التي اصدرته اصدار تفسير له. ويقوم الرئيس باحالة ذلك الطلب إلى الهيئة التي أصدرت القرار، أن أمكن ذلك، كما يقوم بدعوتها إلى الانعقاد في خلال ستين يوما من تاريخ تسلمه الطلب، فإذا تعذر انعقاد الهيئة بهذه الطريقة، تعين تشكيل هيئة جديدة طبقا للأحكام المنصوص عليها في الفقرات (أ) إلى (د) أعلاه، ويكون للهيئة أن تصدر قرارا بوقف تنفيذ القرار إلى حين البت في طلب التفسير.

ي-      يلتزم كل من الأعضاء بالاعتراف بالقرار الصادر وفقا لهذه المادة كقرار ملزم واجب النفاذ في أراضيه كما لو كان حكما نهائيا صادرا من محكمة لذلك العضو، ويخضع تنفيذ القرار للقوانين المتعلقة بتنفيذ الأحكام في الدولة المطلوب تنفيذه في اراضيها، ولا يجوز أن يمس ذلك التنفيذ بأحكام القانون المعمول به في تلك الدولة والمتعلق بالحصانة ضد التنفيذ.

ك-      ما لم يتفق الطرفا على غير ذلك، تحدد أتعاب المحكمين على أساس الفئات المقررة في شان التحكيم عن طريق المركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار.

 

ويتحمل كل من الطرفين المصاريف الخاصة به في اجراءت التحكيم ويتقاسم الطرفان بالتساوي مصاريف هيئة التحكيم ما لم تقرر الهيئة خلاف ذلك، وتفصل الهيئة في أية مسألة تتعلق بتقسم مصاريف التحكيم أو اجراءات دفع هذه المصاريف.

 

 

خاتمة

لعل من ابرز الملامح التي تميز الوكالة عن المؤسسات السابق اقتراحها، ما انيط بها من وظائف مكملة لاصدار الضمانات تستهدف تشجيع وفود الاستثمارات إلى الدول الأعضاء وفيما بينها (المادة 2 (ب) ). وتفرض المادة 23 (أ) بالوكالة واجب اجراء الأبحاث ونشر المعلومات المتعلقة بفرص الاستثمارات في الدول لنامية الأعضاء والقيام بالأنشطة اللازمة لتشجيع الاستثمارات الأجنبية. فضلا عن ذلك، يجوز للوكالة، بناء على طلب أي من أعضائها، أن تقوم بتقديم المساعدات الفنية واسداء المشورة فيما يتعلق بتحسين مناخ الاستثمار. ويمكن أن تدخل في ذلك اسداء المشورة فيما يتعلق باعداد قوانين لاستثمار أو بمراجعة برامج حوافز الاستثمار. ويمكن أن يتم تقديم هذه الخدمات المكملة لقاء مقابل كما يمكن تقديمها إلى الدول المستفيدة دون مقابل إذا ارتأت الوكالة مبرراً لذلك.

ويتعين على الوكالة في قيامها بالأنشطة المتعلقة بتشجيع الاستثمار أن تستهدى باتفاقات الاستثمار ذات الصلة المعقودة بين أعضائها وأن تسعى إلى ازالة العقبات التي تعوق تدفق الاستثمارات فيما بين الدول الأعضاء. وفضلا عن ذلك تضطلع الوكالة بواجب التنسيق مع الهيئات الأخرى المعنية بتشجيع الاستثمار الأجنبي وخاصة شركة التمويل الدولية (المادة 23 (أ) )، ومن شأن ذلك تلافى الازدواجية في الأنشطة.

 

وتفرض المادة 23 (ب) (1) على الوكالة واجب تشجيع التسوية الودية للمنازعات بين المستثمرين والدول المضيفة، ويجوز لها أن تقدم المعلومات الخاصة بالطرق والاجراءات المتاحة لتسوية المنازعات والتوفيق. كما يتعين على الوكالة أن تقوم بتشجيع وتيسير ابرام الاتفاقات المتعلقة بحماية الاستثمارات فيما بين الدول الأعضاء فيمكن للوكالة، على سبيل المثال، أو تقوم باجراء دراسات عن الاتفاقيات القائمة وأن تساعد حكومات الدول الأعضاء في تحليل ودراسة مدلول تلك الاتفاقيات والفوائد المترتبة عليها.

ويتعين على الوكالة طبقاً أن تسعى إلى الدخول في اتفاقات ثنائية أو متعددة الأطراف مع أعضائها تكفل للوكالة في شأن الاستثمارات التي تضمنها معاملة لا تقل تميزاً عن المعاملة التي وافق العضو المعنى على اضفائها على هيئة لضمان الاستثمار أو دولة من الدول. ويتعين على الوكالة في هذا الصدد أن تدخل في اعتبارها الاتفاقية التي أبرمها العضو المذكور ككل لا أن تركز على نصوص مفردة بمعزل عن مجمل محتوى تلك الاتفاقية. وتتعين موافقة مجلس الإدارة بالأغلبية الخاصة على الاتفاقات التي تبرمها الوكالة وفقا للمادة 23 (ب) (2). ويتوقع أن يتم ابرام هذه الاتفاقات في الحالات التي تفيد فيها الاستثمارات التي تغطيه الوكالة من مزايا الاتفاقيات الثنائية القائمة، أو الحالات التي ترى الوكالة عدم كفاية الأسس المتعلقة بمعاملة الاستثمار التي تتضمنها تلك الاتفاقيات.

وقد عرضنا في دراستنا للمبادىء العامة لاتفاقية الوكالة الدولية لضمان الاستثمار ونطاق اعمالها، ومدى اعتبارها خطوة في الاتجاه الصحيح نحو اعطاء ضمان دولي للمستثمر الاجنبي  في زمن اصبح البحث فيه عن استثمارات اجنبية يفوق الوصف واصبحت الاستثمارات عابرة الحدود اهم ملامح التجارة الدولية..

المصادر

 

المصادر العربية

 

*د. إبراهيم شحاته، تعليق على اتفاقية انشاء الوكالة الدولية لضمان الاستثمار،    منشور في المجلة المصرية للقانون  الدولي ، عدد41، 1985.

*د.إبراهيم شحاته، دور البنك الدولي في تسوية المنازعات المتعلقة بالاستثمارات الاجنبية، المجلة المصرية للقانون الدولي، عدد 41، القاهرة، 1985.

*د.إبراهيم شحاته، الضمان الدولي للاستثمارات الاجنبية، دار النهضة العربية، القاهرة،1971.

* د. احمد شرف الدين، استثمار المال العربي( تأثير فكرته الاقتصادية في قواعده القانونية)، دراسة منشورة في مجلة مصر المعاصرة،عدد 393-394، السنة الرابعة والسبعون، مطابع الاهرام، القاهرة، يوليو 1983.

* أ.د. حفيظة السيد الحداد ، محاضرات في التحكيم التجاري الدولي،محاضرات القيت على طلبة الدراسات العليا  في القانون الخاص بكلية الحقوق-جامعة بيروت العربية،2001

* العميدة أ.د.حفيظة الحداد, القانون الواجب التطبيق على الموضوع أمام هيئة التحكيم, محاضرات ألقيت في دورة التحكيم المتخصصة والمنعقدة في الإسكندرية, جامعة الإسكندرية, أغسطس, 2002م

*عصام جميل العسلي، ضمانات الاستثمار، رسالة دكتوراه، جامعة دمشق، 1990.

* عبدالله عبدالكريم عبدالله، ضمانات الاستثمار في الدول العربية،دراسة مقارنة،دار الثقافة للنشر، عمان،2006

* د. محمود حافظ عبدالغانم، ضمان استثمار الاموال العربية ، بحث قانوني منشور في مجلة مصر المعاصرة ، العدد 349، السنة الثالثة والستون، مطابع الاهرام التجارية، القاهرة، يوليو 1972

 

 

المصادر الاجنبية

.

*IBRAHIM F. SHIHATA, The Multilateral Investment Guarantee Agency (MIGA) and the Legal Treatment of Foreign investment, Rec. DES Cours LA HAYE, III, T 203,1987.

* Keith E. Maskus, International Public Goods And Transfer Of Technology Under A Globalized Intellectual Property Regime, Cambridge University Press, UK, 2005

*Malcolm d. Rowad, Multilateral Approaches Improving the Investment Climate of Developing Countries, Hardvard International law Journal, Vol.  n .l, winter .

 

المراجع الالكترونية:

WWW.MIGA.ORG

 

 

 

 

الفهرس

الموضوع الصفحة
المقدمة 2
الباب الاول: الاحكام العامة لاتفاقية انشاء الوكالة الدولية لضمان الاستثمار 6
الفصل الاول: الوضع القانوني 6
المبحث الاول: النشأة والاهداف

المطلب الاول: النشأة

المطلب الثاني: الاهداف

6

6

7

 المبحث الثاني :الامتيازات والحصانات

المطلب الاول: الامتيازات

المطلب الثاني: الحصانات

المبحث الثالث: العضوية والانسحاب

المطلب الاول: العضوية

المطلب الثاني: الانسحاب ووقف العضوية

9

9

9

11

11

12

الفصل الثاني : الاحكام المالية والادارية 13
   
المبحث الاول: راس المال والاكتتاب 14
المبحث الثاني: التصويت وتعديل الاكتتاب 16
الباب الثاني: نطاق اعمال اتفاقية انشاء الوكالة الدولية لضمان الاستثمار 18
الفصل الاول: النطاق الموضوعي 18
المبحث الاول: المخاطر الصالحة لضمان الوكالة 18
المبحث الثاني: الاستثمارات الصالحة للضمان 21
المبحث الثالث: ضمان الاستثمارات المؤيدة 23
المبحث الرابع: حدود الضمان 26
المبحث الخامس: النطاق الشخصي

*المستثمر الصالح لضمان

27
الفصل الثاني: النطاق الاجرائي

*تسوية المنازعات

المبحث الاول المفاوضات والتوفيق

المطلب الاول: المفاوضات

المطلب الثاني: التوفيق

المبحث الثاني : التحكيم

29

 

30

30

30

31

* خاتمة: 33
   
   
قائمة المراجع 34
الفهرس 35

 

1 – د. محمود حافظ غانم ، ضمان استثمار الأموال العربية ، بحث قانوني منشور في مجلة مصر المعاصرة ، العدد 349، السنة الثالثة والستون ، مطابع الأهرام التجارية ، القاهرة ، يوليو 1972، ص159.

1 – د. أحمد شرف الدين ، استثمار المال العربي (تأثير فكرته الاقتصادية في قواعده القانونية  ) دراسة منشورة في مجلة مصر المعاصرة ، العدد 393 – 394 ، السنة الرابعة والسبعون ، مطابع الأهرام ، القاهرة ، يوليو 1983 ، ص 53

[3] Keith E. Maskus, International Public Goods And Transfer Of Technology Under A Globalized Intellectual Property Regime, Cambridge University Press,UK,2005.P69

1  د. ابراهيم شحاته، الضمان الدولي للاستثمارات الاجنبية، دار النهضه العربية، القاهرة، 1971، ص 144.

2    د. ابراهيم شحاته، المرجع السابق، ص 16.

(1)  IBRAHIM F. I. SHIHATA, The Multilateral Investment guarantee Agency (MIGA)

And The Legal Treatment of Foreign Investment, (RECUEIL DESCOURS,LA HAYE,)

حيث يقول:

The issuance of guarantees against non-commercial risk, was thus not to be the objective of MIGA but merely one of its functions>

(2)     د . ابراهيم شحاتة، دور البنك الدولي في تسوية منازعات الاستثمار، المجلة المصرية للقانون الدولي، مجلد 41 ، 1985 ص 22.

[4]  عبدالله عبدالكريم عبدالله، ضمانات الاستثمار في الدول العربية،دراسة مقارنة،دار الثقافة للنشر، عمان،2006

(1)     يراجع الموقع الالكتروني     www.miga.org

(1)    IBRAHIM F.I.SHIHAT the multilateral investement gurantee agency (MIGA)                               AND THE LEGAL TREATMENT OF FOREIN INVESTEMENT<

ETC.                                          REC .DES COURS ,LA HAYE<

 

 

(2)     Malcolm d . Rowat , Multilateral Approaches Improving the INVESTEMENT CLIMATE OF  developing countries, Harvard international law journal

3)      يراجع د.ابراهيم شحاته، تعليق على اتفاقية الوكالة الدولية للاستثمار، منشورات المجلة المصرية للقانون الدولي، عدد 41 سنة 1985، ص 201.

(2)     د. إبراهيم شحاته، تعليق على الاتفاقية، المرجع السابق، ص 193.

(1)     ابراهيم شحاته، تعليق على اتفاقية الوكالة الدولية، المرجع السابق، ص 194.

(1)     الموقع الالكتروني www.miga.com

يراجع نص الاتفاقية م6[5]

(1) ابراهيم شحاتة،  المرجع السابق.

1- أ.د. العميدة حفيظة الحداد، محاضرات في التحكيم التجاري الدولي،محاضرات القيت على طلبة الدراسات العليا  في القانون الخاص بكلية الحقوق-جامعة بيروت العربية،2001[6]

[7]  استاذتنا العميدة أ.د.حفيظة الحداد, القانون الواجب التطبيق على الموضوع أمام هيئة التحكيم, محاضرات ألقيت في دورة التحكيم المتخصصة والمنعقدة في الإسكندرية, جامعة الإسكندرية, أغسطس, 2002م

[8]     IBRAHIM F.I.SHIHAT the multilateral investement gurantee agency (MIGA)                               AND THE LEGAL TREATMENT OF FOREIN INVESTEMENT ETC.  REC .DES COURS ,LA HAYE

]]>
ضمان إستحقاق المبيع في القانون المدني الأردني وقانون المعاملات المدنية الإماراتي دراسة مقارنة https://www.a7wallaw.com/15829 Wed, 01 Dec 2021 19:29:08 +0000 https://www.a7wallaw.com/?p=15829 ملخص

يتحقق إستحقاق المبيع عندما يدعي شخص بأنه يملك المبيع أو بأن له حقاً آخر عليه، ويتمكن من إثبات دعواه فيحصل على حكم قضائي. ويكون البائع ضامناً للإستحقاق، أي يلتزم بتعويض المشتري عما أصابه من ضرر بسبب إستحقاق المبيع. ويُعد هذا الإلتزام احتياطياً، إذ بعدما تعذر عل البائع تنفيذ التزامه بضمان التعرض تنفيذاً عينياً تم التحول إلى تنفيذ الإلتزام بطريق التعويض. ويستطيع الرجوع عليه على البائع بدعوى ضمان الإستحقاق التي تقوم على أساس المسؤولية العقدية، كما يستطيع الرجوع عليه بدعوى الفسخ نظراً لإخلال البائع بتنفيذ التزاماته، ويستطيع أيضاً الرجوع عليه بدعوى البطلان في حالة ثبوت ملكية المبيع الغير للغير على أساس أن البائع قد باع ملك الغير. إلا أنه طبقاً للقانون المدني الأردني وقانون المعاملات المدنية الإماراتي يكون رجوع المشتري على البائع بموجب الدعوى الأخيرة. وقد قسمنا البحث إلى أربعة مباحث عالجنا فيها على التوالي ضمان الإستحقاق الكلي، وضمان الإستحقاق الجزئي، وهلاك المبيع المستحق للغير، وسقوط الحق في الضمان.

 

 

المقدمة

يلتزم البائع بمقتضى عقد البيع بعدة التزامات منها التزامه بضمان التعرض والإستحقاق. ويقوم هذا الإلتزام على أساس فكرة التقابل بين الالتزامات. وهو لا يقتصر على عقد البيع، وإنما يشمل جميع العقود الناقلة للحق كالمقايضة والقرض، بل ويشمل عقد الإيجار أيضاً(1). ويكون التعرض على نوعين، إما تعرضاً مادياً، ويتمثل في الأعمال المادية الصادرة من البائع أو من الغير والتي من شأنها أن تمنع المشتري من الانتفاع بالمبيع انتفاعاً هادئاً، أو تعرضاً قانونياً، ويتمثل في الادعاء بملكية المبيع أو الادعاء بأي حق آخر عليه. ويلتزم البائع بضمان تعرضه الشخصي المادي والقانوني، كما يلتزم بضمان تعرض الغير القانوني، أي يجب على البائع أن يمتنع عن التعرض للمشتري ويمنع غيره من التعرض إليه تعرضا قانونياً، وهذا ما يعرف بضمان التعرض. ولكن إذا حصل تعرض قانوني من الغير على المبيع وأخفق البائع في تنفيذ التزامه بضمان التعرض تنفيذاً عينياً، أي لم يتمكن من منع الغير من التعرض فاستحق المبيع له وجب عليه ضمان هذا الإستحقاق .

 

ويراد بالإستحقاق لغة معنيان :

  1. ثبوت الحق ووجوبه، فيقال استحق فلان الشيء، أي استوجبه، فالشيء مستحق له، ومنه قوله تعالى (فأن عُثِر أنّهُما استحقا اثما)(2)، أي وجبت عليهما عقوبة(3).
  2. طلب الحق، فالسين والتاء للطلب(4).

 

أما المعنى الاصطلاحي للإستحقاق فهو قريب من معناه اللغوي، إذ يراد به ادعاء الشخص بأنه يملك المبيع أو بأن له حق آخر عليه ويتمكن من إثبات دعواه فيحصل على حكم قضائي(5)، ويشترط لإصدار هذا الحكم أن يقوم القاضي بتحليف المستحق يمين الإستحقاق، وذلك بأن يحلف بالله على أنه ما باعه ولا وهبه ولا خرج من ملكه، فقد نصت المادة (54) من قانون البينات الأردني على أنه “لا يحلف من وجهات إليه اليمين إلا بطلب خصمه وبعد صدور قرار المحكمة بذلك ولكن تحلفه المحكمة يمين الاستظهار وعند الإستحقاق ورد المبيع لعيب فيه وعند الحكم بالشفعة ولو لم يطلب الخصم تحليفه”. ويماثل هذا النص ما ورد في المادة (83) من القانون المدني الأردني. وفي هذا المجال نصت المادة (120/2) من قانون المعاملات المدنية الإماراتي على أنه :” ويجوز للقاضي من تلقاء نفسه – توجيه اليمين للخصم في الحالات التالية : أ……ب ثبوت إستحقاقه لمال فإنه يحلف على أنه لم يبع هذا المال أو يهبه أو يخرج عن ملكه بأي وجه من الوجوه. ج……د……….”(6).

 

أما ضمان الإستحقاق فهو التزام البائع بتعويض المشتري عما أصابه من ضرر بسبب إستحقاق المبيع(7). فهو بمثابة الإلتزام الاحتياطي، فبعد ما تعذر على البائع تنفيذ التزامه بضمان التعرض تنفيذاً عينياً تم التحول إلى تنفيذ الإلتزام بطريق التعويض(8). يتبين لنا من ذلك أن اساس التزام البائع بالتعويض هو المسؤولية العقدية، وهذا هو المعنى الدقيق لضمان الإستحقاق(9).

وتجدر الإشارة إلى أن حق المشتري في الرجوع على البائع ولا يقتصر على دعوى ضمان الإستحقاق التي تقوم على أساس المسؤولية العقدية، إذ يحق له الرجوع عليه بدعوى الفسخ نظراً لإخلال البائع بالتزاماته، كما يحق له الرجوع عليه بدعوى البطلان في حالة ثبوت ملكية المبيع للغير، وذلك على أساس أن البائع قد باع ملك الغير، وجدير بالذكر أن حكم بيع ملك الغير في القانون العراقي والأردني والإماراتي موقوف على إجازة المالك، أي المستحق، فإذا نقضه بطل وبالتالي يحق للمشتري الرجوع على البائع على أساس بطلان البيع. أما حكمه في القانون المصري والسوري فهو قابل للإبطال من قبل المشتري.

 

ونود أن نشير إلى أن الذي دفعنا لاختيار هذا الموضوع هو ما تضمنه القانون المدني الأردني وقانون المعاملات المدنية الإماراتي من نصوص وجدنا أنها بحاجة لمزيد من التأصيل والتوضيح.

 

وقد اتسم هذا البحث بالمقارنة ببعض القوانين وخصوصاً القانون المدني المصري والقانون المدني العراقي ومجلة الأحكام العدلية والفقه الإسلامي عموماً.

 

وسوف نقسم هذا المبحث إلى أربعة مباحث نعالج فيها على التوالي: ضمان الإستحقاق الكلي، وضمان الإستحقاق الجزئي، وهلاك المبيع المستحق للغير، وسقوط الحق في ضمان الإستحقاق .

المبحث الأول

ضمان الإستحقاق الكلي

 

يتحقق الإستحقاق الكلي عندما يُنتزع المبيع من يد المشتري بعد ثبوت ملكيته للغير بموجب قرار قضائي(10). وفي هذه الحالة يحق للمشتري الرجوع على البائع بالتعويض عما أصابه من ضرر نتيجة لهذا الإستحقاق. ومن أجل بيان عناصر التعويض الذي يستحقه المشتري سوف نقسم هذا المبحث إلى أربعة مطالب نتناول فيها عناصر التعويض التالية :

  1. الثمن أو قيمة المبيع .
  2. المصروفات النافعة .
  3. الثمار.
  4. التعويض عن الأضرار الأخرى .

 

المطلب الأول

الثمن أو قيمة المبيع

 

نصت المادة (505) من القانون المدني الأردني (تطابقها المادة 536 مدنية إماراتي) على أنه :

 

1- إذا قضي بإستحقاق المبيع كان للمستحق الرجوع على البائع بالثمن إذا أجاز البيع ويخلص المبيع للمشتري. 2-  فإذا لم يجز المستحق البيع انفسخ العقد وللمشتري أن يرجع على البائع بالثمن 3- ………………4-…………….”. يتضح من هذا النص أن المشرع قد اعتبر عقد البيع في حالة إستحقاق المبيع عقداً موقوفاً على إجازة المستحق، لأنه بيع لملك الغير. فإن أجاز المستحق العقد نفذ وخلصت ملكية المبيع للمشتري ورجع المستحق على البائع بالثمن استناداً إلى قاعدة الإجازة اللاحقة كالوكالة السابقة(11). ومن الواضح أن مشكلة الإستحقاق قد زالت بمجرد إجازة المستحق للعقد. وإذا ما نقض المستحق العقد بطل(12) ووجب إعادة الحال إلى ما كان عليه قبل إبرام العقد(13). وفي هذه الحالة تثور مشكلة الإستحقاق، إذ يجب على المشتري إعادة المبيع إلى المستحق ويرجع على البائع بالثمن الذي دفعه له(14)، بتمامه نقصت قيمة المبيع أو زادات(15). ولا يسقط حق المشتري في الرجوع على البائع بالثمن حتى وإن كان عالماً بعدم ملكية البائع للمبيع. فقد نصت المادة (506/2) من القانون المدني الأردني (تطابقها المادة 537/2 مدنية إماراتي) على أنه : “ولا يمنع علم المشتري بأن المبيع ليس ملكاً للبائع من رجوعه بالثمن عند الإستحقاق”. كما أن البائع يلتزم برد الثمن وإن كان حسن النية، أي لم يكن يعلم أنه يبيع ملك الغير وبالتالي لا يعلم أن ما يقبضه من ثمن لا يستحقه. فقد قضت المادة (300) من القانون المدني الأردني (تقابلها المادة 324 مدنية إماراتي) الواردة في قواعد قبض غير المستحق بأن : “على المحكمة أن تلزم من قبض شيئاً بغير حق أن يرده إلى صاحبه……” دون أن تفرق بين حسن نية القابض أو سوء نيته .

 

يتبين لنا مما تقدم أن الأساس القانوني لالتزام البائع برد الثمن هو الإثراء بلا سبب لأنه قد قبض شيئاً غير مستحق له نظراً لبطلان عقد البيع، وعليه فإن رجوع المشتري على البائع لا يكون بموجب دعوى ضمان الإستحقاق، وإنما بموجب دعوى البطلان وهذا هو موقف القانون الأردني والإماراتي والعراقي واللبناني والفقه الإسلامي(16).

 

أما موقف القانون المدني المصري، فهو مختلف عن ذلك، فقد نصت المادة (443) على أنه :”إذا استحق المبيع كان للمشتري أن يطلب من البائع: 1- قيمة المبيع وقت الإستحقاق مع الفوائد القانونية من ذلك الوقت. 2- ………………..3-…………………4-………………. 5-………………………. كل هذا ما لم يكن رجوع المشتري مبنياً على المطالبة بفسخ البيع أو إبطاله”(17). يتضح من هذا النص أنه قد أعطى المشرع المصري للمشتري الحق في مطالبة البائع بقيمة المبيع وقت الإستحقاق(18)، سواء كانت هذه القيمة أكبر من الثمن أو أقل منه. ويتفق هذا الحكم مع قواعد المسؤولية العقدية لأن هذه القيمة تمثل الخسارة الحقيقية التي تعرض لها المشتري نتيجة لإستحقاق المبيع. إلا أن المشرع سمح للمشتري الرجوع على البائع على أساس الفسخ أو الإبطال بدلاً من المسؤولية العقدية، وعليه فقد يفضل المشتري الرجوع على البائع بموجب دعوى الفسخ أو البطلان وذلك عندما يكون الثمن أكبر من قيمة المبيع. كما يحق للمتشري المطالبة بالفوائد القانونية عن قيمة المبيع من وقت الإستحقاق، أي من وقت رفع الدعوى لأن حكم الإستحقاق الذي يثبت به حق المشتري في قيمة المبيع يستند أثره إلى تاريخ رفع الدعوى، وبالتالي فمن هذا التاريخ يثبت للمشتري حق الانتفاع بقيمة المبيع وتقابل هذه الفوائد حق المشتري في الانتفاع بالمبيع، لذا نرى بأنه كان ينبغي أن يعطى الحق للمشتري في الفوائد لا من تاريخ رفع الدعوى وإنما من تاريخ انتزاع المبيع منه أو من تاريخ حرمانه من الانتفاع به، ويستمر حقه في الفوائد لحين استلامه قيمة المبيع فعلاً(19). ويستحق المشتري هذه الفوائد حتى ولو كان المبيع لا ينتج ثماراً كالأرض الفضاء المعدة للبناء(20). كما أنه يستحق القيمة مع الفوائد بصرف النظر عن حسن أو سوء نية المشتري أو البائع(21).

 

 

 

 

المطلب الثاني

المصروفات النافعة

 

نصت الماة (505/3) من القانون المدني الأردني (تطابقها المادة 536/3 مدنية إماراتي) على أنه: ويضمن البائع للمشتري ما أحدثه في المبيع من تحسين نافع مقدراً بقيمته يوم التسليم للمستحق”. ويقصد بالتحسين النافع الذي أحدثه المشتري في المبيع الزيادة التي طرأت على قيمة المبيع نتيجة لما صرفه المشتري عليه من مصروفات نافعة، ولكنها ليست ضرورة للمحافظة على المبيع من التلف أو الهلاك، كما لو أقام بناء أو غرس أشجاراً في الأرض المبيعة أو أدخل الماء أو الكهرباء والخدمات الأخرى إلى العقار. ويقصد بعبارة (مقدراً بقيمته يوم التسليم للمستحق) أن المقدار الذي يلتزم البائع برده إلى المشتري هو ما يعادل قيمة الزيادة التي طرأت على المبيع يوم تسليمه للمستحق والتي حصلت بسبب ما صرفه من مصروفات نافعة. وتمثل قيمة الزيادة هذه الفرق بين قيمة المبيع قبل إجراء التحسينات وقيمته بعد إجراء التحسينات يوم التسليم للمستحق. ونرى أنه يحق للبائع الرجوع على المستحق بما دفعه للمشتري على أساس الإثراء بلا سبب لأن المستفيد من هذه المصروفات هو المستحق وليس البائع.

 

ومن أجل التعرف إلى أحكام المصروفات المختلفة التي يصرفها المشتري على المبيع المستحق للغير نورد نص المادة (1193) من القانون المدني الأردني (تطابقها المادة 1329 مدنية إماراتي) المتعلقة بالمصروفات التي تصرف من قبل الحائز بشكل عام. فقد قضت هذه المادة بأن :”1- على المالك الذي يرد إليه ملكه أن يؤدي إلى الحائز جميع ما أنفقه من النفقات الضرورية اللازمة لحفظ العين من الهلاك. 2- أما المصروفات النافعة فتسري في شأنها أحكام المادتين( 1141، 1143) من هذا القانون. 3- ولا يلتزم المالك برد النفقات الكمالية، ويجوز للحائز أن ينتزع ما أقامه بهذه النفقات على أن يعيد الشيء إلى حالته الأولى، وللمالك أن يستبقيها لقاء قيمتها مستحقة للإزالة.

 

يتضح من هذا النص أن المصروفات التي تصرف من قبل الحائز هي على ثلاثة أنواع : مصروفات ضرورية، ومصروفات نافعة، ومصروفات كمالية.

 

فبخصوص المصروفات الضرورية يحق للحائز (المشتري) الرجوع بها على المالك (المستحق) ولا يحق له مطالبة البائع بها(22)، وتشمل هذه المصروفات كل ما صرفه المشتري من أجل ترميم وصيانة المبيع من الهلاك. وبخصوص المصروفات الكمالية كمصروفات المبيع وأحداث زخارف في جدران المنزل، فيحق للمشتري أن ينتزع ما أقامه على أن يعيد الشيء إلى حالته الأولى ما لم يطلب المستحق استبقاءها لقاء قيمتها مستحقة الإزالة(23). وفي كلتا الحالتين سيصاب المشتري بضرر ويحق له مطالبة البائع بالتعويض عنه بالاستناد إلى المادة (505/4 مدني أردني والمادة 536/4 مدنية إماراتي)(24).

 

أما ما يتعلق بالمصروفات النافعة، فقد أشارت المادة (1193) آنفة الذكر إلى تطبيق أحكام الاتصال الواردة في المادتين (1140، 1141)(25). وقد نصت المادة (1140) من القانون المدني الأردني (تقابلها المادة 1269 مدنية إماراتي) على أنه : “إذا أحدث شخص بناء أو  غراساً أو منشآت أخرى بمواد من عنده على أرض يعلم أنها مملوكة لغيره دون رضاء صاحبها كان لهذا أن يطلب قلع المحدثات على نفقة من أحدثها فإذا كان القلع مضراً بالأرض فله أن يتملك المحدثات بقيمتها مستحقة للقلع”. ونصت المادة (1141) من القانون المدني الأردني (تطابقها المادة 1270 مدنية إماراتي)  على أنه “إذا أحدث شخص بناء أو غراساً أو منشآت أخرى بمواد من عنده على أرض يعلم أنها مملوكة لغيره بزعم سبب شرعي فإن كانت قيمة المحدثات قائمة أكثر من قيمة الأرض كان للمحدث أن يمتلك بثمن مثلها إذا كانت قيمة الأرض لا تقل عن قيمة المحدثات كان لصاحب الأرض أن يتملكها بقيمتها قائمة”.

 

ونتساءل عن الحكم الواجب التطبيق بخصوص المصروفات النافعة،هل هو ما ورد في المادة (505/3)، أم ما ورد في المادتين (1140، 1141)؟ وجوباً على ذلك نرى أنه ينبغي الجمع بينهما، فتطبق أولاً أحكام الاتصال الواردة في المادتين (1140، 1141) إذا كانت المصروفات قد صرفت في إ قامة بناء أو غراس أو منشآت أخرى، وبموجب هاتين المادتين ينبغي التفرقة في الحكم فيما إذا كان المشتري سيء النية أو حسن النية. فإذا كان سيء النية جاز للمستحق أن يطالبه بقلع المحدثات على نفقته، وإذا كان القلع مضراً بالأرض جاز له أن يتملك المحدثات بقيمتها مستحقة للقلع. أما إذا كان حسن النية فيحق له أن يتملك الأرض بثمن المثل إذا كانت قيمة المحدثات أكثر من قيمة الأرض، في حين إذا كانت قيمة الأرض لا تقل عن قيمة المحدثات فلصاحب الأرض (المستحق) أن يتملك المحدثات بقيمتها قائمة. أما إذا كانت المصروفات لم تصرف لأجل إقامة بناء أو غراس أو منشآت أخرى كإدخال بعض الخدمات للعقار كالكهرباء والماء والمصروفات التي تتم في سبيل الدعاية لمنطقة سكنية جديدة مما جعل الجمهور يقدم عليها فارتفعت أسعارها، ففي هذه الحالة لا تطبق أحكام الاتصال وإنما تطبق أحكام الإثراء بلا سبب والتي بموجبها يلتزم المثري (المستحق) بتعويض المفتقر (المشتري)(26)، وتطبق بعد ذلك أحكام المادة (505/3) مدني أردني والمادة 536/3 مدنية إماراتي فيحق للمشتري الرجوع على البائع بالمصروفات التي لم يتمكن من الحصول عليها من المستحق(27). وهي تمثل ما لحق المشتري من خسارة، ويستطيع المشتري الرجوع على البائع سواء أكان حسن النية أو سيء النية(28)، وإن كنا نرى بأن الأمر سيقتصر على الحالة التي يكون فيها سيء النية لأنه إذا كان حسن النية فسوف لا يتعرض لخسارة كما هو واضح من نص (المادتين 1140، 1141) مدني أردني والمادتين 1269، 1270 مدنية إماراتي) بخصوص المصروفات النافعة.

 

وبالاستناد إلى ما تقدم نرى أن ما أورده المشرع في(المادة 505/3 مدني أردني والمادة 536/3 مدنية إماراتي) محل نظر لأنه قد ألزم البائع بأن يضمن للمشتري ما أحدثه في المبيع من تحسين نافع دون أن يلتفت إلى ما أورده في(المادة 1193/2) مدني أردني والمادة 1329/2مدنية إماراتي) خصوص المصروفات النافعة)(29). وعلى العكس من ذلك نرى أن المشرع المصري قد التفت إلى هذا الأمر فنص في المادة (442/2) على أنه : “إذا استحق كل المبيع كان للمشتري أن يطلب من البائع المصروفات التي لا يستطيع المشتري أن يلزم بها المستحق”…..، وعليه نرى بأن على المشرع الأردني إما أن يعدل المادة (505/3) ليجعلها متفقة مع المادة (442/3) من القانون المدني المصري، أو يلغي هذه الفقرة بشكل كامل، وفي هذه الحالة سيرجع المشتري على البائع بكل المصروفات التي لم يتمكن من استردادها من المستحق باعتبارها من الخسائر التي لحقت به نتيجة للإستحقاق، وبالتالي يستحق عنه تعويضاً بالاستناد إلى الفقرة (4) من المادة (505). ونفس الشيء يقال بخصوص المادة (536/3) من قانون المعاملات المدنية الإماراتي .

 

 

المطلب الثالث

الثمار

 

نصت المادة (511) من القانون المدني الأردني (تقابلها المادة 542 مدنية إماراتي) على أنه : “للمستحق مطالبة المشتري بما أفاده من ريع المبيع أو غلته بعد حسم ما احتاج إليه الإنتاج من النفقات ويرجع المشتري على البائع بما أداه للمستحق”(30). بادئ ذي بدء نقول إنه ينبغي تفسير هذا النص في ضوء ما ورد في قواعد الحيازة. فقد نصت المادة (1192) من القانون المدني الأردني (تقابلها المادة 1328 مدنية إماراتي) على أنه : “1- يكون الحائز سيء النية مسؤولاً عن جميع الثمار التي يقبضها والتي قصر في قبضها من وقت أن يصبح سيء النية. 2- ويجوز له أن يسترد ما أنفقه في إنتاج هذه الثمار”. وعليه فلا يجوز للمستحق مطالبة المشتري بثمار المبيع إلا إذا كن المشتري سيء النية، أي أنه في الوقت الذي قبض فيه الثمار كان يعلم بحق الغير على المبيع. أما إذا كان حسن النية، فإنه يتملك هذه الثمار بالاستناد إلى نص المادة (1191) من القانون المدني الأردني (تطالصناعية والتجارية مدنية إماراتي) التي جاء فيها : “يملك الحائز حسن النية ما قبضه من الثمار والمنافع مدة حيازته”، ونص المادة (1295/1) من القانون المدني الأردني (تطابقها المادة 1331 مدنية إماراتي) التي جاء فيها : “إذا انتفع الحائز حسن النية بالشيء معتقداً أن ذلك من حقه فلا يلتزم لمن استحقه بمقابل هذا الانتفاع”.

 

يتبين لنا من هذه النصوص أن التزام المشتري برد الثمار إلى المستحق يقتصر على الثمار التي قبضها بسوء نية، وبالتالي يرجع المشتري على البائع بقيمة هذه الثمار فقط، وعليه نرى أن معالجة المشرع المصري والمشرع العراقي لهذا الموضوع أدق من معالجة المشرع الأردني. فقد نصت المادة (442/2) من القانون المدني المصري على أنه : “إذا استحق كل المبيع كان للمشتري أن يطلب من البائع : قيمة الثمار التي ألزم المشتري بردها لمن استحق المبيع”(31). أما الثمار التي قصر في قبضها فهو ملزم بردها إلى المستحق أيضاً إذا كان سيء النية ولكن لا يستطيع مطالبة البائع بها(32).

ويعود السبب في إعطاء المشتري حق الرجوع على البائع بالثمار التي ألزم بردها إلى المستحق إلى أن المشتري يستحق ثمار المبيع منذ البيع في مقابل انتفاع البائع بالثمن(33). وعليه يلزم لتطبيق هذا الحكم أن يكون المشتري قد سدد كامل الثمن للبائع، وإلا فإنه يخصم من قيمة هذه الثمار قيمة فوائد الباقي في ذمته من الثمن(34). كما أن المشتري يستحق ثمار المبيع من تاريخ البيع ولحين حصوله على الثمن أو قيمة المبيع. وتجدر الإشارة بأنه طبقاً للقانون المصري يستحق المشتري الثمار لحين رفع دعوى الإستحقاق، وذلك لأنه ابتداءً من تاريخ رفع هذه الدعوى قد ألزم المشرع البائع بأن يدفع فوائد قانونية للمشتري عن قيمة المبيع(35).

 

ونود أن نشير أخيراً إلى أنه إذا تملك المشتري الثمار بسبب حسن نيته عند قبضها فإنه يحق للمستحق مطالبة البائع بها على أساس الفعل الضار لأنه قد تصرف في ملك الغير فحرمه من غلته وثماره .

 

المطلب الرابع

التعويض عن الأضرار الأخرى

 

نصت المادة (505/4) من القانون المدني الأردني (تطابقها المادة 536/4 مدنية إماراتي) على أنه : “,ويضمن البائع أيضاً للمشتري الأضرار التي نشأت بإستحقاق المبيع”. يتضح من هذا النص أن البائع يكون ملزماً زيادة على ما تقدم بتعويض المشتري عن الأضرار التي أصابته نتيجة إستحقاق المبيع. ومن أجل تحديد نطاق التعويض الذي لزم به البائع ينبغي التعرف على نوع مسؤولية البائع.  هل هي مسؤولية عقدية، أم مسؤولية تقصيرية؟.

 

إن مسؤولية البائع عن إستحقاق المبيع في القانون المدني الأردني والقانون الإماراتي هي مسؤولية تقصيرية نظراً لبطلان عقد البيع وزواله(36). وعليه، فإن نطاق التعويض الذي يستحقه المشتري يكون بالاستناد إلى المادة (266) من القانون المدني الأردني (تطابقها المادة 292 مدنية إماراتي) التي نصت على أنه :”يقدر الضمان في جميع الأحوال بما لحق المضرور من ضرر وما فاته من كسب بشرط أن يكون ذلك نتيجة طبيعية للفعل الضار”. يتضح من هذا النص أن التعويض يشمل الضرر المباشر المتوقع وغير المتوقف(37) بنوعية الخسارة اللاحقة والكسب الفائت(38). وعليه يستطيع المشتري مطالبة البائع بالتعويض من نفقات إبرام العقد ورسوم التسجيل ومصاريف السفر لمعاينة المبيع.

 

كما يستطيع مطالبته بالتعويض عما فاته من كسب كما لو كان المبلغ الذي دفعه المشتري كثمن موضوعاً في مصرف ويدر أرباحاً أو كان المشتري عازماً على استثمار هذا المبلغ في مشروع اقتصادي يدر عليه ربحاً أكيداً. ومن الأضرار التي يستحق المشتري عنها التعويض مصاريف دعوى الإستحقاق ودعوى ضمان الإستحقاق(39). ومن الأضرار التي لا يستحق عنها تعويضاً الفرق بين قيمة المبيع والثمن المسمى وذلك عندما تكون قيمة المبيع أكثر من الثمن المسمى. ونستنتج هذا الحكم من نص المادة (510) من القانون المدني الأردني (تطابقها المادة 541 مدنية إماراتي) التي جاء فيها : “1- إذا وقع الادعاء بالإستحقاق بعد هلاك المبيع بيد المشتري ضمن للمستحق قيمته يوم الشراء ورجع على البائع بالثمن. 2- وإذا كانت القيمة التي ضمنها المشتري أكثر من الثمن المسمى كان له الرجوع  بالفرق مع ضمان الأضرار التي يستحقها وفقاً للفقرة (4) من المادة (505)”. إذ يتضح من هذا النص أن المشتري يستحق الفرق فقط في حالة هلاك المبيع المستحق، كما يتضح منه أن الفقرة (4) من المادة (505) التي ألزمت البائع بتعويض المشتري عن الأضرار التي لحقت به بسبب إستحقاق المبيع لا تشمل الفرق بين قيمة المبيع والثمن المسمى)40).

ونشير أخيراً إلى أن المشتري يستحق التعويض عن الأضرار التي لحقت به بسبب إستحقاق المبيع وإن كان سيء النية، أي يعلم وقت الشراء أن المبيع مملوك لغير البائع(41). كما أنه يستحق التعويض وإن كان البائع حسن النية، أي لم يكن يعلم وقت البيع أن المبيع مملوك للغير. وهذه الأحكام نستنتجها من إطلاق نص المادة (505) من القانون المدني الأردني (تطابقها المادة 536 مدنية إماراتي) التي لم تشترط أي شرط لإلزام البائع بعناصر التعويض الواردة فيها. إذ يكتفي لتطبيق هاتي المادتين إستحقاق المبيع نتيجة لتصرف البائع في ملك الغير. وحيث أن مسؤولية البائع في القانونين الأردني و الإماراتي هي مسؤولية تقصيرية  تقوم على الفعل الضار الصادر منه، لذا فإن هذه المسؤولية تقوم على أساس الخطأ المفترض الذي لايقبل إثبات العكس(42).

 

المبحث الثاني

ضمان الإستحقاق الجزئي

 

يتحقق الإستحقاق الجزئي عند ثبوت ملكية جزء من المبيع للغير، سواء كان هذا الجزء مفرزاً أو شائعاً أو عند ظهور حق للغير على المبيع كحق رهن أو ارتفاق أو انتفاع أو غير ذلك(43). وحيث أن المشرعين الأردني والإماراتي قد فرّقا في الحكم بين حالتي الإستحقاق الجزئي(44). لذا سنقسم هذا المبحث إلى مطلبين، نعالج في الأولى ثبوت ملكية جزء من المبيع للغير ونبحث في الثاني ظهور حق  للغير على المبيع.

 

 

 

 

المطلب الأول

ثبوت ملكية جزء من المبيع للغير

 

نصت المادة (509) من القانون المدني الأردني (تطابقها المادة 540 مدنية إماراتي) على أنه : 1- إذا استحق بعض المبيع قبل أن يقبضه كله كان للمشتري أن يرد ما قبض ويسترد الثمن أو يقبل البيع ويرجع بحصة الجزء المستحق. 2- وإذا استحق بعض المبيع بعد قبضه كله وأحدث الإستحقاق عيباً في الباقي كان للمشتري رده والرجوع على البائع بالثمن أو التمسك بالباقي بحصته من الثمن وإن لم يحدث عيباً وكان الجزء المستحق هو الأقل فليس للمشتري إلاّ الرجوع بحصة الجزء المستحق. يتبين لنا من هذا النص أن المشرع قد فرق في الحكم بين حالتين :

 

أولاً: إستحقاق بعض المبيع قبل قبضه كله: وتتحقق هذه الحالة عند ثبوت ملكية جزء من المبيع للغير قبل تمام عملية تسلّم المبيع من قبل المشتري(45)، أي يجب أن تكون دعوى الإستحقاق الجزئي قد رفعت قبل تمام عملية قبض المبيع. إذ ان تاريخ رفع دعوى الإستحقاق يمثل تاريخ الإستحقاق لأن القرار القاضي بإستحقاق جزء من المبيع للغير يكون له أثر رجعي يستند إلى وقت رفع الدعوى. ونود أن نشير هنا إلى أنه لا يشترط في تسلم المشتري للمبيع أن يكون تسلماً حقيقياً بل يجوز أن يكون تسلماً رمزياً أو حكمياً. وقد منح المشرع المشتري في هذه الحالة خيارين، أما فسخ العقد وبالتالي يجب عليه إعادة الحالة إلى ما كانت عليه فيرد ما قبض ويسترد الثمن الذي دفعه أو الإبقاء على البيع بالنسبة للجزء المتبقي من المبيع، أي فسخ العقد فسخاً جزئياً بالنسبة للجزء المستحق من المبيع(46)  مع المطالبة بإنقاص الثمن .

 

ثانياً: إستحقاق بعض المبيع بعد قبضه كله: وتتحقق هذه الحالة عند ثبوت ملكية جزء من المبيع للغير بعد تمام عملية تسلّم المبيع من قبل المشتري. ويختلف الحكم القانوني الذي اعتمده المشرع في هذه الحالة عن الحكم الذي اعتمده في الحالة الأولى. فالأصل لا يجوز للمشتري طلب فسخ العقد وإنما يحق له فقط المطالبة بإنقاص الثمن بسبب إستحقاق جزء من المبيع. و قد استثنى المشرع من هذا الأصل حالتين منح فيهما المشتري الخيار بين فسخ العقد وبين المطالبة بإنقاص الثمن، والحالتان هما :

  1. إذا أحدث الإستحقاق عيباً في الجزء المتبقي، كما لو كان المبيع مما يضره التبعيض أو التجزئة. فلو اشترى شخص كتاباً مؤلفاً من عدة أجزاء واستحقت بعض أجزائه للغير، فإن ذلك يحدث عيباً في المتبقين أو اشترى شخص مجموعة من الأثاث المتناسقة مع بعضها واستحق بعضها، أو اشترى قطعة أرض ليقيم عليها مشروعاً فاستحق بعضها ولم يعد الباقي كافياً لإقامة المشروع.
  2. إذا كان الجزء المستحق يعادل نصف المبيع أو يزيد عليه، ونستنج هذه الحالة من مفهوم مخالفة نص (المادة 905/2 مدني أردني والمادة 540/2 مدنية إماراتي) التي تقول : “وإن لم يحدث عيباً وكان الجزء المستحق هو الأقل فليس للمشتري إلا الرجوع بحصة الجزء المستحق”، أي أنه إذا كان الجزء المستحق هو الأكبر أو كان معادلاً للجزء المتبقي فإنه يحق للمشتري فسخ العقد أو التمسك به والمطالبة بإنقاص الثمن، ونود هنا أن نشير إلى موقف القانون المصري من مسألة الإستحقاق الجزئي الجسيم التي تقابل ما أخذ به المشرع الأردني في المادة (509/2). فقد نصت المادة (444/1) على أنه :”إذا استحق بعض المبيع، أو وجد مثقلاً بتكليف وكانت خسارة المشتري من ذلك قد بلغت قدراً لو علمه لما أتم العقد، كان له أن يطالب البائع بالمبالغ المبينة في المادة السابقة، على أن يرد له المبيع وما أفاد منه”. يتبين لنا من هذا النص أن المشرع المصري قد ألحق حالة الإستحقاق الجزئي الجسيم بحالة الإستحقاق الكلي من حيث الكم .

 

ولغرض تقييم موقف المشرعين الأردني والإماراتي من مسألة ثبوت ملكية جزء من المبيع للغير نورد الملاحظات التالية :

  1. تتعلق الملاحظة الأولى بحق المشتري في المطالبة بإنقاص الثمن. ونرى بأن الأساس القانوني الذي يقوم عليه حق المشتري في المطالبة بإنقاص الثمن في حالة الإستحقاق الجزئي هو نفس الأساس الذي يقوم عليه حقه في المطالبة بالثمن في حالة الإستحقاق الكلي وهو البطلان إلا أن البطلان هنا هو بطلان جزئي يتعلق بالجزء المستحق من المبيع. إذ نرى أن عقد البيع يكون في حالة الإستحقاق الجزئي موقوفاً بشكل جزئي على إجارة المستحق أن أجازه نفذ وإن نقضه بطل بالنسبة للجزء المستحق(47). ولم يتطرق القانونان الأردني والإماراتي لحالة الإجازة لأن مشكلة الإستحقاق لا تثور في هذه الحالة، وإنما افترضا حصول النقص وأعطيا الحكم على هذا الأساس .
  2. وتتعلق الملاحظة الثانية بحق المتشري في فسخ العقد. لقد فرق المشرع في مدى منح المشتري الحق في طلب فسخ العقد بين حالة إستحقاق بعض المبيع قبل قبضه كله وحالة إستحقاقه بعد قبضه كله. فقد منحه هذا الحق بشكل مطلق في الحالة الأولى، في حين منحه إياه بشروط في الحالة الثانية. ونتساءل عن الأساس القانوني الذي اعتمده المشرع في هذه التفرقة؟ وللإجابة عن ذلك ينبغي الرجوع إلى الأصل الذي استمد منه المشرع هذا الحكم وهو الفقه الإسلامي وخصوصاً المذهب الحنفي. ولدى الرجوع إلى هذا الأصل يبدو لنا أن الأساس الذي يقوم عليه حق الفسخ في الحالة الأولى يختلف عن الأساس الذي يقوم عليه هذا الحق في الحالة الثانية. إن أساس حق الفسخ في الحالة الأولى هو ثبوت خيار تفرق الصفقة للمشتري بسبب تجزئة المبيع عليه قبل تمام العقد. أما أساس حق فسخ العقد في الحالة الثانية فهو حصول العيب في الجزء المتبقي(48). وقد ألحق المشرع بهذه الحالة حالة كون الجزء المتبقي هو الأقل (49).
  3. أما الملاحظة الثالثة فهي تتعلق بمدى إستحقاق المشتري للتعويض في حالة الإستحقاق الجزئي، يبدو أن المشرع لم يمنح المشتري حق المطالبة بالتعويض عما أصابه من ضرر نتيجة للإستحقاق الجزئي(50). إذا خيره بين أمرين، أما فسخ العقد أو إنقاص الثمن. ويحق لنا أن نستاء عن العلة التي جعلت المشرع يحرم المشتري من عناصر التعويض التي يستحقها في حالة الإستحقاق الكلي؟!.

 

المطلب الثاني

ظهور حق للغير على المبيع

 

نصت المادة (509/3) من القانون المدني الأردني (تقابلها المادة 540/3 مدنية إماراتي) على أنه :”فإذا ظهر بعد البيع أن على المبيع حقاً للغير كان للمشتري الخيار بين انتظار رفع هذا الحق أو فسخ البيع والرجوع على البائع بالثمن”. يتبين من هذا النص أنه إذا ظهر بعد البيع أن على المبيع حقاً للغير سواء كان حقاً عينياً أو شخصياً أو معنوياً(51)، كما لو ظهر أن على المبيع حق إرتفاق أو حق إنتفاع أو ظهر أنه مستأجر من قبل الغير أو غير ذلك، ولم يكن المشتري يعلم بذلك عند الشراء فقد منحه المشرع الخيار بين أمرين، إما انتظار رفع الحق أو طلب فسخ العقد. ولنا على هذا الحكم الملاحظات التالية :

  1. تتعلق الملاحظة الأولى بالخيار الممنوح للمشتري في انتظار رفع الحق. نرى أن هذا الانتظار لا يعد خياراً إنما هو مجرد موقف سلبي يتخذه المشتري. ومما لا شك فيه أن المشرع حتى ولو لم ينص على ذلك فليس هناك ما يمنع المشتري من الانتظار، كما أنه لا يوجد ما يمنع المشتري في الحالة السابقة المتعلقة بثبوت ملكية جزء من المبيع للغير من الانتظار لربما يتمكن البائع من إنهاء الأمر مع المستحق. وعليه نرى أنه كان من الأولى بالمشرع أن يمنح المشتري الحق في طلب التنفيذ العيني، أي مطالبة البائع برفع الحق متى كان ذلك ممكناً(52).
  2. وتختص الملاحظة الثانية بحق المشتري في طلب الفسخ. لقد أعطى المشرع للمشتري الحق في طلب فسخ العقد بمجرد ظهور حق للغير على المبيع دون شرط أو قيد. ونتساءل لماذا فرق في الحكم بين هذه الحالة والحالة التي سبقتها التي تبين لنا فيها أن المشتري إذا قبض المبيع فلا يحق له طلب الفسخ إلا إذا كان الجزء المتبقي هو الأقل أو حدث فيه عيب نتيجة إستحقاق الجزء الآخر.
  3. أما الملاحظة الثالثة فتتعلق بعدم جواز المطالبة بإنقاص الثمن. إذ لم يمنح المشرع المشتري الحق في إنقاص الثمن متى اختار الإبقاء على المبيع على غرار ما فعله في الحالة السابقة بخصوص الإستحقاق الجزئي. كما أنه لم يمنحه الحق في طلب التعويض عن الضرر الذي أصابه نتيجة ظهور هذا الحق والذي رافقه إخلال من جانب البائع بالتزامه بتسليم المبيع مجرداً من كل حق للغير(53). ونرى بأن المشتري يستحق التعويض طبقاً للقواعد العامة في المسؤولية العقدية.

 

وختاماً ندعو المشرع إلى توحيد الحكم في حالتي الإستحقاق الجزئي، حالة ثبوت ملكية جزء من المبيع للغير وحالة ظهور حق للغير على المبيع، وذلك على غرار ما فعلته القوانين الأخرى(54).

 

المبحث الثالث

هلاك المبيع المستحق للغير

 

نصت المادة (510) من القانون المدني الأردني (تطابقها المادة 541 مدنية إماراتي) على أنه : “1- إذا وقع الادعاء بالإستحقاق بعد هلاك المبيع بيد المشتري ضمن للمستحق قيمته يوم الشراء ورجع على البائع بالثمن. 2-  وإذا كانت القيمة التي ضمنها المشتري أكثر من الثمن المسمى كان له الرجوع بالفرق مع ضمان الأضرار التي يستحقها وفقاً للفقرة (4) من المادة (505)”. لقد عالج هذا النص مسألة هلاك المبيع بيد المشتري في حالة الإستحقاق الكلي. وسوف نبحث هذه الحالة في مطلبين، نبين في الأول الأثر القانوني المترتب على هلاك المبيع المستحق للغير، ونقوم في الثاني بتقييم موقف القانون المدني الأردني وقانون المعاملات المدنية الإماراتي من هذه المسألة.

 

المطلب الأول

الاثر القانوني المترتب على هلاك المبيع المستحق للغير

 

لقد تبين لنا في المبحث الأول أن الحكم القانوني للبيع في حالة إستحقاق المبيع كلياً للغير هو أنه عقد موقوف على إجازه المستحق إن أجازه نفذ وإن نقضه بطل. وإذا هلك المبيع المستحق للغير فإن عقد البيع يبطل حتماً، وذلك لأن من شروط صحة إجازة التصرف الموقوف وجود المتصرف فيه وقت الإجازة(55). كما تبين لنا أيضاً أنه في حالة بطلان البيع يسترد المستحق الشيء من يد المشتري ويرجع هذا الأخير على البائع بالثمن وقيمة التحسينات والثمار التي ألزم بردها إلى المستحق والتعويض عن الأضرار الأخرى التي لحقت به. وحيث أن المبيع قد هلك في يد المشتري في المسألة موضوع البحث، لذا فقد ألزم النص المشتري بدفع قيمته يوم الشراء سواء زادت هذه القيمة بعد ذلك أو نقصت وذلك لأن العقد باطل فيلزم إعادة الحالة إلى ما كانت عليه وقت إبرام العقد(56). فلو كان المبيع موجوداً التزم المشتري برده عيناً وإن كان هالكاً التزم برد المثل في المثليات والقيمة في القيميات. وقد أعطى النص للمشتري بعد ذلك الحق في الرجوع على البائع بالثمن نظراً لبطلان العقد المبرم بينهما، كما أعطاه الحق في المطالبة بالفرق بين الثمن والقيمة إن كانت القيمة التي ضمنها أكثر، كما أعطاه الحق في المطالبة بالتعويض عن الأضرار التي لحقت به نتجية إستحقاق المبيع للغير. ويشمل التعويض الذي يحصل عليه المشتري الأضرار المتوقعة وغير المتوقعة سواء كانت خسارة لحقت به أو كسب فات عليه، وذلك لأن التزام البائع بدفع التعويض يقوم على أساس المسؤولية التقصرية. ونرى بأن ما يستحقه المشتري من تعويض هنا يشمل ذات العناصر التي يستحقها في حالة الإستحقاق الكلي المبينة في المبحث الأول، ويضاف لها الفرق بين الثمن والقيمة عندما تكون القيمة أكثر.

 

وقبل أن نختتم هذا المطلب نورد الملاحظتين التاليتين :

  1. نرى بأن المقصود بالهلاك الوارد في (المادة 510 مدني أردني والمادة 541 مدنية إماراتي) هو الهلاك الحاصل بسبب أجنبي وذلك لأنه لو كان الهلاك بسبب البائع لأعطى المشرع المستحق الحق في الرجوع على البائع وليس على المشتري لأنه هو المتسبب في الهلاك، كما أنه لو كان الهلاك بسبب المشتري لما أعطاه الحق في الرجوع بالفرق بين القيمة والثمن عندما تكون القيمة أكثر.
  2. لقد اشترط المشرع لتطبيق حكم (المادة 510أردني والمادة 541 مدنية إماراتي) أن يكون الادعاء بالإستحقاق، أي رفع دعوى الإستحقاق، قد وقع بعد هلاك المبيع بيد المشتري. ونرى بأنه كان يفترض في المشرع أن يقول : إذا قضي بإستحقاق المبيع، أي صدر قرار قضائي بثبوت ملكية المبيع للغير، يعد هلاكه بيد المشتري. فلو فرضنا أن الادعاء بالإستحقاق قد وقع والمبيع ما زال قائماً ولكنه هلك أثناء سير الدعوى ففي هذه الحالة ينبغي تطبيق ذات الحكم الوارد في (المادة 510 مدني أردني والمادة 541 مدنية إماراتي) في حين يبدو من النص أن هذا الحكم لا يطبق إلا إذا رفعت الدعوى بعد هلاك المبيع، وذلك لأن علة رجوع المستحق على المشتري بالقيمة من أنه بعدما قضي بإستحقاق المبيع تعذر على المستحق الحصول عليه بسبب الهلاك.

 

المطلب الثاني

تقييم موقف القانون المدني الأردني وقانون المعاملات المدنية الإماراتي

 

تبين لنا في المطلب الأول أن المادة 510) من القانون المدني الأردني (تقابلها المادة 541 مدنية إماراتي) قد ألزمت المتشري بأن يضمن للمستحق قيمة المبيع وأعطته الحق في الرجوع على البائع بالثمن مع الفرق بين القيمة التي ضمنها والثمن إن كانت القيمة أكثر من التعويض عن الأضرار الأخرى. ويبدو من ظاهر هذه المادة أن الذي تحمل تبعة هلاك المبيع هو البائع، إلا أن الحقيقة هي عكس ذلك لأن المشتري هو الذي تحمل تبعة الهلاك. ولتوضيح ذلك نفترض أن شخصاً قد اشترى مالاً معيناً بمائة دينار وكانت قيمته الحقيقية مائة وخمسين ديناراً ثم هلك هذا المال بيد المشتري واستحق للغير. ففي هذه الحالة يلتزم المشتري بدفع القيمة إلى المستحق وهي (150) ديناراً ويحق له الرجوع على البائع بالثمن وهو (100) ديناراً وبالفرق وهو (50) ديناراً يتضح من هذا المثال أن مجموع المبالغ التي دفعها المشتري هي (250) ديناراً ومجموع ما استرده هو (150) ديناراً فقط. وبذلك يكون قد خسر مائة دينار وهو الثمن وعليه فالمشتري الذي تحمل تبعة الهلاك.

ونتساءل عن مدى صحة الحكم من الناحية القانونية ومدى انسجامه مع قواعد العدالة؟ وجواباً على ذلك نرى أن هذا الحكم يعد حكماً صحيحاً من الناحية القانونية وذلك لأن تبعة هلاك المبيع بعد التسليم تكون على المشتري. و رب قائل يقول : إن المشتري هنا لا يتحمل تبعة الهلاك لأنه لم يتملك المبيع وذلك لأن عقد البيع موقوف ثم بطل بعد هلاك المبيع. ويمكن الرد على هذا القول من جهتين :

  1. أن تحمل المشتري لتبعة الهلاك لا يتوقف على تملكه للمبيع، وإنما يتوقف على تسلمه له. والدليل على ذلك ما نصت عليه المادة (527) من القانون المدني الأردني (تطابقها المادة 563 مدنية إماراتي) على أنه : إذا قبض المشتري شيئاً على سوم الشراء وهلك أو فقد في يده وكان الثمن مسمى لزمه أداؤه فإن لم يسم الثمن فلا ضمان على المشتري إلا بالتعدي أو التقصير”. يتضح من هذا النص أن الراغب في الشراء يتحمل تبعة هلاك الشيء المقبوض على سوم الشراء على الرغم من عدم وجود عقد بيع أصلاً.
  2. لو افترضنا جدلاً صحة القول السابق، ففي هذه الحالة إذا كان المبيع منقولاً وكان المشتري حسن النية فإنه يتحمل تبعة الهلاك لأنه قد تملك المبيع بموجب قاعدة الحيازة في المنقول سند الحائز. بينما إذا كان المشتري سيء النية، فإنه لا يتحمل تبعة الهلاك لعدم تملكه للمبيع بموجب القاعدة آنفة الذكر. ومما لا شك فيه فإن هذه النتيجة تجافي العدل والمنطق.

 

أما عن مدى انسجام هذا الحكم مع قواعد العدالة، فنرى أنه قد يجافيها. فلو كان المشتري حسن النية، أي لا يعلم بحق الغير على المبيع، ففي هذه الحالة نرى أن تحمل المشتري لتبعة الهلاك يعد أمراً لا يتفق مع قواعد العدالة خصوصاً إذا ما كان البائع سيء النية، فالبائع هو الذي تجاوز على ملك الغير وتصرف فيه دون إذنه ولولا ذلك لما تعامل المشتري معه وبالتالي لما تحمل الخسارة بسبب الهلاك. وعليه فلا يعقل أن الذي تجاوز على ملك الغير وكان المتسبب في الإستحقاق لا يتعرض لخسارة في حين يتحمل المشتري حسن النية تلك الخسارة.

 

ونرى بأن الحكم الذي يتفق مع قواعد العدالة هو أن يتحمل البائع تبعة الهلاك. ويمكن تبرير هذا الحكم من الناحية القانونية من خلال المادة (488) من القانون المدني الأردني (تقابلها المادة 541 مدنية إماراتي) التي ألزمت البائع بتسليم المبيع إلى المشتري مجرداً من كل حق. وعليه فإذا سلم البائع المبيع وهو مثقل بحق للغير فلا يكون قد نفذ التزامه بالتسليم إذا هلك المبيع يكون قد هلك قبل التسليم وإن كانت حيازته الفعلية لدى المشتري. لذا يمكن القول أن البائع هو الذي يتحمل تبعة هلاك المبيع لأن الهلاك حصل قبل التسليم ما لم يكن المشتري عالماً بحق الغير على المبيع لأن علمه هذا يعد بمثابة التنازل الضمني عن حقه في تسلّم مبيع خال من أي حق للغير .

وهناك سند قانوني آخر يؤيد ما ذهبنا إليه يتمثل في المادة (281) من القانون المدني الأردني (تطابقها المادة 306 مدنية إماراتي) الواردة في مجال الغصب والتي جاء فيها: “إذا تصرف الغاصب في المال المغصوب معاوضة أو تبرعاً أو تلف المغصوب كلاً أو بعضاً في يد من تصرف له الغاصب كان للمغصوب منه الخيار في تضمين من شاء منهما فإن ضمن الغاصب صح تصرفه وإن ضمن من تصرف له الغاصب رجع هذا على الغاصب وفقاً لأحكام القانون”. وختاماً نقترح أن يكون الحكم القانوني بالشكل التالي : 1- يضمن البائع للمستحق قيمة المبيع إذا كان المشتري حسن النية. 2- يحق للمشتري الرجوع على البائع بالثمن والتعويض عن الأضرار التي أصابته .

المبحث الرابع

سقوط الحق في ضمان الإستحقاق

 

تبين لنا فيما تقدم أن هناك عدة عناصر لضمان الإستحقاق في مقدمتها رد الثمن إلى المشتري. ويصح الاتفاق  على الإعفاء من ضمان الإستحقاق ما لم يكن البائع قد تعمد إخفاء سبب الإستحقاق أو كان الإستحقاق ناشئاً عن فعله(57). ويشمل هذا الاتفاق كل عناصر الضمان سوى رد الثمن. فقد نصت المادة (506/1) من القانون المدني الأردني (تطابقها المادة 537/1 مدنية إماراتي) على أنه : “لا يصح اشتراط عدم ضمان البائع للثمن عند إستحقاق المبيع ويفسد البيع بهذا الشرط”(58). و العلة في فساد البيع بهذا الشرط هي حصول الغرر. كما أن هذا الشرط يعد شرطاً مناقضاً لمقتضى عقد البيع، فالبيع هو تمليك مال بعوض، إذ إن التزام المشتري بدفع الثمن يقابل التزام البائع بالتمليك، فإذا استحق المبيع انتفى التمليك وتبعاً لذلك ينتفي التزام المشتري بالثمن(59). وعليه نرى أن التزام البائع بضمان الثمن يعد من جوهر البيع(60).

 

وبعد هذه المقدمة نود أن نشير إلى أن أغلب التشريعات قد تعرضت لحالتين يسقط فيهما حق المشتري في ضمان الإستحقاق بشكل كامل هما : إستحقاق المبيع بسبب إقرار المشتري أو نكوله عن اليمين. وهناك حالة ثالثة قد يسقط فيها حق المشتري في الضمان وهي تصالح المشتري مع مدعي الإستحقاق. وعليه سوف نقسم هذا المبحث إلى مطلبين، نعالج في الأول حالتي الإقرار والنكول عن اليمين ونبحث في الثاني حالة الصلح .

 

المطلب الأول

الإستحقاق الناشئ عن إقرار المشتري أو نكوله عن اليمين

 

نصت المادة (507) من القانون المدني الأردني (تقابلها المادة 538 مدنية إماراتي) على أنه : “لا يملك المشتري الرجوع على البائع إذا كان الإستحقاق مبنياً على إقراره أو نكوله عن اليمين”(61). يتبين لنا من هذا النص أن حق المشتري في ضمان الإستحقاق يسقط في حالتين. وعليه سنقسم هذا المطلب إلى فرعين:

 

الفرع الأول : الإستحقاق الناشئ عن إقرار  المشتري

 

وتتحقق هذه الحالة عندما ترفع دعوى الإستحقاق من قبل الغير على المشتري ويدعي فيها بأنه هو المالك أو بأن له حقاً على المبيع سابقاً على البيع أو لاحقاً له ولكنه ناشئ عن فعل البائع، إلا أن المدعي لا يتمكن من إثبات دعواه بالبينة القانونية اللازمة لذلك، وإنما تثبت دعواه بسبب إقرار المشتري بالحق المدعى به، وبناء على هذا الإقرار تصدر المحكمة قراراً يقضي بإستحقاق المبيع كلياً أو جزئياً للمدعي .

 

وتعقيباً على ذلك نود أن نشير إلى أن الخصم الحقيقي في دعوى إستحقاق المبيع هو البائع وليس المشتري وذلك لسببين، يتعلق الأول بسبب الإستحقاق، فهو إما أن يكون سبباً سابقاً على البيع وهذا يعني أن حق الدعي كان موجوداً على المبيع عندما كان في ملك البائع أو يكون سبباً لاحقاً للبيع ولكنه ناشئ عن فعل البائع، ويختص الثاني بتبعة الإستحقاق هو البائع وليس المشتري ذلك لأنه يحق للمشتري الرجوع غلى البائع بضمان الإستحقاق، إذ أن الذي يتحمل تبعة الإستحقاق. عليه وبالاستناد إلى هذين السببين فإنه إذا اقر المشتري بحق المدعي فإنه في الواقع لا يقر بحق على نفسه وإنما يقر بحق على الغير وهو البائع وهذا غير جائز. فقد نصت المادة (44) من قانون البينات الأردني على أن : “الإقرار هو إخبار الإنسان عن حق عليه لآخر(62). وعليه فالصحيح هو أن ما يقوم به المشتري لا يعد إقراراً وإنما شهادة(63). لذا نرى بأنه ليس بإمكان المحكمة أن تأخذ بإقرار المشتري وتبني عليه حكمها بالإستحقاق. كما نرى أنه لو أقيمت الدعوى على البائع وأقر بحق المدعي فإن إقراره هذا يكون حجة قاصرة عليه ولا يتعدى أثره إلى المشتري(64). فقد نصت المادة (51) من قانون البينات الأردني على أن : “الإقرار حجة قاصرة على المقر”. وعليه فإننا نعتقد بأن لكي تصدر المحكمة قرارها بإستحقاق المبيع ويسري أثر هذا القرار في حق المشتري يلزم إقرار كل من البائع والمشتري(65).

 

وعلى أي حال فإن ما ذكرناه أعلاه يعبر عن وجهة نظرنا بخصوص مدى صلاحية الإقرار كوسيلة من وسائل إثبات الإستحاق. أما الموقف القانوني والفقهي عموماً، فقد أخذ بإقرار المشتري كوسيلة من وسائل إثبات الإستحقاق وحرمه من الرجوع بالضمان على البائع على أساس أن الإقرار حجة قاصرة على المقر وهو المشتري وعليه ينبغي أن لا يتضرر البائع من هذا الإقرار وبعكس ذلك سيحصل التواطؤ بين المدعي والمشتري ضد البائع(66). ولكننا نتساءل عن مدى انسجام هذا الحكم مع قواعد العدالة؟   فلو أن المشتري قد أقر بحق المدعي بحسن نية، أي كان يعتقد بأن المدعي محق في دعواه، وذلك بعدما أعذر البائع بدعوى الإستحقاق وطلب منه التدخل فيها إلا أنه لم يفعل فأدى ذلك إلى تعزيز قناعة المشتري بأحقية المدعي لأنه لو كان لدى البائع ما يدفع به الدعوى لتدخل فيها. فإقرار المشتري هو من أجل تجنب إضاعة الوقت والجهد. فهل من العدل سقوط حق المشتري في الضمان في هذه الحالة(67)؟  ولهذا السبب ذهب فقهاء الشريعة الإسلامية إلى إعطاء المشتري في دعوى الإستحقاق الحق في تحليف البائع اليمين على عدم أحقية المستحق(68).

 

الفرع الثاني : الإستحقاق الناشئ عن نكول المشتري عن اليمين

 

وتتحقق هذه الحالة عندما يعجز المدعي عن إثبات دعواه بإستحقاق المبيع ولا يقر له المشتري بذلك وعندما تطلب المحكمة من المدعي باعتباره عاجزاً عن الإثبات أن كان يرغب في توجيه اليمين الحاسمة(69) إلى المدعي عليه ليحلف بأن مدعي الإستحقاق لا يملك المبيع وليس له أي حق عليه. فإن حلف خسر المدعي دعواه وإن نكل عن الحلف ربح المدعي دعواه وقضي له بإستحقاق المبيع  بناء على ذلك(70).

 

ونود أن نشير هنا إلى أنه يشترط في الواقعة التي تم توجيه اليمين بشأنها أن تكون متعلقة بشخص من وجهت إليه، فلا يجوز تحليف الخصم عن وقائع لا تتعلق بشخصه إلا إذا أريد تحليفه على عدم علمه بهذه الوقائع، وبالتالي فهو يحلف على عدم العلم لا على البتات وتسمى اليمين في هذه الحالة (يمين عدم العلم)(71)، وهذا ما نصت عليه المادة (55/1) من قانون البينات الأردني بقولها : “يجب أن تكون الواقعة التي تنصب عليها اليمين متعلقة بشخص من وجهت إليه اليمين فإن كانت غير شخصية انصبت اليمين على مجرد علمه بها”.

 

واستناداً إلى ذلك نرى بأن اليمين التي توجه إلى المشتري تنصب على واقعة لا تتعلق بشخصه لأن الحق الذي يدعيه المدعي حق سابق على البيع أو حق لاحق ولكنه ناشئ عن فعل البائع، وفي كلتا الحالتين تتعلق الواقعة بشخص البائع. وعليه فالمشتري لا يحلف على البتات وإنما يحلف على عدم علمه بحق المدعي على المبيع، وإذا نكل عن حلف هذه اليمين خسر الدعوى(72).

 

ولكننا نثير هنا ذات السؤال الذي طرحناه بخصوص الإقرار، أي مدى انسجام هذا الحكم مع قواعد العدالة؟ فلو أن المشتري نكل عن حلف اليمين بحسن نية، أي كان يعلم بأن المدعي صاحب حق. فهل من العدل أن يفقد حقه في الضمان؟ وهل المشرع يحث المشرع على حلف اليمين وإن كانت كاذبة وإلا فقد حقه في الضمان(73)؟ وخصوصاً إذا كان المشتري قد طلب من البائع التدخل في الدعوى فلم يفعل إذ لو تدخل البائع في الدعوى لوجهت اليمين له ولتخلص المشتري من المأزق الذي وضع فيه(74).

 

المطلب الثاني

تصالح المشتري مع مدعي الإستحقاق

 

نصت الماد (647) من القانون المدني الأردني (تطابقها المادة 722 مدنية إماراتي) على أن “الصلح عقد يرفع النزاع ويقطع الخصومة بين المتصالحين بالتراضي”. ويقوم الصلح على ثلاثة أسس هي : 1- نزاع قائم أو محتمل. 2- نية حسم النزاع. 3- نزول كل من المتصالحين عن جزء من ادعائه.

 

وقد نصت المادة (508) من القانون المدني الأردني (تطابقها المادة 539 مدنية إماراتي) على أنه: 1- إذا صالح المشتري مدعي الإستحقاق على مال قبل القضاء له وأنكر البائع حق المدعي كان للمشتري أن يثبت أن المدعي محق في دعواه وبعد الإثبات يخير البائع بين أداء ما يعادل بدل الصلح أو ردّ الثمن إلى المشتري. 2- وإذا كان الصلح بعد القضاء للمستحق احتفظ المشتري بالمبيع وحق له الرجوع على البائع بالثمن”. يتضح من هذا النص أنه ينبغي التفرقة بين حالتين حالة تصالح المشتري مع المدعي الإستحقاق قبل صدور القرار في دعوى الإستحقاق وحالة تصالح المشتري مع المستحق بعد صدور القرار بإستحقاق المبيع. وعليه سنقسم هذا المطلب إلى فرعين لمعالجة هاتين الحالتين.

 

الفرع الأول : تصالح المشتري مع مدعي الإستحقاق قبل صدور القرار في دعوى الإستحقاق

 

إن التزام البائع بضمان الإستحقاق لا يتحقق إلا بعد صدور القرار في دعوى الإستحقاق الذي يقضي بإستحقاق المبيع كلياً أو جزئياً للمدعي. وعليه لو صالح المشتري مدعي الإستحقاق على مال قبل صدور هذا القرار وأنكر البائع حق المدعي فلا يستحق الضمان لأن المدعي قد يخفق في دعواه ولا يستعجل الصلح. إلا أن حق المشتري في الضمان لا يسقط في حالتين، إحداهما إذا أقر البائع بحق المدعي على المبيع، والأخرى إذا أثبت المشتري أن المدعي محق في دعواه(75)، ويكون هذا الإثبات في الدعوى التي يرفعها على البائع لمطالبته بالضمان. وفي هذه الحالة يخير البائع بين رد الثمن أو ما يعادل بدل الصلح وذلك لمنع احتمالات تواطؤ المشتري مع مدعي الإستحقاق(76). كما يلتزم البائع بتعويض المشتري عما أصابه من ضرر ننتيجة تصالحه لتوقي إستحقاق المبيع كالتعويض عن الضرر الذي لحق به بسبب رفع دعوى الإستحقاق عليه ورفعه هو لدعوى الضمان على البائع عند إنكاره لحق المدعي وغير ذلك(77). إلا أنه لا يلتزم بعناصر الضمان الأخرى المقررة قانوناً في حالة الإستحقاق الكلي، وذلك لأن المشتري لم يفقد المبيع.

 

ونرى بأن أساس التزام البائع برد الثمن أو ما يعادل بدل الصلح مع التعويض عن الأضرار الأخرى هو المسؤولية العقدية، وذلك لأن عقد البيع لم يبطل بل ما زال قائماً. كما نرى بأن الأدق أن يقول المشرع : (يخير البائع بين أداء ما يعادل بدل الصلح أو ما يعادل الثمن إلى المشتري) وذلك لأن التزام البائع برد الثمن يعني أن العقد قد زال بالفسخ أو البطلان وهذا لم يحدث .

 

ونود أن نشير إلى أن هناك ثلاث صور من الصلح هي : الصلح عن إقرار، والصلح عن إنكار والصلح عن سكوت(78). ونرى بأن الصلح المقصود هنا هو الصلح عن إنكار أو سكوت من جانب المشتري(79)، لأنه إذا كان الصلح عن إقرار فإن حق المشتري في الضمان سوف يسقط بالاستناد إلى (المادة 507 مدني أردني والمادة 538 مدنية إماراتي) بشرط أن يكون قد قضي بإستحقاق المبيع بناء على هذا الإقرار. كما نشير إلى أن نص (المادة 508 مدني أردني والمادة 538 مدنية إماراتي) قد بين حكم الصلح في حالة الادعاء بالإستحقاق الكلي فقط ولم يتطرق لحالة الإدعاء بالإستحقاق الجزئي”.

 

وهذا ما نستنتجه من عبارة (رد الثمن) الواردة في النص. إلا أننا نرى بأن هذا النص يمكن أن يطبق على حالة الإدعاء بالإستحقاق الجزئي، غير أن البائع في هذه الحالة يخير بين رد ما يعادل بدل الصلح أو رد حصة الجزء المستحق من الثمن.

 

الفرع الثاني : تصالح المشتري مع المستحق بعد صدور القرار بإستحقاق المبيع

 

إذا قضي بإستحقاق المبيع للمدعي اعتبر البيع موقوفاً، لأنه قد ورد على ملك الغير، وعليه فالمستحق إما أن يجيز البيع فينفذ ويرجع على البائع بالثمن وعندها يخلص المبيع للمشتري، أو ينقضه فيبطل البيع ويسترد المبيع من المشتري(80). وإذا ما أقدم المشتري على التصالح مع المستحق، فإن هذا يدل على عزم المستحق على نقض البيع وانتزاع المبيع من المشتري، إذ تفادياً لهذه النتيجة أقدم المتشري على الصلح. وعليه نرى أن الصلح في هذه الحالة يأخذ حكم البيع الجديد(81) الذي بموجبه يشتري المشتري المبيع مرة ثانية من المستحق ببدل الصلح، كما أن هذا الصلح هو بمثابة النقض الضمني للبيع الأول من قبل المستحق.

 

وعليه فإن أساس التزام البائع بالضمان في هذه الحالة هو المسؤولية التقصيرية وليس العقدية، فهو يلتزم برد الثمن نظراً لزوال عقد البيع، كما يلتزم بتعويض المشتري عن الأضرار التي لحقت به بسبب الإستحقاق. إلا أنه لا يلتزم بعناصر الضمان الأخرى المقررة قانوناً في حالة الإستحقاق الكلي لأنه قد احتفظ بالمبيع(82). كما أنه لا يلتزم بتعويض المشتري عن الفرق بين بدل الصلح الذي دفعه والثمن إن كان بدل الصلح أكثر.

 

وأخيراً نتساءل عن المقصود بالقرار القاضي بالإستحقاق هل هو القرار القطعي أم القرار الأولي؟  مما لا شك فيه أن الإستحقاق لا يتحقق إلا باكتساب القرار الدرجة القطعية. وعليه يقصد بالصلح الواقع بعد الإستحقاق الصلح الواقع بعد صدور القرار القطعي(83). إلا أننا نود أن نشير هنا إلى أن صدور القرار القطعي يؤدي إلى إنهاء النزاع وبذلك ينتفي أحد الأسس التي يقوم عليها اللح وهو أن يرد على نزاع قائم أو محتمل لغرض حسمه، ولكن من الممكن حصول الصلح بعد ذلك كما لو حصل النزاع حول تنفيذ الحكم أو تفسيره(84).

 

الخاتمة

يتحقق إستحقاق المبيع عندما يدعي شخص بأنه يملك المبيع أو بأن له حقاً آخر عليه، ويتمكن من إثبات دعواه فيحصل على حكم قضائي. ويكون البائع ضامناً للإستحقاق، أي يلتزم بتعويض المشتري عما أصابه من ضرر بسبب إستحقاق المبيع، ويُعد هذا الإلتزام التزاماً احتياطياً، إذ بعدما تعذر على البائع تنفيذ التزامه بضمان التعرض تنفيذاً عينياً تم التحول إلى تنفيذ الإلتزام بطريق التعويض. ويستطيع المشتري الرجوع على البائع بدعوى ضمان الإستحقاق التي تقوم على أساس المسؤولية العقدية، كما يستطيع الرجوع عليه بدعوى الفسخ نظراً لإخلال البائع بتنفيذ التزاماته، ويستطيع أيضاً الرجوع عليه بدعوى البطلان في حالة ثبوت ملكية المبيع للغير على أساس أن البائع قد باع ملك الغير. إلا أنه طبقاً للقانون المدني الأردني وقانون المعاملات المدنية الإماراتي يكون رجوع المشتري على البائع بموجب الدعوى الأخيرة.

وفي حالة إستحقاق المبيع كلياً للغير يلتزم البائع برد الثمن والمصروفات النافعة التي لا يستطيع المشتري إلزام المستحق به، والثمار التي ألزم بردها إلى المستحق. كما يلتزم بتعويض المشتري عما لحق به من خسارة وما فات عليه من كسب بسبب إستحقاق المبيع بشرط أن يكون الضرر مباشراً، متوقعاً كان أو غير متوقع، وذلك على أساس المسؤولية التقصيرية نظراً لبطلان عقد البيع.

أما إذا استحق المبيع إستحقاقاً جزئياً بثبوت ملكية جزء منه للغير، ففي هذه الحالة يحق للمشتري المطالبة بإنقاص الثمن على أساس البطلان الجزئي للعقد أو المطالبة بفسخ العقد بسبب تفرق الصفقة وذلك إذا كان الإستحقاق قد حصل قبل قبض المبيع. أما إذا حصل الإستحقاق بعد القبض فيثبت للمشتري ذات الحق،ولكن لا يجوز له طلب الفسخ إلا إذا أحدث الإستحقاق عيباً في الجزء الباقي أو كان الجزء المستحق هو الأقل، ويكون سبب الفسخ في هذه الحالة حصول العيب في المبيع وليس تفرق الصفقة أما إذا كان الإستحقاق الجزئي بظهور حق للغير على المبيع فيحق للمشتري طلب فسخ العقد أو انتظار رفع هذا الحق.

وإذا استحق المبيع كلياً للغير ولكنه هلك في يد المشتري بسبب أجنبي، ففي هذه الحالة يضمن المشتري للمستحق قيمته يوم الشراء ويرجع على البائع بالثمن مع الفرق بين القيمة والثمن إن كانت القيمة أكثر ومع التعويض عن الأضرار التي أصابته .

ويسقط حق المشتري في الضمان إذا كان القرار القاضي بإستحقاق المبيع مبنياً على إقراره بحق المدعي على المبيع أو نكوله عن حلف يمين عدم العلم بحق الدعي على المبيع. كما ويسقط المشتري في الضمان إذا صالح مدعي الإستحقاق على مال قبل صدور القرار القاضي بإستحقاق المبيع وأنكر البائع حق المدعي ولم يتمكن المشتري من إثبات أن المدعي محق في دعواه .

 

ونخلص من هذا البحث إلى مجموعة من التوصيات من أبرزها:

  1. نوصي بإجراء تعديلين على المادة (505) مدني أردني والمادة (536) مدنية إماراتي وبالشكل التالي :
  • إبدال عبارة (أفسخ العقد) بعبارة (بطل العقد) ليكون النص منسجماً مع ما ورد في المادة(175) مدني أردني والمادة (217) مدنية إماراتي بخصوص موضوع رفض إجازة العقد الموقوف .
  • تعديل الفقرة (3) الشكل التالي: “ويضمن البائع للمشتري ما صرفه على المبيع من مصروفات نافعة لا يستطيع أن يلزم المستحق بها”. وبذلك تكون هذه الفقرة منسجمة مع ما ورد في المادة (1193/3) مدني أردني والمادة (1329/2) مدنية إماراتي بخصوص موضوع حق الحائز في إسترداد المصروفات النافعة .
  1. نوصي بإضافة فقرة ثانية إلى المادة (507) مدني أردني والمادة (835) مدنية إماراتي وذلك بالشكل التالي : “2- إلا أنه إذا كان المشتري حسن النية وكان قد أعذر البائع بدعوى الإستحقاق في الوقت الملائم ودعاه للدخول معه فيها فلم يفعل فلا يسقط حقه في الضمان، ما لم يثبت البائع أن المستحق لم يكن على حق في دعواه”. وبذلك يكون النص أكثر انسجاماً مع قواعد العدالة.
  2. نوصي بإجراء تعديلين على المادة (805) مدني أردني والمادة (935) مدنية إماراتي وبالشكل التالي :
  • إبدال عبارة (يخير البائع بين أداء ما يعادل بدل الصلح أو رد الثمن إلى المشتري بعبارة (يخير البائع بين أداء ما يعادل بدل الصلح أو ما يعادل الثمن إلى المشتري).
  • إضافة فقرة ثانية إلى النص وجعل الفقرة رقم (2) فقرة ثالثة، وتتضمن الفقرة الجديدة ما يلي: “2- إلا أنه إذا كان المشتري حسن النية وكان قد أعذر البائع بدعوى الإستحقاق في الوقت الملائم ودعاه للدخول معه فيها فلم يفعل فلا يسقط حقه في الضمان، ما لم يثبت البائع أن المستحق لم يكن على حق في دعواه. وبذلك يكون النص أكثر انسجاماً مع قواعد العدالة”.
  1. نوصي بإلغاء المادة (509) مدني أردني والمادة (540) مدنية إماراتي ليحل محلها النص التالي:

“1- إذا استحق بعض المبيع أو كان مثقلاً بتكليف لا علم للمشتري به وقت العقد، كان للمشتري أن يفسخ العقد. 2- وإذا اختار المشتري استبقاء المبيع فله أن يطالب بالتعويض عما أصابه من ضرر بسبب الإستحقاق”. وبذلك نكون قد ألغينا التفرقة لا أساس لها في القانون المدني الأردني وقانون المعاملات المدنية الإماراتي، فعقد البيع يكون تاماً قبل القبض. وبهذا التعديل أيضاً نكون قد ألغينا عبارة “انتظار رفع الحق” التي لا حاجة لها.

  1. نوصي بتعديل المادة(510)مدني أردني والمادة (541)مدنية إماراتي لتكون بالشكل التالي:(إذا قضى بإستحقاق المبيع بعد هلاكه بيد المشتري حسن النية ضمن البائع للمستحق قيمته يوم الشراء، ويحق للمشتري الرجوع على البائع بالثمن مع التعويض عما أصابه من ضرر). وذلك لأن النص الحالي لا ينسجم مع قواعد العدالة، وخصوصاً عندما يكون المشتري حسن النية والبائع سيء النية، فالبائع هو الخسارة الناجمة عن هلاك المبيع لا أن يتحملها المشتري حسن النية.
  2. نوصي بتعديل المادة (511)مدني أردني والمادة (542)مدنية إماراتي وذلك بالشكل التالي:(إذا استحق المبيع للغير كان للمشتري أن يطلب من البائع قيمة الثمار التي ألزم بردها للمستحق). وبذلك يكون هذا النص منسجماً مع ما ورد في موضوع الحيازة بخصوص حق الحائز حسن النية في تملك الثمار بمجرد القبض.
  3. نوصي بحذف رقم (1143) وإبداله برقم المادة (1140) الوارد في نص الفقرة(2) من المادة (1193) المتعلقة بموضوع المصروفات النافعة التي ينفعها الحائز، وبذلك يستقيم معنى النص.

المراجع

  1. أحمد نشأت، رسالة الإثبات، ج2، ط7.
  2. د. أنور سلطان، العقود المسماة، شرح عقدي البيع والمقايضة، دار النهضة العربية، 1980.
  3. د. توفيق حسن فرج، عقد البيع والمقايضة، مؤسسة الثقافة الجامعية، 1979.
  4. د. سليمان مرقس، الوافي في شرح القانون المدني – 3 – في العقود المسماة، المجلد الأول : عقد البيع، ط5، 1190.
  5. د. سمير تناغو، عقد البيع، منشأة المعارف بالاسكندرية.
  6. د. عبد الرزاق السنهوري، الوسيط في شرح القانون المدني، الأجزاء (2، 4، 5).
  7. د. علي هادي البعيدي، الوجيز في شرح القانون المدني الأردني، الحقوق العينية، 1998.
  8. د. علي هادي العبدي، الوجيز في شرح القانون المدني الأردني، العقود السماة في البيع والإيجار، ط2، 1999.
  9. د. كمال قاسم ثروت، شرح أحكام عقد البيع، مطبعة الرصافي، بغدد، ط2، 1976.
  10. د. محمد الزعبي، العقود المسماة، شرح عقد البيع في القانون الأردني، ط1، 1993.
  11. د. مصطفى الجمال، البيع في القانون اللبناني والمصري، الدار الجامعية، 1986.
  12. مصطفى الزرقاء، شرح القانون المدني السوري، العقود المسماة، عقد البيع والمقايضة، مطابع فتى العرب، دمشق، ط6، 1384هـ-1965م.
  13. د. مفلح القضاة، أصول المحاكمات المدنية والتنظيم القضائي في الأردن، ط1، 1988.
  14. د. وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته، ج5، ط3، 1409هـ- 1989م.
  15. د. وهبة الزحيلي، العقود المسماة.
  16. الموسوعة الفقهية، وزارة الأوقاف، الكويت، ط4، 1414هـ – 1993م.

 

القوانين :

  1. القانون المدني الأردني ومذكراته الإيضاحية.
  2. قانون المعاملات المدنية الإماراتي .
  3. القانون المدني المصري مع مجموعة الأعمال التحضيرية.
  4. القانون المدني العراقي .
  5. القانون المدني السوري.
  6. قانون الموجبات والعقود اللبناني.
  7. مجلة الأحكام العدلية.
  8. مرشد الحيران.

 

]]>
صلاحية السكوت للتعبير عن الإرادة في مجال عقد البيع في القانون المدني الأردني https://www.a7wallaw.com/15827 Wed, 01 Dec 2021 19:20:48 +0000 https://www.a7wallaw.com/?p=15827 ملخص

التعبير عن الإرادة  أمر ضروري ، وهو قد يتم باللفظ أو الكتابة أو الإشارة أو باتخاذ موقف لا تدع ظروف الحال شكاً في دلالته على حقيقة المقصود.

ولقد أثير نقاش في الفقه القانوني عن مدى اعدّ السكوت تعبيراً عن الإرادة ؟

ولقد حاولنا الإجابة عن جانب من هذا السؤال في مجال عقد البيع في القانون الأردني، سواء فيما يتعلق بأركان عقد البيع أو محله أو الآثار المترتبة عليه، فضلاً على بعض البيوع التي تقع على ملك الغير.وكذلك البيوع الموصوفة والمختلفة.

المقدمة

لا ريب أن الإرادة هي قوام التصرف القانوني، ومن غير المتصور أن ينشأ التصرف بدونها، لكن هذه الإرادة أمر نفسي داخلي تظل حبيسة داخل الشخص حتى يتم التعبير عنها فتظهر إلى العالم الخارجي.

فالتعبير عن الإرادة أمر ضروري، وقد وُجدت وسائل كثيرة لهذا التعبير، فقد يتم باللفظ أو الكتابة أو الإشارة أو باتخاذ موقف لا تدع ظروف الحال شكاً في دلالته على حقيقة المقصود. وعبرت المادة (93) من القانون المدني الأردني عن ذلك بقولها “التعبير عن الإرادة يكون باللفظ وبالكتابة وبالإشارة المعهودة عرفاً ولو من غير الأخرس، وبالمبادلة الفعلية الدالة على التراضي، وباتخاذ أي مسلك آخر لا تدع ظروف الحال شكاً في دلالته على التراضي .

 

وإذا كان الأمر على هذا النحو، فقد يثار تساؤل مؤاده هل يصلح السكوت أن يكون وسيلة من وسائل التعبير عن الإرادة ؟

 

وقد اخترنا لهذا البحث جانباً من هذا السؤال حاولنا الإجابة عنه، وهو ” عقد البيع” ومن ثم كان العنوان ” صلاحية السكوت للتعبير عن الإرادة في مجال عقد البيع ” وكان تركيزنا الأساسي على بيان هذا الدور في ظل القانون المدني الأردني  مع المقارنة بغيره من التشريعات كلما استلزم الأمر ذلك.

 

ولما كان عقد البيع هو عقد يقصد به نقل ملكية شيء أو حق مالي آخر لقاء عوض، ومن ثم فهو من عقود المعاوضة، فإن هناك أركاناً لا يقوم بدونها، كما أن هناك آثاراً تترتب على وجود هذا العقد، وأيضاً هناك قواعد مكملة واتفاقات لاحقة، هذا فضلاً على بعض البيوع التي تقع على ملك الغير كما أن هناك بيوعاً موصوفة وأخرى مختلفة كما نص عليها المشرع الأردني، وقد حاولنا من خلال تتبع هذه الموضوعات أن نتبين دور السكوت فيها، وهل يعد تعبيراً عن الإرادة من عدمه.

وقد سلكنا في سبيل ذلك خطة تمثلت في خمسة مباحث على النحو التالي:

 

التعريف بالسكوت وتحديد طبيعته. المبحث الأول:
التعريف اللغوي والاصطلاحي للسكوت المطلب الأول:
طبيعة السكوت المعبر عن الإرادة. المطلب الثاني:
*عرض للخلاف الفقهي في هذا الشأن والرأي المختار  
   
السكوت في التراضي على البيع. المبحث الثاني:
السكوت في مجال الإيجاب بالبيع. المطلب الأول:
السكوت في قبول عقد البيع المطلب الثاني:
السكوت في بعض البيوع الموصوفة المطلب الثالث:
البيع بشرط التجربة الفرع الأول:
بيع المذاق الفرع الثاني:
البيع بالنموذج الفرع الثالث:
السكوت في مجال القواعد المكملة والاتفاقات اللاحقة المطلب الرابع:
القواعد المكملة أولاً:
الاتفاقات اللاحقة. ثانياً:
   
السكوت في إطار محل عقد البيع المبحث الثالث:
السكوت في تعيين المبيع المطلب الأول:
السكوت في تحديد الثمن. المطلب الثاني:
السكوت في البيوع الواقعة على ملك الغير المطلب الثالث:
السكوت في بيع ملك الغير . أولاً :
السكوت في بيع الشريك المشتاع جزءاً مفرزاً من المال الشائع. ثانياً:
السكوت في بيع المريض مرض الموت. ثالثاً:
   
السكوت في مجال آثار عقد البيع المبحث الرابع:
السكوت في تسليم المبيع وتسلمه.

1-السكوت عن اختلاف المبيع عن حالته وقت التعاقد

2-السكوت عن نقص أو زيادة مقدار المبيع .

3-سكوت المشتري عن تأخر البائع في تسليمه المبيع

المطلب الأول:

 

السكوت في التزام البائع بضمان العيوب المطلب الثاني:
السكوت في التزام البائع بضمان التعرض والاستحقاق المطلب الثالث:
   
السكوت في بعض البيوع المختلفة المبحث الخامس:
بيع السلّم المطلب الأول:
بيع المخارجة الطلب الثاني:
بيع النائب لنفسه المطلب الثالث:
المقايضة المطلب الرابع:
 

في أهم النتائج المستخلصة من البحث.

خـاتـمـة

 

المبحث الأول

التعريف بالسكوت وتحديد طبيعته

 

وسوف نقسم هذا المبحث إلى مطلبين، نتحدث في أولهما عن التعريف اللغوي والاصطلاحي للسكوت ثم في المطلب الثاني نُحدد طبيعته.

 

المطلب الأول

التعريف اللغوي والاصطلاحي للسكوت

 

أولاً: التعريف اللغوي: وردت معانٍ متعددة للسكوت في معاجم اللغة العربية ([1]) نذكر منها:

 

  • السكوت خلاف النطق: سكت: السكْتُ والسكوت: خلاف النطق.

 

  • السكوت بمعنى الصمت: يقال سكت الصامت يسكت سكوتاً إذا صمت.
  • السكوت بمعنى قطع الكلام وتركه: يقال تكلم الرجل ثم سكت بغير ألف، إذا انقطع كلامه فلم

يتكلم.

  • السكوت بمعنى الإعراض المتعمد عن الكلام.
  • السكوت بمعنى السكون، ومنه قوله تعالى “ولما سكت عن موسى الغضب”

 

وواضح من هذه التعريفات اللغوية السابقة أن القاسم المشترك بينها أن السكوت هو عدم النطق.

 

 

 

ثانياً: التعريف الاصطلاحي للسكوت: يكاد الفقه القانوني يتفق على أن السكوت موقف سلبي لا يدل على شيء بحسب الأصل، لكن هذا السكوت إذا أحاطت به ظروف وملابسات تجعل السكوت يؤخذ على تعبير معين، فإنه يعتد به على هذا النحو، وهذا ما يُعرف بالسكوت الملابس، ومثل هذا السكوت يعدُ تعبيراً عن الإرادة ([2]).

 

وقد تناولت التشريعات الإطار العام لدلالة السكوت، فتنص المادة (95) مدني أردني بأنه ” 1-لا ينسب إلى ساكت قول ولكن السكوت في معرض الحاجة بيان ويعتبر قبولاً 2- ويعتبر السكوت قبولاً بوجه خاص إذا كان هناك تعامل سابق بين المتعاقدين واتصل الإيجاب بهذا التعامل أو إذا تمخض الإيجاب لمنفعة من وجه إليه”([3]).

 

وما ورد بهذا الخصوص تتفق عليه معظم القوانين العربية، وإن اختلفت ألفاظ الصياغة، فالأصل عندها هو أن السكوت عدم، لكنه إذا صاحبته ظروف وملابسات تصرفه إلى معنى معين اعتبر كذلك على سبيل الاستثناء ولا يختلف الأمر عما سبق في ظل الفقه الفرنسي ([4]).

 

كما نصت المادة (1751) من مجلة الأحكام العدلية على أنه ” إذا عرض الحاكم اليمين على من توجهت عليه في الدعاوى المتعلقة بالمعاملات، ونكل عنها صراحة بقوله لا أحلف أو دلالة كسكوته بلا عذر حكم الحاكم بنكوله، وكان للحاكم أن يعامله كما لو قال أرفض حلف اليمين ” ([5]).

 

 

المطلب الثاني

طبيعة السكوت المعبر عن الإرادة

 

لقد تناولت التشريعات المختلفة طرق التعبير عن الإرادة، ولكنها لم تحدد السكوت باعتباره تعبيراً صريحاً أو ضمنياً، لكنها عدّت السكوت قبولاً في حالات استثنائية إذا لابسته ظروف معينة، كما أن هناك أموراً معينة نصت عليها التشريعات وعدّت السكوت فيها قبولاً أو رفضاً وهي ما تسمى بالسكوت الموصوف. فتنص المادة (144) مدني أردني على أنه ” يعتبر السكوت عمداً عن واقعة أو ملابسة تغريراً إذا ثبت أن المغرور ما كان ليبرم العقد لو علم بتلك الواقعة أو الملابسة ” ([6]).

 

ولكن الفقه اختلف في تحديد طبيعة هذا التعبير بطريق السكوت إلى عدة آراء : فقد ذهب الرأي الأول إلى أن السكوت ليس تعبيراً عن الإرادة، وإن كانت تترتب عليه بعض الآثار القانونية باعتباره موقفاً موضوعياً. ويقيم هذا الاتجاه تفرقة بين السكوت الموصوف والسكوت الملابس فيقول” إن السكوت باعتباره مجرد موقف عضوي لا يتضمن سوى القصد، فإنه لا يعد أصلاً تعبيراً عن  الإرادة باستثناء تلك الحالة التي يكون فيها موصوفاً حيث يشكل تعبيراً صريحاً عن الإرادة، وفي غير هذه الحالة المحددة، فإنه لو ترتبت آثار قانونية أحياناً على السكوت، فإن ذلك لا يعني مطلقاً أنه تعبير عن الإرادة ولكن باعتباره مجرد واقعة قانونية مادية خاضعة لتقدير القضاء في كل حالة خاصة” ([7]).

 

وواضح من هذا الاتجاه الفقهي أنه ينظر إلى السكوت الملابس باعتباره واقعة قانونية مادية، قد تترتب عليها بعض الآثار القانونية، لكن ذلك لا يعني أنه وسيلة من وسائل التعبير عن الإرادة .

 

 

وقد ذهب رأي ثان في الفقه إلى أن التعـبير عن الإرادة إما أن يكـون صريحاً وإما أن يكون ضمنياً، ولكل منهما طريقته المستـقلة، وبالتالي فإن السكوت الملابس لا يُعدُّ طريقاً من طرق التعبير الصريح أو الضمني وإنما هو طريق استثنائي بحت، له طبيعة خاصة، ولا يشاركه فيها أي من نوعي التعبير الصريح أو الضمني ([8]).

 

أما الرأي الثالث، الذي عليه غالبية الفقه، فيقول بأن السكوت المجرد لا يعد إرادة ضمنية ولا تعبيراً عن الإرادة، لكن السكوت المعبر عن الإرادة – الموصوف أو الملابس –وسيلة استثنائية للتعبير عن الإرادة في مجال القبول وليس الإيجاب ([9]) .

 

وإذا كان الفقه قد اختلف في تحديد نوع التعبير عن الإرادة بالسكوت، فإن القضاء بدوره لم يحسم الأمر في هذا الصدد، فغالبية الأحكام قد ذهبت إلى أن السكوت تعبير ضمني عن الإرادة، فتقول محكمة النقض المصرية إن “عدم اعتراض الشركة المؤجرة على واقعة تبادل المستأجرين بذات العقار

 

للعين المؤجرة لكل منهما، رغم إخطارها بذلك مع استمرارها في تقاضي الأجرة مدة طويلة يعتبر إقراراً ضمنياً من المؤجر بالموافقة على هذا التبادل، ويغنى عن إصدار تصريح كتابي بذلك ([10]).

 

كما قضى بأن ” عدم منازعة الخصم في بعض وقائع الدعوى (سكوته عنها)، يجيز للمحكمة أن تعتبر ذلك إقراراً ضمنياً بها …”([11]) لكن بعض الأحكام- وهي قليلة- قد عدّت السكوت بمثابة التعبير الصريح عن الإرادة ([12]).

وفي رأينا، وبعد عرض موقف كل من الفقه والقضاء، فإن السكوت يعدّ وسيلة من وسائل التعبير عن الإرادة، وهو يدل عليها بصورة صريحة في حالات السكوت الموصوف، وبشكل ضمني في حالات السكوت الملابس ([13]).

 

المبحث الثاني

السكوت في التراضي على البيع

 

تمهيد وتقسيم : من المعلوم أن عقد البيع هو عقد يقصد به نقل ملكية شيء أو حق مالي آخر لقاء عوض، وقد عرّفت المادة (465) مدني أردني البيع بأنه ” تمليك مال أو حق مالي لقاء عوض” ، وعرفته المادة (418) مدني مصري بقولها ” البيع عقد يلتزم به البائع أن ينقل للمشتري ملكية شيء أو حقاً آخر في مقابل ثمن نقدي”

 

وفي الفقه الإسلامي قيل إن له معنيين، عاماً وخاصاً، فالبيع بمعناه العام هو “معاوضة مال بمال تمليكاً وتملكاً على التأبيد ” فيشمل بذلك المقايضة والصرف والسلم، أما المعنى الخاص فهو ” معاوضة عين بدين تمليكاً وتملكاً على التأبيد” وإذا أطلق البيع كان المقصود به هذا المعنى الخاص ([14]).

 

ومن كل ذلك يتبين أن عقد البيع يكون ملزماً لكل من البائع والمشتري وهو من عقود المعاوضة، فكل من طرفيه يأخذ ويعطي في ذات الوقت، وهو بحسب الأصل عقد رضائي يتم بمجرد أن يتبادل طرفاه الاتفاق على المبيع والثمن أيا كانت وسيلة ذلك باللفظ أو الكتابة أو الإشارة ([15]).

 

 

وبالتالي، فإن هناك أركاناً يقوم عليها عقد البيع، كما أن هناك آثاراً تترتب على وجود هذا العقد، وكل هذا يتطلب منا أن نعرض من خلالها للحالات التي يعد فيها السكوت معبراً عن الإرادة. وسوف نتحدث في هذا المبحث عن التراضي على البيع- الإيجاب والقبول- وذلك في مطلبين: ثم نعرض في مطلب ثالث للسكوت في مجال القواعد المكملة والاتفاقات اللاحقة .

 

المطلب الأول

السكوت في مجال الإيجاب بالبيع

 

المقصود بالإيجاب هو التعبير الذي يصدر من أحد المتعاقدين متضمناً رغبته الأكيدة في التعاقد مع آخر فيما لو صدر قبول من هذا الأخير ([16]).

 

وتنص المادة (91/1) مدني أردني بأن ” الإيجاب والقبول كل لفظين مستعملين عرفاً لإنشاء العقد وأي لفظ صدر أولا فهو إيجاب والثاني قبول ” ([17]).

 

وينبغي أن يتوافر في الإيجاب العناصر الأساسية للعقد المراد إبرامه، ففي عقد البيع يتضمن الإيجاب تحديد الشيء المبيع والثمن وأيّة شروط لها أهمية في التعاقد . وإذا كان الأمر على هذا النحو، وكان الإيجاب لا بد أن يتضمن الأمور الجوهرية في العقد، وبالتالي فإن السكوت لا يمكن اعتباره معبراً عن الإيجاب، إذ من غير المتصور أن يتضمن السكوت، هذا التحديد، كما أنه لا يمكن القول إن من يسكت يُفترض أنه يعرض شيئاً على آخر محدد المعالم، فالسكوت إذن لا يعمل به في مجال الإيجاب ([18]).

 

وإذا كان ما تقدم هو ما عليه غالبية الفقه، فإن هناك اتجاهاً في الفقه الفرنسي يذهب إلى أن السكوت يمكن أن ينشئ إيجاباً إذا كان سكوتاً ملابساً، وذلك عندما يعرض التجار بضاعتهم في واجهات المحلات التجارية، أو وقوف سيارات الأجرة في الأماكن المخصصة لها ([19]).

والحق أن الإيجاب في الأمثلة المتقدمة لم ينشأ عن السكوت، وإنما نشأ من اتخاذ موقف معين لا تدع ظروف الحال شكاً في دلالته على الإيجاب، والإيجاب يستفاد من هذا الموقف وليس من السكوت([20]).

 

المطلب الثاني

السكوت في قبول عقد البيع

 

القبول في البيع هو التعبير عن الإرادة  الصادر ممن وجه إليه الإيجاب والمتضمن موافقته على الإيجاب الصادر إليه بكل عناصره . وهو قد يكون باللفظ أو الكتابة أو الإشارة أو الفعل أو بالسكوت([21]) .

 

وإذا كان السكوت ليس مؤهلاً لإنشاء الإيجاب، فإنه على العكس يصلح للتعبير عن القبول، وهذا أمر مستقر لدى غالبية التشريعات وكذلك الفقه والقضاء، سواء فيما يتعلق بعقد البيع أو عقد آخر .

 

فقد نصت المادة (95) مدني أردني على أنه ” 1-لا ينسب إلى ساكت قول ولكن السكوت في معرض الحاجة بيان ويعتبر قبولاً  2-ويعتبر السكوت قبولاً بوجه خاص إذا كان هناك تعامل سابق بين المتعاقدين واتصل الإيجاب بهذا التعامل أو إذا تمخض الإيجاب لمنفعة من وجه إليه “([22]).

 

 

لقد بيّن هذا النص القاعدة في السكوت، وهي أنه ” لا ينسب لساكت قول” ولكن هذا السكوت إذا   لابسته ظروف معينة فإنه يعدُ قبولاً كأن تقتضيه طبيعة المعاملة أو العرف التجاري أو يكون مسبوقاً بتعامل يدل عليه، أو أن يؤدي إلى منفعة خالصة لمن وجه إليه.والذي يعنينا في هذا المقام هو عدّ السكوت قبولاً للإيجاب المعروض بالبيع أيا كانت الملابسات التي أدت إلى ذلك:

 

  1. القبول بالسكوت بناء على تعامل سابق: فقد يكون هناك تعامل سابق بين المتعاقدين، ومن ثم فإن الموجب لا ينتظر في هذه الحالة تصريحاً بالقبول من الطرف الآخر، فالبائع الذي يرسل بضاعة إلى المشتري في مواعيد منتظمة وهو لا ينتظر منه رداً بالقبول، فهنا يعد سكوت العميل ” المشتري” قبولاً. أو أن يعتاد المشـتري ” تاجر التجـزئة” أن يطلب من البائع بضاعة معينة فيـقوم الأخير بإرسالها له دون أن يصرّح بالقبول، ومن ثم فإن طلبات المشـتري فيما بعد مع سكوت البائع كالمعتاد، يفسر على أنه قبول([23]) .

 

  1. القبول بالسكوت استناداً إلى طبيعة التعامل: قد تكون هناك ملابسات معينة في البيع والشراء مما يعد السكوت معه قبولاً. فإذا أرسل البائع فاتورة البضائع متضمنة شروط البيع إلى المشتري، ولم يعترض عليها الأخير، اعتبر سكوته قبولاً، أو أن يُدخلها مخازنه دونما اعتراض، فلا ريب أن كل ذلك يفسر منه على أنه قبول، إذ لو أراد الاعتراض لقام به([24]).

 

  1. القبول بالسكوت استناداً إلى العرف التجاري: للتجارة دائماً ظروفها الخاصة من حيث سرعة التعامل وما تقتضيه من ثقة بين التجار وحسم سريع لما ينشب من منازعات، فإذا جرى العرف التجاري على أن الموجب لا ينتظر تصريحاً بالقبول ممن وجه اليه الايجاب، كأن يوجه شخص إيجاباً بشراء بضاعة من آخر، تكون هذه البضاعة هي من صميم اختصاصه، عندئذ يعد سكوت هذا الأخير قبولاً طالما أن العرف التجاري يقضى بذلك ([25]).

 

  1. القبول بالسكوت عندما يؤدي الإيجاب إلى منفعة خالصة للقابل: لا ريب أن تمخض الإيجاب لمصلحة القابل، أمر يسهل تصوره في مجال التبرعات، أما أن يحدث ذلك في عقد البيع، وهو من عقود المعاوضات كما نعلم، فإن هذا أمر مستغرب، وإن كان الفقه يشـير “إلى إمكانيـة ذلك، فيقـول د. السنهوري ” قد يحدث أن المشتري يبدأ بعرض ثمن معين، ويأبى ضمير البائع أن يسـايره في هذا الثمن فيـقبل البيع بثمن أقل، هو الثمن العادل في نظره، فهنا يكون إيجاب المشتري قد عارضه قبول البائع، فيعتبر قبول البائع إيجاباً جديداً… ويعتبر سكوت المشتري والإيجاب الجـديد نافع له نفعاً محضاً قبولاً لهذا الإيجاب الجديد فيتم البيع على الثمن الأقل. وإذا بدأ البائع بطلب ثمن معين، فأبى ضمير المشتري إلاّ أن يزيد في الثمن فقبول المشتري الشراء بالثمن الأكبر إيجاب جديد يقبله البائع بسكوته فيتم البيع على الثمن الأكبر”([26]).

 

يتبين من كل ما تقدم أن السكوت يعدَّ قبولاً إذا أحاطت به ملابسات معينة تنبئ عن ذلك، كتعامل سابق أو طبيعة التعامل أو عرف تجاري أو منفعة خالصة لمن وجه إليه الإيجاب، بل إن هناك حالات للسكوت الموصوف أيضاً والتي تكون بنص أو عرف أو اتفاق ([27]).

 

 

 

المطلب الثالث

السكوت في بعض البيوع الموصوفة

 

قد تدخل على عقد البيع- كما هو الشأن في سائر العقود- أوصاف مختلفة، كأن يعلق على شرط أو يضاف إلى أجل. فإذا لم يلحق الوصف كل آثار العقد فلا يعدُّ العقد نفسه موصوفاً، أما إذا لحق  لوصف كل آثار العقد فإن العقد يكون موصوفاً. والكثير من التشريعات تشترط في بعض الأحوال قدراً

 

من الوضوح في التعبير عن الإرادة بقبول الشيء أو رفضه، ومن هذا القبيل ما هو موجود في البيع بشرط التجربة وبيع المذاق، حيث نلمس للسكوت دوراً في ذلك بطريق مباشر أو غير مباشر.ثم نتحدث عن البيع بالنموذج. وسوف نعرض في ثلاثة فروع على التوالي لهذه الموضوعات:

 

الفرع الأول

السكوت في البيع بشرط التجربة

 

البيع بشرط التجربة هو البيع الذي يتفق فيه على احتفاظ المشتري بحق تجربة المبيع، وقد يكون هذا الاتفاق صريحاً وقد يكون ضمنياً يستخلص من طبيعة المبيع وظروف التعامل، وعادة ما يرد في المنقولات كالسيارات والآلات الميكانيكية وغير ذلك، والتي لا يستوثق منها إلاّ بعد تجربتها، كما يرد في العقارات ([28]).

 

والتجربة يقوم بها المشتري أو من يُنيبه في ذلك، وقد تتم بحضور البائع أو بدون حضوره. وفي القانون المدني الأردني يعدُّ البيع بشرط التجربة عقداً صحيحاً ونافذاً لكنه غير لازم في حق المشتري الذي يكون له أن يستقل بفسخه([29]).

 

أما في ظل القانون المدني المصري فهو بيع معلق على شرط واقف هو قبول المشتري المبيع بعد تجربته ما لم يتفق المتعاقدان  صراحة أو ضمناً على اعتباره بيعاً مُعلقاً على شرط فاسخ هو عدم قبول المشتري المبيع بعد تجربته([30]).

 

وقد أوجب القانون على المشتري في البيع بشرط التجربة أن يعلن البائع ويخطره برفضه المبيع إن شاء ذلك، وبالتالي فإن سكوته يعد رضاء بالمبيع وقبولاً له.  كما ورد في المادة (471/2) مدني أردني بأنه ( إذا انقضت مدة التجربة وسكت المشتري مع تمكنه من تجربة المبيع اعتبر سكوته قبولاً). والبيع بشرط التجربة يلزم له مدة يتفق عليها الطرفان، لكن عدم وجود مدة معينة ليس معناه أن هذا البيع باطل، بل يبقى العقد صحيحاً نافذاً في حق الطرفين، وتحمل المدة على المدة المعتادة وهي التي تعارف الناس على أنها تكفي لتجربة المبيع.  وهذا ما ذهب إليه القانون المدني الأردني في المادة (470/1) مدني حين قال ( يجوز البيع بشرط التجربة مع الاتفاق على مدة معينة فإن سكت المتبايعان عن تحديدها في العقد حملت على المدة المعتادة).  وهكذا نجد في هذا النص المتقدم دوراً آخر للسكوت، وذلك عندما لا يتفق الطرفان على مدة محددة، فإن سكوتهما يمكن القاضي من تطبيق النص المكمل الإرادة المتعاقدين فتحمل المدة على المدة المعتادة.

 

وإذا لم تكن المدة كافية لفحص المبيع وتجربته وطلب المشتري أجلاً جديداً لكن البائع سكت، فإن سكوته يُعدُّ قبولاً([31]).

 

الفرع الثاني

السكوت في بيع المذاق

 

البيع بشرط المذاق هو نوع من تجربة المبيع لبيان مدى ملاءمته لذوق المشتري، وهو قد يتفق عليه صراحة وقد يستخلص من ظروف المبيع ذاته.

 

وقد نص القانون المدني الأردني في المادة 477 مدني على أنه (تسري أحكام البيع بشرط التجربة على البيع بشرط المذاق إلاّ أن خيار المذاق لا يورث).

 

يتضح من هذا النص أن المشرع الأردني قد عدّ بيع المذاق نوعاً من البيع بشرط التجربة، ومن ثم يأخذ حكمه أي أنه بيع صحيح ونافذ لكنه غير لازم ([32]).

 

وبالتالي فإن للمشتري في البيع بشرط المذاق أن يجيز البيع، وعندئذ يصبح العقد لازماً في حقه بعد أن كان غير لازم على الرغم من صحته ونفاذه، وإذا قرر إجازة البيع فيجب أن يكون ذلك خلال المدة المحددة أو التي جرى عليها العرف، فإذا سكت بعد هذه المدة يعدُّ ذلك إجازة ضمنية للبيع ويصبح العقد لازماً في حقه من تاريخ البيع وليس من وقت المذاق والرضا بالمبيع ([33]).

 

الفرع الثالث

السكوت في البيع بالنموذج

 

يتم البيع بالنموذج عندما لا يكون المبيع حاضراً لدى المتعاقدين في مجلس العقد ويجري ذلك في الأموال المثلية كالمكيلات والموزونات والعدديات. وهو بيع شائع في الحياة، فقد يقدم البائع للمشتري نموذجاً يدل على نوعية المبيع وصفته وجودته. وللبيع بالنموذج شرطان أولهما أن يكون النموذج دالاً على المبيع، بحيث يعد المشتري عالماً به علماً نافياً للجهالة الفاحشة، وثانيهما أن يكون المبيع مطابقاً للنموذج، ولا تبرأ ذمة البائع إذا سلم شيئاً مختلفاً عن النموذج، وإذا حدث ذلك، فإن المشتري يكون مخيراً بين قبول المبيع أو إعادته أو فسخ العقد ([34]).

 

وقد تناولت هذه الأحكام المادة (468) مدني أردني حيث جاء فيها:

 

( 1. إذا كان البيع بالنموذج تكفي فيه رؤيته ووجب أن يكون البيع مطابقاً له. 2.فإذا ظهر أنه غير مطابق له فإن المشتري يكون مخيراً إن شاء قبله وإن شاء رده).

 

والحقيقة أنه لا مجال للاعتداد بالسكوت في إطار النصوص التي تعالج البيع بالنموذج، فقد جاءت هذه النصوص دالة دلالة صريحة على ما قصده المشرع.

 

 

 

 

المطلب الرابع

السكوت في مجال التراضي على المسائل التفصيلية

 

أولاً: القواعد المكملة :

لكي يتم عقد البيع، فإنه ينبغي الاتفاق على المسائل الجوهرية، أما المسائل التفصيلية، فإنه يكفي في شأنها عدم اختلاف كل من البائع والمشتري عليها، فالعقد ينعقد حتى وإن سكت الطرفان عن الاتفاق على وقت دفع الثمن أو وقت تسليم المبيع أو من يلتزم بدفع مصروفات الشيء المبيع وغير ذلك من هذه الأمور، وإذا قام خلاف بين المتعاقدين على واحدة من هذه المسائل، فإن المحكمة تقضي فيها طبقاً لطبيعة المعاملة ولأحكام القانون والعرف والعدالة ([35]).

 

ولكن إذا عرض المتعاقدان لشيء من ذلك عند التعاقد ولم يتفقا على مسألة منها أو اختلفا حولها، عندئذ فإن البيع لا يتم، وقد عالج ذلك المشرع الأردني فنص في المادة (100) مدني على أن:

 

  1. يطابق القبول الإيجاب إذا اتفق الطرفان على كل المسائل الجوهرية التي تفاوضا فيها، أما الاتفاق على بعض هذه المسائل، فلا يكفي لالتزام الطرفين حتى لو أثبت هذا الاتفاق بالكتابة .

 

  1. وإذا اتفق الطرفان على جميع المسائل الجوهرية في العقد واحتفظا بمسائل تفصيلية يتفقان عليها فيما بعد ولم يشترطا أن العقد يكون غير منعقد عند عدم الاتفاق على هذه المسائل فيعتبر العقد قد انعقد، وإذا قام خلاف على المسائل التي لم يتم الاتفاق عليها فإن المحكمة تقضي فيها طبقاً لطبيعة المعاملة ولأحكام القانون والعرف والعدالة ” ([36]) .

 

يتضح إذن أن القانون في تنظيمه للعقود يورد أحكاماً تُكمل إرادة المتعاقدين، وهذه الأحكام تُطبق إذا لم يرد في العقد ما يخالفها، فإذا سكت ذوو الشأن عن تنظيم أمر معين، فيفترض أنهم رضوا بما نظمه المشرع في هذا الصدد، من ذلك التزام البائع بتسليم المبيع بالحالة التي هو عليها عند

 

العقد، فسكوت المتعاقدين في هذه الحالة افترض معه المشرع، أن نيتهما قد اتجهت إلى أن يحل القاضي محل المتعاقدين في الفصل في هذه المسائل غير الجوهرية ([37]).

 

ثانياً : الاتفاقات اللاحقة

يتفق المتعاقدان على جميع المسائل الجوهرية ويحتفظان بمسائل تفصيلية يتفقان عليها فيما بعد، ولا ريب أن القانون يتكفل بمثل هذه المسائل إذا سكت ذوو الشأن عنها، لكن ذلك ليس حائلاً دون تنظيمها من قبل المتعاقدين، وتتأكد إرادتهما في تنظيم هذه الأمور التفصيلية إذا اشترطا ضرورة الاتفاق اللاحق بشأنها، إذ تكون نيتهما قد اتجهت إلى استبعاد القواعد المكملة في هذا الصدد ([38]).

 

وقد نظم القانون المدني الأردني هذا الموضوع حين قال ” وإذا اتفق الطرفان على جميع المسائل الجوهرية في العقد، واحتفظا بمسائل تفصيلية يتفقان عليها فيما بعد، ولم يشترطا أن العقد يكون غير منعقد عند عدم الاتفاق على هذه المسائل، فيعتبر العقد قد انعقد، وإذا قام خلاف على المسائل التي لم يتم الاتفاق عليها فإن المحكمة تقضي فيها طبقاً لطبيعة المعاملة ولأحكام القانون والعرف والعدالة”([39]).

 

هذا وقد يثار تساؤل آخر في شأن الأمور التفصيلية مفاده مدى إمكانية الاتفاق على هذه الأمور، في حالة العرض الذي يُبديه أحد المتعاقدين بشأنها وسكوت المتعاقد الآخر؟ وهل يعدُ ذلك قبولاً ؟

 

نرى في هذا الصدد أن مبادرة أحد المتعاقدين بتنظيم بعض الأمور التفصيلية وإرسالها إلى الطرف الآخر في التعاقد، لا يعتد به بحسب الأصل، إذ هو عمل فردي قام به، ولكنه يسري في مواجهة الطرف الآخر في حالة موافقته على ذلك، وهذه الموافقة تُستمد من سكوت الطرف الآخر وعدم اعتراضه، إذ لو أراد الاعتراض لفعل.

 

فمثلاً إذا اتفق البائع والمشتري على المسائل الجوهرية، كتحديد الشيء المبيع والثمن، ولكنهما تركا المسائل التفصيلية كلها أو جانباً منها، وبعد ذلك أرسل البائع الشيء المبيع إلى المشتري متضمناً فاتورة حدّد فيها هذه المسائل التفصيلية التي لم يكن قد تم الاتفاق عليها، عندئذ فإن استلام المشتري الشيء المبيع والفاتورة مع سكوته أو دون اعتراض ، يعدُ قبولاً من جانبه ([40]).

 

يتبين إذن أن سكوت المشتري بعدما يتسلم البضاعة مصحوبة بقائمة الثمن تلابسه ظروف معينة تدعم القول بأن سكوته هذا ليس له من تفـسير إلاّ أنه قد قبل العـرض بشـروطه المرفقة معه . فلقد كان أمامه حق الاعتراض إذا اتجهت نيـته لذلك، وبالتالي فإن سكوته في هذه الحالة يعدُ سكـوتاً ملابساً ويفسر بأنه قبول .

 

المبحث الثالث

السكوت في إطار محل عقد البيع

 

يتضمن محل عقد البيع ركنين أساسيين لا يقوم بدونهما، هما الشيء المبيع والثمن، تسليم المبيع التزام يقع على عاتق البائع، وتسليم الثمن التزام يتكفل به المشتري ([41]).

 

ومن الشروط اللازمة للشيء المبيع – كما هو معلوم – أن يكون موجوداً أو قابلاً للوجود، ومعيناً أو قابلاً للتعيين، كما يلزم ملكية البائع للمبيع وكونه غير مخالف للنظام العام والآداب .

 

ومن الشروط المتطلبة في الثمن كونه محدداً وجديّاً ونقدياً ونريد في هذا المقام أن نبين الدور الذي يناط بالسكوت في مجال بعض شروط محل عقد البيع، وبالتالي سوف نقسم هذا المبحث إلى مطلبين، نعرض في أولهما للسكوت في تعيين المبيع، ونبين في ثانيهما السكوت في تحديد الثمن.

 

المطلب الأول

السكوت في تعيين المبيع

 

لا يتم البيع إلاّ إذا كان الشيء المبيع معيناً تعييناً نافياً للجهالة بالقدر الذي يميزه عن غيره، ومن ثم يمنع الجهالة الفاحشة، بل إن بعض التشريعات اتجهت إلى منع الجهالة اليسيرة أيضاً، فاشترطت علم المشتري بالشيء المبيع علماً  كافياً ([42]).

 

 

 

وقد نظم القانون المدني الأردني هذا الموضوع في المادة (466) مدني بقوله ” 1-يشترط أن يكون المبيع معلوماً عند المشتري علماً نافياً للجهالة الفاحشة 2-يكون المبيع معلوماً عند المشتري ببيان أحواله وأوصافه المميزة له وإذا كان حاضراً تكفي الإشارة إليه” ([43]).

 

يتضح من هذا النص أنه في حالة كون المبيع ليس حاضراً لدى المتعاقدين فإن البيع يتم على أساس بيان أحواله وأوصافه المميزة له ( كأن تكون سيارة فيذكر أنها من نوع كذا وموديل الصنع سنة كذا، وسعة المحرك كذا وكذلك قوته وغير ذلك) أما إذا كان المبيع حاضراً فليس هناك داعٍ لبيان أحواله وأوصافه المميزة له، وإنما تكفي الإشارة إليه فيقول البائع للمشتري بعتك هذا التلفاز مثلاً، فيقول المشتري قبلت.

 

لا بد إذن أن يكون المبيع معيناً بذاته أو بنوعه، ويحق للمشتري الذي لم يتوفر له العلم الكافي بالمبيع أن يطلب فسخ العقد (حالة العقد غير اللازم).

 

وقد يثبت للمشتري خيار الرؤية إذا لم ير المعقود عليه، فإن رأى المشتري الشيء المبيع وسكت” بحيث يفهم من سكوته رضاؤه بالمبيع، فقد سقط خياره ([44]) لكنه إذا أعلن أن المبيع ليس على النحو المطلوب فيعدُّ العقد غير لازم بالنسبة له، ويستطيع المطالبة بفسخه.

 

المطلب الثاني

السكوت في تحديد الثمن

 

من المعلوم أن الثمن ركن في عقد البيع لا يقوم إلاّ به، وفي حالة عدم تحققه لا يمكن وصف العقد بالبيع، لكن المتعاقدين قد لا يحددان الثمن وقت العقد، ويقتصران على بيان الأسس التي يتحدد الثمن بناءً عليها في وقت لاحق، تحديداً يمنع النـزاع وينفي الجهالة .

 

ومن ثم فإن سكوت المتعاقدين عن تحديد الثمن عند العقد، واعتماد بعض الأسس التي يتحدد بمقتضاها مستقبلاً، لا يجعل العقد باطلاً، طالما أمكن استخلاص ذلك من الملابسات المحيطة بالعقد .

 

وقد نصت المادة (479) مدني أردني على أنه ” يشترط أن يكون الثمن المسمى حين البيع معلوماً، ويكون معلوماً: 1- بمشـاهدته والإشـارة إليه إن كان حاضراً 2-ببيان مقداره وجنسه ووصفه إن لم يكن حاضراً 3- بأن يتفق المتبايعان على أسس صالحة لتحديد الثمن بصورة تنتفى معها الجهالة حين التنفيذ “ ([45]).

 

يتضح من ذلك أن سكوت المتعاقدين عن تحديد الثمن في العقد يتوقف على إمكانية هذا التحديد فيما بعد من عدمه، فإن لم يكن ممكناً تحديد الثمن، فالبيع باطل لتخلف ركن الثمن ، وإن كانت الأخرى وأمكن تحديد الثمن كان العقد صحيحاً. فالعقد يعدُّ صحيحاً بالرغم من سكوت المتعاقدين عن تحديد الثمن وقت العقد، طالما قد حددا أسساً لاحتساب ذلك مستقبلاً أو أمكن استخلاص ذلك من إرادتهما.

 

 

 

 

ويعدُّ الثمن غير قابل للتحديد، إذا سكت عن بيانه المتعاقدان، ولم يحددا بعض الأسس التي يمكن تقديره بناء عليها فيما بعد، ولم يكن هناك من الملابسات التي يستفاد منها هذا التحديد، ففي كل هذه الحالات لا نستطيع القول إن المتعاقدين قد ارتضيا ثمناً معيناً، ومن ثم يكون العقد باطلاً لانعدام الثمن .

 

وعلى العكس يكون الثمن قابلاً للتقدير، إذا سكت المتعاقدان عن تحديده، ولكنهما حددا الأسس التي يتم بمقتضاها هذا التقدير، أو كانت هناك من الملابسات ما يبعث على ذلك، كاعتماد السعر المتداول في التجارة أو الذي جرى عليه التعامل بينهما، عندئذ يُفسر سكوت المتعاقدين على انصراف نيتهما إلى اعتماد الثمن المحدد حسب الأسس المتفق عليها سواءً كان ذلك صراحة أو ضمناً ([46]).

 

ومن الأسس التي يقول بها الفقه، والتي يعتمد عليها في تقدير الثمن عند سكوت المتعاقدين ([47]) سعر السوق والثمن الذي اشترى به البائع، وأيضاً السعر المتداول في التجارة، أو السعر الذي جرى عليه التعامل بين المتعاقدين أو قد يُحددا شخصاً أو عدة أشخاص ليقوموا بهذا التقدير.

 

 

المطلب الثالث

السكوت في البيوع الواقعة على ملك الغير

 

تمهيد :

لكي يصح البيع ينبغي أن يكون الشيء المبيع مملوكاً للبائع، وهذا شرط بديهي سواء في القانون أو حتى في الفقه الإسلامي . لكن الواقع العملي يشهد بأن أناساً قد يبيعون ما لا يملكون، فيبيعون ملك غيرهم، وقد يكون هذا الملك خالصاً للغير، وقد يكون للبائع حصة فيه وتوجد صورة أخرى لمن يبيع شيئاً لا يملكه – حكما- كأن يبيع شيئاً وهو في مرض الموت .

 

في مثل هذه الحالات السابقة قد توجد دلالات معينة لسكوت أطراف التعاقد، مما يجعلنا نحاول إبرازها على النحو التالي:

 

أولاً: السكوت في بيع ملك الغير :

نصت المادة (550) مدني أردني على أنه ” إذا باع شخص ملك غيره بدون إذنه جاز للمشتري أن يطلب فسخ البيع 2-ولا يسري البيع في حق مالك العين المبيعة ولو أجازه المشتري”

وجاء بالمادة (551/1) بأنه ” إذا أقر المالك البيع سرى العقد في حقه وانقلب صحيحاً في حق المشتري”([48]).

 

وواضح من ذلك أن بيع ملك الغير هو عقد قابل للفسخ لمصلحة المشتري في القانون المدني الأردني .

وقابل للإبطال في القانون المدني المصري لمصلحة المشتري، غير أنه في الحالتين لا يسري في مواجهة المالك الحقيقي للشيء المبيع إلاّ بإقراره، وفي هذه الحالة ينقلب البيع صحيحاً بالنسبة للمالك وأيضاً المشتري،في ظل القانون المصري،ويكون نافذاً في ظل القانون المدني الأردني،(إذ إن العقد الموقوف هو صحيح بحسب الأصل لكن غير نافذ) .

 

 

 

يحتاج بيع ملك الغير إذن إلى أمرين أساسيين، إجازة تصدر من المشتري، وأيضاً إلى إقرار من المالك الحقيقي([49]).

 

وهذه الإجازة قد تكون في صورة صريحة أو ضمنية، وتستفاد هذه الأخيرة من قيامه بتنفيذ بنود العقد مع أنه يعلم عدم ملكية البائع للشيء المبيع، كأن يدفع ثمن هذا المبيع أو يتسلمه، أو أن يسكت عن الطعن عليه بالفسخ. كما أن الإقرار الصادر عن المالك الحقيقي قد يكون أيضاً في صورة صريحة أو ضمنية ([50]).

 

فالسكوت يُفسر على أنه إجازه الدائن عن المطالبة به، كما تقضي بذلك القواعد العامة([51]. هذا، وقد ذهب بعض الفقهاء المحدثين إلى أن المذهب الحنفي يتجه إلى اعتبار السكوت إجازة لتصرف الفضولي([52]).

 

ثانياً : السكوت في بيع الشريك المشتاع جزءاً مفرزاً من المال الشائع .

 

نصت المادة (1031/2) مدني أردني على أنه ” وإذا كان التصرف منصباً على جزء مفرز من المال الشائع ولم يقع هذا الجزء عند القسمة في نصيب المتصرف انتقل حق المتصرف إليه من وقت التصرف إلى الجزء الذي آل إلى المتصرف بطريق القسمة، وإذا كان المتصرف إليه يجهل أن المتصرف لا يملك العين المتصرف فيها مفرزة حين العقد، فله الحق في إبطال التصرف “([53]).

 

يشير هذا النص إلى أنه في حالة بيع الشريك المشتاع جزءاً مفرزاً من المال الشائع، ثم قُسّم هذا المال، وكانت حصة البائع نتيجـة لذلك جزءاً آخر غير الذي باعه، عنـدئذ فإن حـق المشتري ينتقل إلى هذا الجزء الواقع في نصيب البائع ومنح المشرع حقاً للمشتري في إبطال البيع حالة جهـله وقت العقد أن البائع لا يملك العين المبيعة مفرزة. وبالتالي فإن الخيار للمشتري بين إبطال عـقد البيع أو أن يأخذ الجزء الذي وقع في نصيب البائع نتيجة للقسمة، فإذا سكت المشتري عن التمسك بالإبطال فإن هذا يعدُ قبولاً من جانبه ([54]).

 

ثالثاً: السكوت في بيع المريض مرض الموت :

 

تنص المادة (544) من القانون المدني الأردني على أن ” 1-بيع المريض شيئاً من ماله لأحد ورثته لا ينفذ ما لم يُجزه باقي الورثة بعد موت المورث” وتنص المادة (545) مدني على أن ” 1-بيع المريض

 

من أجنبي بثمن يقل عن قيمة المبيع وقت الموت نافذ في حق الورثة إذا كانت زيادة قيمة المبيع على الثمن لا تتجاوز ثلث التركة داخلاً فيها المبيع ذاته . 2-أما إذا تجاوزت هذه الزيادة ثلث التركة فلا ينفذ البيع ما لم يقره الورثة أو يكمل المشتري ثلثي قيمة المبيع وإلاّ كان للورثة فسخ البيع ” ([55]).

 

لا ريب أن السبب في تقييد تصرف الشخص في مرض الموت إنما يرجع إلى وجود حق للورثة في هذا المال، فمن المعلوم في الفقه الإسلامي أن حق الورثة يتعلق بأموال المورث منذ مرضه الذي يموت فيه ([56]) فإذا باع بثمن أقل من قيمة المبيع، فإنها تأخذ حكم الوصية، وبالتالي فإذا كان التصرف منطوياً على تبرع يجاوز ثلث التركة، فهو غير نافذ في مواجهة الورثة إلاّ إذا أجازوه، أو بسقوط حقهم في دعوى عدم نفاذ التصرف .

 

وفي رأينا أن سكوت الورثة في هذه الحالة مدة معقولة حسبما يقدرها القاضي يُفسر على أنه إجازة، ذلك أنه كان بمقدورهم الاعتراض على تصرف المورث، فإذا سكتوا ولم يعترضوا فمعنى ذلك أن هذا السكوت إجازة، إذ ينطوي على احترام لإرادة المورث وهو يحقق أيضاً مصلحة المشتري ([57]).

 

المبحث الرابع

السكوت في مجال آثار عقد البيع

 

من أهم الآثار التي ينتجها عقد البيع، بعـدما اكتملت أركانه، التـزام البائع بتسليم المبيع للمشتري، وأيضاً التزامه بضمان العيوب . وبالتالي فإننا سنعالج هذا الموضوع في مطلبين لنبين دور السكوت في هذه الحالات .

 

المطلب الأول

السكوت في تسليم المبيع وتسلمه

 

1- السكوت عن اختلاف المبيع عن حالته وقت التعاقد :

الأصل أن يلتزم البائع بالمحافظة على الشيء المبيع وتسليمه للمشتري بالحالة المتفق عليها عند العقد، لكن المشتري إذا سكت عن تسليم المبيع مع تغير حالته، يفسر ذلك على رضاه ([58]) والتزام البائع على

 

هذا النحو مرجعه نص المادة (489) مدني أردني التي تقول “يلتزم البائع بتسليم المبيع للمشتري بالحالة التي كان عليها وقت البيع” ([59]).

 

ويعني ذلك أن تكون حالة المبيع عند تسليمه للمشتري هي نفس الحالة التي كان عليها عند التعاقد، لكن المشتري إذا تسلم المبيع ولم يعترض عليه ومضت على ذلك مدة كافية، فإن سكوته معناه أن هناك تطابقاً بين حالة المبيع عند التسليم وحالته عند العقد ([60]).

 

ولكي يعتد بالسكوت، ينبغي أن تمضي فترة معقولة يحددها القاضي، بحيث يمكن معها القول إن الساكت قد عاين الشيء وارتضاه ([61]).

 

2- السكوت عن نقص أو زيادة مقدار المبيع

هناك التزام يقع على عاتق البائع وهو أن يسلم المشتري الشيء المبيع بالمقدار المتفق عليه عند التعاقد، فإذا حدث زيادة أو نقصان فإن للمشتري – في حالات معينة – الحق في طلب الفسخ كما يكون له الحق في إنقاص الثمن بقدر نقصان المبيع، ويكون للبائع طلب تكملة الثمن بمقدار الزيادة في المبيع ([62]) وقد حدد القانون المدني الأردني مدة قصيرة لا تسمع بعدها الدعوى في هذه الحالات، فتقول المادة (493) مدني أردني بأنه ” لا تسمع الدعوى بفسخ العقد أو إنقاص الثمن أو تكملته إذا انقضت سنة على تسليم المبيع “([63]).

 

والذي يعنينا في هذا الصدد، وكما يقول بعض الفقه – بحق – أنه ” يجوز للمشتري أن ينـزل عن حقه في الدعاوي التي يخولها إياه نقص مقدار المبيع نزولاً صريحاً أو ضمنياً، ويعتبر نازلاً ضمنياً عن حقه في طلب الفسخ إذا تسلم المبيع مع علمه بالعجز دون أن يبدي أي تحفظ، كما يعتبر نازلاً عن طلب إنقاص الثمن إذا وفّى بعد التسليم بالثمن كاملاً، ولم يثر مسألة عجز المبيع دون أن يكون هناك ما يمنعه من ذلك “([64]).

 

وفي هذا الإطار فإن سكوت البائع حال تسليم المبيع إلى المشتري وهو يعلم بزيادة مقداره، يعد رضاءً منه بالبيع بالثمن الذي اتفق عليه، ولا يحق له بعد ذلك أن يطلب تكملة الثمن، إذ إن ذلك يعدُ من جانبه موقفاً واضحاً بالرضاء.

 

3– سكوت المشتري عن تأخر البائع في تسليمه المبيع.

لا ريب أن البائع يلتزم بتسليم الشيء إلى المشتري في الوقت المتفق عليه بينهما، وإلاّ حسبما يقضي العرف أو طبيعة الشيء المبيع ([65]) فإذا تأخر البائع في تنفيذ التزامه هذا، فإن للمشتري أن يطالبه بالتنفيذ العيني حسبما تقضي بذلك القواعد العامة، لكن المشتري قد يسكت عن المطالبة بحقه، عندئذ يفسر سكوته على أنه قد تنازل عن حقه في طلب التنفيذ العيني إلى الفسخ ([66]).

 

المطلب الثاني

السكوت في التزام البائع بضمان العيوب

 

من الالتزامات التي تُثقل كاهل البائع، التزامه بضمان العيوب التي تظهر بالمبيع، ذلك أنه من المفروض أن يمكّن المشتري من الانتفاع الكامل بالشيء المبيع، وبالتالي فكل عيب خفي هو ضامن له.

 

لكن العيوب الظاهرة لا يضمنها إلاّ إذا كان سيئ النية، باعتبار هذا العيب الظاهر من السهل على المشتري أن يتبينه. وينبنى على ذلك أنه إذا كان العيب موجباً للضمان، تقوم مسئولية البائع بضمانه، ويحق للمشتري الرجوع على البائع بضمان هذا العيب، ويبقى حقه قائماً لا يسقط إلاّ إذا رضى بالعيب أو تنازل عن حقه في الرجوع صراحة أو ضمناً .

 

وبالتالي فإن هناك نوعين من العيوب تكتنف الشيء المبيع، عيب ظاهر وآخر خفي، والعيب الظاهر لا يضمنه البائع، لكنه يضمن العيب الخفي فقط، فهو ما تستلزمه طبيعة الأشياء وقصد المتعاقدين ويوجبه حسن التعامل بين الناس، فمن يشتري شيئاً من آخر يفترض أنه بحالة تمكنه من الانتفاع به الانتفاع الأمثل، وإذا علم بغير ذلك لما تعاقد عليه([67])، وتنص المادة (512/1) مدني أردني على أن (يعتبر البيع منعقداً على أساس خلو المبيع من العيوب إلاّ ما جرى العرف على التسامح به).

 

أما السكوت عن العيب الخفي، فإنه يسقط حق المشتري في الرجوع على البائع، في حالة علم المشتري بالعيب، وقد تناول ذلك نص المادة (514) مدني أردني حين قال: ” لا يكون البائع مسؤولاً عن العيب القديم في الحالات التالية: 1-إذا بيّن البائع عيب المبيع حين البيع 2- إذا اشترى المشتري المبيع وهو عالم بما فيه من العيب 3- إذا رضى المشتري بالعيب بعد اطلاعه عليه أو بعد علمه به من آخر 4-إذا باع البائع المبيع بشرط عدم مسؤوليته عن كل عيب فيه أو عن عيب معين إلاّ إذا تعمد البائع إخفاء العيب أو كان المشتري بحالة تمنعه من الاطلاع على العيب ” .

 

والعيب الخفي كما يقول المشرع الأردني هو ” الذي لا يعرف بمشاهدة ظاهر المبيع أو لا يتبينه الشخص العادي أو لا يكشفه غير خبير أو لا يظهر إلاّ بالتجربة ” ([68]) .

 

 

 

وإذا كان العيب خفياً على هذا النحو، فإن البائع يضمنه، ما لم يثبت أن المشتري كان يعلم به وقت التسليم، ويستطيع الإثبات بكافة الطرق. فإذا كان المشتري يعلم بوجود العيب، ومع ذلك تعاقد على الشيء المبيع فإن سكوته هذا يفسر من جانبه على أنه قد تنازل عن حقه في الرجوع بالضمان ([69]). وهو موقف واضح من جانبه.

 

فالعيب الذي يصيب الشيء المبيع قد يكون خفياً لا يُكتشف بالطرق العادية لكنه قد يكون معلوماً لدى المشتري، ومن ثم فإن سكوته مع علمه بالعيب يكون دلالة على سوء نيته، إذ إن العيب في هذه الحالة عيب ظاهر، ولا يعتبر عيباً خفياً، وإذا أقدم المشتري على الشراء بالرغم من وجود العيب، فإنه يفترض عندئذ أن هذا العيب لا أثر له في استعمال الشيء، وأنه قد تنازل عن حقه بالرجوع بالضمان .

إذن ننتهي إلى القول بأن علم المشتري بالعيب وسكوته عن ذلك عند التعاقد أو التسليم يسقط حقه في الضمان ([70]) .

 

المطلب الثالث

السكوت في التزام البائع بضمان التعرض والاستحقاق

 

يلتزم البائع بتسليم الشيء إلى المشتري بحالة تمكنه من الانتفاع الهادئ دون أن يتعرض له عائق يحول بينه وبين هذا الانتفاع وهذا ما يطلق عليه “ضمان التعرض والاستحقاق”.

 

والتعرض هو قيام البائع أو الغير بأعمال من شأنها أن تحول دون الانتفاع الهادئ للمشتري، أو الإدعاء بملكية المبيع ملكية تامة أو ناقصة. والبائع يضمن تعرض الشخص سواءً كان مادياً أو قانونياً، لكنه يضمن تعرض الغير إذا كان قانونياً فقط ([71]).

 

أما الاستحقاق فهو انتهاء حالة التعرض القانوني بثبوت الحق للمدعي (مدعي الاستحقاق) على الشيء المبيع ولو كان ثبوته قضاء بالإقرار أم النكول عن حلف اليمين أو التصالح ([72]).

 

ويعدُ الالتزام بالضمان متصلاً اتصالاً وثيقاً بالتزام البائع بنقل الملكية إذ إن هذا النقل يقتضي حيازة المشتري وتمتعه به بكامل سلطاته ولن يتحقق ذلك إذا كان هناك أيّ تعرض للمشتري في حيازته للمبيع أو في استعماله إياه- وهو التزام مقرر بنص القانون ولا يجوز الاتفاق على مخالفته ([73]).

 

وفي الحقيقة نكاد نلمس دوراً للسكوت في مجال الالتزام الواقع على البائع بضمان التعرض والاستحقاق، وهي حالة كون سبب الاستحقاق ظاهراً، وفي حالة قيام البائع بإعلام المشتري بسبب استحقاق المبيع وسكوت المشتري عن ذلك وإقدامه على الشراء فإنه يفترض من سكوته أنه قد قبل عدم الرجوع على البائع بضمان الاستحقاق، فلا تُقبل دعواه بعد سكوته على النحو المذكور ([74]).

 

 

 

المبحث الخامس

السكوت في بعض البيوع المختلفة

 

بعد أن تحدث المشرع في عقد البيع عن أركانه وآثاره، تحدث عن بعض أنواع البيوع المختلفة وسوف نقسم هذا المبحث إلى أربعة مطالب، نعرض في المطلب الأول لبيع السلّم وفي المطلب الثاني نتناول المخارجة، ثم في المطلب الثالث بيع النائب لنفسه وأخيراً المقايضة.

 

المطلب الأول

السكوت في بيع السلّم

 

عرفت المادة (532) مدني أردني بيع السلّم بأنه ( بيع مال مؤجل التسليم بثمن معجل). وحددت المادة ( 533) الشروط اللازم توافرها لصحة بيع السلّم:

 

  1. أن يكون المبيع من الأموال التي يمكن تعيينها بالوصف والمقدار ويتوافر وجودها عادة وقت التسليم.
  2. أن يتضمن العقد بيان جنس المبيع ونوعه ومقداره وزمان إيفائه.
  3. إذا لم يعين في العقد مكان التسليم لزم البائع تسليم المبيع في مكان العقد. وتعنى الفقرة الثالثة من هذا النص، أنه لا بد من معرفة مكان تسليم المبيع، إذ إن عدم معرفته ستؤدي إلى نزاع بين الطرفين، فإذا كان هذا المكان ليس محدداً في اتفاق المتعاقدين فليس معنى ذلك بطلان الاتفاق، إذ جعل المشرع هذا النص مكملاً لإرادة المتعاقدين، فإن اتفقا على مكان معين للتسليم عُمل به، وإلاّ فإن سكوتهما يُفسر على أنهما ارتضيا حكم القانون بأن يكون مكان التسليم هو المكان الذي تم فيه التعاقد.

 

المطلب الثاني

السكوت في المخارجة

 

جاء تعريف المخارجة في المادة (539) مدني أردني بأنها بيع الوارث نصيبه في التركة بعد وفاة المورث لوارث آخر أو أكثر بعوض معلوم ولو لم تكن موجودات التركة معينة.

 

يتبين من هذا التعريف أن المخارجة هي اتفاق يبيع بمقتضاه أحد الورثة نصيبه في الأموال التي آلت إليه من مورثه بعد وفاته لوارث آخر أو أكثر بعوض معلوم يتفقان عليه، وتعدُّ المخارجة صحيحة حتى وإن كانت موجودات التركة غير معينة ([75]).

 

ويشترط لصحة المخارجة شروط عدة أولها أن يبيع الوارث نصيبه في التركة إلى وارث آخر أو أكثر، وثانيهما أن يكون البيع بعد وفاة المورث وثالثها أن يتم البيع بعوض معلوم.

 

ونلحظ دوراً للسكوت في مجال المخارجة مستفاداً من نص المادة (542) مدني التي ألزمت المشتري اتباع الإجراءات التي يوجبها القانون لنقل كل حق اشتملت عليه الحصة الإرثية محل التخارج.

 

 

 

وإذا كان المشرع قد ألزم المشتري بمصاريف نقل الملكية ونفقات التسليم وغير ذلك من أجور، فإنه قد جعل هذا النص مكملاً لإرادة المتعاقدين فإن اتفقا على خلافها عُمل باتفاقهما وإلاّ فإن سكوتهما معناه أنهما تركا الأمر لما قرره المشرع ([76]).

 

المطلب الثالث

السكوت في المقايضة

 

يقترب تعريف المشرع الأردني للمقايضة من تعريفه للبيع، إذ قرر في المادة (552) مدني أردني بأن المقايضة: مبادلة مال أو حق مالي بعوض من غير النقود ([77]).

 

ولهذا فإن المشرع لم يفرد للمقايضة فصلاً مستقلاً، وإنما جعلها تطبيقاً للبيع وأوردها ضمن تطبيقاته تحت عنوان “بيوع مختلفة”.

 

وقد أكدت المادة (556) مدني أردني هذا المعنى بقولها ” تسرى أحكام البيع المطلق على المقايضة فيما لا يتعارض مع طبيعتها”. وبالتالي فإن خصائص البيع هي ذاتها خصائص المقايضة، وأركانهما واحدة، ففي المقايضة ينبغي وجود إرادتين متطابقتين ليس بهما عيوب كالغلط والإكراه والتغرير مع الغبن، وأن تتوافر الأهلية اللازمة لإبرامها، كما أن المقايضة يمكن أن توجد على أساس النموذج أو بشرط التجربة أو المذاق ([78]).

 

وقد نصت المادة (555) مدني أردني على أنه ” مصروفات عقد المقايضة ونفقات التسليم وما ماثلها تكون مناصفة بين طرفي العقد ما لم يتفق على غير ذلك”.

 

يتضح من هذا النص أنه جاء مكملاً لإرادة المتعاقدين فإن اتفقا على تقسيم معين للمصروفات فإن هذا الاتفاق هو الذي يُعمل به، فإن سكتا فسر سكوتهما على الرضاء بحكم القانون ([79]).

 

المطلب الرابع

السكوت في بيع النائب لنفسه

 

بيع النائب لنفسه عالجه المشرع الأردني من خلال نصين هما المادة (548)، (549)، فقد جاء في الأولى ” لا يجوز لمن له النيابة عن غيره بنص في القانون أو باتفاق أو أمر من السلطة المختصة أن يشتري بنفسه مباشرة أو باسم مستعار ولو بطريق المزاد ما نيط به بمقتضى هذه النيابة وذلك مع مراعاة أحكام الأحوال الشخصية” وفي الثانية نص على أنه ” لا يجوز للوسطاء أو الخبراء أن يشتروا بأسمائهم أو باسم مستعار الأموال التي عهد إليهم في بيعها”.

 

ويظهر من هذين النصين أن المنع يشمل فئتين من الأشخاص، الأولى ينوبون عن غيرهم في بيع الأموال وهم إما أن يكونوا نواباً بنص تشريعي أو بأمر من السلطة أو بالاتفاق، والفئة الثانية هم من يقومون ببيع أموال غيرهم كالوسطاء والخبراء ويشترط المشرع لكي يمنع هؤلاء من شراء الأموال أن يعهد إليهم ببيعها لكن إذا عهد إليهم شيء آخر كالإيجار وليس البيع فلا يكون هناك منع بشأنهم والمنع هنا يرتبط بقاعدة آمرة لا يجوز الاتفاق على مخالفتها ([80]).

 

وهكذا لا نجد في الواقع مجالاً للسكوت في هذا الموضوع سواءً في إطار المادة (548) أو في مجال المادة (549) وهاتان المادتان هما اللتان عالجتا موضوع بيع النائب لنفسه.

 

الخاتمة

 

هذه دراسة تناولت موضوع ” صلاحية السكوت للتعبير عن الإرادة في مجال عقد البيع” ، وكما نعلم، فإن القانون المدني الأردني قد نص في المادة (93) مدني على أن ” التعبير عن الإرادة يكون باللفظ وبالكتابة وبالإشارة المعهودة عرفاً ولو من غير الأخرس وبالمبادلة الفعلية الدالة على التراضي وباتخاذ أي مسلك آخر لا تدع ظروف الحال شكاً في دلالته على التراضي” .

 

ولقد أثير نقاش في الفقه القانوني عن مدى صلاحية السكوت لأن يشكل تعبيراً عن الإرادة، وقد حاولنا المساهمة بجهد متواضع في تبيان جانب من هذه الإجابة في مجال عقد البيع في ظل نصوص القانون المدني الأردني، من حيث انعقاد البيع (الايجاب والقبول) .

 

ومن حيث محل العقد (المبيع والثمن ) ، وأيضاً بعض البيوع التي تقع على ملك الغير، وأخيراً فيما يتعلق بآثار عقد البيع وبخاصة التزام البائع بضمان العيوب الخفية، وكذلك في مجال البيوع الموصوفة والبيوع المختلفة.

 

وقد خلصنا من هذه الدراسة إلى أن للسكوت عدة دلالات في مواضع كثيرة بحسب الملابسات التي يوجد فيها هذا السكوت على النحو التالي:

 

أولاً: لقد اختلف الفقه والقضاء في تحديد نوع التعبير عن الإرادة بالسكوت ، وقد انتهى بنا الرأي إلى اعتباره وسيلة من وسائل التعبير عن الإرادة، وهو يدل عليها بصورة صريحة في حالات السكوت الموصوف، وبشكل ضمني في حالات السكوت الملابس.

 

ثانياً: فيما يتعلق بالإيجاب لا يصلح السكوت لأن يكون إيجاباً سواءً في القانون أو في الفقه الإسلامي، وإن كان سكوت الموجب بعد صدور الإيجاب – فترة من الزمن- يعدُ دليلاً على رغبته في استمرار ايجابه حتى يلاقي قبولاً أو رفضاً ممن وجه إليه

 

ثالثاً: إن القاعدة العامة في السكوت، أنه لا ينسب لساكت قول ولكن السكوت يعدُ قبولاً بوجه خاص إذا كان هناك تعامل سابق بين المتعاقدين واتصل الايجاب بهذا التعامل أو إذا تمخض الإيجاب لمنفعة من وجه إليه .

 

رابعاً: يورد القانون في تنظيمه للعقود أحكاماً تكمل إرادة المتعاقدين وهذه الأحكام تُطبق إذا لم يرد في العقد ما يخالفها، فإذا سكت ذوي الشأن عن تنظيم أمر معين، فيفترض أنهم رضّوا بما نظمه المشرع في هذا الصدد.

 

خامساً: إن سكوت المتعاقدين عن تحديد الثمن في العقد يتوقف على مدى تحديده مستقبلاً، فإن كان من الممكن تحديده فالعقد يعتبر صحيحاً بالرغم من سكوت المتعاقدين عن تحديد الثمن وقت العقد، طالما قد حددا أسساً معينة لاحتساب ذلك في المستقبل أو أمكن استخلاص ذلك من إرادتهما الضمنية.

 

سادساً: إذا ثبت للمشتري خيار الرؤية لعدم رؤيته المعقود عليه، فإن سكوته بعد الرؤية يفسر على رضائه بالمبيع وإسقاطه لخياره في الفسخ .

 

سابعاً: إن سكوت المشتري عند تسلمه المبيع مع تغير حالته التي كان متفقاً عليها، يُفسر على أنه رضي بذلك، ولكن ينبغي أن تمضي على ذلك فترة معقولة يقدرها القاضي بحيث يمكن معها القول إن الساكت قد عاين الشيء ورضي به .

 

ثامناً: إن سكوت البائع عند تسليم المبيع للمشتري مع علمه بزيادة مقداره يعدُ رضاءً من جانبه بالبيع بالثمن المتفق عليه ولا يحق له بعد ذلك أن يطلب تكملة الثمن .

 

تاسعاً: إن سكوت المشتري عن تأخر البائع في تسليمه المبيع في الوقت المحدد، يفسر على أنه قد تنازل عن حقه في المطالبة بالتنفيذ العيني واكتفى بالفسخ .

 

عاشراً: إذا كان المشتري يعلم بوجود العيب الخفي، ومع ذلك تعاقد على الشيء المبيع، فإن سكوته هذا يفسر على أنه قد تنازل عن حقه في الرجوع بالضمان على البائع .

 

حادي عشر: إذا قام البائع بإعلام المشتري بسبب استحقاق المبيع- حالة كون سبب الاستحقاق ظاهراً- وسكوت المشتري عن ذلك وإقدامه على الشراء فإنه يكون قد قبل بعدم الرجوع  على البائع بضمان الاستحقاق.

 

ثاني عشر: لاحظنا اختلافاً بين موقف كل من المشرع المصري والمشرع الأردني في تكييف البيع بالمذاق، إذ اعتبره الأول وعداً بالبيع، بينما اعتبره الثاني عقداً صحيحاً ونافذاً لكنه غير لازم، وهذا الاختلاف في التكييف قد أدى إلى اختلاف نظرة كل منهما للسكوت بعد المذاق، فقد جعله المشرع المصري رفضاً، في حين اعتبره المشرع الأردني قبولاً.

 

ثالث عشر: هناك دور للسكوت في مجال البيع بشرط التجربة وذلك عندما لا يتفق الطرفان على مدة محددة، فإن سكوتهما يعني أن القاضي يحمل هذه المدة على المدة المعتادة كما أشارت إلى ذلك المادة (470/1) مدني أردني.

 

وكذلك الشأن في مجال السلّم والمخارجة والمقايضة إذ جاءت النصوص في كل منها مكملة لإرادة المتعاقدين، فإن سكتا فمعنى ذلك أنهما ارتضيا حكم القانون. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

 

 

الهوامـش

[1] . لسان العرب، ابن منظور، دار المعارف، القاهرة ج3، ص 2046، 2047، مادة سكت.

 

[2] . د. السنهوري، الوسيط، الجزء الأول، ص 235، د. عبد المنعم الصدة، مبادئ القانون، دار النهضة العربية 1977، ص 329، د. عبد الفتاح عبد الباقي، نظرية العقد والإرادة المنفردة، مطبعة نهضة مصر، 1984، ص 99 وما بعدها، د. برهام عطا الله، أساسيات نظرية الالتزام، مؤسسة الثقافة الجامعية، الإسكندرية 1982، ص 58، د. فتحي عبد الرحيم، العناصر المكونة للعقد كمصدر للالتزام في القانون المصري والإنجليزي المقارن، مطبعة كرموز، الإسكندرية 1979، ص 76 وما بعدها وانظر د. نزيه محمد الصادق المهدي، محاولة للتوفيق بين المذهبين الشخصي والموضوعي في الالتزام، بحث منشور بمجلة القانون والاقتصاد، جامعة القاهرة، الأعداد 1، 2، 3، 4، 1979، ص 254، 255.

 

[3] . تمييز أردني رقم 163/77، مجلة نقابة المحامين 1977، س 25، ص 857، حيث ذهبت المحكمة إلى عدم الاعتداد بسكوت باقي الشركاء عن الإجارة وعدم اعتباره قبولاً من جانبهم على أساس أنه لا ينسب لساكت قول .

 

  1. jean caRbonnieR : le silence et la gloiRe, Recueil Dalloz, Annee, 1951, p.121.

 

[5] . سليم رستم باز، شرح مجلة الأحكام العدلية، دار إحياء التراث، بيروت، ص 1106، وانظر د. صبحي المحمصانى، النظرية العامة للموجبات والعقود في الشريعة الإسلامية، دار العلم للملايين، بيروت، ط3، 1983، ص 307.

 

[6] . وانظر  أيضاً  المادة (928) مدني أردني ” 1- إذا كتم المؤمن له بسوء نية أمراً أو قدم بياناً غير صحيح بصورة تقلل من أهمية الخطر المؤمن منه أو تؤدي إلى تغيير في موضوعه أو إذا أخل عن غش بالوفاء بما تعهد به كان للمؤمن أن يطلب فسخ العقد ” وانظر المادة (126/1) مدني مصري ” يعتبر تدليساً السكوت عمداً عن واقعة أو ملابسة…”

 

[7] . د. محسن عبد الحميد البيه، مشكلتان متعلقتان بالقبول السكوت والإذعان، القاهرة 1985، ص 110 وما بعدها .

 

[8] . د. عبد الهادي العطافي، صور من طرق التعبير عن الإرادة في القانون الإنجليزي والتقنين السوداني، بحث منشور بمجلة القانون والاقتصاد، جامعة القاهرة، س 44، العدد الأول 1974، ص 101. ونشير هنا إلى أن السكوت يعتبر موصوفاً إذا حدّد له القانون دلالة خاصة في حالة معينة وتطلب من الشخص أن يفصح عن إرادته – إذا شاء- خلاف دلالة السكوت المحددة، وبمعنى آخر فالسكوت الموصوف هو الذي يعرض حيث يفرض القانون على الشخص التزاماً بالكلام إذا رغب في نفي دلالة السكوت التي حددها القانون ابتداءً سواء كانت هذه الدلالة قبول الشيء أو رفضه. وينبغي التوسع هنا في لفظ القانون ليشمل، النص القانوني، والعرف المستقر، والاتفاق المسبق بين المتعاقدين.

 

 

فكل سكوت تحددت ظروفه ودلالته مسبقاً طبقاً لنص قانوني أو عرف أو اتفاق فهو سكوت موصوف تكفل القانون أو الاتفاق بتنظيمه وتحديد دلالته.

 

أما السكوت الملابس فهو الذي تحيطه ظروف وملابسات موضوعية يمكن في ظلها معرفة اتجاه إرادة الساكت قبولاً أو رفضاً. وقد ذهبت كثير من التشريعات إلى القول باعتبار السكوت الملابس قبولاً على سبيل الاستثناء، وهذا ما اتجه إليه المشرع الأردني حين نص في المادة (95) مدني على انه (1-لا ينسب لساكت قول ولكن السكوت في معرض الحاجة بيان ويعتبر قبولاً. 2-ويعتبر السكوت قبولاً بوجه خاص إذا كان هناك تعامل سابق بين المتعاقدين واتصل الإيجاب بهذا التعامل أو إذا تمخض الإيجاب بمنفعة من وجه إليه).

 

وقد استندت محكمة التمييز الأردنية إلى هذه القاعدة ( لا ينسب لساكت قول) في قرارها الذي ذهبت فيه إلى عدم الاعتداء بسكوت باقي الشركاء عن  الإجارة وعدم اعتباره قبولاً من جانبهم ( تمييز رقم 163/ 77 مجلة نقابة المحامين سنة 1987، س 25، ص 857.

[9] . د. عبد الرازق حسن فرج، النظرية العامة للالتزام، مصادر الالتزام، مطبعة الفجر الجديد، القاهرة 1985، ص 73، د. حبيب إبراهيم، مسئولية الممتنع المدنية والجنائية في المجتمع الاشتراكي، رسالة دكتوراه، جامعة القاهرة 1967، ص 52.

 

ونشير  إلى أن هذا الاتجاه الثالث قد اختلف في تحديد نوع التعبير بطريق السكوت فاعتبره البعض تعبيراً مفترضاً…د. أحمد سلامة، مذكرات في نظرية الالتزام، نظرية الالتزام، مكتبة عين شمس، 1984، ص 85، د. جميل الشرقاوي، مصادر الالتزام، دار النهضة العربية، القاهرة 1981، ص 280، واعتبره البعض تعبيراً ضمنياً … د. إسماعيل غانم ، مصادر الالتزام، مكتبة عبد الله وهبة، القاهرة 1966، ص 82، د. برهام عطا الله ، أساسيات نظرية الالتزام، المرجع السابق، ص 58، وقد اعتبره البعض تعبيراً صريحاً عن القبول…د. السنهوري، الوسيط، ج1، ف 76، ص 189 (هامش رقم 1) .

 

[10] . نقض مدني في 27/2/1980، مجموعة المكتب الفني، س 31، رقم 124، ص 635.

[11] . نقض مدني في 26/3/1980، مجموعة المكتب الفني، س 31، العدد1، رقم 181، ص 921.

[12] . انظر في ذلك د. عبد الحي حجازي، النظرية العامة للالتزام، الجزء الثاني، مصادر الالتزام، مطبعة نهضة مصر، طبعة 1962، هامش ص 517 والأحكام التي أشار إليها في هذا الخصوص.

[13] . في هذا الاتجاه د. وليم سليم قلادة، التعبير عن الإرادة في القانون المصري، رسالة دكتوراه، جامعة القاهرة 1955، ص 152، إذ يقول إن ” وسيلة التعبير المستعملة ليست هي التي تحدد طبيعته، فهذه الطبيعة لا يمكن معرفتها إلاّ بالرجوع إلى مضمون التعبير الداخلي ”

 

 

 

[14] . ابن قدامة ،المغنى، ج3، ص 560، على الخفيف، محاضرات في الكتاب والسنة، مكتبة عبد الله وهبة، القاهرة ، ص 49، د. عبد الناصر العطار ، أحكام العقود في الشريعة الإسلامية والقانون المدني ، عقد البيع، مطبعة السعادة، القاهرة  ص 59 وما بعدها .

[15] . د. السنهوري، الوسيط، ج4، ص41.

[16] . انظر في ذلك مؤلفنا، النظرية العامة للالتزامات، مصادر الالتزام، دراسة في القانون الأردني والمصري والفرنسي ومجلة الأحكام العدلية والفقه الإسلامي، دار الثقافة، 2001، ص 68 وما بعدها. وانظر د. محمد السعيد رشدي، القوة الملزمة للإيجاب، بحث منشور بمجلة العلوم القانونية والاقتصادية 1989، ع 2، ص 173.

[17] . وجاء بمجلة الأحكام العدلية المادة (101) ” الإيجاب أول الكلام يصدر من أحد العاقدين لأجل إنشاء تصرف وبه يوجب ويثبت التصرف ”

[18] . أشار د. عبد الرازق فرج المرجع السابق، إلى حكم نقض فرنسي بهذا الخصوص إذ تقول المحكمة ” إنه يشترط لتمام عقد البيع الاتفاق على الشيء المبيع والثمن، فليلزم أن يكون هناك إيجاب وقبول ولا يتصور أن يكون السكوت إيجاباً 26-11-1962, dalloz, 1963, 98-11-1968, j.c.p.p.1969.

[19] . colin, capitant et delamoRandieRE obligation, edition .1959 Tome 2.p.359.-

savatieR: Traite de la Responsabilite civil. PaRis . 1967.p.145. –

 

[20] . في هذا الاتجاه د. عبد الرزاق فرج، المرجع السابق، ص 63 وما بعدها .

 

[21] . د. إبراهيم الدسوقي أبو الليل، الرجوع في التعاقد كوسيلة لحماية الرضا، بحث منشور بمجلة المحامى الكويتية، يوليو، سبتمبر 1985، ص 106 وما بعدها .

 

[22] .وهذا النص يكاد يتطابق مع نص المادة (98) مدني مصري، والمادة (81) مدني عراقي، والمادة (180) من قانون الموجبات والعقد اللبناني، والمادة (99) مدني سوري، والمادة (83) مدني سوداني، والمادتين (42،29) من قانون الالتزامات والعقود التونسي، والمادتين (25، 38) من قانون الالتزامات والعقود المغربي.

 

[23] . د. عبد المنعم فرج الصدة، مصادر الالتزام، المرجع السابق، ص 86، د. جلال العدوى، أصول المعاملات، الجزء الأول، المكتب الشرقي للنشر والتوزيع – بيروت – طبعة مطابع مؤسسة الأهرام، ص 132 وهذا هو موقف النقض الفرنسي بالرغم من عدم نص المشرع على السكوت الملابس فتقول المحكمة ” إنه في الحالات التي يمكن فيها الإثبات بالقرائن، يكون للقاضي حق تفسير سكوت الشخص المرسل إليه، ومدى اعتبار سكوته قبولاً وبخاصة إذا أفاد الموجب في خطابه أن عدم الرد عليه ممن وجه إليه الإيجاب يعتبر قبولاً ” الحكم منشور بمجلة المحاماة المصرية في 21/5/1951، س 4، العدد 6، ص 590.

 

[24] . د. فتحي عبد الرحيم، العناصر المكونة للعقد، المرجع السابق، ص 78.

 

[25] . د. علي حسن يونس، العقود التجارية، دار الفكر العربي، القاهرة ص 8 وما بعدها، د. عبد الرازق فرج، المرجع السابق، ص 134 وهذا ما أشارت إليه المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي للقانون المدني المصري بقولها ” ويجوز أن يجعل عرف التجارة للسكوت شأن القبول .

[26] . د. السنهوري، الوسيط، ج4، عقد البيع، ص 43، 44 وانظر أيضاً د. سليمان مرقس، العقود المسماة (عقد البيع) عالم الكتب ، القاهرة : 1980، ص 54 وما بعدها، د. عبد المنعم البدراوي، عقد البيع، المرجع السابق، ص 112.

[27] . انظر المادة (421) مدني مصري التي نصت على البيع بشرط التجربة، ويقابلها المادة (470-477) مدني أردني، وأيضاً المادة (422) مدني مصري التي نصت على بيع المذاق، ويقابلها المادة (477) مدني أردني . وفي تفصيل هذين الموضوعين انظر د. محمد يوسف الزعبي، العقود المسماة، شرح عقد البيع في القانون الأردني، دار الثقافة، الطبعة الأولى، 1993، ص 67 وما بعدها .

[28] . د. خميس خضر، العقود المدنية الكبيرة، دار النهضة العربية، القاهرة، ط1، 1979، ص 66، د. وهبة الزحيلي، مؤلفة المشار إليه سابقاً في القانون الأردني والإماراتي، ص 39.

[29] . في هذا المعنى د. محمد الزعبي، مؤلفه  المشار إليه سابقاً، ص 69، وانظر المادة 471/2 مدني أردني (( إذا انقضت مدة التجربة وسكت المشتري مع تمكنه من تجربة المبيع اعتبر سكوته قبولاً ولزم البيع)).

[30] . انظر المادة (421/2) من القانون المدني المصري.

[31]  . د. السنهوري، الوسيط، المرجع السابق، ص 238.، د. عبد الناصر توفيق العطار، شرح أحكام البيع، مطبعة عابدين، القاهرة، 1984، ص 49، وما بعدها.

[32] . أما المشرع المصري فقد اعتبره وعداً بالبيع من جانب واحد، انظر مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني المصري، ج4، ص28.

[33] . الأمر مختلف في ظل القانون المصري فإذا أعلن المشتري قبوله في المدة المحددة انعقد البيع فوراً وبدون أثر رجعي، أما إذا رفض الموعود له الشراء أو أعلن رغبته بعد المدة المحددة فإن الوعد بالبيع ينقضي دونما أثر، ويتحلل الواعد من وعده،. فيكون سكوت الموعود له عن إظهار رغبته تلك رفضاً للشراء في بيع المذاق، ذلك أن سكوته لا يكفي أن يكون قبولاً حيث تطلب المشرع منه أن يعلن قبوله للبيع بعد مذاق المبيع وبالتالي يفسر سكوته على أنه نزول عن الإفادة من الوعد . أي رفضاً لإيجاب الواعد بالبيع.

 

 

[34] . د. وهبة الزحيلي، العقود المسماة في قانون المعاملات الإماراتي والقانون المدني الأردني، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، دمشق، ط1، ص 37وما بعدها.

د. محمد الزعبي، مؤلفة المشار إليه سابقاً، ص 57، وما بعدها.

[35] . د. أنور سلطان، مصادر الالتزام في القانون المدني الأردني، ط2، 1998، مطبوعات الجامعة الأردنية، ص 53 وما بعدها .

[36] . وكذلك نصت المادة (95) مدني مصري على أنه ” إذا اتفق الطرفان على جميع المسائل الجوهرية بالعقد واحتفظا بمسائل تفصيلية سيتفقان عليها ولم يذكرا صراحة أن العقد لا يتم إلاّ بعد الاتفاق عليها، اعتبر العقد قد تم. وإذا قام خلاف على المسائل التي لم يتم الاتفاق عليها فإن المحكمة تقضي فيها بطبيعة المعاملة ولأحكام القانون والعرف والعدالة ” وانظر نقض مدني مصري في 16/1/1975، مجموعة المكتب الفني ، س 26، ق 43، ص 183.

 

[37] . د. سليمان مرقس، عقد البـيع، المرجع السابق، ص 112، د. عبد المنـعم البدراوي، البيـع والمقايضة والإيجار، ص 114.

 

[38] . د. عبد المنعم البدراوي، البيع والمقايضة والإيجار، المرجع السابق ص 113 وما بعدها .

 

[39] . المادة (100/2) مدني أردني، وتقابلها المادة (95) مدني مصري وانظر نقض مدني مصري في 14/6/1983، مجموعة محمود عمر، س 4 رقم 267، ص 729، د. السنهوري، الوسيط، ج4. المرجع السابق، ص 46.

[40] . في هذا المعنى د. عبد الفتاح عبد الباقي، نظرية العقد والإرادة .المنفردة، مطبعة نهضة مصر، القا.رة ، 1984، ص 105، ولنفس المؤلف، مصادر الالتزام في قانون التجارة الكويتي، نظرية العقد، مطبعة دار الوطن، الكويت، ص 83. وأيضاً د. عبد المجيد الحكيم، الوسيط في نظرية العقد، الجزء الأول، شركة الطبع والنشر الأهلية، بغداد 1967، ص 152. وقد ذهب القضاء الفرنسي إلى أن سكوت من وجه إليه الخطاب اللاحق على العملية التعاقدية والمتضمن تحديد بعض الشروط الثانوية يعدُ قبولاً. محكمة مارسيليا التجارية في 19/1/1903، منشور في Bulletin: p .55 ، ومشار اليه في د. عبد الرازق حسن، المرجع السابق، ص 111.

 

[41] . د. السنهوري، الوسيط، ج4، المرجع السابق، ص 190 ولقد اشترط الفقه الإسلامي في البيع. سواءً تعلقت هذه الشروط بالعاقد أو بالمعقود عليه على اختلاف المذاهب – أن يكون المبيع والثمن معلومين للمتعاقدين، وأن يكون المبيع مملوكاً لبائعه وقت التعاقد .

 

انظر الكاسـاني، بدائع الصنائع، ج5، ص 148 وما بعدها وكتاب الفقه على المذاهب الأربعة ، الجزيري، ج2، ص 166-169.

 

 

 

[42] . د. محمد علي عمران، د. محمد نصر الدين، مباحث البيع في القانون المدني المصري وفي الشريعة الإسلامية، دار الحقوق، القاهرة 1987، ص 192. وفي الفقه الإسلامي يشترط أن يكون المبيع معلوماً للمتعاقدين علماً مانعاً من المنازعة … بدائع الصنائع، الكاساني، المرجع السابق، ص 156.

 

[43] . كما نصت المادة (419) مدني مصري على أن ” 1-يجب أن يكون المشتري عالماً بالمبيع علماً كافياً، ويعتبر العلم كافياً إذا اشتمل العقد على بيان المبيع وأوصافه الأساسية بياناً يمكن من تعرفه ” .

 

[44] . انظر المواد من 184 وحتى 188 مدني أردني التي عالجت خيار الرؤية.

 

[45] . ونصت المادة (424) مدني مصري على أنه ” إذا لم يحدد المتعاقدان ثمناً للمبيع، فلا يترتب على ذلك بطلان البيع متى تبين من الظروف أن المتعاقدين قد نويا اعتماد السعر المتداول في التجارة أو السعر الذي جرى عليه التعامل بينهما” كما نصت المادة (423/1) بأنه ” يجوز أن يقتصر تقدير الثمن على بيان الأسس التي يحدد بمقتضاها فيما بعد ” .

 

[46] . جمهور الفقه الإسلامي يقيدون احتساب الثمن بضرورة تقديره تماماً في حال العقد أو على الأقل في مجلس التعاقد، فإذا تفرق المتعاقدان من المجلس ولم يعرف الثمن على  وجه الإجمال والتفصيل، رغم الاتفاق على أسس  معينة لبيانه لم يصح البيع، بينما ذهبت آراء فقهاء المالكية إلى صحة العقد ما دام احتساب الثمن بعد ذلك ممكناً اعتماداً على تلك الأسس . وهذا الاتجاه الأخير يتلاقى مع الموقف القانوني …. محمد أبو زهرة، الملكية ونظرية العقد في الشريعة الإسلامية، دار الفكر العربي، القاهرة 1977، ص 409 وما بعدها .

 

[47] . د. سليمان مرقس، المرجع السابق، ص 165، د. عبد الناصر العطار، المرجع السابق، ص 75، د. عبد الرازق حسن ، المرجع  السابق، ص 311.

 

[48] . تقابل المادة (466) مدني مصري ” 1-اذا باع شخص شيئاً معيناً بالذات وهو لا يملكه جاز للمشتري أن يطلب إبطال البيع 2-وفي كل حال لا يسري هذا البيع في حق المالك للعين المبيعة ولو أجاز  المشتري العقد ” وجاء بالمادة (467/1) مدني أنه ” إذا أقر المالك البيع سرى العقد في حقه وانقلب صحيحاً في حق المشتري ” .

 

[49] . من المعلوم أن هناك فارقاً بين الإجازة والإقرار، فالإجازة تصدر عن أحد أطراف العقد لتصحيح الخلل الذي لحق بالعقد، بحيث لا يُطعن عليه، بينما الإقرار يصدر عن شخص لم يكن طرفاً في العقد بحيث يسري في مواجهته بعد إقراره إياه . انظر د. السنهوري، الوسيط، ج4، المرجع السابق، ص 281، د. عبد الرازق حسن، المرجع السابق، ص 13، د. محمد علي عمران، المرجع السابق، ص 446.

 

[50] . وتقول محكمة النقض المصرية ” إن توقيع المالك الحقيقي على عقد البيع الصادر من غيره ببيع ملكه هو باعتباره ضامناً متضامناً مع البائع يعتبر إقراراً للبيع وليس من الضروري أن يرد الإقرار في صيغة إقرار صريح ” مجموعة المكتب الفني، في 20/4/1985، ع 1، رقم 111.

[51]. وكما نعلم فإن التقادم في ظل القانون المدني الأردني ليس مسقطاً للحق وإنما مانعاً من سماع الدعوى.

[52] . جاء في حاشية الخير للرملى على جامع الفصولين، ط1، 1300هـ ، المطبعة الكبرى ببولاق ، القاهرة، ص 231 ” أنه إذا اشترى سلعة من فضولي، وقبض المشتري المبيع بحضرة صاحب السلعة، فسكت، يكون رضاءً”

وانظر سليم رستم باز، شرح مجلة الأحكام العدلية، المرجع السابق، ص 980 وما بعدها ، د. عبد المجيد مطلوب، الفضالة، دراسة مقارنة في الفقه الإسلامي والقوانين الوضعية، مطبعة نفرتيتي، القاهرة ص 125.

 

[53] . يتطابق هذا النص مع المادة (826) مدني مصري،لكن استعمال المشرع الأردني كلمة إبطال التصرف كان غير موفقاً إذ إنه يعتد بالعقد غير اللازم وليس القابل للإبطال.

 

[54] . د. سليمان مرقس، المرجع السابق، ص 539، حيث يقول ” إن المشتري إذا كان يجهل أن البائع لا يملك  الجزء المبيع مفرزاً، فلا يمكن اعتباره راضياً بشراء غير الجزء المعين في العقد، ويكون العقد وفقاً للقواعد العامة باطلاً بطلاناً مطلقاً للغلط في ذاتية المبيع. ولكن المشرع قرر بنص المادة (826/2) تصحيح هذا الجزء الباطل، بإبدال الجزء الذي وقع في نصيب البائع بالجزء الذي سمى في العقد، إذا قبل المشتري ذلك، فإذا تمسك المشتري بالبطلان كان ذلك دليلاً على عدم قبوله هذا التصحيح، وإذا سكت اعتبر سكوته قبولاً، ونفذا العقد في الجزء المفرز الذي اختص به البائع عند القسمة ” وانظر أيضاً د. السنهوري، الوسيط، المرجع السابق، ص 300.

 

[55] . تطابق المادة (477) مدني مصري .

 

[56] . انظر د. وهبة الزحيلي: العقود المسماة في قانون المعاملات المدنية الإماراتي والقانون الأردني، دار الفكر للطباعة والتوزيع والنشر،ط1، 1987، ص 123، وانظر أيضاً د. محمد يوسف الزعبي، العقود المسماة شرح عقد البيع في القانون المدني الأردني- عمان، ط1، 1993، ص 503 وما بعدها.  وانظر تمييز حقوق 771/82 مجلة نقابة المحامين س 83. ص 425.

 

[57] . وتقول محكمة النقض المصرية بأن ” سكوت الوارث بعد وفاة المورث مع ظهور العقد ونقل التكليف للمشتري دون أن يطعن الوارث، بل سكت مدة ثلاث سنوات أو أربع  حتى وفاته يعتبر إجازة للعقد الصادر في مرض الموت ” 18/3/1978، مجموعة المكتب الفني، س 26، ق 44، ص 183.

[58] . د. أنور طلية، التعليق على نصوص القانون المدني ، ط2، دار المطبوعات الجامعية ، القاهرة ، 1975، ص 580، د. عبد المنعم البدراوي ، البيع والمقايضة، المرجع السابق، ص 389.

[59] . يقابل نص المادة (431) مدني مصري والتي جاء فيها ” يلتزم البائع بتسليم المبيع إلى المشتري بالحالة التي كان عليها وقت البيع…”

[60] . في هذا الاتجاه د. السنهوري، الوسيط ، ج4، المرجع السابق، ص 562.

[61] . د. محمد لبيب شنب، شرح أحكام عقد البيع، دار النهضة العربية ، القاهرة ، 1975، ص 148، د. محمد علي عمران ، عقد البيع ، المرجع السابق، ص 217، وتقول محكمة النقض المصرية بأن ” المشتري إذا قبل المبيع واستعمله مدة طويلة، فليس له بعد ذلك أن يشكو أن فيها عيباً أو أنه ليس على الحالة الواجبة التي يلتزم البائع بتسليمه عليها …” 26/1/1989، مجموعة المكتب الفني، س 26، ص 54.

 

[62] . انظر المادة (492) مدني أردني بفقراتها الخمسة، ونشير إلى أن حق المشتري في طلب الفسخ ليس مطلقاً، وإنما حدده المشرع بحالات معينة وهي إذا كانت الزيادة في الصفقة تلزم المشتري بأكثر مما دفع ويكون هذا في حالة كون المبيع يتضرر بالتجزئة وكان الثمن محدداً على أساس الوحدة القياسية، وأيضاً حالة كون المبيع لا يتضرر بالتجزئة وجاء ناقصاً عن المطلوب… وإذا كان المشرع قد أعطى للمشتري خيار الفسخ فيما سبق فهو قد حجبة عنه من حالتين: أولهما إذا كان مقدار النقص تافهاً ولا يخل بمقصود المشتري وثانيهما إذا تسلم المشتري المبيع مع علمه بالنقص.

[63] . تطابق المادتين (433، 434) مدني مصري .

[64] . د. جميل الشرقاوي ، البيع والمقايضة، المرجع السابق، ص 160 وانظر أيضاً د. سليمان مرقس، عقد البيع، المرجع السابق ، ص 355.

[65] . انظر المادة (499) من القانون المدني الأردني، والمادة (346) من القانون المدني المصري .

 وتقول محكمة النقض المصرية بأنه ” لا يجوز للمشتري أن ينتظر مدة طويلة حتى إذا ما ارتفع السعر طالب بالتنفيذ العيني، بل يعتبر انتظاره هذه المدة الطويلة بمثابة عدول منه عن طلب التنفيذ العيني إلى طلب الفسخ ” نقض مدني في 19/4/1978، مجموعة المكتب الفني ، س 26، ص 264 وتقول أيضاً ” إذا سكت المشتري عن دفعات من المبيع متأخرة بسبب أزمة طرأت، ثم عاد بعد مدة طويلة عندما ارتفعت الأسعار يطالب بالمتأخر، لم يحق له ذلك، لأن سكوته دليل على نزوله عن حقه” مجموعة المكتب الفني ، 1/4/1990، س 31، ص 147.

[67] . وقد لا يكون العيب ظاهراً، لكن  البائع يثبت أن المشتري كان يستطيع أن يتبين العيب بنفسه بعناية الشخص المعتاد، وبالتالي يفترض أنه قام بفحصه ولم يعترض على ما رآه من عيب، ويفسر سكوته على أنه تنازل عن حقه… د. السنهوري، الوسيط، المرجع السابق، ص 727. ولا يقبل من المشتري في هذه الحالة ان يثبت أنه لم يفحص المبيع فعلاً ولم يتبين وجود العيب، فإن كان المطلوب منه هو أن يفحص المبيع وقت تسلمه بعناية الشخص المعتاد ، فإذا لم يفعل كان مقصراً، وهو الذي يتحمل تبعه تقصيره . انظر د. أحمد شوقي عبد الرحمن، ضمان العيوب الخفية في بيوع السيارات، المطبعة العربية الحديثة، القاهرة، 1983، ص 45.

 

وانظر د. محمد الزعبي، العقود المسماة، المرجع السابق، ص 395 وما بعدها، د. وهبة الزحيلي، العقود المسماة، المرجع المشار إليه سابقاً، ص 74.

 

[68] . المادة (513) مدني أردني في فقرتها الرابعة، وتقابلها المادة (447/2) مدني مصري .

[69] . ويقول د. السنهوري في هذا الصدد ” وقد يكون العيب موجوداً وقت البيع والمشتري لا يعلم به، ولكنه إذا علم به وقت التسليم ولم يعترض، سقط ضمان البائع. فالعيب الموجود في المبيع وقت البيع يجب إذن، حتى يضمنه البائع، أن يكون المشتري لا يعلمه لا وقت البيع ولا وقت التسليم، فإذا أثبت البائع أن المشتري كان يعلمه في أي وقت من هذين الوقتين  لم يكن ضامناً ” الوسيط، ص 728.

[70] .  وفي الفقه الإسلامي ذهب فقهاء الحنفية  والشافعية والمالكية ورواية للحنابلة، إلى أن سكوت المتعاقد في البيع إذا علم بالعيب يعد رضاً منه بالمبيع، ويوجد اتجاه آخر للظاهرية ورواية للحنابلة ورأي للزيدية يذهب إلى أن السكوت لا يعتبر رضاً بالعيب . انظر ابن عابدين، رد المحتار على الدر المختار ج5، ص 34، وانظر سليم رستم باز في شرحه للمجلة المرجع السابق ، المادتين (336-355) ص 179 وما بعدها .

[71] . د. محمد الزعبي، العقود المسماة، المرجع السابق، ص 333.

[72] . د. السنهوري، الوسيط، المرجع السابق، ج4، ص 623.

[73] . انظر المادة (506/1) من القانون المدني الأردني. وأيضاً المواد ( 439-446) من القانون المدني المصري.

[74] . د. توفيق حسن فرج، أثر حسن النية على رجوع المشتري بالضمان، مجلة الحقوق التي تصدرها جامعة الإسكندرية، العدد الأول، 1970، ص 221، وقد نص القانون المدني المصري في المادة 445، على أن (ويفترض في حق الارتفاق أن البائع قد اشترط عدم الضمان إذا كان هذا الحق ظاهراً، أو كان البائع قد أبان عنه للمشتري.  وانظر نص المادة (506/1) من القانون المدني الأردني التي جاء فيها ( ولا يصح اشتراط عدم ضمان البائع للثمن عند استحقاق المبيع ويفسد البيع بهذا الشرط) وانظر تعليق د. محمد الزعبي على هذا النص في مؤلفه المشار إليه، ص 390، وما بعدها.

[75] . انظر المواد من 473 وحتى 476 مدني مصري.

[76] . د. محمد الزعبي، العقود المسماة، مشار إليه سابقاً، ص 526.

[77] . تقابل المادة (482) مدني مصري.

[78] . د. السنهوري، الوسيط، المرجع السابق ، ص 865.

[79] .  د. وهبة الزحيلي، العقود المسماة، مشار إليه سابقاً، ص 132.

[80]. د. محمد الزعبي، مؤلفه المشار إليه سابقاً، ص 108، وما بعدها.

]]>
طبيعة الدفع بالتحكيم في الخصومة المدنية(دراسة مقارنة بين القانونين الأردني والمقارن) https://www.a7wallaw.com/15824 Wed, 01 Dec 2021 19:11:09 +0000 https://www.a7wallaw.com/?p=15824 ملخص

الاتفاق على عرض النزاع على محكمين هو اتفاق من نوع خاص ذو طبيعة قضائية من بعض الوجوه ويستمد قوته القانونية من اتفاق الأفراد عليه كمظهر لسلطان إرادتهم ومباركة المشرّع لهذا الاتفاق، وكما يذهب الفقه المقارن فإنه يترتّب على هذا الاتفاق أثر مزدوج يتمثل في جانبه الإيجابي حق الخصوم في اختيار طريق التحكيم لفض النزاع الذي نشأ أو قد ينشأ بينهم والمشمول باتفاق التحكيم مع الانصياع للحكم الصادر عن المحكمين، أمّا في جانبه السلبي فيتمثّل في امتناع الخصوم عن طرق باب المحكمة المختصة ما دام التحكيم قائماً وصحيحاً وقابلاً للوصول بالنزاع إلى ما يشبه الحسم الذي يحققه الحكم القضائي.

وقد رأينا أنّ المشرّع الأردني قد أعطى المحكمة – كأثر لقبول الدفع بالتحكيم _ الحق في توقيف الإجراءات وأن قضاء التمييز قد رتّب على ذلك إنهاء الخصومة واعتبارها كأن لم تكن الأمر الذي يخالف نظام وقف الخصومة بالمعنى الذي أشارت إليه المادتان (122 و 123) من قانون أصول المحاكمات المدنية ويتعذر القول به ما لم يكن الوقف مرادفاً لردّ الدعوى أو عدم قبولها. وكان تقديرنا أن اجتهاد محكمة التمييز قد وقع تحت تأثير قانون أصول المحاكمات الحقوقية الملغي الذي لم يألف نظام وقف الخصومة بالمعنى الذي تبنّاه القانون الحالي.

وعندما انتقلنا إلى الحديث عن طبيعة الدفع بالتحكيم رأينا أن جمهور الفقه المقارن يميّز بين طوائف ثلاث : دفوع شكلية أو إجرائية تتعلق بشكل وإجراءات الخصومة، ودفوع موضوعية تتناول أصل الحق المتنازع عليه، ودفوع بعدم القبول تتعلق بحق الدعوى كحق متميز وتتأسس على عدم استيفاء أحد الشروط أو المقتضيات التي يتطلبها القانون لقبول الدعوى. وقد استعرضنا اتجاهات الفقه بهذا الصدد وتبيّن لنا أنها تصب في اتجاهين رئيسين أحدهما يعتبر الدفع بالتحكيم من قبيل الدفوع الإجرائية وتحديداً عدم الاختصاص، والثاني يدخله في دائرة عدم القبول ولكل ذرائعه وأسانيده، وقد رجحنا الرأي الذي ينادي بفكرة عدم القبول، وتأسيساً على ما تقدم دعونا إلى ضرورة تعديل نص المادة السادسة من قانون التحكيم الأردني بما يسمح بإعمال فكرة عدم القبول في حالة الدفع بوجود الاتفاق على التحكيم بحسبانه أحد صور هذا الدفع وهي نفس الوجهة التي انتهى إليها قضاء محكمة التمييز الأردنية مؤخراً.

 

توطئة :

الدعوى ليست الوسيلة الوحيدة لفض النزاع بين الفرقاء، فقد أفسح المشرّع الإجرائي المجال للخصوم لكي يستعيضوا عنها بوسيلة أخرى معتبرة يمكن أن تؤدي في حالة نجاحها إلى فض النزاع والوصول به إلى ما يشبه النتائج التي تتمخض عن الحكم القضائي، وذلك إذا ما اختاروا طريق التحكيم الذي يستمد مشروعيته من اتفاقهم – أي الخصوم – على ولوجه ومباركة المشرّع لهذا الاتفاق، فإذا ما أخفق لسبب من الأسباب كان لهم الحق في العودة لاستخدام الدعوى كأصل عام، فما هو التحكيم وما هي آثاره؟ وما هي وجهة نظر الفقه واجتهادات القضاء بصدد تحديد طبيعة الدفع به؟ هذا ما سأحاول أن أجليه في هذه الدراسة التي تستمد أهميتها من الاعتبارات العملية واتجاهات التشريعات المقارنة التي لا تجد غضاضة في تشجيع اتباع طريق التحكيم لما يؤدي إليه من نتائج إيجابية وما يحققه من دور لا يقل أهمية عن الدور الذي يضطلع به القضاء من حيث حسم موضوع النزاع المشمول به فضلاً عن اقتصاده في الجهد والنفقات وادخار مرفق القضاء – صاحب الولاية العامة – لما هو أجدى وأحقّ بحمايته ورعايته .

وسنعالج هذا الموضوع في فصلين نتناول في أحدهما ماهية التحكيم وآثاره، فيما نكرس الاخر للحديث عن طبيعة الدفع بالتحكيم. مشيراً في هذا المقام إلى أنه ونظراً لندرة ما كتب في الفقه الأردني حول هذا الموضوع فإنني لم أجد مناصاً من الاستعانة بالدراسة المقارنة لإغناء مادة البحث العلمي واستكمال حلقاته متوخياً في حدود استطاعتي – الوصول إلى نتائج عملية لعلّها تشفع لي لدى المتلقي الكريم، والله من وراء القصد .

 

 

الفصل الأول

ماهية التحكيم وآثاره القانونية

 

سنتعرض في هذا الفصل لتحديد ماهية التحكيم وطبيعته وآثاره القانونية، وذلك في المباحث التالية:

المبحث الأول : ماهية الاتفاق على التحكيم .

المبحث الثاني : الطبيعة القانونية للاتفاق على التحكيم.

المبحث الثالث : أثر الاتفاق على التحكيم.

 

 

المبحث الأول

ماهية الاتفاق على التحكيم

 

يثير الحديث حول ماهية التحكيم الموضوعات التالية :

  • ماهية التحكيم .
  • التحكيم في الفقه الإسلامي .
  • أنواع التحكيم .
  • الفرق بين التحكيم والصلح.

 وسنتناول هذه الموضوعات تباعاُ في المطالب التالية :

ن أصول المحاكمات المدنية ويتعذّ

المطلب الأول

مفهوم التحكيم(1)

 

التحكيم اصطلاحاً هو تولية الخصمين حكماً بينهما، أي اختيار ذوي الشأن شخصاً أو أكثر للحكم فيما تنازعا فيه دون أن يكون للمحكّم ولاية القضاء بينهما(2). لم يشذ تعريف التحكيم عند فقهاء القانون الوضعي عن التعريف المتقدّم، فهو عندهم لا يزيد عن اتفاق ذوي الشأن على عرض نزاع معين قائم بينهما على فرد أو افراد أو هيئة للفصل فيه بعيداً عن المحكمة المختصة(3).

وهو بهذا المعنى لا يعدو أن يكون وسيلة قانونية أفسح لها المشرّع المجال للفصل في المنازعات المتّفق على عرضها على التحكيم كنظام بديل للقضاء لا يخلو من مزايا وبحيث ينتهي إلى حكم يتقيّد به الفرقاء ويؤدي إلى حسم النزاع الذي شجر بينهم شأنه في ذلك شأن القضاء(4) ولكن بسرعة ملحوظة وبقدر اقل من الجهد والنفقات(5).

وإذ يتجنّب الخصوم الالتجاء إلى المحاكم إنما يلتزمون فيما بينهم بطرح النزاع على محكّم أو أكثر للفصل فيه بحكم ملزم الأمر الذي قد يرد في صلب عقد معين يذكر فيه شرط التحكيم وقد يثار بمناسبة نزاع فيجنحان إلى حسمه عن طريق ما يسمى باتفاق أو مشارطة التحكيم(6).

والخصم المحكّم لا ينزل بمقتضاه عن حماية القانون واللجوء إلى القضاء فذلك ممّا لا يجوز الاعتداد به لمعارضته للنظام العام الذي يقدّس حق التقاضي كواحد من الحريات الأساسية التي كفلها الدستور(7) وإنا يمنح الحكم سلطة الحكم في النزاع بدلاً من المحكمة صاحبة الاختصاص أصلاً بحيث إذا لم ينفّذ اتفاق التحكيم لأي سبب عادت إلى المحكمة سلطتها للفصل في النزاع الذي شمله التحكيم(8). وإذا ما حسم النزاع من قبل المحكّمين تعذر على المحكّمين تجديده أو المضي في الدعوى التي كانت مرفوعة بما تم حسمه تحكيماً(9).

وعلى النقيض من المشرّع المصري الذي تحاشى في قانون المرافعات(9م) الخوض في تعريف التحكيم ذهبت المادة الثانية من قانون التحكيم الأردني رقم (18)  لسنة 1953 إلى القول بأنّ عبارة اتفاق التحكيم تعني “الاتفاق الخطّي المتضمّن إحالة الخلافات القائمة أو المقبلة على التحكيم سواءً أكان اسم المحكم أو المحكمين مذكوراً في الاتفاق أم لا”. كما عرّفته محكمة التمييز الأردنية بقوله إنّ التحكيم بمعناه القانوني هو :”احتكام الخصوم إلى شخص أو أكثر لفض النزاع بينهما”(10). على أن يكون هذا الاتفاق خطياً وفقاً لأحكام القانون(11).

وقد عرّفته محكمة النقض المصرية بأنه : “طريق استثنائي لفض الخصومات قوامه الخروج على طرق التقاضي العادية وما تكفله من ضمانات ومن ثم فهو مقصور حتماً على ما تنصرف إليه إرادة المحكمين لعرضه على هيئة التحكيم”(12). ويستفاد منه ترجيح رفع الأمر إلى التحكيم أولاً(13). وإذا كان مضمون التحكيم هو الاتفاق على حسم النزاع بواسطة محكّم فإنّ تعيين المحكّم شخصياً ليس شرطاً لازماً لقيام التحكيم في القانون الأردني بعكس ما هو عليه الحال في القانون المصري الذي يشترط لقيامه الاتفاق على شخص المحكّم في صلب عقد التحكيم أو في عقد مستقل(14).

وقد أعطى المشرّع الأردني لأطراف العلاقة وللمحكمة الحق في تعيين المحكّم والفيصل بحسب الأحوال ورتّب على ذلك ذات النتائج المقرّرة في حالة تعيين المحكّم باتفاق الطرفين(15).

ويمكن القول بأنّ التحكيم هو طريق آخر مكمّل للقضاء العادي يمكن اللجوء إليه  – فضلاً عن المحكمة المختصة – لفض النزاعات المشمولة به دون أن يسلب ذلك ولاية القضاء صاحب الاختصاص الاصيل ويخضع محله وسببه للقواعد العامة المقرّرة في القانون المدني(16).

 

 

المطلب الثاني

التحكيم في الفقه الإسلامي

 

اعترف فقهاء الشريعة بالتحكيم وبالاتفاق عليه وأجازوه في الحقوق التي يملك الأفراد حق التصرف فيها وهي في الغالب الأموال، وأخرجوه منه حقوق الله لأن التحكيم ضرب من التفويض ولا يصحّ إلا بما يملك المفوض فيه بنفسه ولا يصح فيما لا يملك. والتحكيم من وجهة نظر الفقه الإسلامي نوع من القضاء وحكم المحكّم كحكم القاضي، لذلك اشترط فقهاء الشريعة في المحكّم استيفاء أهلية القضاء وقت التحكيم وأن يتوافر لديه ما يجب توافره في القاضي ويستفاد من كتب الفقه الإسلامي جواز العدول عن التحكيم بعد الاتفاق عليه، على أن يتمّ ذلك قبل مباشرة المحكّم لمهمته. ومع ذلك يظل للاتفاق على التحكيم قوته الملزمة إذا تمّ انعقاده صحيحاً شأنه في ذلك شأن العقود ولا خلاف في هذه الحدود بين القانون الوضعي وأحكام الفقه الإسلامي .

 

المطلب الثالث

أنواع التحكيم

 

تفرّق بعض قوانين الأصول المدنية(18) بين نوعين من التحكيم، هما التحكيم بالصلح والتحكيم بالقضاء ولم يساير المشرع الأردني هذه القوانين في ذلك مغفلاً التعرّض للنوع الأول على أهمتيه(19). ومن ابرز النتائج العملية التي يرتّبها الفقه على هذه التفرقة: أنّ المحكّم بالقضاء يحكم وفقاً لقواعد القانون، أمّا المحكّم بالصلح فلا يتقيّد بذلك(20). كما أن التحكيم بالصلح لا يقبل التجزئة، فإذا زالت سلطة المحكّم لأي سبب دون أن يحسم النزاع برمّته اعتبر الحكم كأن لم يكن. أمّا في حالة التحكيم بالقضاء فتبقى الأحكام الصادرة عن المحكّم صحيحة ما لم تكن الخصومة غير قابلة للتجزئة بطبيعتها أو بحكم القانون(21).

ويتّفق نوعا التحكيم في وجوب تعيين أشخاص المحكّمين في الاتفاق على التحكيم أو في اتفاق مستقل(22) وفي أن يكون عددهم وتراً(23) وفي عدد التقيّد بإجراءات المرافعات إلا ما – ذكر منها في باب التحكيم(24)، وكذلك في عدم قابلية الحكم الصادر بموجبهما للاستئناف(25)، وإن كان من الجائز الطعن فيه بالتماس إعادة النظر(26) أو طلب بطلانه بدعوى مبتدأه ترفع بالأوضاع المعتادة(27) إلى المحكمة المختصة بنظر النزاع. والضابط في اعتبار المحكّم مفوّضاً بالصلح أو القضاء هو إرادة أطراف العلاقة الصريحة أو الضمنيّة بحسب الأحوال(28).

 

ولا مسوغ عندنا للخوض في هذه النتائج مع ملاحظة أنّ قانون التحكيم الأردني لم يشترط ذكر اسم المحكّم أو المحكّمين في الاتفاق كما لم يتطلب أن يكون العدد وتراً(29). ومن جانب آخر، فقد سار التشريعات السابقة في عدم إخضاع أحكام المحكّمين للطعن بأي طريق من طرق الطعن (الاعتراض والاستئناف والتمييز)(30)،  وأكثر من ذلك، لم يجز وبخلاف بعض التشريعات العربية(31) – طلب إعادة المحاكمة(32) القاصر على أحكام المحاكم الحائزة على حجّية الأمّر المقضي(33). وليست أحكام المحكمين من هذا القبيل. لكنّه أفسح المجال للخصوم لإقامة دعوى فسخ قرارات المحكّمين(34) وهي الدعوى التي تناظر دعوى البطلان المتاحة في القوانين الأخرى ولذات الأسباب(35). وتنص المادة – 13 –  من قانون التحكيم الأردني على أن المدّعي بدعوى الفسخ يجب أن يستند إلى قيام أحد من الأسباب التي يقع عليه عبء إثباتها وهي :

  • صدور الحكم بناءً على اتفاق تحكيم باطل.
  • صدور الحكم بعد فوات المدّة المحدّدة له .
  • خروج المحكّم عن حدود اتفاق التحكيم .
  • فقدان أهليّة أحد أطراف النزاع أو أحد المحكّمين أو الفيصل .
  • صدور الحكم عن محكّمين لم يعيّنوا طبقاً للقانون.
  • صدور الحكم من بعض المحكّمين من هيئة التحكيم دون الآخرين ودون أن يكون من صدر عنهم الحكم مفوّضين بذلك(36).

وإذا كانت قرارات المحكّمين لا تقبل الطعن بأي طريق، فإنّ الأحكام الصادرة من قبل محاكم الصلح والبداية والاستئناف بتصديق أو فسخ أو إعادة قرار المحّمين أو الفصيل، تقبل الطعن بالاستئناف والتمييز طبقاً للقواعد العامة المقرّرة للطعن في الأحكام(37).

 

 

المطلب الرابع

التحكيم والصلح

 

لا يعدّ التحكيم صلحاً وإن كان الأخير وسيلة لحل المنازعات، لكنّها وسيلة ذاتية يقوم بها الخصوم أنفسهم على هيئة عقد ينزل بمقتضاه كل منهم عن بعض أو كل ما يتمسّك به على وجه التقابل والتراضي(38). ولا نظير لذلك في الاتفاق الذي ينحصر في اختيار شخص أو أكثر للفصل في النزاع القائم بينهم عن طريق إصدار حكم حاسم وفق ما يراه المحكّم عادلاً طبقاً لقواعد القانون الموضوعي وظروف النزاع، وحتى لو اتفق الخصوم في عقد الصلح على اختيار شخص ثالث للتوفيق بينهم فإنه لا يعتبر محكّماً بل مجرد وسيط ومن ثم لا يكون الحل الذي ينتهي إليه ملزماً لأطراف النزاع إلا بقبولهم له(39). بعكس حكم المحكّم – الذي تحول حجّته المانعة دون إعادة مناقشة ما فصل فيه الحكم(40)، ومن ثمّ فهو يعدّ بمثابة سند تنفيذي متى صدر الأمر بتنفيذه ولا يكون الصلح كذلك إلا إذا ورد في محرّر موثّق، أو أقرّ به الخصوم أمام المحكمة وتمّ إثباته في محضر الجلسة(41).

ومن جهة ثانية فإنّ حكم المحكّمين يكون في بعض التشريعات قابلاً للطعن – في حدود معينة – بطرق الطعن المقرّرة. أمّا عقد الصلح فغير قابل للطعن بهذه الطرق وإن كان من الجائز بالنسبة لكليهما إقامة دعوى مبتدأة بالبطلان(42) الذي يوازي دعوى الفسخ في القانون الأردن كما أسلفنا.

 

 

المبحث الثاني

الطبيعة القانونية للتحكيم

 

تتردّد آراء الفقه المقارن بين النظريات الثلاث التالية :

  1. النظرية التعاقدية.
  2. النظرية القضائية .
  3. النظرية المختلطة.

 

المطلب الأول

النظرية التعاقدية(43)

 

الفرع الأول: مفهوم النظرية: تذهب هذه النظرية إلى أنّ التحكيم طبيعة تعاقدية وليست قضائية، فالهدف منه غالباً – إشباع رغبة الأفراد في حل نزاعاتهم بطريقة ودّية، وأساسه إرادة الأطراف في التصالح ويتم في صورته العادية وفقاً لقواعد العدالة واستثناءً وفقاً لقواعد القانون(44). ومن جهة أخرى فإنّ الأفراد باتفاقهم على التحكيم وإنّما يتّفقون ضمناً على التنازل عن الدعوى ويخوّلون المحكّم سلطة مصدرها إرادتهم، وسلطة تقوم على إرادة ذوي الشأن لا يمكن أن تكون قضائية. كذلك لا يمكن اعتبار سلطة المحكّم سلطة عامّة ما دام الأطراف الذين قاموا بتعيينه لا يتمتّعون بمثل هذه السلطة(45).

والمحكّم ليس قاضياً وإنما نائباً عن المحكّمين في إعلان إرادتهما بشأن ما يرد عليه النزاع من خلال تفسير الشروط العقدية طبقاً لإحساسه الذاتي بالعدالة(46)، وحتى في الأحوال التي يعيّن فيها المحكّم من جانب السلطة القضائية، يظل القول بالطبيعة القضائية للتحكيم غير وارد ما دام دور هذه السلطة لم يزد عن استعمال حق الأفراد في اختيار المحكّمين فحسب(47).

ويضيف أصحاب هذه النظرية في تبريرها بأنّ التحكيم يختلف في أهدافه عن القضاء، فبينما يرمي القضاء إلى تحقيق مصلحة عامة، يهدف التحكيم إلى تحقيق مصالح خاصة بأطرافه، وفيما يفترض القضاء عدم إرادة الخصوم الامتثال للقاعدة القانونية التي تحكمي مصلحة أحدهما في مواجهة الآخر، يرغب أطراف التحكيم بإرادتهم في إبعاد أي شك حول نطاق حقوقهم، ويؤازر القانون الوضعي هذه النظرية من حيث : أنّ الأصل في التحكيم أن يتمّ مع التفويض بالصلح وليس بالقضاء ومن ثمّ لا يتقيّد المحكّم بقواعد القانون بعكس القاضي الذي لا يملك غير تطبيق القانون، وأنه لا مفر من أن يكون القاضي وطنياً باعتبار ذلك من مظاهر السيادة التي تحرص عليها الدول، بعكس المحكّم الذي يمكن أن يكون أجنبياً. وإنه لا محل لاعتبار المحكّم – بخلاف القاضي – منكراً للعدالة إذا لم يقم بالواجب المناط به، وإذا أخطأ فلا محل لمخاصمته. ومن الممكن رفع دعوى أصلية ببطلان حكمه ما دام لا يقبل الطعن بطرق الطعن التي تخضع لها الأحكام القضائية وأبرزها الاستئناف(48).

الفرع الثاني : نقد النظرية التعاقدية(49): أخذ على هذه النظرية مغالاتها في إعطاء الدور الأساسي لإرادة الأطراف مع أن هؤلاء في واقع الأمر لا يطلبون من المحكّم الكشف عن إرادتهم وإنّما الكشف عن إرادة القانون في الحالة المعينة. حتى أنّ المحكّم وهو بصدد الفصل في النزاع على هدي إرادة القانون لا يلتفت إلى ما قد تكون إرادة الأطراف قد اتجهت إليه(50). وليس صحيحاً أن التحكيم وفقاً للعدالة هو الأصل العام وإنما التحكيم وفقاً للقانون أو التحكيم العادي هو القاعدة والأساس، أمّا التحكيم وفقاً للعدالة – أي التحكيم بالصلح – فلا يكون إلاّ على سبيل الاستثناء(51).

 

المطلب الثاني

نظرية الطبيعة القضائية للتحكيم

 

الفرع الأول، مفهوم النظرية:

ترى أنّ جوهر القضاء هو تطبيق إرادة القانون في الحالة المعينة بواسطة شخص لا تتوجّه إليه القاعدة القانونية التي يطبّقها. وبهذا المعنى يمكن اعتبار حكم المحكّمين قضاءً أيّاً كان المعيار الذي نعتمد عليه في تحديد العمل القضائي باستثناء معيار الهيئة مصدّرة العمل(52). وعندما يتّفق الأفراد على التحكيم فهم لا ينزلون عن الالتجاء إلى القضاء، وإنما ينزلون عن الالتجاء إلى القانون الرسمي لصالح قضاء آخر يختارون فيه قضاتهم وتعترف به الدولة، لهذا فالتحكيم نوع من أنواع القضاء(53).

وبهذا المعنى أخذت محكمة التمييز الأردنية وقضت في بعض أحكامها بأن إجراءات التحكيم هي من أعمال التقاضي التي تعتبر صحيحة إذا دل مظهرها على ذلك(54).

الفرع الثاني : نقد النظرية(55): قيل في نقد في هذه النظرية بأنّ المحكّم لا يتمتّع أثناء نظر النزاع بأهم سلطات القاضي وهي سلطة الجبر فلا يلزم شاهداً بالحضور أو يجبر خصماً على تقديم مستند تحت يده، وبأنّ القضاء من مظاهر السيادة بما يحتّم أن تستقل به الدولة، ناهيك عن وجود اختلاف في أحكام القانون الوضعي بين القضاة والتحكيم وبأن الأخير يرمي إلى حماية مصالح خاصة.

وقد ردّ أنصار النظرية القضائية على هذه الحجج بقولهم: أنّ السلطة لا تنقص المحكّم، ولأًنه لا يقوم بالقضاء بل يمارس قضاء من نوع خاص ولنفس هذه العلة فإنّ حكمه لا ينفذ جبراً إلا بأمر تنفيذ من الدولة صاحبة السيادة شأنه في ذلك شأن الحكم الصادر من دولة أجنبية، ولم يزعم أحد بأن الحكم الأجنبي ليس قضاء مع أن ذلك نتيجة منطقية لما نعي على حكم المحكّم من هذه الناحية(56)، وبالرغم من أن القضاء من مظاهر السيادة، إلاّ أنّه ليس ثمّة ما يمنع أن تعترف به الدولة لبعض الأشخاص وفي نطاق معين ومحدود كما في حالة التحكيم(57). وليس أدلّ على الصفة القضائية للتحكيم من أن المحكّم يقوم بتطبيق قواعد القانون الموضوعي(58) وإن القرار الذي يصدره يسمى حكماّ(59)، وتكون لهذا الحكم قوة الورقة الرسمية كما تكون له حجيّة الأمر المقضي، والأخيرة لا تمنح لغير الأحكام القضائية(60). أمّا أمر التنفيذ فإنه لا يضيف عنصراً جديداً إلى عمل المحكّم الذي يعدّ قضاء قبل أن يشمله أمر التنفيذ(61)، ويفسّره الحرص على رعاية المصلحة العامة – فضلاً عن المصلحة الخاصة – من خلال رقابة القضاء(62).

وفيما يختصّ بوجود اختلاف في أحكام القانون الوضعي بين القضاء والتحكيم فيرجع في حقيقة الأمر الى علّة واحدة وهي أنّ المحكّم وإن كان يقوم بالقضاء، إلاّ أنه لا يمثّل الدولة لهذا جاز أن يكون أجنبياً، كما أنه لا يعتبر ملزماً بإقامة القضاء في إقليمها ومن ثمّ لا يعدّ منكراً للعدالة إذا لم يصدر حكماً في الدعوى الماثلة أمامه(63) ولا يحول دون الصفة القضائية أن التحكيم يرمي إلى حماية مصالح خاصة، فذلكم هو شأن قضاء الدولة، ولعلّ من الأدقّ أن يُقال بأنّ حماية المصالح الخاصة هو هدف التحكيم، أمّا حكم المحكّمين فيرمي كحكم القضاء إلى تطبيق القانون(64).

 

 

المطلب الثالث

النظرية المختلطة(65)

 

الفرع الأول، مفهوم النظرية:

تتلخّص وجهتها في رفض كل من الطبيعة التعاقدية للتحكيم وكذلك الطبيعة القضائية، وترى أن القانون يخوّل الأفراد اختيار أشخاص للإعداد للقرار القضائي ليقوموا بتفويض من الخصوم بالبحث عن إرادته في الحالة محل النظر. وليس هذا البحث عملاً قضائياً ولكنه يكون أحد عنصريه، أمّا العنصر الثاني الذي لا يكتمل إلا به فهو عنصر الأمر الذي به تطبّق إرادة القانون التي بحث عنها وعيّنها قرار المحكّم. وسلطة الأمر غير موكولة إلى المحكّمين الذين ليست لهم ولاية القضاء لا أصلاً ولا تفويضاً من الدولة، وهي لا تكون إلا للقاضي الذي يطبّق القانون ويصدر أمر التنفيذ لحكم المحكّمين(66).

الفرع الثاني، نقد النظرية المختلطة :

 قيل في تفنيد حجج هذه النظرية ما يلي :

  1. ليس صحيحاً أن المحكم يبحث فقط في إرادة القانون وإنماّ يطبّقها ولا يحول دون هذا التطبيق أن المحكّم شخص خاص وليس في ذلك ما يمنع من اعتبار عمله قضاء يحتل موقعه إلى جانب قضاء الدولة(67)، وقريب منه القضاء الأجنبي الذي يعترف القانون الوطني بأحكامه(68).
  2. ولأنّ التحكيم نوع من القضاء تعيّن على المحكّم الالتزام بالمبادئ الأساسية التي يقوم عليها النظام القضائي، ومن أبرزها احترام حقوق الدفاع ومعاملة الخصوم على قدم المساواة واتخاذ الإجراءات في مواجهة الخصوم وبحضور جميع المحكّمين تحت طائلة البطلان(69).

 

 

المطلب الرابع

تقدير النظريات السابقة

 

نميل إلى تأييد الرأي القائل في تحديد طبيعة الاتفاق على التحكيم بأنه عقد خاص يتم باتفاق أطرافه ويعتبر مظهراً لسلطان إرادتهم وأنه لا يدخل في عداد الأعمال الإجرائية لأنّ اتفاق التحكيم يبرم في الأغلب الأعمّ من الحالات قبل بدء الخصومة فلا يمكن اعتباره من عناصرها، وبذلك لا يأخذ طبيعة أعمال الخصومة، ولا يعدّ بالتالي عملاً إجرائياً(70).

وبناءً عليه تعيّن إخضاعه لما تخضع له عقود القانون الخاص مستبعدين بالضرورة الشروط التي ينظمها القانون للأعمال الإجرائية فلا تسري عليه قواعد بطلان الأعمال الإجرائية وإنما البطلان الذي ينظمه القانون المدني(71).

وبالنسبة إلى حكم المحكّم، فإنّ النظر إلى المحكّم من زاوية أنه قضاء إجباري ملزم للخصومة متى اتفقوا عليه وأنه لا مناص من الخلاص منه وأنه يحل محل قضاء الدولة الإجباري، وأن المحكّم لا يعمل بإرادة الخصوم وحدها، كل ذلك يكشف لنا أن الصفة القضائية هي السمة الغالبة عليه، وأنّ حكم المحكّم لا يختلف عن العمل القضائي الصادر عن السلطة القضائية في الدولة(72)، ومع ذلك فهو مجرد أثر من آثار التعاقد(73)، ومن العسير اعتباره حكماً قضائياً بحتاً وإنما هو عمل قضائي ذو طبيعة خاصة لأنه لا يصدر عن السلطة القضائية ولا تتبع بصدده الإجراءات القضائية المتّبعة أمام المحاكم كما لا يصدر في ذات الصيغ والأشكال المعتمدة للأحكام القضائية ولا يتقيد بشأنه بقواعد القانون التقليدية المقننة وحسبه الاستئناس بقواعد العرف والعدالة(74). وهو بالنتيجة ينشأ جراء اتفاق الخصومة عليه اعمالاُ لمبدأ سلطان الإرادة في نطاق تنظمه إرادة المشرّع(75). وقد اعتبرت محكمة التمييز الاردنية خصومة التحكيم في مستوى خصومة القضاء، فقضت بأن الحقوق لا تكون محل منازعات جدية الا في خصومات على شكل قضايا معروضة على المحاكم أو المحكمين (76)، كما ذهبت الى ان المحكمين وهيئات التحكيم تستمد ولايتها من الدستور والقانون (77)، ويؤخذ على قضاء محكمة التمييز الاردنية اغفاله مباركة المشرع لاتفاقات الفرقاء التي ما كان من الممكن أن يكون لها الحق في تفويض المحكمين بالقضاء لو لم يقرها المشرع على ذلك، ولا فرق من هذه الناحية بين المحكمة والمحكمين فكلاهما يجري وفاقاً لارداة المشرع.

 

 

 

المبحث الثالث

آثار التحكيم

 

سنتعرض في هذا المبحث لوجهة نظر الفقه المقارن بخصوص الأثر المزدوج للتحكيم، ثم نستبين ما هو عليه الحال في ظل أحكام القانون الأردني، وتقدير ذلك في المطالب التالية :

المطلب الأول : الأثر المزدوج للتحكيم في الفقه المقارن.

المطلب الثاني : آثار التحكيم وفقاً لأحكام قانون التحكيم الأردني.

المطلب الثالث : تقدير موقف المشرّع الأردني بصدد أثر الدفع بالتحكيم.

 

 

المطلب الأول

الأثر المزدوج للتحكيم في الفقه المقارن

 

يذهب الققه المقارن إلى أن اتفاق التحكيم يتمخّض عن أثرين: الأول إيجابي، ويتمثل في حق أطرافه في طرق باب التحكيم، والثاني سلبي يحول دون قضاء الدولة ونظر المنازعة محل التحكيم(78). ويعبّر البعض عن ذلك بالنطاق المزدوج التحكيم الذي يخوّل في جانبه الإيجابي سلطة الالتجاء إلى إجراءات التحكيم لفضّ النزاع مع الطرف الآخر فيما يخوّل في جانبه السلبي سلطة منع الخصم من اللجوء إلى المحاكم لنظر النزاع الذي اتفق بصدده على التحكيم(79).

وبهذا المعنى يتحلّل إلى حق أطرافه في استبدال إجراءات التقاضي بإجراءات التحكيم أو استبدال قضاء الدولة بالمحكّمين(80). وتبدو أهمية وخطورة الجانب السلبي أو ما يُعرف بالأثر المانع لاتفاق التحكيم(81) في منع أطرافه من اللجوء إلى القضاء صاحب الولاية والاختصاص بشأن الفصل في المنازعة التي حدّدها الأطراف في هذا الاتفاق وكأنهم قد تنازلوا عن حقّهم في الالتجاء إلى القضاء بشأنها، وفي الوقت نفسه منعوا قضاء الدولة من نظرها إذا ما رفعت إليه من قبل أحد الخصوم(82).

على أنّ هذا المنع لا يكون إلا حيثما يكون التحكيم ممكناً، فإذا استحال لسبب من الأسباب جاز اللجوء إلى القضاء المختصّ صاحب الولاية العامة في نظر كافة المنازعات إلا ما استثني بنص خاص(83).

ومن الطبيعي أن ينحصر هذا المنع بين أطرافه وفقاً لما تقرّره القواعد العامة بخصوص نسبية أثر العقد وعدم سريانه في مواجهة الغير(84). وبناء عليه فإنّ رفع الدعوى أمام القضاء مع وجود اتفاق التحكيم الذي شمل المنازعة محل النظر يعطي للمدّعي عليه الحق في أن يدفع هذه الدعوى بوجود الاتفاق المذكور. وقد نظّم القانون الإجرائي كيفية إعمال الأثرين معاً من خلال خصوصمة قائمة عن طريق الدفع بالتحكيم باعتباره الاداة الفنية لتمسك الخصم – المدّعى عليه – بحقّه في ولوج التحكيم بصدد النزاع المطروح أمام المحكمة، ومن ثمّ غل يدها عن السير في نظر هذا النزاع(85). وإذا كان حق الخصم في التمسك بهذا الدفع بصدد أية منازعة مشمولة باتفاق التحكيم ليس محل خلاف أحد من الفقه، إلا أنّ تحديد طبيعة هذا الدفع والطائفة التي ينتمي إليها قد أثار الكثير من الجدل ولم تلتق اجتهادات الفقه بشأنه على كلمة سواء وهو ما سنعرض له في محلّه من هذه الدراسة(86).

 

المطلب الثاني

أثر التحكيم في القانون الأردني(87)

 

الفرع الأول

عدم جواز الرجوع عن اتفاق التحكيم

 

نصّت المادة الرابعة من قانون التحكيم الأردني على عدم جواز الرجوع عن اتفاق التحكيم إلا باتفاق الطرفين أو بموافقة المحكمة ما لم يذكر في الاتفاق خلاف ذلك ويكون لاتفاق التحكيم مفعول أي قرار صادر من المحكمة من جميع الوجوه. وبذلك فالرجوع عن اتفاق التحكيم لا يكون إلا بعد إبرامه وضمن شروط انعقاده كنوع من التقايل(88) وهو الأمر الجائز وفقاً للقواعد العامة(89). فضلاً عن قانون التحكيم. كما يجوز الرجوع عن هذا الاتفاق بموافقة المحكمة وهذه الحالة لا تختلف عن سابقتها إلا من حيث أنها تعرض بمناسبة نزاع مطروح أمام المحكمة وأثناء السير في الدعوى عندما يتراءى للخصوم الرجوع عن الاتفاق ولا تجد المحكمة غضاضة في موافقتهم على ذلك(90). وقد يضمّن الطرفان اتفاق التحكيم نصّاً في صلبه يجيز لهما الرجوع عن الاتفاق في غير الحالتين السابقتين تأسيساً على تحديد سريان الاتفاق ضمن مدّة محددة يكون كل منهما بعد انقضائها في حل من الاتفاق، أو جعله مشروطاً بتحقق أو عدم تحقق واقعة معينة، على أن تراعى في ذلك قواعد القانون والنظام العام(91).

ويمكن القول بأن المشرّع لم يكن بحاجة للنص في قانون التحكيم على عدم جواز الرجوع عن اتفاق التحكيم فليس فيما أورده في المادة الرابعة من هذا القانون ما يخرج عن حكم القواعد العامة(92).

 

 

الفرع الثاني

توقيف إجراءات الدعوى

 

جاء في المادة السادسة من قانون التحكيم الأردني بأنه إذا شرّع أحد فريقي التحكيم في اتخاذ إجراءات قانونية أمام أية محكمة كان للفريق الآخر – وقبل الدخول في أساس الدعوى – أن يطلب من المحكمة أن تصدر قراراً بتوقيف الإجراءات فإذا ما اقتنعت بأن الخصم المطالب بتوقيف الإجراءات كان مستعداً ولا يزال راغباً في اتخاذ التدابير اللازمة لانتظام سير التحكيم كما يجب وبأنه ليس هناك من يحول دون إحالة الأمر للتحكيم حسب الاتفاق. أصدرت قرارها بتوقيف تلك الإجراءات. وتتضمن هذه المادة الأحكام التالية :

  1. الإجراء المطلوب اتخاذه في حالة قبول المحكمة للدفع هو وقف الإجراءات وعدم السير في الدعوى فلا محل لآثاره هذا الدفع بعد الفصل في موضوع النزاع بعد أن يصبح اتفاق التحكيم في هذه الحالة غير ذي موضوع.
  2. شروط التمسّك بالدفع : يشترط للتمسك بهذا الدفع أن يثبت مقدمه قيام اتفاق التحكيم وأنه مستعد لاتخاذ التدابير اللازمة لانتظام سير التحكيم وأنه لا يوجد ما يحول دون إحالة النزاع إلى التحكيم(93). وعبء إثبات ذلك كله يقع على عاتق المدّعى عليه المتمسك بالدفع(94)، كما يشترط بداهة أن يباشر المدعي الإجراءات أمام المحكمة حول ذات موضوع النزاع محل التحكيم.ولا يعتّد بالدفع بالتحكيم إذا تضمّن الاتفاق على حل الخلافات بين أطرافه بواسطة التحكيم في بلد أجنبي رعاية للقضاء الوطني الذي يعدّ من النظام العام ولا يجوز للفرقاء الاتفاق على خلافه(95) .
  3. إذا قام أحد الفرقاء برفع دعوى مطالباً بحق اتفق على إحالته على التحكيم وشرع بالإجراءات القضائية لدى المحكمة غير آبه بخصمه المتمسّك بالتحكيم، كان للطرف الآخر – المدعى عليه – الدفع بوقف إجراءات الدعوى سواء بوشرت هذه الإجراءات أمام محكمة مختصة أم غير مختصة. وإن كان له في الحالة الثانية – إلى جانب الدفع بوقف الإجراءات أن يدفع بعدم الاختصاص(96) ولا يشترط أن يكون قد بوشر بإجراءات التحكيم ثم قام المدعي بتركها ورفع الأمر إلى القضاء العادي(97).
  4. وقت إبداء الدفع بالتحكيم : يتعين إبداء الدفع بالتحكيم قبل الدخول في أساس الدعوى؛(موضوعها) وهي المرحلة التي تلي التبليغ وتسبق الإجابة على لائحة الدعوى(98). فإذا دخل المدّعى عليه في الأساس وجادل فيه عدّ متنازلاً عن الدفع وكان بمثابة رجوع ضمني عن اتفاق التحكيم(99).

وإذا صدر الحكم لصالح المدعي من محكمة الدرجة الأولى بغياب المدعى عليه الذي لم يمثل في الدعوى أمام تلك المحكمة، وجب على الأخير إذا استأنف الحكم إثارة هذا الدفع في أول فرصة تتاح له بلائحة الاستئناف أو عد متنازعاً عنه وليس له بعد ذلك أن يجادل فيه(100).

ولا تجوز إثارته لأول مرّة أمام محكمة التمييز لعدم تعلّقه بالنظام العام ولكونه مقرّراً لحماية مصلحة الخصم.

وقد قيل(102) في تبرير وجوب تقديم هذا الدفع قبل الدخول في الأساس أنه حالة استثنائية من حالات الدفوع بعدم القبول التي يجوز تقديمها في جميع أدوار المحاكمة نزولاً عن إرادة النص القانوني الذي لا مفرّ من التقيّد به. وليس من السهل التسليم بهذه النظرة لأن أهم ما يميّز الدفع بعدم القبول هو إمكانية إبدائه في أية حالة تكون عليها الدعوى بعكس الدفع الإجرائي ما لم يكن متعلقاً بالنظام العام. ويبدو لنا أنّ هذا الحكم يتّفق ونظرة المشرّع الإجرائي الأردني الذي لم يكن يقيم وزناً للتفرقة بين أنواع الدفوع المختلفة فيما عدا تمييزه التقليدي بين دفوع تبدي قبل الدخول في الأساس ودفوع أخرى تثار بعد ذلك دون ناظم ينتظم أياً منها وكان الدفع بالتحكيم من الطائفة الأولى. مع أن تحديد وقت إبداء الدفع يتوقف على تحديد طبيعته أولاً وليس العكس.

وبصدور قانون أصول المحاكمات المدنية الحالي(16) وإلغاء نص المادة 16/ أصول حقوقية الذي كان مصدر إلهام المشرّع في صياغة المادة السادسة من قانون التحكيم، يصبح من الضروري إعادة النظر في وقت إبداء هذا الدفع بما يستقيم مع حكم القواعد العامة.

  1. مدى تعلّق الدفع بالتحكيم بالنظام العام: نظراً لأنّ كفّة المصلحة الخاصة المحمية باتفاق التحكيم هي الأرجح، فقد اعتبر هذا الدفع غير متعلّق بالنظام العام فلا توز إثارته ألاّ بناء على طلب الخصوم ولا تقضي فيه المحكمة من تلقاء نفسها. ولا تثريب عليها إن هي قرارت المضي قدماَ في الدعوى بالرغم من وجود اتفاق التحكيم ما دام أحد من الخصوم لم يطلب إليها توقيف إجراءات الدعوى(104).

 

 

الفرع الثالث

الدفع بالتحكيم والدفع بالإحالة

 

لا محل للقول بوجوب الدفع بالإحالة لقيام ذات النزاع أمام المحكّم والمحكمة لعدم جواز إدلاء الدفع بالإحالة أمام هيئة تحكيم أو أمام المحكمة التي رفعت إليها الدعوى بقصد إحالة الدعوى من هذه إلى تلك أو العكس لاختلاف الإجراءات المعتمدة في كليهما ولأنّ القاعدة أنّ الإحالة لا تجوز إلا بين المحاكم في نطاق الجهة القضائية الواحدة ما لم ينص القانون على خلاف ذلك(105) ولا يغيّر من الأمر شيئاً أن تكون الخصومة قائمة أمام المحكم وأمام المحكمة في آن واحد أو أمام أحدهما فحسب، ويستوي أن يكون ذلك قبل رفع الأمر إلى القضاء أم بعده(106).

 

الفرع الرابع

أثر التحكيم على مرور الزمن

 

ثمة من يفرّق(107) بين إحالة النزاع إلى التحكيم قبل اللجوء إلى القضاء وبعد، ويرتّب على الحالة الأولى قطع مدّة التقادم برفع الدعوى إلى القضاء بحسبانها مطالبة بالحق، فيما يرتب على التحكيم – في حد ذاته – وقف التقادم باعتباره سبباً يمنع الخصم من اللجوء إلى القضاء ويصدق عليه وصف الأعذار الشرعية الموقفة لمرور الزمن.

وهناك(108) من يرى أنّ الاتفاق على التحكيم قبل رفع الدعوى إلى القضاء يقطع مدّة التقادم لكونه هو الآخر مانعاً يحول دون الالتجاء إلى القضاء، ويعتبر بمثابة مطالبة بالحق فلا بتدأ مدّة جديدة للتقادم إلا بسقوط مشارطة التحكيم أو انقضاء الخصومة أمام المحكمة بغير حكم في موضوعها أو بعد إعلان الحكم البات الصادر من المحكم أو المحكمة بحسب الأحوال.

ويبرر الاتجاه الأول نظريته بأنّ نصوص القانون الأردني لا تسمح باعتبار التحكيم نوعاً من المطالبة بالحق وأنه لا ينبغي التوسّع بمفهوم المطالبة القضائية المشار إليها في نص المادة 440/مدني أردني ليخلص إلى أن إحالة النزاع إلى التحكيم لا يخرج عن العذر القانوني الذي يوقف مدة مدة مرور الزمن فحسب(109).

ولعل الاختلاف في وجهتي النظر السابقتين يرجع الى الاختلاف في تحديد ماهية التحكيم، فالرأي الذي يعتبره مجرد اتفاق عادي خال من الصفة القضائية لا يرى فيه نوعاً من المطالبة القضائية بالحق، أما الرأي الاخر الذي ينظر اليه كطريق مواز للقضاء تنصهر فيه ارادة اطرافه ورغبة المشرع في أن يكون كذلك، هذا الرأي لا يتردد في اعتباره نوعاً من المطالبة القضائية ولكن بأسلوب خاص يرتب ذات الاثار القانونية ومنها ما يتعلق بقطع التقادم، ولعل اجتهاد محكمة التمييز الاردنية اقرب الى الاخذ بهذا الرأي (110).

 

المطلب الثاني

تقدير أثر التحكيم في القانون الأردني

 

كان نص المادة (16) من قانون أصول المحاكمات الحقوقية القديم قد أورد الدفع بالتحكيم من بين الحالات التي تجيز للخصوم طلب ردّ الدعوى قبل الدخول في الأساس ومع ذلك فإنّ نص المادة السادسة من قانون التحكيم – وهو قانون خاص مقيّد – قد أجاز للفريق الآخر – المدعى عليه- الطلب إلى المحكمة بوقف الإجراءات، فكان المدّعى عليه بالخيار بين أن يطلب ردّ الدعوى قبل الدخول في الأساس عملاً بأحكام المادة 16/ أصول قديم أو وقف إجراءات الدعوى عملاً بأحكام المادة السادسة من قانون التحكيم. وبصدور قانون أصول المحاكمات المدنية الحالي الذي أعاد صياغة المادة(16) من القانون الملغي على النحو الوارد في المادة 109/ أصول مدنية جديد بحذف الفقرة الأخيرة التي كانت تسمح بإدراج الدفع بالتحكيم ضمن الحالات التي تستدعي ردّ الدعوى قبل التعرّض للموضوع وذلك على سبيل الحصر – وبهذا التعديل أصبح أثر قبول الدفع بالتحكيم منوطاً بحكم المادة السادسة سالفة الذكر دون سواها ولم يعد ثمة مسوغ للحديث عن حكم بردّ الدعوى(111).

وبالرغم من أنّ حكم القانون يحصر أثر الدفع بالتحكيم بوقف الإجراءات إذا ما توافرت شروطه واقتنعت به المحكمة وقبلته، إلاّ أنّ قضاء التمييز قد ذهب إلى أبعد من ذلك وابتدع حكماً غريباً جاء فيه بأنّ الحكم الذي تصدره المحكمة بتوقيف الإجراءات القضائية لوجود شرط يوجب حل النزاع بطريق التحكيم ينهي الدعوى ويزيل الخصومة ويجعلها كأن لم تكن، وانّ المدّعي بعد صدور الحكم بتوقيف الإجراءات القضائية استناداً للمادة السادسة من قانون التحكيم لا يملك الحق بمتابعة الدعوى بل لا بدّ له من اقامة دعوى جديدة ودفع الرسوم عنها عند وجود سبب يحول دون الفصل في النزاع بطريق التحكيم(112).

ووجه الغرابة في هذا الاجتهاد هو زعمه بأنّ توقيف الإجراءات القضائية ينهي الدعوى ويزيل الخصومة ويجعلها كأن لم تكن، فلا يملك المدّعي متابعة الدعوى إذا تعذّر الفصل في النزاع بطريق التحكيم بل لا بد ّ له من اقامة دعوى جديدة، وكأن وقف الاجراءات مرادف لرد الدعوى الذي يرتب هذه النتائج بالرغم من أن قضاء هذه المحكمة يصر على أن الحكم المتعين صدوره في حالة قبول الدفع بالتحكيم هو وقف الاجراءات وليس رد الدعوى (113).

ثم إنّ وقف الدعوى (أو وقف الخصومة أو وقف الإجراءات) هو نظام إجرائي يقتصر أثره على تعليق الحكم في موضوعها لسبب ما يكون للخصوم بعده طلب السير والمضي في الدعوى من النقطة التي توقفت عندها. وتملك المحكمة الحق في وقف الدعوى إذا رأت تعليق الحكم في موضوعها على الفصل في مسألة أخرى يتوقف عليها الحكم في الموضوع، فإذا زال سبب الوقف كان لأي من الخصوم طلب السير في الدعوى(114)، كما يملك الخصوم وقف الدعوى بناءً على اتفاقهم ولمدة لاتزيد على ستة أشهر من تاريخ إقرار المحكمة لاتفاقهم، فإذا لم يتقدّم أحدهم بطلب السير في الدعوى خلال الأيام الثمانية التالية لنهاية الأجل سقطت الدعوى(115). ومن جهة ثالثة توقف الدعوى بحكم القانون في حالة وفاة أحد الخصوم أو فقده أهلية الخصومة أو زوال صفة من كان يباشرها(116).

ونظام وقف الخصومة لا يحتمل أكثر من هذا المعنى ولا يترتب عليه إنهاء الدعوى وزوال الخصومة، وهذه نتائج ترتب على نظام إجرائي آخر هو سقوط الخصومة بمضي المدة(117) الذي يجيز لكل ذي مصلحة من الخصوم في حالة عدم السير في الدعوى بفعل المدّعي أو امتناعه أن يطلب الحكم بسقوط الخصومة متى انقضت سنة على آخر إجراء صحيح من إجراءات التقاضي، علماً بأنّ قانون أصول المحاكمات الأردني لم يأخذ بهذا النظام، وهو غير إسقاط الدعوى الذي يبرّر للمحكمة إسقاط الدعوى في بعض الحالات(118). والدفع بالتحكيم لا يعدو أن يكون مسألة تثار قبل الدخول في الأساس وقبوله يغني المحكمة عن المضي في إجراءات لم يعد لها مبرّر بعد أن أنيط أمر الفصل في النزاع بالمحكمين، ووقف الإجراءات لا ينهي بذاته الخصومة ويجعلها كأن لم تكن وإنما ردّ الدعوى أو عدم قبولها هو الذي يقود إلى هذه النتيجة لذلك فإنّ قضاء المحكمة إذا اقتصر على تقرير وقف الإجراءات فإنّ ذلك لا يعني غير وقف السير في الدعوى وهو ما يجعل إمكانية موالاتها والسير فيها ممكناً إذا تعذّر على المحكمين فصل النزاع، وفي هذه الحالة لا يكون هنالك من حاجة لرفع دعوى جديدة وإنما مواصلة السير في دعوى ما زالت قائمة ولم تقرّر المحكمة إسقاطها لسبب من الأسباب(119).

ويبدو أن قضاء التمييز وبتأثير اجتهادات الفقه والقضاء المصريين قد بات يرتب على قبول الدفع بالحكيم ذات الآثار التي يسمح بترتيبها قانون المرافعات المصري(120) غير المقيد بحكم مشابه للحكم الوارد في نص المادة السادسة من قانون التحكيم الأردني، فضلاً عن تأثره بنظرية عدم القبول حتى في ظل قانون أصول المحاكمات الحقوقية الملغي(121) الذي لم يكن يقيم وزناً للتفرقة بين الدفوع والأحكام الخاصة بكل منها، وهذا ما يفسّر إعمال نفس النتائج التي يرتّبها جمهور الفقه المصري على قبول الدفع بالتحكيم.

وإذا كان هنالك من يرى بأنّ وقف الإجراءات يعني رفع يد المحكمة عن نظر النزاع فتنتهي معه الدعوى بانتهاء المصلحة فيها(122)، فذلك من قبيل التزيد الذي يتجاوز المعنى الاصطلاحي لوقف الدعوى الذي لا يعني غير التوقف عن الاستمرار في إجراءات الخصومة بانتظار البت في مسألة أخرى، والدعوى لا تنتهي في حالة قبول الدفع بالتحكيم بصدور قرار بوقف الإجراءات(123)، بل لا بدّ لانتهائها من صدور قرار آخر مكمّل يقضي بردّ الدعوى أو الحكم بعدم قبولها بحسب الأحوال، وذلك إمّا تأسيساً على أنها أصبحت غير ذات موضوع في حدود اتفاق التحكيم ينبئ بالضرورة عن تخلّف أحد شروط قبول الدعوى وهو أن لا يكون قد اتفق بصدد موضوعها على التحكيم الأمر الذي يبرّر الحكم بعدم قبولها في هذه الحالة(124).

ومن جهة ثانية، فإنّ الدعوى لا تنتهي بانتهاء المصلحة فيها إلا بعدما تقرر المحكمة عدم قبولها لانتفاء المصلحة في رفعها وليس لمجرد توقيف الإجراءات الذي يعني في صحيح النظر وقف السير في إجراءات الخصومة بانتظار حسم النزاع من قبل المحكمين، وشتّان بين الحكم بعدم قبول الدعوى، والحكم بوقف إجراءات الخصومة، سواء من حيث الأسباب التي يقومان عليها أو النتائج المترتبة على كل منهما، ومن ناحية ثالثة، فقد يظل للخصم مصلحة في حسم النزاع عن طريق القضاء حتى بعد إحالة الأمر إلى المحكمين على أمل أن يقضي له بأفضل من قضاء هيئة التحكيم فلا يقوم وقف الإجراءات وإناطة حسم النزاع بالمحكمين وحده شاهداً على انتفاء المصلحة، ومن ثمّ إنهاء الدعوى أو عدم قبولها.

أما إعطاء وقف الإجراءات المعنى الذي ذهبت إليه محكمة التمييز بدلالة المادة (168) من قانون أصول المحاكمات الحقوقية الملغي التي أجازت للمدّعي عليه بمبلغ دين أو تعويضات أن يقوم بدفع هذه المبالغ للمحكمة تسديداً للادعاء ضمن الشروط المنصوص عليها في هذه المادة. وكذلك المادة (170) من نفس القانون الملغي التي أقّرت للمدّعي قبول تسديد الدين أو التعويض بواسطة المحكمة وعندئذ توقف إجراءات الدعوى بصريح نص المادة الأخيرة(125) – وقد تردّد نفس الحكم في القانون الحالي(126) – مثل هذا المعنى يتجاوز حدود المفهو الاصطلاحي لوقف الخصومة الذي يؤخذ على المشرّع لا سيّما بعد إلغاء القانون القديم وصدور القانون المعمول به حالياً والذي اعتمد في صياغته الجديدة على ترديد العديد من المفاهيم والأنظمة القانونية الواردة في قانون المرافعات المصري ومن بينها وقف الخصومة(127). ولم يعد مقبولاً مع هذا التعديل الإبقاء على نص المادتين (168 و 170/ أصول حقوقية) وبعثهما في القانون الجديد بعد أن أصبح لوقف الخصومة معنى اصطلاحي متميز لم يغب عن بال المشرّع الأردني عندما قام باقتباسه من نظيره المصري.

 

إلى جانب أنّ هذا الاستشهاد ليس حاسماً بصدد الدفع بالتحكيم، ففي حالة استيفاء مبلغ الدين أو التعويض المقامة به الدعوى ينتفي سببها. وقد استوفى المدّعي حقّه لم يعد ثمة مبرر لقيامه وعندئذ يصبح من السائغ حمل عبارة وقف الإجراءات على المعنى الذي يفيد إنهاء الدعوى، وقد انتفت مصلحة المدّعي في بقائها دو مسوغ لأن غايته من الدعوى أن يقضي له بالدين أو التعويض وقد استوفاهما. أمّا في حالة الدفع بالتحكيم فإنّ وقف الإجراءات وإحالة النزاع إلى المحكمين لا يحقّقان مصلحته بالضرورة ويتوقف الأمر على ما سيؤول إليه حكم المحكمين، لذلك يتعذّر القول بانتفاء المصلحة قبل صدور الحكم ويصبح تأويل وقف الإجراءات على أنه إنهاء للدعوى في غير محله، فضلاً عن تجاهله للمعنى الاصطلاحي المعمول به فقهاً وقضاءً وتشريعاً. وإذا كان هنالك من عذر للمشرّع في أن القانون الملغي لم يكن يتضمّن نظام وقف الدعوى، فإنه لا عذر له في ظل القانون الحالي بعد أن قام بتقنين هذا النظام متأسياً بالمشرّع المصري(128). لذلك كان من المتعيّن على المشرّع أن يحدّد أجلاً يقرّر بعده إسقاط الدعوى إذا لم يحسم النزاع تحكيماً ويكون للمدّعي خلال الأجل المحدّد مواصلة الخصومة من النقطة التي توقفت عندها. ولا خلاف في أنّ فشل التحكيم أو رجوع أطرافه عنه لا يمنع من العودة مجدداً إلى المحكمة المختصة فتعود لها الولاية في نظرها(129). ولا يفرّق القانون بين حالتي الاتفاق على التحكيم قبل عرض النزاع على القضاء أو بعده، ففي كلتيهما يترتب على قبول الدفع وقف إجراءات الدعوى.

 

ومع ذلك فهنالك من يفرّق بينهما من حيث السبب الموجب للوقف، فيردّه في الحالة الأولى لعدم قبول الدعوى، وفي الثانية لاتفاق الطرفين على التحكيم(130). ولا نجد مبرراً لهذه التفرقة لأن وقف الإجراءات في الحالتين مردّه الاتفاق على التحكيم الذي يؤكد رغبة أطراف النزاع في طرق باب آخر غير باب القضاء العادي لحل النزاع المشمول باتفاق التحكيم. كما أن وقف الإجراءات لا يتطلب حتماً عدم قبول الدعوى وإنما قبول الدفع بالتحكيم هو الذي يؤدي بالضرورة إلى ردّها أو عدم قبولها، لأنه من غير المتصوّر – منطقياً – أن يقبل الدفع بالاعتداد باتفاق التحكيم وتستمر المحكمة في نظر الدعوى وليس غاية هذا الدفع تنحية المحكمة عن نظر الموضوع واناطته بالمحكمين سواء اتم الاتفاق على التحكيم قبل عرض النزاع على المحكمة المختصة أو بعده. أمّا وقف الإجراءات فغير لازم في هذه الحالة بمعناه الاصطلاحي ما لم يكن المقصود منه إنهاء الدعوى وعدم الاستمرار في موالاتها فيصبح مرادفاً لمصطلح عدم القبول ويرتب نفس نتائجه ولا تختلف هذه النتائج إذا ما تمّ الاتفاق على التحكيم بعد عرض النزاع على ساحة القضاء فيما عدا أنّ الاتفاق على التحكيم في الحالة الأخيرة لا يدع مجالاً لإثارة الدفع بالتحكيم الذي يفترض تمسّك أحد الفريقين بالاتفاق وتجاهله من الفريق الآخر بخلاف هذه الحالة التي يتمسّك فيها الطرفان بالتحكيم بما يعنيه ذلك من رغبة المدعي في ترك دعواه بموافقة المدعى عليه فيكون لهما طلب إسقاطها عملاً بأحكام المادة (126) من قانون أصول المحاكمات المدنية، وليس في طلب توقيف الإجراءات وفقاً لحكم المادة السادسة من قانون التحكيم ما يزيد على ذلك مع مراعاة أن حكم المادة 126/ أصول أكثر مرونة وأيسر على المتداعين، فمجرد الاتفاق على التحكيم لا يكفي وحده لوقف الإجراءات وإنما قبول المحكمة للدفع به واقتناعها بإمكانية حسم النزاع عن طريقه هو الذي يشفع لها أن تقرّر عدم المضي في الدعوى بعد أن أحيل أمر الفصل في موضوعها لجهة أخرى معتبرة لتقضي بناءً على ذلك بوقف الإجراءات بنفس المعنى الذي يرمي إليه قضاؤها بردّ الدعوى. كما أن عدم القبول والاتفاق على التحكيم ليسا سببين مختلفين لنتيجة واحدة وإنما أحدهما (الاتفاق على التحكيم) مسوغ للآخر (عدم القبول)(131)، ومبرر أيضاً لوقف الإجراءات سواء بالمعنى الذي قصده المشرّع الأردني في المادة السادسة من قانون التحكيم والمؤيد باتجهادات القضاء الأردني الحديثة، أو بالمعنى الاصطلاحي المشار إليه في نص المادة (122) من قانون أصول المحكامات المدنية والذي أغفله قانون الحكيم. ويؤخذ على الرأي السابق تجاهله التفرقة بين أنواع الدفوع ومن ثمّ المصادرة على ما يفرّق بينها من أحكام، فالدفع بوقف الإجراءات نتيجة اتفاق التحكيم هو دفع إجرائي– شكلي -، أمّا الدفع بعدم قبول الدعوى لوجود اتفاق على التحكيم فدفع بعدم القبول مستقل عن الدفوع الشكلية وكذلك عن الدفوع الموضوعية، والدفع الشكلي مقرر لمن قصد القانون حمايته(132) (وهو المدّعى عليه في هذه الحالة) ما لم يكن متعلقاً بالنظام العام. أمّا الدفع بعدم القبول فمتاح لكل ذي مصلحة بمن فيهم المدعى عليه بالدفع بالتحكيم (المدعي في الدعوى التي يثار فيها هذا الدفع)، والدفع الشكلي يخضع إبداؤه لترتيب معين تحت طائلة سقوط الحق فيه، أمّا الدفع بعدم القبول فيجوز إبداؤه في أية حالة تكون عليها الدعوى(133). ومن جانب آخر فإن وقف الإجراءات في جميع الحالات المبرّرة يغل يد المحكمة عن نظر النزاع، لكنه قد يكون مؤقتاً لحين الفصل في سبب الوقف فتظل الخصومة قائمة، وقد يكون باتاً إذا كان بمعنى رد الدعوى، وفي هذه الحالة يتعذّر على المدعي متابعة دعواه ولا بدّ له من إقامة دعوى جديدة لفضّ النزاع الذي لم يحسمه أي من الدعوى السابقة – التي قضي بردّها أو بعدم قبولها – أو التحكيم الذي أخفق أو تمّ العدول عنه.

وعلى هذا الأساس فإن القول بأن وقف الإجراءات نتيجة الدفع بالتحكيم يمنع المدعي من متابعة دعواه دون حاجة لصدور حكم من المحكمة برد الدعوى(134) لا يمكن قبوله إلا  على أساس أن وقف الإجراءات قد ورد بمعنى خاص في المادة السادسة من قانون التحكيم الأردني مرادفاً للمعنى الاصطلاحي لردّ الدعوى. ويمكن تبرير هذا الزعم بأن قانون التحكيم الأردني قد صدر في ظل قانون أصول المحاكمات الحقوقية القديم الذي لم يألف نظام وقف الدعوى، أما وقد صدر قانون أصول المحاكمات المدنية المعمول به حالياً والذي أخذ بنظام وقف الدعوى بمعنى مغاير لما ورد في قانون التحكيم، فإن التمنّي على المشرّع بتعديل نص المادة السادسة من قانون التحكيم على الوجه الذي يسمح بوحدة وانسجام الفكر القانوني، يبدو مبرراً وسائغاً.

وتبقى الإشارة إلى أن الدفع بعدم القبول قد يرجع لأسباب قائمة قبل عرض النزاع على القضاء وقد يرجع لأسباب طارئة بعد ذلك وفي كليهما يقضي بعدم قبول الدعوى، لذلك فإن الاتفاق على التحكيم بعد عرض النزاع على القضاء لا يمنع المحكمة من الحكم بعدم القبول إذا توافرت أسبابه الموجبة وتمسّك به صاحب المصلحة تمامً كما تفعل لو تمّ الاتفاق على التحكيم قبل عرض النزاع أمامها، ويستوي لأعمال الدفع وطلب وقف الإجراءات أن يكون المحكّمون قد باشروا فعلاً نظر النزاع أو أنّهم ما زالوا بانتظار عرض الأمر عليهم(135).

 

 

 

الفصل الثاني

طبيعة الدفع بالتحكيم

 

سنتطرّق في هذا الفصل للحديث عن الدفوع بوجه عام وأهمية تحديد طبيعةالدفع في الخصومة المدنية، ثم نعرج على اجتهادات الفقه المقارن بخصوص طبيعة الدفع بالتحكيم وتقدير هذه الاجتهادات وذلك في البحثين التاليين:

المبحث الأول: الدفوع بوجه عام وأهمية التفرقة بينهما وموقف التشريع الأردني من تقسيمات الدفوع.

المبحث الثاني : طبيعة الدفع بالتحكيم من وجهة نظر الفقه المقارن وتقدير اجتهادات الفقه بشأنها.

 

 

 

المبحث الأول

الدفوع وأهمية تحديد طبيعتها

 

المطلب الأول الدفوع بوجه عام

الدفوع من الوسائل التي وفّرها حق الدفاع للمتقاضين، وحق الدفاع أحد أهم المبادئ التي يكفلها نظام التقاضي ولا يحيد عنها والدفع، وحق الدفاع عامّة من الوسائل المتاحة لعموم أطراف النزاع للذود عن حقوقهم ومراكزهم القانونية أمام القضاء. وإذا انتقلنا إلى مفهوم أكثر خصوصية وتحديداً يصبح الدفع وسيلة المدعى عليه في مقابل حق الدعوى التي أقامها المدعي. ويكون الدفع بهذه المثابة من عناصر المركز القانوني للخصم المدعى عليه. والدفع ليس وقفاً على المدعى عليه في الدعوى الأصلية، فقد يتطور النزاع ويتسع نطاق الخصومة بتقديم طلبات إضافية (عارضة) من قبل المدعى عليه فيصبح مدعياً بهذه الطلبات فيما يصبح المدعي الأصلي في الدعوى مدعى عليه بالطلبات العارضة فيكون له دفعها، ومع ذلك يظل الدفع وسيلة المدعى عليه في الدعوى أصلية كانت أم متقابلة. ويتميز الدفع عن الطلب القضائي بوجه عام بأنه يكاد يتوقف في مسعاه عند مطلوب الخصم – المدعي – دون أن يضيف إليه أو يتناوله بالتبديل والتغيير فلا يوسع من نطاق الخصومة ويقتصر دوره على التأثير في سيرها في حدود طلبات المدعي، فإذا زاد عليها كان ذلك تطويراً في دفاع المدعى عليه على هيئة ما يسمى بالدعاوى المتقابلة.

 

ويرمي الدفع إلى الرد على مزاعم الخصم بهدف إفشالها كلياً أو جزئياً بما يثيره من عقبات من الممكن إذا ما قدر لها النجاح – أن تحول بين المدعي وبين الوصول إلى غايته من طلب الحماية القضائية. فقد ينجح مقدم الدفع في حسم النزاع لصالحه كلياً أو جزئياً إذا تعلق الدفع بموضوع الزاع وقد ينجح إلى حين ثم تكون هناك جولة ثانية يتحدد في ضوئها سير الخصومة ووجه الحكم فيها وذلك حيثما يكون محل النزاع أموراً شكلية أو إجرائية، كما قد يتمثل النزاع في مسائل أخرى غير هذه وتلك وتحول دون نظر الموضوع وقد تحول دون العودة إليه أيضاً إذا تناول الدفع أحقية الخصم في إقامة الدعوى استناداً إلى عدم استيفاء ما يُعرف بشروط قبول الدعوى. وهكذا تتعدد أنواع الدفوع بحسب الهدف الذي تسعى إليه(136). فقد تهدف إلى منع المحكمة من القضاء للخصم بكل أو بعض مطلوبه حين تتصل بموضوع الدعوى وتكون عندئذ من الدفوع الموضوعية وقد تسعى إلى مجرد وضع عقبة إجرائية تتمثل في النعي على شكل وإجراءات الخصومة دون التعرض للموضوع فتكون دفوعاً إجرائية، وقد تنكر من جهة ثالثة على الخصم حقه في طلب حماية القضاء دون التعرض لموضوع الخصومة أو إجراءاتها فتكون دفوعاً بعدم القبول.

 

المطلب الثاني أهمية التفرقة بين الدفوع(137)

تتباين الأحكام المقررة لكل طائفة منها على النحو التالي :

  1. لا يخضع الإدلاء بالدفوع الموضوعية لنسق معين أو ترتيب زمني محدد ويجوز الإدلاء بها في أية حالة تكون عليها الدعوى، ويعتبر الحكم الصادر فيها فاصلاً في موضوع النزاع تستنفذ به محكمة أول درجة سلطتها في نظر الموضوع، ويجوز هذا الحكم حجية الأمر المقضي بما يحول دون تجديد النزاع في موضوعه.
  2. وعلى العكس من ذلك فإن الإدلاء بالدفوع الإجرائية يخضع إبداؤه لترتيب معين وفي زمن معين تحت طائلة السقوط ما لم يكن متعلقاً بالنظام العام ولا يعتبر الحكم الصادر فيها فاصلاً في موضوع النزاع ومن ثم لا يستنفذ سلطة محكمة الدرجة الأولى في الفصل في الموضوع. ففي حالة استئناف الحكم الصادر فيه وفسخه من قبل محكمة الدرجة الثانية يتعين إعادته إلى محكمة الدرجة الأولى لتقول كلمتها في موضوع النزاع. وتعرض محكمة الدرجة الثانية لموضوع النزاع يعتبر منها تصدياً ومصادرة لمبدأ التقاضي على درجتين. كذلك لا يحوز الحكم الصادر في هذه الدفوع حجية الأمر المقضي بالنسبة لموضوع النزاع وإن كان يحوز الحجية بالنسبة للمسألة التي فصل فيها وبالتالي لا يمنع من العودة لطرح موضوع النزاع مجدداً على المحكمة.
  3. أما الدفوع بعدم القبول فتقترب من الدفوع الموضوعية من حيث جواز ابدائها في أية حالة تكون عليها الدعوى(138) وإن التمسك بها لا يخضع لترتيب معين وتقترب فيما وراء ذلك من الدفوع الإجرائية من حيث عدم استنفاذ الحكم الصادر فيها لسلطة محكمة الموضوع وعدم حيازته لحجية الأمر المقضي إلا في حدود المسألة الفرعية التي فصل فيها (موضوع الدفع).

 

وهناك أحكام مشتركة ينبغي مراعاتها في سائر أنواع الدفوع وهي :

  • يخضع تقديم الدفوع على اختلافها لشروط، أهمها الصفة والمصلحة في تقديمها وأن تكون جوهرية وقانونية شأنها في ذلك شأن سائر الطلبات القضائية(139) وأن لا تكون مناقضة لما سبق صدوره من المدعى عليه أثناء الخصومة وأن لا تتّسم بالجهالة وعدم الوضوح(140) ويمكن الاستعاضة عن كل ذلك بأن يكون الدفع منتجاً وهو لا يكون كذلك إلا إذا استوفى كافة الشرائط السابقة. وجزاء تخلف شروط الدفع هو عدم قبوله دون تفرقة بين سائر أنواع الدفوع .
  • من أهم مظاهر حق الدفع التزام المحكمة بتمكين الخصم من إبدائه احتراماً لحقوق الدفاع وامتثالاً لحسن سير العدالة ويظل هذا الحق قائماً ما لم يسقط وإلى حين إقفال باب المرافعة. أما بعد ذلك فيتوقف على تقدير المحكمة، وعلى الأخيرة أن تتعرض في حكمها للدفع مسبباً إذا كان جوهرياً وإلا أمكنها تجاهله دون أن يعد ذلك منها قصوراً أو إخلالاً بحقوق الدفاع .

 

 

المطلب الثالث موقف التشريع الأردني من تقسيم الدفوع

يؤخذ على المشرّع الأردني أنّه لم يعن بالتفرقة بين أنواع الدفوع والأحكام التي يخضع لها كل منها(141) وقد جاءت معالجته لموضوع الدفوع في القانون الحالي على نحو جمع فيه بين بعض النصوص التي اقتبسها عن القانون المصري(142) وأحكاماً أخرى نقلها عن قانون أصول المحاكمات الحقوقية الملغي(143) دون أن يحرص على تبويب أحكامها أو أفراد نصوص خاصة بكل طائفة على حده، فجاءت أحكامه خليطاً غير متجانس، حتى أنه أخضع بعض الدفوع التي تنتمي إلى طوائف مختلفة إلى حكم واحد عندما قرر في المادة (109/2) بأنّ للخصوم استثناء من أحكام الفقرة السابقة(144) أن يطلبوا قبل التعرض لموضوع الدعوى الحكم بالدفوع التالية(145):

  • عدم الاختصاص المكاني.
  • بطلان أوراق تبليغ الدعوى .
  • كون القضية مقضية .
  • مرور الزمن.

 

ويلاحظ ان هذه القائمة من الدفوع تنتظم في صفوفها دفوعاً مختلفة:

شكلية (الدفع بعدم الاختصاص المكاني والدفع ببطلان أوراق تبليغ الدعوى)(146) ودفعاً بعدم القبول (الدفع بالقضية المقضية)(147) ودفعاً ثالثاً (الدفع بمرور الزمن) يتردد الفقه من اعتباره ما بين الدفع الموضوعي وفقاً لرأي(148) والدفع بعدم القبول وفقاً لرأي آخر(149). ومع ذلك فإن المشرّع الأردني لم يحفل بالتفرقة بينها، فقرّر ضرورة إبدائها جميعاً قبل الخوض في الموضوع، ومتجاهلاً أيضاً (بخصوص الدفع بمرور الزمن) حكم المادة 464/2 من القانون المدني الأردني الذي يجيز إبداء هذا الدفع في اي حالة تكون عليها الدعوى ما لم يتم التنازل عنه صراحة أو دلالة. ويبدو أن المشرع الإجرائي الأردني لم يعدل في القانون الجديد عن خطته السابقة التي تبنّاها في قانون الأصول الملغي مكتفياً بالتفرقة بين دفوع تبدي قبل الدخول في الأساس وأخرى تبدى في أية مرحلة من مراحل الدعوى مع أن تحديد وقت إبداء الدفع ما هو إلا نتيجة تتوقف على تكييف طبيعة الدفع وليس العكس. وكما رأينا فإن الدفوع الشكلية – غير المتعلقة بالنظام العام – وحدها التي ينبغي أن تبدي قبل التطرّق للموضوع بعكس كل من الدفوع الموضوعية والدفوع بعد القبول التي يجوز إبداؤها في أية حالة تكون عليها الدعوى. وبالرغم مما جاء في نص المادة (109/2) أصول مدنية، عاد المشرّع ليقرّر حكماً عاماً للدفوع المتعلقة بالإجراءات غير المتصلة بالنظام العام ومنها الدفع بالبطلان والدفع بعدم الاختصاص المكاني موجباً إبداءها جميعاً قبل أي دفع إجرائي آخر أو طلب أو دفاع في الدعوى وعلى أن تبدي جميع الوجوه التي تبني عليها معاً تحت طائلة السقوط. ويلاحظ على هذه المادة ما يلي :

  • تكرارها لحكم سبق التعرض له بالنسبة للدفع بعدم الاختصاص المكاني الذي عالجته المادة (109/2/أ) .
  • عدم دقة صياغة هذه المادة وكان يمكن الاستعاضة عنها بما يلي : “سائر الدفوع المتعلقة بالإجراءات غير المتصلة بالنظام العام يجب إبداءها معاً قبل أي دفع إجرائي آخر أو طلب أو دفاع الدعوى وإلا سقط الحق فيها…ألخ” فلا حاجة للنص على الدفع بالبطلان غير المتصل النظام العام والدفع بعدم الاختصاص المكاني لشمولهما بداهة بعبارة “سائر الدفوع المتعلقة الإجراءات غير المتصلة بالنظام العام”.

 

إلى جانب أن الدفع بعدم الاختصاص المكاني لم يرد في سياق المادة (111/أصول مدنية) التي أشارت إلى دفوع عدم الاختصاص المتعلقة بالنظام العام بما يقطع في الدلالة بأن الدفع بعدم الاختصاص المكاني – غير متعلق بالنظام العام. وقد كان المشرّع المصري أكثر توفيقاً في صياغة الأحكام المتعلقة بالدفوع الإجرائية(150). كما أورد المشرّع حكماً آخر للدفع بعد جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها أجاز بمقتضاه للمحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها. ويلاحظ على هذا الحكم ما يلي :

  • السماح للمحكمة بأن تتعرض من تلقاء نفسها للدفع بسابقة الحكم المقضي فيه يعني أنه من النظام العام وبالتالي تجوز إثارته في أية حالة تكون عليها الدعوى، وهذا الحكم يتعارض مع ما سبقه وأورده المشرّع بنص المادة (109/2/ج) من نفس القانون والذي أوجب إثارة هذا الدفع قبل التصدّي للموضوع، وعليه فإن ما يقرّره نص المادة 112/ أصول مدنية لا يستقيم مع ما قرّره نص المادة 109/2/ج من نفس القانون ويتعذر معه التوفيق بينهما.
  • وإذا كان المشرّع الأردني لم يتعرض صراحة للدفع بعدم القبول كما فعل نظيره المصري(151)، فإن في نص المادة 112/أصول مدنية إشارة إلى أنه لم يغفل عن الأخذ ببعض تطبيقاته مقرّراً لها نفس الحكم وهو جواز إثارتها في أية حالة تكون عليها الإجراءات(152).

 

وفي ضوء ما تقدّم يمكن القول بأنّ المشرع لم يكن بحاجة للنص على الفقرتين الأولى والثانية من المادة /109  لتجنّب التناقض بين النصوص من جهة ولمراعاة الطبيعة الخاصة لكل طائفة من الدفوع بما يسمح بترتيب النتائج التي تمليها القواعد العامة للدفوع من جهة أخرى. وفضلاً عن ذلك فإن الفقرة الأولى من هذه المادة توحي بأن الحكم الذي جاءت به هو القاعدة العامة في الدفوع جميعاً مع أن هذا الحكم قاصر في التشريعات المقارنة على الدفوع الإجرائية غير المتعلقة بالنظام العام فحسب. وأغلب الظن أن المشرّع لم يقصد تجاوز هذه القواعد ولكن تأثره بأدبيّات القانون الملغي الذي لم يكن يقيم وزناً للتفرقة بين طوائف الدفوع المختلفة هو الذي أوقعه في هذا التناقض، الأمر الذي يتطلب إعادة النظر في صياغة هذه المادة.

 

المبحث الثاني

طبيعة الدفع بالتحكيم

 

سنتعرض في هذا المبحث لأهمية تحديد طبيعة الدفع بالتحكيم ونظريات الفقه المقارن بخصوص تحديد هذه الطبيعة، ثم تقديرها لهذه النظريات في المطالب التالية :

المطلب الأول : أهمية تحديد طبيعة الدفع بالتحكيم.

المطلب الثاني : نظريات الفقه المقارن بصدد تحديد طبيعة الدفع بالتحكيم .

المطلب الثالث: تكيف الدفع بالحكيم ووفقاً لاجتهادات القضاء .

المطلب الرابع: تقدير الاتجاهات المختلفة حول طبيعة الدفع بالتحكيم .

المطلب الخامس : النتائج المترتبة على تحديد طبيعة الدفع بالتحكيم.

 

 

المطلب الأول

أهمية تحديد طبيعة الدفع بالتحكيم

 

سبق أن تعرّضنا لأهمية التفرقة بين الدفوع والأحكام التي تخضع لها كل منها، وفي هذا السياق تبرز أهمية تحديد طبيعة الدفع بالتحكيم التي تتجاوز الجانب النظري البحت لتدخل في دائرة النتائج العملية التي يتوقف نفاذها على هذا التحديد وذلك تبعاً لعلاقة الدفع بالجانب الإجرائي للنزاع أو صلته بموضوعه أو بحق الدعوى على وجه الخصوص(153).

ويثور التساؤل عمّا إذا كان الاتفاق على التحكيم في موضوع ما ينزع اختصاص المحكمة أو يمنعها فقط من سماع الدعوى ما دام التحكيم قائماً؟ فإذا كان الأول أثير في صورة دفع شكلي، وإذا كان الثاني تعين أن يثار على هيئة دفع بعدم القبول. وتبدو أهمية التفرقة بينهما من الأوجه التالية(154):

  • الدفع بعدم الاختصاص دفع شكلي يبدي قبل التكلّم في الموضوع ما لم يكن متعلقاً بالنظام العام بعكس الدفع بعدم القبول الذي يثار في أية حالة تكون عليها الدعوى.
  • وعند الحكم بعدم الاختصاص تجب الإحالة إلى المحكمة المختصة والإحالة غير متصورة في حالة الدفع بعدم القبول(155)
  • والدفع بعدم القبول يزيل الخصومة ويجعلها كأن لم تكن ولا يعد رفع الدعوى قاطعاً لمدة سقوط الحق الموضوعي بالتقادم كقاعدة عامة، أما الحكم بعدم الاختصاص فإنه وإن كان يزيل الخصومة – كما هو شأن الحكم بعدم القبول – إلا أن المشرّع المصري قد نص في القانون المدني على سبيل الاستثناء على أن رفع الدعوى ولو لمحكمة غير مختصة بقطع مدة التقادم(156).

 

المطلب الثاني

نظريات الفقه المقارن في تحديد طبيعة الدفع بالتحكيم

 

تشيع الفقه المقارن في تحديده لطبيعة الدفع بالتحكيم لوجهات نظر متعددة بين قائل بأنه دفع بعدم الاختصاص أو بانتقاء الولاية، وقائل بأنه دفع بعدم جواز النظر وفريق ثالث يراه دفعاً إجرائياً من نوع خاص، وفريق رابع الحقه بالدفوع بعدم القبول وسنتناول هذه النظريات تباعاً:

 

الفرع الأول الدفع بالتحكيم دفع بعدم الاختصاص أو بانتقاء الولاية

أ-  مفهوم النظرية :

يسود هذا الرأي في أوساط الفقه والقضاء الفرنسيين(157) وجانب من الفقه الإيطالي مؤيد بقضاء النقض الإيطالية في بعض أحكامها(158) كما يعتنقه بعض من الفقه العربي(159).

 

ويرى القائلون بهذا الرأي أن الاتفاق على التحكيم إنما يعني حجب سلطة المحاكم عن نظر النزاع(160) وهو ما يؤدي إلى نزع الاختصاص بنظر النزاع عن المحاكم وإعطائه للمحكمين فيكون الدفع به دفعاً بعدم الاختصاص وليس بعدم القبول(166). وهو عدم اختصاص وظيفي (لانتقاء الولاية) ينجم جراء الاتفاق على التحكيم الذي يسلب ولاية القضاء العام للدولة في نظر هذا النزاع(162) وهي حالة نادرة يملكها الأفراد رغم تعلقها بالنظام العام نظراً لإقرارها بشفاعة الأنظمة القانونية المختلفة.

وقيل بأنه دفع بعد الاختصاص النوعي(163) ذو طبيعة خاصة يتعلق بتعيين نصيب كل من المحكمة العليا ومحكمة المحكمين وهذه هي خاصية الدفوع بعدم الاختصاص النوعي. وهو ذو طبيعة خاصة لا يثار فيه اعتبار النظام العام ولا يمكن إثارة ما إذا كان شكلياً أو موضوعياً بعد أن سبقه إثارة مسألة أخرى أغنت عنه وهي بحث ما إذا كان التعرض للدعوى دفعاً أو دفاعاً يعتبر تنازلاً عن اتفاق التحكيم أم لا، وما دام التعرض للدعوى يعد دائماً تنازلاً فإن التحكيم فإن البحث في تقسيم الدفوع بعدم الاختصاص لا يجد له محلاً بصدد الدفع بالتحكيم. وطبيعته الخاصة هي التي تفسر عدم تعلقه بالنظام العام بالرغم من اعتباره دفعاً بعدم الاختصاص النوعي.

 

ب-  حجج النظرية :

تتلخص حجج القائلين بعدم الاختصاص فيما يلي :

  1. الاتفاق على التحكيم لا يعني أكثر من رضاء الخصوم بعرض النزاع القائم بينهم على المحكم للفصل فيه بدلاً من المحكمة المختصة ومن ثم لا يمس هذا الاتفاق حق الدعوى المقرر بحسبانه حقاً مستقلاً عن الحق الموضوعي الذي تحميه(164). ولأن الدعوى هي مجرد سلطة للحصول على حكم في موضوعها فإنه يستوي صدرو هذا الحكم من القضاء أو من هيئة أخرى خوّلها القانون سلطة القضاء في بعض المنازعات. والدعوى ليست حق الالتجاء إلى القضاء. فالأخير حق من الحقوق العامة المعترف بها للكافة ولا يقبل التنازل عنه(165)، أما الدعوى فحق لشخص معين اعتدى على حقه أو هدد بالاعتداء عليه وهي توجد قبل الالتجاء إلى القضاء وسواء ألجأ المعتدى عليه إلى القضاء بالفعل أم لم يلجأ(126). وبناءاً على ما تقدم فإن أيّاً من الخصوم في اتفاق التحكيم لم يتنازل عن حق الدعوى المقرر له بالنسبة لحماية حقه أو مركزه القانوني المتنازع عليه .
  2. يجمع الفقه المقارن على أن التحكيم الإجباري في بعض المنازعات يسلب محاكم الدولة ولايتها بنظر هذه المنازعات فإذا أثيرت أمامها كان عليها أن تقضي من تلقاء نفسها بانتفاء ولايتها(167) وليس ثمة فارق بين التحكيم الإجباري والاختياري، فكلاهما فصل في النزاع عن غير طريق القضاء ولا يجوز أن يختلف الحكم فيهما تبعاً لما إذا كان التحكيم وجوبياً أو جوازياً(168).
  3. وإذا كان القانون (المصري) قد أوجب رفع التماس إعادة النظر إلى المحكمة المختصة أصلاً بهذا النزاع(169) وكذلك رفع دعوى البطلان في الحكم(170) وأن هذه المحكمة هي التي تأمر بتنفيذه(171)، ويرفع إلى رئيسها للحكم على من يتخلف من الحضور أو يمتنع عن الإجابة وعند الأمر بالإنابة القضائية(172) فإن كل ذلك ليؤكد سلب ولاية هذه المحكمة في الفصل ابتدائياً في النزاع وليس العكس. ولا يوجد نص يجيز للمحكمة الفصل الابتدائي في النزاع ما بقي التحكيم قائماً، وما الرجوع إليها في الحالات الأخرى إلا باعتبارها ممثلة للسلطة العامة. أمّا المحكّم فليس سوى قاض خاص في خصومه النزاع المعروض عليه وليس من قضاة الدولة(173).
  4. الاتجاه السائد في كل من فرنسا وإيطاليا يقرّر أن الدفع بالتحكيم دفعاً إجرائياً لا شأن له بمسألة عدم القبول وقد أيّدت هذا الاتجاه الأنظمة القانونية المعاصرة وعلى رأسها القانون الفرنسي الجديد الذي نصّ صراحة على عدم اختصاص جهة القضاء بالفصل في نزاع اتفق بشأنه على التحكيم وأوجب عليها الحكم بعدم الاختصاص ما لم يكن اتفاق التحكيم ظاهر البطلان ولم يكن النزاع قد رفع إلى محكمة التحكيم(174).
  5. واعتبار الدفع بالتحكيم دفعاً بانتفاء الولاية لا يؤدي إلى جواز إبدائه في أية حالة تكون عليها الإجراءات ولا يعطى الحكمة حق القضاء به من تلقاء نفسها كما هو شأن الدفوع المتعلقة بالنظام العام، وذلك لأن الأصل هو ولاية قضاء الدولة والاستثناء للمحكّم بصدد نزاع معين. فلا يجوز والحالة هذه لقضاء الدولة أن يتنصل من ولايته بحجة وجود اتفاق تحكيم قد يعدل عنه الخصوم، وكان من المنطق أن لا تقضي به المحكمة ما لم يتمسك به الخصوم قبل الكلام في الموضوع أو إبداء أي دفاع بشأنه(175).

وإذا كان اتفاق التحكيم هو الذي نزع ولاية القضاء – وهو أمر لم يكن ممكناً لولا أن أجازه القانون – فإن من الواجب الرجوع إلى الأصل في كل مرّة يستنتج فيها القاضي عدول الخصوم عن هذا الاتفاق أو إذا الاتفاق ظاهر البطلان(176).

  1. وقد تواترت أحكام النقض المصرية على تطبق أحكام الدفوع الإجرائية وخاصة الدفع بعدم الاختصاص غير المتعلق بالنظام العام على الدفع بالتحكيم وإن كانت قد أطلقت عليه خطأ نعت الدفع بعدم القبول(177).
  2. وبالنسبة لحجج الرافضين لهذه النظرية فقد رُدّ عليهم بما يلي(178):
  • القول بعدم إمكانية اعتبار الدفع بالتحكيم دفعاً بعدم الاختصاص لأن المحكمة تختصّ بالنظر في صحة الشرط وبطلانه وتعيين المحكمين والطعن في أحكامهم قول وراد على غير محل لأن المحكمة في كل ما تقدّم لا تتعرّض لموضوع النزاع محل التحكيم، وفيما عدا ما اتفق على التحكيم فيه يظل منوطاً بالقضاء العادي صاحب الولاية العامة ولا يتعارض مع ذلك خروج مسألة بعينها من نطاق اختصاصه العام لتدخل في اختصاص هيئة معينة.
  • والقول بأنّ توزيع الاختصاص من عمل المشرّع ولا يجوز أن يخضع لمشيئة المتعاقدين صحيح، غير أنه لم يتم الخروج على هذه القاعدة لأن المشرّع هو الذي أجاز للمتعاقدين الاتفاق على اختصاص المحكمين.
  • نقد النظرية : وجهت للرأي السابق الانتقادات التالية :
  1. تمنح نصوص القانون المحكمة المختصة أصلاً بنظر النزاع اختصاصاً يتنافى مع القول بعدم اختصاصها(179)، من ذلك إجازة الطعن بالتماس إعادة النظر في حكم المحكم أمام المحكمة المختصة أصلاً بنظر النزاع(180)، وكذلك الرجوع إلى رئيس المحكمة للحكم على من يتخلّف من الشهود عن الحضور بالجزاء المنصوص عليه في القانون(181).
  2. صعوبة اعتبار الدفع بالتحكيم من الدفوع بعدم الاختصاص نظراً أن شرط التحكيم لا ينزع الاختصاص من المحكمة المختصة وإنّما من سماع الدعوى ما بقي شرط التحكيم قائماً، إلى جانب استحالة تحديد نوع عدم الاختصاص المزعوم ما دام لا يتعلق بالوظيفة ولا بنوع القضية ولا بالمكان، ولا مجال للحديث عن الاختصاص خارج هذه الأنطقة(182).
  3. القول بعدم الاختصاص يعني أن المحكم هو المختص مع أن الاختصاص لا يمكن تصوره إلا بين محاكم الجهة القضائية الواحدة(183)، والمحكم ليس محكمة معينة حتى يتسنى الحديث عن اختصاصه بالدعوى ومن ثم تكون المحكمة المرفوعة إليها الدعوى غير مختصة بنظرها.
  4. القواعد المنظمة لولاية القضاء واختصاص المحاكم قواعد عامة مجردة تحدد طوائف معينة من الدعاوى وفقاً لمعايير عامة فلا تكون المحكمة مختصة إذا لم تنطبق عليها هذه المعايير، أما منع المحكمة من نظر نزاع اتفق بشأنه على التحكيم فقاصر على نزاع معين بالذات بسبب هذا الاتفاق رغم أنه يدخل في اختصاص المحكمة وفقاً لمعايير الولاية والاختصاص الأمر الذي يقتضي البحث عن سبب آخر لهذا المنع غير انتقاء الولاية أو عدم الاختصاص.
  5. تعارض تأصيل طبيعة الدفع بالتحكيم على أنه دفع بانتقاء الولاية مع قواعد الولاية القضائية والاختصاص، فالأخيرة مظهر من مظاهر سيادة الدولة وقواعدها من النظام العام التي لا يجوز للأفراد الاتفاق على خلاف أحكامها. ولا يسوغ القول بأن اتفاق التحكم يسلب ولاية الدولة في القضاء بالنسبة للنزاع محل الحكيم لأن إرادة الأفراد أعجز من أن تنتقض من ولاية المحاكم أو تسلب اختصاصها، وإن كان لها التنازل عن حقوق الخصوم وسلطاتهم الموضوعية أو الاجرائية وهو ما يمكن أن ينصرف اليه اتفاق التحكيم. واذا كانت بعض نصوص القانون تعترف بسلطان إرادة الخصوم في مجال الولاية(186) أو الاختصاص الدولي وفي مجال الاختصاص المحلي(187) فذلك لأن هذه النصوص تجيز ابتداء ولاية القضاء بإرادة الخصوم لدعاوى ذات عنصر أجنبي لا تختص بها أصلاً، كما تجيز اختصاص المحكمة المحلي لدعاوى لا تدخل في اختصاصها أصلاً بسبب اتفاق الخصوم. وبذلك فهي تجيز امتداد ولاية المحكمة أو اختصاصها وليس سلبهما على إرادة الخصوم(188). ولا محل لقياس التحكيم الاختياري على التحكيم الإجباري لأن القانون هو الذي يقرّر في الأخير سلب ولاية القضاء أو اختصاصه بالنسبة لطائفة من المنازعات وحسمها عن طريق التحكيم الإجباري مما يجوز معه الحديث عن انتفاء الولاية أو عدم الاختصاص(189).
  6. عدم توافق التأصيل السابق مع الحلول العملية المتفق عليها: فالدفع بالتحكيم لا يتعلّق بالنظام العام، أما الدفع بانتفاء الولاية أو بعدم الاختصاص الوظيفي فمن النظام العام(190)، ولا يمكن اعتبار الدفع بالتحكيم دفعاً بعدم الاختصاص المحلي كي يخرج عن هذه القاعدة، ومن جهة ثانية، فإنّ الحكم بعدم الاختصاص يقترن دائماً – في القانون المصري – بالإحالة ولو كان متعلقاً بالولاية(191)، بينما تتعذّر الإحالة إلى المحكمين في حالة الحكم بقبول الدفع بالحكيم (192).

 

 

 

 

 

الفرع الثاني

الدفع بالتحكيم دفع بعدم جواز نظر الدعوى

 

  • مفهوم النظرية : يرى أنصار هذه النظرية(193) أن وجود اتفاق على التحكيم يعدّ قرينة على حسم النزاع تمنع نشوء حق الدعوى. لذا فإنّ الدفع بالتحكيم هو دفع بعدم جواز نظر الدعوى لتخلق حق الدعوى أصلاً لدى الخصم وليس دفعاً بعدم قبول الدعوى الذي يرمي إلى منع التعسف في استعمال حق الدعوى، في حالة تخلف المصلحة ويبدو الفارق بين فكرتي عدم القبول وعدم جواز النظر في أن الدفع بعدم جواز نظر الدعوى يحول دون إعادة رفع الدعوى، أما الدفع بعدم القبول – وهو جزاء وقائي لمنع العسف – فلا يحول دون إعادة رفعها. وخلص هذا الرأي إلى أن حسم النزاع بطريق التحكيم هو واقعة إجرائية مانعة تحول دون حق الدعوى القضائية ولا تختلف عن واقعة حسم النزاع قضاء إلا من حيث أن الواقعة الأخيرة هي واقعة إجرائية منهية تنهي حق الدعوى القضائية، لذلك فإنّ الدفع بسبق حسم النزاع صلحاً أو تحكيماً أو قضاءً ليس دفعاً بعدم الاختصاص أو بعدم القبول وإنما دفع بعدم جواز النظر(194).
  • نقد النظرية: أذ على هذه النظرية المثالب التلاية :
  1. ثمة مغالاة في الزعم بانتفاء حق الدعوى لانتفاء النزاع تجعله منافياً للواقع، لأن اتفاق التحكيم يفترض لأعماله وجود نزاع قائم أو قد ينشأ في المستقبل(195).
  2. لا يميز فقه المرافعات بين عدم جواز نظر الدعوى وعدم قبولها(196).
  3. وما يرتبه هذا الرأي من نتيجة على هذا التمييز لا يتّفق مع اعتباره الدفع بالتحكيم دفعاً بعدم جواز نظر الدعوى حيث يقرّ بأنّ الدفع بعدم جوز نظر الدعوى يحول دون إعادة رفع الدعوى مجدداً، بينما لا يحول الدفع بالتحكيم دون ذلك. فليس ثمة ما يمنع من رفع الأمر إلى القضاء لو انقضى ميعاد التحكيم دون صدور حكم(197)، أو استحال إتمامه لأي سبب(198).

 

 

الفرع الثالث

الدفع بالتحكيم دفع إجرائي بحت (من نوع خاص)

 

أ- حجج هذه النظرية : يدعم هذا الرأي نظرته بالذرائع التالية:

  1. لا صلة للدفع بالتحكيم بموضوع الدعوى الذي هو سبب النزاع المراد حلّه بطريق التحكيم ولا علاقة له بعدم القبول الذي يعزى إلى عيب في الدعوى ذاتها ومدى توافر الشروط اللازمة للفصل في الادعاء الموضوعي، وإنما يوجه إلى إجراءات الخصومة القضائية من منطلق أن اتفاق التحكيم يلزم أطرافه بعدم سلوك طريق التقاضي العادي والاستعاضة عنه بإجراءات التحكيم(19).
  2. يمكن استخلاص ما يؤيد هذه الوجهة من تتبع الصياغات الفقهية المختلفة : فأنصار عدم الاختصاص وانتفاء الولاية يقرّون الطبيعة الإجرائية البحتة للدفع بالتحكيم ولكنه يتجاوزون في تحديد مضمون اتفاق التحكيم مفهوم تنازل الخصوم عن سلطاتهم الإجرائية إلى ما هو أبعد من ذلك مما لا يملكونه بخصوص سلطة الدولة في القضاء(200). وأنصار عدم القبول سواء الذين قالوا بأنه نزول الخصم عن حقّه في الفصل في الدعوى، أو القائلين بأنه نزول عن الالتجاء إلى القضاء لحماية الحق كلاهما لا يمكن حمله على غير المعنى الذي ينصرف إلى إجراءات التقاضي العادية لحماية الحق محل اتفاق التحكيم(201).
  3. الدفع بالتحكيم يخضع من الناحية العملية للقواعد المطبّقة على الدفوع البحتة المقرّرة للمصلحة الخاصة ومن مظاهرها(201).

أ-  القاعدة المأخوذ بها فقهاً وقضاءً والمنصوص عليها في كثير من التشريعات ويؤيدها الفقه الراجح هي وجوب إبداء الدفع بالتحكيم قبل الكلام في الموضوع.

ب-  ما تقرّره محكمة النقض المصرية بخصوص أن الحكم الصادر في الدفع بالتحكيم لا يستنفذ سلطة محكمة أول درجة في نظر الموضوع.

ج-  بعض التشريعات العربية ترتّب على الدفع أثراً إجرائياً بحتاً هو موقف الإجراءات لحين صدور قرار التحكيم(202).

 

  1. الدفوع الإجرائية أنواع متعددة يخضع كل منها لقواعد خاصة، فقد عدّدت المادة 108/مرافعات مصري بعض هذه الدفوع دون أن تحصرها وأوردت أمثلة على بعضها، كالدفع بعدم الاختصاص والدفع بالإحالة والدفع بالبطلان وسائر الدفوع المتعلقة بالإجراءات فلأي من هذه الدفوع ينتمي الدفع بالتحكيم. تحول قواعد القانون المصري دون اعتباره دفعاً بوقف الخصومة(204)، ولأن المسألة تتعلق بعيب أصلي في الإجراء الافتتاحي للخصومة – وهو المطالبة القضائية – فإنّ ذلك من شأنه أن يثير فكرة بطلان المطالبة، والدفع ببطلان المطالبة القضائية يؤدي إذا ما قبلته المحكمة إلى إنهاء الخصومة دون الفصل في موضوعها وهي غاية الدفع بالتحكيم. وسبب البطلان لا يرجع لعيب شكلي وإنما لعيب موضوعي يتعلق بمحل الدعوى على التفصيل التالي(205).

أ-  فكرة البطلان لعيب موضوعي: يجب لصحة العمل الإجرائي توافر مجموعة من العناصر والمقتضيات الموضوعية والشكلية وليس فقط مجموعة أوراق تتضمن عدداً من البيانات في مواعيد معينة. وعليه فإنّ المطالبة كعمل قانوني يلزم لصحته إلى جانب الشكل، توافر عناصر موضوعية هي الأهلية والإرادة والمحل. والشكل ليس سوى عنصراً خارجياً يضاف إلى عناصره الموضوعية، وإذا كان البطلان تكييفاً لعمل قانوني يخالف نموذجه القانوني مخالفة تؤدي إلى عدم إنتاج الآثار التي يرتّبها القانون، فإنّ أسبابه لا تنحصر في تخلف الشكل وإنما قد ترتد إلى عنصر أو مقتضى موضوعي(206).

وإذا كان التشريع المصري لا يميّز بين أسباب البطلان في تنظيمه للبطلان الإجرائي(207) ويبدو من بعض نصوصه أنها تنصرف إلى البطلان لعيب شكلي فحسب(208)، إلاّ أن ذلك لا ينفي اعتراف القانون المصري بالبطلان الإجرائي لسبب موضوعي،وهو ما يقرّره الفقه المصري(209) ويطبّقه القضاء في أحكامه حين يقرّر بطلان الإجراءات بسبب نقص أهلية الخصم أو انعدام صفته الإجرائية(210). كما يتبناه التشريع المصري الذي يقرّر بطلان الإجراءات التي تتم أثناء انقضاء الخصومة بسبب نقص أهلية الخصم أو زوال صفة نائب الخصم(211).

 

ب-  عدم قابلية المحل: يُعرّف محل الإجراء بأنه الشيء الذي يقع عليه الإجراء، وهو عنصر لازم في الإجراء ويتطلب فيه القانون شروطاً معينة لوجوده وصحته بأن يكون موجوداً ومعيناً أو قابلاً لأن يكون محلاً للإجراء(212)،  والمطالبة القضائية التي تتضمن طلباً يكون محل اتفاق تحكيم تفتقد هذا المقتضى ممّا يستوجب بطلانها لأنّ اتفاق التحكيم يخوّل طرفيه الحق في عدم اتباع إجراءات التقاضي العادية بالنسبة للنزاع محل التحكيم فيكون لهما التمسك بأثر اتفاق التحكيم بالطلب إلى القضاء تقرير عدم قابلية الطلب لأن يكون محلاً للمطالبة به أمامه. وهو ما يستتبع بطلان إجراءات المطالبة القضائية لانتفاء أحد مقتضياتها الموضوعية وهو قابلية المحل، وهذه هي وظيفة الدفع بالتحكيم(213). ويترتب على هذا التأصيل النتائج التالية(214):

  1. يكون الحكم الصادر بالدفع حكماً ببطلان المطالبة أو بصحتها .
  2. يخضع لقواعد البطلان الخاص المنصوص عليه في المادتين 21، 22/ مرافعات مصري لعدم تعلّقه بالنظام العام، ولا يجوز أن يتمسّك به المدّعي لأنه الخصم الذي تسبّب فيه، كما يزول إذا تنازل عنه من شرع لمصلحته وهو المدّعى عليه.
  3. يرتبت على الحكم ببطلان المطالبة القضائية بطلان كافة الإجراءات اللاحقة المبنية عليه(215)، كما يترتب زوال الخصومة كأثر للمطالبة القضائية.
  4. يجوز تطبيق تحوّل الإجراء الباطل والانتقاص منه إذا توافرت شروطهما بحسب الأحوال(216).
  5. استبعاد قواعد البطلان المترتّب على عب شكلي(217).
  6. وإذا كانت هذه الفكرة غير مألوفة فليس في ذلك ما يكفي لرفضها، إلى جانب أن قبولها ينسجم مع أهمية تحرير الفكر القانوني من رواسب تاريخية كانت ترى في الإجراءات القضائية مجرد طقوس وأشكالا لا محل لبطلانها ما لم تكن معيبة، والقول بأنّ الدفع بالتحكيم هو دفع إجرائي من نوع خاص تخريج منطقي يتّفق مع نظرة الفكر القانوني المعاصر للدور الإجرائي في الخصومة المدنية(218).

 

ب–  نقد النظرية : ليس من السهل التسليم بالرأي السابق للأسباب التالية :

  1. القول بأنّ الدفع بالتحكيم يوجه إلى إجراءات الخصومة القضائية تأسيساً على أن اتقا التحكيم يلزم أطرافه بعدم سلوك طرق التقاضي العادي لا يختلف عن تأصيل التحكيم باعتباره تنازلاً عن حق الدعوى أو اللجوء إلى القضاء فجمعيها تقوم على افتراض ليس صحيحاً بدليل إمكانية العودة إلى التقاضي العادي لو تعّذرت مواصلة التحكيم أووصوله إلى منتهاه بعكس التنازل الذي يحول دون العودة إلى ممارسة الحق الذي تم التنازل عنه .
  2. والدفع بالتحكيم لا يوجه إلى إجراءات الخصومة وإنّما إلى حق الخصم من حيث المبدأ في استعمال حق الدعوى وولوج باب القضاء العادي بعد أن تم الاستعاضة عنه بطريق آخر مواز له ومحقّق لذات الأهداف من حيث حسم النزاع بحكم ملزم. وقريب منه في نطاق القانون العام الدفع بوجود طريق طعن مواز لعدم قبول دعوى الإلغاء والذي تردد فقهاء القانون العام في تكييفه بين دفوع الاختصاص(219)، والدفع بعدم القبول(220)، فإذا استبعدنا الدفع بعدم الاختصاص في مجال التحكيم لنفس الذرائع التي أشار إليها هذا الرأي لم يبق غير تكييف الدفع بعدم القبول. والتحكيم لا يختلف عن طريق الطعن الموازي إلا من حيث الأساس الذي يقومان عليه، فبينما يستند الأول إلى القانون، يرتكز الآخر إلى اتفاق الطرفين ومباركة القانون لهذا الاتفاق.
  3. الاستناد إلى خضوع الدفع بالتحكيم – من الناحية العملية – للقواعد المطبّقة على الدفوع الإجرائية – وبالأخص بالنسبة لأحكام القضاء – يفسره تقسيم الدفوع بعد القبول إلى دفع بعدم القبول إجرائي وآخر موضوعي مع إخضاع كل منهما لأحكام الطائفة التي ينتمي إليها. وهذه هي خطة محكمة النقض المصرية(221) التي لم تسلم من نقد الفقه ومن بينهم صاحب هذا الرأي(222).
  4. التذرّع باتجاهات بعض التشريعات العربية ليس مجدياً لأن بعضها أعطى لوقف الإجراءات غير المعنى القانوني الذي يقصده هذا الرأي كما أشرنا إليه بالنسبة للقانون الأردني، أما البعض الآخر الذي يمثل الأغلبية فلم تأخذ بهذا الاتجاه ومن بينها التشريع المصري.
  5. مجرد القول بأنّ التأصيل الذي يستند إليه هذا الاتجاه يقود إلى نتائج غير مألوفة يكفي لاستبعاده لا سيما إذا أمكن تكييف طبيعة الدفع وفقاً للقواعد العامة والصياغات المألوفة، وليس تحرير الفكر القانوني وسيلة لإحداث بدعة قانونية تستعصي على الحلول المستقرة، كما أنّ مجرد الخروج على أية قاعدة مستقرة من شأنه أن يحدث شرخاً في البناء القانوني فيهدمه ولا يطوّره. وإذا كان تحريرٍ القانون من الطقوس والقوالب الجامدة مطلوباً فإن اتساق قواعده وانتظامها في منظومة فكرية متجانسة مطلوب من باب أولى.

 

  1. المتمسك بالدفع بالتحكيم ينازع في أحقّية المدّعي في أقامة دعواه ولا يهدف إلى النعي على الإجراء القضائي لعيب فهي أيّاً كان هذا العيب، ويكفيه أن يقضي له بعدم قبول الدعوى ليناط أمر النزاع بالمحكّمين ومحاولة إعمال قواعد البطلان في غير محلها لا تجدي ولا تضيف جديداً. أما القول بعدم جواز تمسّك المدّعي بالدفع فيفسّره أنه ما دام هو الذي أقام دعواه فليس من المنطق والمعقول أن يدفع ببطلانها أو بعدم قبولها لا سيما وأنه يملك إذا رغب عنها أن يسقطها أو يتنازل عنها دون معارضة المدّعي عليه المتمسك بالدفع الذي يستوي لديه تراجع المدّعي عن المطالبة القضائية أو الحكم بعدم قبولها. وأما الزعم بأن المدعي هو الذي تسبب في العيب، فلا يجوز له أن يتمسك به، فمحل نظر لأن اتفاق التحكيم كما رأينا هو وليد ارادة الخصمين وكلاهما مسؤول عن نشوئه، وأمّا إقامة الدعوى برغم وجود هذا الاتفاق فلا يمكن أن تشكّل في حد ذاتها عيباً يستوجب البطلان، كيف لا وهي استعمال لحق عام مكفول للكافة وهو حق التقاضي. وكل ما يمكن أن يثار في هذه الحالة هو التعارض بين حق الدعوى والحق الآخر الناجم عن اتفاق التحكيم أو ما أشير إليه بالأثر المزدوج، ووسيلة إزالة هذا التعارض هو الحكم بترجيح الحق الأولى بالرعاية وهو الأثر الناجم عن التحكيم ومن ثمّ عدم قبول الدعوى وليس بطلان إجراءاتها.

 

الفرع الرابع

الدفع بالاعتداد بالتحكيم دفع بعدم القبول

 

أ-  مفهوم النظرية وأسانيدها :

قيل بأنه يترتّب على قبول التحكيم نزول الخصم عن الالتجاء إلى القضاء أي المحكمة المختصّة أصلاً بنظر النزاع، فشرط التحكيم لا ينزع الاختصاص من المحكمة وإنّما يمنعها فقط من سماعها ما دام الشرط قائماً وبذلك يكون الاعتداد بشرط التحكيم من قبيل الدفوع بعدم القبول لأنه ينكر سلطة الخصم في اللجوء إلى القضاء العادي للذود عن حياض الحق المتنازع عليه(223). والاتفاق على التحكيم لا يمسّ الشروط الشكلية المتعلقة بالاختصاص وإنّما يمسّ سلطة الخصم في الالتجاء إلى القضاء(224) وينشئ عائقاً مؤقتاً يمنع المحكمة من نظر الدعوى، لذلك فالرجوع عنه يوجب العودة إلى المحكمة المختصة ويؤكد أن التحكيم لا ينزع الاختصاص(225)، ولأن اتفاق التحكيم يؤدي إلى نزول الخصوم عن سلطة الالتجاء إلى القضاء – أي إلى المحكمة المختصة أصلاً بنظر النزاع – بإرادتهم فإنّ الدعوى تفقد بذلك شرطاً من شروط قبولها فيمتنع على المحكمة نظرها(226).

ويصوّر هذا الاتجاه اتفاق التحكيم على أنه يتضمن تنازلاً من الطرفين عن حق الدعوى بحيث إذا لجأ أحدهما إلى المحكمة جاز للطرف الآخر أن يتمسّك بعدم قبول الدعوى بسبب التنازل عنها(227)، ويشبّه البعض أثر اتفاق التحكيم بأثر سقوط الدعوى بالتقادم أو بصدور حكم سابق في نفس المنازعة بين الخصوم ويرتّب على ذلك نفس النتائج(228)، وقيل بأنّ الدفع بالتحكيم هو دفع بالتنازل عن الخصومة المدنية(229) مما يمكن إدخاله في عداد الدفوع بعدم القبول(230).

وقيل بأنّ الخصم وقد ارتضى عرض النزاع على محكّم يكون قد نزل عن حقه في الفصل في الدعوى عن طريق الخصومة العادية، والتمسّك بهذا النزول يعتبر دفعاً بعدم القبول من الناحية الإجرائية أمام القضاء(231)، ولأن أساس هذا الدفع هو اتفاق الطرفين على التحكيم فإنه لا يتعلّق بالنظام العام، وليس للمحكمة أن تقضي بأعماله من تلقاء نفسها، بل يجب التمسّك به أمامها، ويجوز النزول عنه صراحة أو ضمناً ويسقط الحق فيه بالكلام في الموضوع(232).على أنه إذا قضي ببطلان الاتفاق على التحكيم عاد للطرفين الحق في الالتجاء إلى القضاء العادي(233).

 

ب-  نقد النظرية :

قيل في نقد هذه النظرية ما يلي :

  1. لا صلة لاتفاق التحكيم بالدعوى لأن حق الدعوى هو حق الشخص في الحصول على حكم في الموضوع لصالحه، والأطراف في اتفاق التحكيم لا يتنازلون عن حقّهم في الحصول على حكم لحماية حقوقهم وإنّما يتفقون على اتباع طريق آخر، وتظل الدعوى مقبولة ما دام رافعها لم يتنازل عنها ولم يتصالح مع خصمه حول موضوعها.
  2. والقول بانتفاء حق الدعوى لأن اتفاق التحكيم يتضمن تنازلاً عن حق الالتجاء إلى القضاء فيه خلط بين حق الالتجاء إلى القضاء – وهو حق عام لا يجوز التنازل عنه – وبين حق الدعوى وهو حق لا يعترف به القانون إلا لصاحب الصفة في الدعوى، ويجوز له التنازل عنه، كما يسقط بالتقادم، واتفاق التحكيم لا يسلب أطرافه حق اللجوء إلى القضاء، بل حق استمرار الإجراءات لحين الفصل في موضوع النزاع(234).
  3. والقول بأنّ اتفاق التحكيم يتضمن تنازلاً عن حق الفصل في الدعوى عن طريق الخصومة القضائية(235) لا يعني أكثر من تنازل الأطراف عن اتباع إجراءات الخصومة العادية، أما الزعم بأنه دفع بعدم القبول من الناحية الإجرائية فهو عودة إلى نظرية التمييز بين عدم القبول الموضوعي وعدم القبول الإجرائي، وهي محل النظر(236).
  4. كذلك فإن تخلف شرط من شروط قبول الدعوى يجعلها غير مقبولة أمام سائر المحاكم وليس الأمر كذلك عند الاتفاق على التحكيم لأن وجود هذا الاتفاق يجعل المحكمة العادية وحدها غير مختصة لأنها غير ذات ولاية ما دام التحكيم قائماً وصحيحاً(237).
  5. تردّد أنصار عدم القبول في تكييف الدفع بالتحكيم إذا اعتبره بعضهم دفعاً بعدم القبول بالفعل(238)، واعتبره البعض الآخر دفعاً إجرائياً يتمثل في التنازل عن إجراءات الخصومة القضائية(239)، وفريق ثالث اعتبره أشبه بالدفع بعدم الاختصاص المحلي(240). ومن ثم يسقط حق الخصم في إبدائه بالتكلّم في الموضوع، ولا تملك المحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها، هذا التردّد بين أنصار هذا الاتجاه وعدم اتفاقهم على كلمة سواء بشأنه يشكك في صحة تكييفهم لطبيعة هذه الدفع.
  6. ولا وجه لمقارنة الدفع بالتحكيم بالدفع بسبق الفصل في الدعوى لأن الدعوى لا تقبل في الحالة الأخيرة لتخلف شرط المصلحة ولأن الدعوى قد فصل فيها من جهة مختصة بما يمنع الفصل فيه مجدداً من قبل جهة أخرى(241).
  7. البون الشاسع بين النظام القانوني للدفوع بعدم القبول وبين النظام القانوني للدفوع الإجرائية ومن بينها الدفع بعدم الاختصاص ولا خلاف في الفقه المقارن بشأن ضرورة إبداء الدفع بالتحكيم قبل التكلم في الموضوع لعدم تعلّقه بالنظام العام ولأنه لا يعدّ دفعاً موضوعياً(242).
  8. القاعدة المنصوص عليها في المادة 115/مرافعات مصري هي أن الدفع بعدم القبول يجوز إبداؤه في أية حالة تكون عليها الدعوى، بينما تؤكد احكام النقض المصرية سقوط الدفع بالتحكيم إذا أثي متأخراً بعد الكلام في الموضوع وتقرّر بانه لا يعدّ دفعاً موضوعياً عما ورد ذكره في المادة السابقة(243).
  9. تقرّ محكمة النقض المصرية أن قبول محكمة أول درجة للدفع بالتحكيم وقضاءها بعدم قبول الدعوى لا يستنفذ ولايتها في نظر الموضوع إذا استؤنف حكمها وقضت محكمة الاستئناف بإلغائه(244)، وهو عكس ما تقرّره بالنسبة للدفع بعدم القبول(245).

 

المطلب الثالث

تكييف الدفع بالتحكيم وفقاً لاجتهادات القضاء

 

الفرع الأول

طبيعة الدفع بالتحكيم وفقاً لأحكام القضاء الفرنسي(246)

 

بعد أن ذهب القضاء الفرنسي إلى اعتبار الدفع بوجود اتفاق التحكيم من قبيل الدفوع بعدم الاختصاص، اختلف فيما وراء ذلك فذهبت بعض أحكامه إلى اعتباره متعلّقاً بالنظام العام فيما دعت أحكام أخرى إلى القول بعدم تعلّقه بالنظام العام(247). ولم يؤثر هذا الاختلاف على وجهة نظر الفقه الفرنسي الذي أجمع على اعتباره دفعاً بعدم الاختصاص يتوجّب النطق به قبل الكلام في الموضوع(248). وبصدور القانون الفرنسي الجديد جاءت المادة (1458) لحسم هذه المسألة مؤكدة منع قضاء الدولة من نظر المنازعات المعروضة على المحكّم بسب عدم الاختصاص، وإن ذلك متعلق بالمصلحة الخاصة لأطرافه ومن ثم وجوب أن لا تقضي به المحكمة من تلقاء نفسها. وقد فرّق القانون الفرنسي بين أمرين: أولهما – أن يعرض النزاع بالفعل على المحكّمين فإذا أثير بعد ذلك أمام القضاء وجب عليه الحكم بعدم الاختصاص بناءً على دفع يقدّم إليه قبل إبداء دفاع آخر في الدعوى(249). وثانيهما – إذا لم يكن النزاع قد عرض على المحكّمين وتمّ عرضه على القضاء فيكون على الأخير الحكم بعدم اختصاص ما لم يكن اتفاق التحكيم ظاهر البطلان(250)، وبذلك فإنّ القانون الفرنسي وقضاءه وفقهاءه يجمعون على إخراج الدفع بالتحكيم من نطاق فكرة عدم القبول .

 

 

 

 

الفرع الثاني

طبيعة الدفع بالتحكم وفقاً لأحكام القضاء المصري

 

تتراوح أحكام هذه القضاء في تكييف طبيعة الدفع بالتحكيم ما بين اعتباره دفعاً إجرائياً محضاً تارة ودفعاً إجرائياً بعدم  القبول تارة أخرى(250م). فقد قضي بأنّ رفض الدفع بعدم اختصاص المحاكم بدعوى الرجوع وعدم سريان شرط التحكيم على هذه المنازعة صحيح في القانون(251)،  وأنّ الطبيعة الاتفاقية التي يتسّم بها شرط التحكيم وتتخذ قواماً لوجوده تجعله غير متعلّق بالنظام العام فلا يجوز للمحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها وإنما يتعين التمسك به أمامها، ويجوز النزول عنه صراحة أو ضمناً، ويسقط الحق فيه لو أثير متأخراً بعد الكلام في الموضوع(252).

 

وقد استقرت أحكام النقض المصرية على اعتبار الدفع بالتحكيم من الدفوع بعدم الاختصاص وحجتها في ذلك مستفادة من قانون المرافعات الذي خوّل المتعاقدين الحق في الالتجاء إلى جهة التحكيم بدلاً من المحاكم المختصة للنظر فيما ينشأ بينهم من نزاع، وإن ذلك وإن كان يستند إلى حكم القانون الذي أجاز استثناء سلب اختصاص جهات القضاء، إلا أنه ينبني مباشرة على اتفاق الطرفين، وهذه الطبيعة الاتفاقية على حد تعبير النقض المصرية تجعله غير متعلّق بالنظام العام فلا يجوز للمحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها، وعلى صاحب الشأن التمسّك به أمامها، ويجوز له النزول عنه صراحة أو ضمناً ويسقط الحق فيه لو أثير متأخراً وبعد الخوض في الموضوع، ويعتبر السكوت عنه قبل نظر الموضوع نزولاً ضمنياً عن التمسك به(253)، وذهبت بعض أحكامها إلى اعتباره دفعاً إجرائياً بعدم القبول، وقد جاء في قضائها بأن “المقصود بالمادة 115/1/ مرافعات مصري التي تنص على أن الدفع بعدم القبول يجوز إبداؤه في أية حالة تكون الدعوى هو الدفع بعدم القبول الموضوعي، فلا ينطبق حكم هذه المادة على الدفع الذي يتخذ اسم عدم القبول، لأن العبرة بحقيقة الدفع ومرماه وليس بالتسمية التي تطلق عليه. ولما كان التحكيم – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – طريق استثنائي لفضّ المنازعات قوامه الخروج على طرق التقاضي العادية ولا يتعلق بالنظام العام، ومن ثم فإن الدفع بعدم قبول الدعوى لوجود شرط التحكيم، لا يعدّ دفعاً موضوعياً مما ورد ذكره في المادة 115/1 مرافعات مصري، ولا تستنفذ محكمة أول درجة بقبوله ولايتها في نظر موضوع الدعوى، فإذا استؤنف حكمها وقضت محكمة الاستئناف بإلغائه وبرفض الدفع تعين عليها أن تعيد الدعوى إلى محكمة أول درجة لتنظر في موضوعها(254).

 

 

 

 

 

الفرع الثالث

طبيعة الدفع بالتحكيم في القضاء الأردني

 

لوحظ بأن قضاء محكمة التمييز الأردنية مضطرب بخصوص تقديرها لطبيعة الدفع بالتحكيم. فقد ذهبت في بعض أحكامها إلى اعتباره دفعاً شكلياً يسري عليه ما يسري على الدفوع الشكلية من أحكام فيجوز إبداؤه شفاهة أو خطياً(255). وقد أشارت إلى أن هذا الدفع شأنه شأن الدفع بانتفاء المصلحة أو عدم الخصومة، لهذا لا تسري عليه أحكام المادة 183/أصول حقوقية التي توجب أن يقدّم كل طلب باستدعاء لأن الطلبات المقصودة بهذه المادة هي الطلبات التي تستلزم اتخاذ قرارات ولائية كطلب الحجز أو وقف التنفيذ أو تعيين حارس قضائي أو قيم، والقول بخلاف ذلك يؤدي إلى عدم  قبول أي دفع شكلي ما لم يقدم به استدعاء وذلك مخالف لما استقر عليه الفقه والقضاء(256).

 

ثم عدلت في أحكام لاحقة عن ذلك واعتبرته دفعاً بعدم القبول وقد جاء في قضائها بأنّ الرأي الراجح فقهاً وقضاءً هو أنّ الدفع بالاعتداد بشرط التحكيم هو دفع بعدم القبول وأن الحكم الذي تصدره المحكمة بتوقيف الإجراءات القضائية لوجود شرط يوجب حل النزاع بطريق التحكيم ينهي الدعوى ويزيل الخصومة ويجعلها كأن لم تكن(257)، وأن المدعي بعد صدور الحكم بتوقيف الإجراءات القضائية استناداً للمادة السادسة من قانون التحكيم لا يملك الحق بمتابعة الدعوى بل لا بد من إقامة دعوى جديدة ودفع الرسوم عنها عند وجود سبب يحول دون الفصل في النزاع بطريق التحكيم(258). كما جاء في حكم آخر بأنّ الاتفاق على التحكيم معناه تنازل الخصم عن الالتجاء إلى القضاء لحماية حقّه ما دام شرط التحكيم قائماً، وأنّ الدفع بالاعتداد بشرط التحكيم وطلب وقف إجراءات الدعوى بسبب وجود اتفاق على إحالة النزاع على التحكيم هو من قبيل الدفع بعدم القبول، وأن المحكمة إذا أصدرت قرارها بشأن الدفع بعدم قبول الدعوى فإنّ مثل هذا القرار لا يقبل الاستئناف منفرداً لأنه ليس من شأنه أن يرفع يد المحكمة عن الدعوى، وإنما يطعن فيه مع الحكم الذي سيفصل فيها كما استقر على ذلك الاجتهاد(259). وفي قضاء حديث لها ذهبت إلى أنه يستفاد من نص المادة السادسة من قانون التحكيم رقم (18) لسنة 1953 أن الدفع بشرط التحكيم هو دفع بعدم قبول الدعوى يتوجّب التمسّك به قبل الدخول في الأساس، والحكم الذي يصدر نتيجة هذا الدفع بتوقيف الإجراءات القضائية لوجود اتفاق بين المتداعين يوجب حل النزاع بطريق التحكيم ينهي الدعوى القائمة ويزيل الخصومة ويجعلها كأن لم تكن(260).

وإن الاتفاق على التحكيم لا يسلب سلطة القضاء في البتّ في النزاع إلا إذا تقدّم أحد الخصوم بطلب لوقف الإجراءات قبل الدخول في أساس الدعوى عملاً بالمادة السادسة من قانون التحكيم وأثبت فيه التدابير اللازمة لانتظام التحكيم(261). وأن الدفع بالاعتداد بالتحكيم هو دفع بعدم قبول الدعوى، ويتعين على المحكمة إن قبلته أن توقف إجراءات الدعوى دون أن تقضي بردّها(262).

وقضت في موضع آخر بأنّ قرار محكمة البداية بالسير في الدعوى الأصلية واعتبار التحكيم غير قائم لا يرفع يد المحكمة عن الدعوى، وأنه لذلك لا يقبل الاستئناف منفرداً وإنما يطعن فيه مع الحكم الذي سيفصل في الدعوى(263). ويلاحظ على اجتهاد محكمة التمييز الأردنية القاضي باعتبار الدفع بالتحكيم من قبيل الدفوع بعدم القبول ما يلي :

  1. القول بأن الدفع بالتحكيم من الدفوع بعدم القبول يتعارض مع حكم المادة السادسة من قانون التحكيم الذي يوجب التمسك به قبل الدخول في أساس الدعوى في حين أن أبرز ما يميز الدفوع بعدم القبول هو جواز إبدائها في أية حالة تكون عليها الدعوى. وإذا كان هناك من يرى بأن حكم المادة السادسة من قانون التحكيم الاردني يشكل حالة استثنائية لهذا الدفع (264)، فإن الرد على ذلك بأن الإلزام بوجوب تقديمه قبل الدخول في الأساس لا يبقي من فكرة عدم القبول شيئاً فلا يعود للتسمية أية قيمة عملية.
  2. القول بأنّ الحكم الذي يصدر نتيجة هذا الدفع بتوقيف الإجراءات القضائية ينهي الدعوى القائمة ويزيل الخصومة ويجعلها كأن لم تكن فيه تزيد وتحميل لنظام توقيف الإجراءات أكثر مما يحتمل. وتوقيف الإجراءات بحد ذاته لا يؤدي إلى هذه النتيجة، وما لم تقض المحكمة بعدم قبول الدعوى – وهو غير الحكم بتوقيف الإجراءات – يتعذر التسليم بالرأي الذي ذهب إليه قضاء هذه المحكمة.
  3. الزعم بأن الاتفاق على التحكم لا يسلب سلطة القضاء البت في النزاع المتفق على حلّه بطريق التحكيم إلا إذا تقدّم أحد الخصوم بطلب وقف الإجراءات وأثبت التدابير اللازمة لانتظام التحكيم قبل الدخول في الأساس، هذا الزعم يتجاهل الأثر المزدوج لاتفاق التحكيم والذي يتمثل في جانبه السلبي بمنع الخصوم من اللجوء إلى المحكمة المختصة، وهو ما يتحقق بمجرد الاتفاق على التحكيم ما دام صحيحاً ومستوفياً لشرائطه القانونية. وهذه المسألة غير قضايا الإثبات وسقوط الحق في الإدلاء به وفقاً لما رسمه القانون.
  4. وقولها بأنّ قبول الدفع بالتحكيم – وهو دفع بعدم القبول – يوجب على المحكمة إن قبلته أن توقف إجراءات الدعوى دون أن تقضي بردها لا يستقيم مع قولها بأن قبول الدفع بعدم القبول يزيل الخصومة ويجعلها كأن لم تكن لأن مفهوم ردّ الدعوى من الممكن أن يستوعب فكرة عدم قبولها بعكس توقيف الإجراءات لا سيما في ظل قانون أصول المحاكمات المدنية الجديد.
  5. وقضاؤها بأنّ قرار محكمة البداية بالسير في الدعوى الأصلية واعتبار التحكيم غير قائم لا يرفع يد المحكمة عن الدعوى، لذلك فإنه لا يقبل الاستئناف منفرداً، هذا القضاء وأن كان يتفق مع أحكام القواعد العامة التي تحظر الطعن في الأحكام التي تصدر أثناء سير الدعوى ولا تنتهي بها الخصومة إلا بعد صدور الحكم المنهي للخصومة كلها(265)، والحكم الصادر برفض الدفع بعدم القبول من هذا القبيل – إلا أنه محل نظر من ناحية أن السماح بالطعن في الحكم الصادر برفض الدفع بعدم القبول قد يغني المحكمة عن نظر الموضوع إذا تمّ فسخه وقُبل استئنافاً، أمّا إذا أرجئ استئناف الدفع إلى حين الفصل في الموضوع فمعناه الإصرار على السير بإجراءات الدعوى إلى نهايتها فلا تعود هناك فائدة من قبول الدفع الذي يرمي إلى منع المحكمة من نظر الموضوع، فإذا قضي الأمر فيه أصبح الدفع بالتحكيم غير ذي موضوع حتى لو فصل فيه لمصلحة مقدمة لأنه لم يعد هناك محل لتوقيف الإجراءات وإحالة المتداعين إلى المحكمين وقد وصل الأمر بالمحكمة إلى الفصل في موضوع النزاع. لذلك فإنّ من حسن سير العدالة أن يسمح باستئناف الحكم الابتدائي – القاضي باعتبار التحكيم غير قائم – على استقلال. ويشفع لقضاء المحكمة أن القانون قد كبّلها بحكم المادة 170/أصول مدنية سالفة الذكر.

 

المطلب الرابع

تقدير الاجتهادات المختلة لطبيعة الدفع بالتحكيم

 

يمكن ردّ الآراء والنظريات السابقة إلى اتجاهين رئيسين هما : الاتجاه القائل بأنّ الدفع بالتحكيم هو من الدفوع بعدم الاختصاص، والاتجاه الثاني القائل بأنه دفع بعدم القبول، ونحن نستبعد الاتجاه الأول القائل بعدم الاختصاص للأسباب التالية :

  1. موقف القانون المصري لا يرجح اعتبار الدفع بالتحكيم من الدفوع بعدم الاختصاص فهو يعطي للمحكمة المختصة أصلاً بنظر النزاع اختصاصاً يتنافى في تقريره مع القول بعدم اختصاصها بنظر النزاع المتّفق بصدده على التحكيم(226): فقد أجاز هذا القانون الطعن بالتماس إعادة النظر في حكم المحكم إلى ذات المحكمة المختصة أصلاً بنظر الدعوى(267) بما يؤكد اختصاصها إذا رفعت إليها في صورة طعن(267)، وكذلك يقدّم إليها طلب تفسير حكم المحكّم(268)، ويرجع إلى رئيسها للإنابات القضائية وللحكم على من يتخلّف من الشهود أو يمتنع عن الإجابة(270). فلا يمكن التسليم بعد كل ذلك بأنّ التحكيم ينزع اختصاص تلك المحكمة أو أن ما أنيط بها من صلاحيات هو مجرّد إشراف أو مراقبة لعمل المحكّم(271).وليس الأمر كذلك في القانون الفرنسي الذي نصّ صراحة على اعتباره دفعاً بعدم الاختصاص بما يحول دون أي اجتهاد آخر في معرض النص الصريح(272)، ولا محل للقياس أو الاستشهاد بالنص الفرنسي لاختلاف معالجة هذه المسألة في القانون المصري (وكذلك الأردني في حدود معينة) عمّا هي عليه في القانون الفرنسي .
  2. الاستناد إلى وجهة نظر محكمة النقض المصرية محل نظر لأن هذه المحكمة لا تعترف بغير التقسيم الثنائي للدفوع (دفوع شكلية، أو عدم قبول شكلية، وأخرى موضوعية، أو عدم قبول موضوعية) خلافاً لوجهة نظر القانون(273) وجمهور الفقه المصري.
  3. يعتمد ضابط التفرقة بين عدم الاختصاص وعدم القبول على أن الأول ينكر ولاية المحكمة فيما ينكر الثاني سلطة الخصم أو أحقيته بإقامة الدعوى دون اعتراض على اختصاص المحكمة(274). ويجوز للخصم بداهة أن يتذرع بالأمرين معاً على أن يحمل كلاً منهما على أساس مختلف وإذا كان مدلول الاختصاص في اللغة يتّسع للكثير من صور الدفوع، إلا أن معناه الاصطلاحي يقتصر على مخالفة قواعد الاختصاص التي توزّع القضايا على المحاكم وتبين نصيبها من المنازعات التي يجوز لها الفصل فيها(275) وفقاً لمعايير الولاية في الوظيفة (Juridiction) والنوع (Competence a raison de la matiere) والمكان أو المركز Copmpetnece territoriale ou copetence a raison de siege du tribunal” ,

أما عدم القبول فمرتبط بالدعوى بحسبانها حقاً إجرائياً ينبغي أن تتوافر له شروط معينة وتخلّف أحد هذه الشروط ينشئ دفعاً بعدم القبول(276).

  1. الخلط بين حق الدعوى وحق اللجوء إلى القضاء لا يشفع لحمل الدفع بعدم القبول بسب الاتفاق على التحكيم كما لا يكفي لهدمه، ذلك لأن الزعم بأنّ الاتفاق على التحكيم فيه معنى النزول عن حق الدعوى هو أمر غير ممكن قبل نشوء النزاع وليس بأقل منه النزول عن حق التقاضي لتعارضه مع النظام العام الذي يقدّس هذا الحق ويحظر التنازل عنه. وبذلك فإنّ فكرة التنازل عن الحق لا تسعف على أي من الوجهين، فضلاً عن أن النزول عن الحق – في الحدود المسموح بها قانوناً – لا يسمح بالعودة إلى المطالبة باقتضائه مجداً ويأخذ حكم الإبراء. الذي يسقط الحق وينقضي به الالتزام(277) وليس الاتفاق على التحكيم من هذا القبيل، فإذا أخفق لأي سبب كان للخصوم طلب حماية القضاء صاحب الولاية العامة .
  2. وإذا لم يكن الدفع بالتحكيم دفعاً بعدم الاختصاص فلن يكون من الدفوع الإجرائية الأخرى(278)، وهو ليس دفعاً موضوعياً بأي حال، لذلك لا يبقى غير اعتباره من الدفوع بعدم القبول تأسيساً على أن المشرّع ينظم حق الدعوى ويتطلب لمزاولتها شروطاً معينة من بينها عدم اختيار طريق آخر مشروع لحسم النزاع، وما دامت الدعوى ليست الوسيلة الوحيدة لحسم النزاع على الحقوق والمراكز القانونية وإذا صح أنها ليست واجباً قانونياً يجب اتباعه في جميع الأحوال، فإنّ من حق الخصوم أن يتّفقوا على طريق آخر ومن واجب المحكمة ومن دواعي المصلحتين الخاصة والعامة احترام الخيار الآخر، فإذا ما لجأ أي من أطراف الاتفاق إلى المحكمة فإنّ لخصمه الحق في أن ينكر عليه ذلك لتخلف شرط من شروط قبول الدعوى وهو عم اتفاق الخصوم على اختيار طريق آخر مواز ومحقق لنفس الهدف وهو حسم النزاع بطريق التحكيم.
  3. أمّا القول بأنّ الحكم بعدم قبول الدعوى إنما يعني عدم قبولها أمام جميع المحاكم وليس أمام المحكمة التي أصدرت الحكم فحسب، فذلك صحيح على أن يؤخذ في الاعتبار أن جهة التحكيم ليست محكمة عادية(279) حتى تكون مشمولة بهذا الحكم، وفي التحليل الآخر، فإنّ الحكم بعدم قبول الدعوى في حالة قبول الدفع بالتحكيم لا يعني أكثر من أن الدعوى لا تستحق ولا يجب أن تنظر من المحاكم عموماً، وقد أنيط أمر النزاع المحمول بها بجهة أخرى معتبرة فلم يعد للقضاء من سلطان على هذا النزاع ولم يعد للخصم من حق في طرق بابه ما دام التحكيم قائماً وصحيحاً.
  4. وبالنسبة لتحديد طبيعة الدفع بالتحكيم في ظل القانون الأردني وبالرغم من حرص القضاء الأردني على إلحاقه بالدفوع بعدم القبول، إلا أنّ نصّ المادة السادسة من قانون التحكيم يحول دون ذلك وقد أكدت صراحة على وجوب إبدائه قبل الدخول في الأساس. لذلك فإنّ مراعاة طبيعة هذا الدفع وفقاً لتأصيل الفقه الذي يدخل الدفع بالتحكيم في عداد الدفوع بعدم القبول تتطلب من المشرّع الأردني تعديل نصّ المادة السادسة بحذف الفقرة التي تلزم بإبداء هذا الدفع قبل الدخول في الأساس مع ترك حكم هذه المسألة للقواعد العامة للدفوع كما عالجها المشرّع في الفصل الأول من الباب الخامس في قانون أصول المحاكمات المدنية(280). بهذا فقط يمكن أن يكون قضاء التمييز قائماً على أساس وذا فائدة عملية فلا جدوى من اعتبار الدفع بالتحكيم دفعاً بعدم القبول في الوقت نفسه إخضاعه لأحكام الدفوع الإجرائية غير المتعلقة بالنظام العام.

 

المطلب الخامس

ميعاد الإدلاء بالدفع بالتحكيم

 

تحديد ميعاد الدفع بالتحكيم يتوقف على تحديد طبيعته، فهو عند القائلين بأنه دفع بعدم القبول غير ما هو عليه عند القائلين بأنه دفع إجرائي على التفصيل التالي :

 

الفرع الأول

ميعاد إبداء الدفع بالتحكيم وفقاً لأنصار عدم القبول

 

يجوز وفقاً لهذا الاتجاه إبداؤه في أية حالة تكون عليها الدعوى ولا يلزم الخصم بإبدائه قبل التكلم في الموضوع، والقول بإلزام الخصم بإبدائه قبل أي دفع شكلي محل نظر للأسباب التالية :

  1. لأنه إذا دفع المدّعى عليه بوجوب عرض النزاع على محكّمين فلا يجوز له بعدئذ أن يبدي دفعاً شكلياً لأن الأصل أن تحقق المحكمة قبل الفصل في أي نزاع فرعي من اختصاصها بنظر الدعوى المرفوعة أمامها بإجراءات صحيحة طبقاً لأحكام القانون، ولا يتصوّر العكس، فضلاً عن أن المشرّع يوجب إبداء الدفوع الشكلية قبل أي دفع آخر وإلا سقط الحق في الإدلاء بها(281).
  2. الأصل أن يبدي الخصم ما لديه من دفوع وطلبات في أية حالة تكون عليها الدعوى ما لم يقيده المشرّع بميعاد أو مناسبة معينة كما فعل بالنسبة للدفوع الشكلية، وما دام هذا الدفع ليس شكلياً فلا محل لإلزام الخصم بإبدائه قبل الخوض في الموضوع(282)؛ فإذا كان دفعاً بعدم القبول جاز إبداؤه في أية حالة تكون عليها الدعوى ولو لأول مرة أمام الاستئناف(283).
  3. يتّفق هذا القول مع التشريع الذي يجيز التراخي في إبداء الدفع بانتفاء الصفة وبعدم قبول الدعوى لرفعها في غير المناسبة أو الميعاد المحددين، ولا فرق بينه وبين هذه الدفوع من هذه الناحية(284).
  4. كذلك يتّفق هذا الاجتهاد مع وجهة نظر القضاء الذي يرى أن حكم محكمة الدرجة الأولى بعدم قبول الدعوى لوجود شرط التحكيم وإلغاء هذا الحكم استئنافاً يعيد الدعوى إلى محكمة أول درجة للفصل في الموضوع لعدم استنفاذ ولايتها في نظرة بمقتضى حكمها السابق(285).

 

الفرع الثاني

ميعاد الدفع بالتحكيم عند القائلين بعدم الاختصاص

 

ذهب هذا الرأي إلى القول بوجوب إبدائه قبل سائر الدفوع استناداً إلى أن اتفاق التحكيم عقد بين طرفيه يخضع لما تخضع له العقود من حالات البطلان والفسخ والانقضاء والتعديل وأن لأطرافه الحق في إلغائه أو تعديله دون معقّب ويكون لهم ذلك صراحةً أو ضمناً(286)،  ومتى تقرّر ذلك فإنّ تحديد وجوب إبداء الدفع بالتحكيم قبل غيره من الدفوع يستند إلى إرادة المتعاقدين، فإذا لجأ أحد الطرفين المتعاقدين على التحكيم إلى القضاء ولم يبد الطرف الآخر اعتراضاً على ذلك بل دفع الدعوى أو دافع فيها، فهم من ذلك أنهما قد رغبا عن التحكيم وألغيا اتفاقهما السابق بإرادتهما المشتركة، ومن ثمّ وجب احترام هذه الإرادة التي عبّرا عنها ضمنياً، ولا يتسنّى القول بأنّ العقد قد أهدر من جانب أحد أطرافه لمجرد تكلمه في الموضوع، أو لمجرد إدلائه بدفع موضوعي، وإنما أهدر من جانبين: المدّعي الذي لجأ إلى القضاء، والمدّعى عليه الذي جابه الدعوى287.

 

 

الفرع الثالث

ميعاد الدفع بالتحكيم في القانون الأردني

 

بصرف النظر عمّا هي عليه طبيعة الدفع بالتحكيم فإنّ المشرّع قد قطع بضرورة إبدائه قبل الدخول في أساس الدعوى وفقاً لأحكام المادة السادسة من قانون التحكيم سالفة الذكر. وغذا أمكن الاستدلال من هذا الحكم على أن المشرّع يعتبره من قبيل الدفوع الإجرائية غير المتصلة بالنظام العام، فإنّ حكم المادة 110/أصول دنية يملي بضرورة إبدائه مع سائر هذه الدفوع قبل أي دفع إجرائي أو طلب أو دفاع في الدعوى تحت طائلة السقوط.

 

الخاتمة

نخلص من هذه الدراسة إلى أن الاتفاق على عرض النزاع على محكمين هو اتفاق من نوع خاص ذو طبيعة قضائية من بعض الوجه ويستمد قوته القانونية من اتفاق الأفراد عليه كمظهر لسلطان إرادتهم ومباركة المشرّع لهذا الاتفاق. وأنه يترتب على هذا الاتفاق أثر مزدوج يتمثل في جانبه الإيجابي بحق الخصوم في اختيار طريق التحكيم لفض النزاع الذي نشأ أو قد ينشأ بينهم والمشمول باتفاق التحكيم مع الانصياع للحكم الصادر عن المحكّمين، أما في جانبه السلبي فيتمثل في امتناع الخصوم عن طرق باب المحكمة المختصة ما دام التحكيم قائماً وصحيحاً وقابلاً للوصول بالنزاع إلى ما يشبه الحسم الذي يحقّقه الحكم القضائي.

وقد رأينا أن المشرّع الأردني قد أعطى المحكمة – كأثر لقبول الدفع بالتحكيم الحق في توقيف الإجراءات، وأن قضاء التمييز قد رتّب على ذلك إنها ء الخصومة واعتبارها كأن لم تكن، الأمر الذي يخالف نظام وقف الخصومة بالمعنى الذي أشارت إليه المادتان (122 و123) من قانون أصول المحاكمات المدنية ويتعذّر القول به ما لم يكن الوقف مرادفاً لردّ الدعوى أو عدم قبولها. وكان تقديرنا أن اجتهاد محكمة التمييز قد وقع تحت تاثير قانون أصول المحاكمات الحقوقية الملغي الذي لم يألف نظام وقف الخصومة بالمعنى الذي تبنّاه القانون الحالي .

وعندما انتقلنا إلى الحديث عن طبيعة الدفع بالتحكيم رأينا أن جمهور الفقه المقارن يميّز بين طوائف ثلاث: دفوع شكلية أو إجرائية تتعلق بشكل وإجراءات الخصومة ودفوع موضوعية تتناول أصل الحق المنازع عليه ودفوع بعدم القبول تتعلق بحق الدعوى كحق متميز وتتأسس على عدم استيفاء أحد الشروط أو المقتضيات التي يتطلبها القانون لقبول الدعوى. وقد استعرضنا اتجاهات الفقه بهذا الصدد وتبيّن لنا أنها تصبّ في اتجاهين رئيسين أحدهما يعتبر الدفع بالتحكيم من قبيل الدفوع الإجرائية وتحديداً عدم الاختصاص، والثاني يدخله في دائرة عدم القبول ولكل ذرائعه وأسانيده، وقد رجحنا الرأي الذي ينادي بفكرة عدم القبول.

وقد أوضحنا في هذا السياق بأن التفرقة بين أنواع الدفوع المختلفة لا تخلو من فائدة عملية، وكذلك بشأن تحديد طبيعة الدفع بالتحكيم وأشرنا إلى أن ما يميز بينها من أحكام كما عرضها الفقه المقارن – يبدو من أوه متعددة لعل من أبرزها :

  • إن الحكم بعدم قبول الدعوى – قبول الدفع بعدم القبول – لا يستنفذ سلطة محكمة الدرجة الأولى إذا ما ألغي استئنافاً ولا يحوز حجية الأمر المقضي بالنسبة لموضوع النزاع وذلك شأن الدفع الإجرائي أيضاً.
  • وإن الدفع بعدم القبول وكذلك الدفع الموضوعي لا يخضعان في إبدائهما لترتيب معين كما هو شأن الدفع الإجرائي ما لم يكن متعلقاً بالنظام العام.
  • وإن الدفع بعدم القبول وكذلك الدفع الموضوعي تجوز إثارته في أية حالة تكون عليها الدعوى بعكس الدفع الإجرائي ما لم يكن متعلقاً بالنظام العام.

وقد رأينا أن المشرّع الأردني قد ألزم بضرورة إبداء الدفع بالتحكيم قبل الدخول في الأساس، وأن محكمة التمييز الأردنية بالرغم من نصّ المادة السادسة من قانون التحكيم قد ذهبت في أحكامها الحديثة إلى اعتبار الدفع بالتحكيم من قبيل الدفوع بعدم القبول، ورأينا أن حكم المادة السادسة يحول دون تأييد هذا القضاء مع سلامة تأصيله، لأن المادة الساسدة سالفة الذكر تجرّد هذا التكييف أهم خصائصه فلا يعود له من فائدة عملية. ونحن نلتمس العذر للمشرّع الأردني الذي قام بصياغة نص المادة السادسة من قانون التحكيم دون أن تكون فكرة عدم القبول حاضرة في ذهنه فأقامها على هدى قانون الأصول الملغي الذي لم يلتفت لغير التقسيم التقليدي بين دفوع تبدى قبل الدخول في الأساس، ودفوع أخرى يجوز إبداؤها بعد ذلك، مع أن هذا التقسيم ينبغي أن يكون نتيجة لتحديد طبيعة الدفع وليس العكس، كما رأينا أن معالجة المشرّع الأردني لموضوع الدفوع في قانون الأصول الحالي لم تسلم هي الأخرى من الخلط والتأثر بأدبيات القانون السابق.

ومع ميلنا في تحديد طبيعة الدفع بالتحكيم إلى التكييف القائل بعدم القبول والمؤيد باجتهادات محكمة التمييز الحديثة التي أفصحت عن عقيدتها في تبنّي فكرة عدم القبول، ولإزالة التناقض الذي يحول دون إعمال هذه الفكرة الجديرة بالتبنّي، نتمنّى على المشرّع الأردني إعادة للنظر فيما يلي :

  1. نص المادة السادسة من قانون التحكيم الأردني بحذف الفقرة التي تلزم بإبدائه قبل الدخول في الأساس على أن يترك تحديد موعد إبدائه للقواعد العامة للدفوع الواردة في قانون أصول المحاكمات المدنية.

ومن جهة ثانية إعطاء عبارة توقيف الإجراءات المعنى الاصطلاحي الذي يتّفق ومعنى وقف الخصومة الوارد في المادتين (122 و 123) أصول محاكمات مدنية وتحديد موعد لهذا الوقف بحيث إذا لم يتم حسم النزاع خلاله يعود الخصوم لاستئناف الدعوى من النقطة التي توقفت عندها.

  1. حذف الفقرتين الأولى والثانية من المادة (109) أصول مدنية لتزيدها على المادة (110)، والثانية لعدم تمييزها بين طوائف الدفوع المختلفة ولعدم دقتها في معالجتها، وكذلك لتعارضها مع نص المادة (112) من نفس القانون.

 

 

 

 

 

 

الهوامش

  1. التحكيم في اللغة معناه التفويض في الحكم فهو مأخوذ من حكمه وأحكمه، فاستحكم أي صار محكماً في ماله تحكيماً، إذ جعل إليه الحكم فاحتكم إليه في ذلك : القاموس المحيط، الجزء الرابع، ص 98.
  2. ابن نجيم، البحر الرائق في شرح كنز الدقائق، الجزء السابع، ص24 وقد عرفته مجلة الأحكام العدلية بقولها: اتخاذ الخصمين شخصاً آخر برضاهما لفصل خصومتهما ودعواهما” راجع المادة (1790) من مجلة الأحكام العدلية.
  3. عبد الرزاق السنهوري، الوسيط، الجزء الرابع بند 212، محمد حامد فهمي، تنفيذ الأحكام والسندات الرسمية والحجوز التحفظية، القاهرة 1952، ص41، محمد وعبد الوهاب العشماوي، قواعد المرافعات، الجزء الأول، ص293، فتحي والي، الوسيط، ط(2) ص 968 بند 410، أبو الوفا، التحكيم الاختياري والإجباري، ط (3) ص 15، بند 1، محمود هاشم، القواعد العامة للتنفيذ القضائي، ط 1980، ص 133، أحمد سعيد المومني، التحكيم في التشريع الأردني والمقارن، الجزء الأول، ص56.
  4. محمود محمد هاشم، اتفاق التحكيم وأثره على الإجراء القضائي في الفقه الإسلامي والأنظمة الوضعية، دار الفكر العربي 1985، ص10-11 .
  5. محمد وعبد الوهاب العشماوي، المرجع السابق، ص290 بند 236 .
  6. أبو الوفا، الإشارة السابقة، فتحي والي، المرجع السابق، ص969 بند 410.
  7. راجع المادة (100) من الدستور الأردني وقد جاء فيه بأن المحاكم مفتوحة للجميع ومصونة من التدخل في شؤونها .
  8. أبو الوفا، المرجع السابق، ص16 وما بعدها بند 2. وقارن أحمد المومني، المرجع السابق ص 121 حيث يرى بأنه يتم بمقتضى اتفاق التحكيم تنازل الخصوم عن اللجوء للقضاء لفض نزاعاتهم للجوء إلى محكم أو محكمين.
  9. أحمد حشيش، الدفع بعدم قبول الدعوى الدنية، رسالة جامعة الاسكندرية 1986 ص 143 بند 96 وانظر أيضاً: نقض مصري، الطعن رقم (113) لسنة 46 قضائية مشار إليه في الدناصوري وعكاز، التعليق على قانون المرافعات ط(2) 1982 ص 265 بند 17، وكذلك الطعن رقم 9 لسنة 42 ق تاريخ 16/1/1976 س 27 ص 138، مشار إليه في : أحمد حسني، قضاء النقض البحري، ط (2) ص 72، 87.9م. ولكنه عدّل عن ذلك في قانون التحكيم الجديد رقم 27 لسنة 1994 الذي بموجبه ألغيت المواد (501-513) من قانون المرافعات رقم 13 لسنة 1968. والمعدّل بالقانون رقم 23 لسنة 1992، واستعيض عنها بقانون التحكيم المذكور وقد جاء في مادته العاشرة ما يلي : “اتفاق التحكيم هو اتفاق الطرفين على الالتجاء إلى التحكيم لتسوية كل أو بعض المنازعات التي نشأت أو يمكن أن تنشأ بينهما بمناسبة علاقة قانونية معينة عقدية أو غير عقدية”.
  10. راجع حكم محكمة التمييز الأردنية رقم 37 لسنة 1972. مشار إليه في مجموعة المبادئ القانون لمحكمة التميز. الجزء الثالث ص 348.
  11. راجع محكمة التمييز الأردنية رقم 31/1955، المنشور على الصفحة 72 من العدد الثاني للسنة الثانية من مجلة نقابة المحامين الأردنية. وهو نفس موقف المشرّع المصري الذي لا يجيز إثبات التحكيم إلا بالكتابة، راجع المادة 501/ مرافعات مصري والمادة 12 من قانون التحكيم المصري الجديد، وما لم يقرر الخصم بالاتفاق على التحكيم وبكافة عناصره فإنه لا يقبل أي دليل آخر على وجوده غير الدليل الكتاب: أحمد المومني،المرجع السابق ص122-124.
  12. نقض مصري، الطعن رقم 275 لسنة 36 ق جلسة 16/2/1971 س 22 ص179، مشار إليه في : هشام الطويل، الدفع بعدم القبول، ص 338 بند (4) .
  13. صلاح الناهي، التنظيم القضائي في الأردن، ص 199.
  14. أحمد أبو الوفا، الجديد في عقد التحكيم وإجراءاته، مجلة الحقوق، الاسكندرية، العدد الأول، السنة 1970، ص9، راجع أيضاً المادة 502/ مرافعات مصري وأيضاً المادة 10/2 من قانون التحكيم المصري الجديد .
  15. راجع المادتين 7 و 8 من قانون التحكيم الأردني سالف الذكر وقارن المادة 502/مرافعات مصري التي لا تعطي المحكمة الحق في تعيين المحكمين وتقصره على أطراف العلاقة وقد عدّل المشرّع المصري عن خطته في القانون الجديد بما قرّرته المادة (17) من قانون التحكيم المصري الجديد التي أعطت للمحكمة الحق في اختيار المحكم إذا كانت هيئة التحكيم مشكلة من شخص واحد، ولم يتفق الطرفان على اختياره وذلك بناءً على طلب الطرفين. وكذلك إذا كانت الهيئة مشكلة من ثلاث محكمين ولم يعين أحد الطرفين محكمة خلال الثلاثين يوماً التالية لتاريخ تعيين آخرهما.
  16. أحمد المومني، المرجع السابق، ص 149 وما بعدها وراجع المادتين 88 و 163 من القانون المدني الأردني.
  17. بدائع الصنائع، الجزء السادس ص 39-56، مجمع الأنهر الجزء الثاني ص173-174، فتح القدير، الجزء الخامس ص 499 – 500 المغنى، الجزء التاسع ص108، وأنظر أيضاً نص المادة الرابعة من قانون التحكيم الأردني التي لا تجيز الرجوع عن اتفاق التحكيم إلا باتفاق الفريقين أو بموافقة المحكمة ما لم يذكر في الاتفاق عكس ذلك.
  18. ومن قوانين الأصول التي تجري هذه التفرقة: القوانين المصرية والسورية والكويتية.
  19. أحمد المومني، المرجع السابق، ص 72 و 98.
  20. أبو الوفا، المقالة السابقة، ص 15 وراجع المادة 506/1 مرافعات مصري وأيضاً المادة 39/4 من قانون التحكيم المصري. على أن الحكم الصادر فيهما يجب أن يكون مسبباً: راجع المادة 507/مرافعات مصري وأيضاً المادة 43/2/ تحكيم مصري جديد، وأيضاً أحمد المومني، الإشارة السابقة.
  21. ابو الوفا، التعليق على قانون المرافعات، الجزء الثاني ص 1386.
  22. أبو الوفا، المقالة السابقة، نفس الإشارة، أمينة النمر، أصول المحاكمات المدنية، ص 362 بند 65.
  23. أبو الوفا، المقالة السابقة، الإشارة السابقة، أمينة النمر، الإشارة السابقة.
  24. راجع المادة 506/مرافعات مصري والمواد 39 وما بعدها من قانون التحكيم المصري الجديد .
  25. أبو الوفا، التعليق، ص 1405.
  26. راجع المادة 511/مرافعات مصري وأبو الوفا، التعليق، ص 1406، وقارن المادة 52/1 من قانون التحكيم المصري الجديد التي لا تجيز الطعن في أحكام المحكمين بأي طريق من طرق الطعن المنصوص عليها في قانون المرافعات المصري .
  27. راجع المادة 511/ مرافعات مصري والمادة 52/2/ تحكيم مصري جديد .
  28. أبو الوفا، التحكيم بالقضاء والصلح، ط 1964، ص 172، وفي هذا السياق فإن منح الخصوم المحكم سلطة الفصل في النزاع بالاعتماد على مبادئ العدالة دون التقيد بقواعد القانون يقطع في الدلالة على اعتباره محكماً مصالحاً مما يعفيه من التقيد بمواعيد المرافعات وإجراءاتها : نفس الإشارة السابقة .
  29. راجع المادة (2) من قانون التحكيم الأردني.
  30. راجع المادة 5/2/ من قانون التحكيم الأردني، وأيضاً أحمد المومني، المرجع السابق، ص 347.
  31. راجع المادة 511/مرافعات مصري وقارن المادة 52/1 من قانون التحكيم المصري الجديد سالفة الذكر.
  32. ويقابله التماس إعادة النظر في القانون المصري .
  33. راجع المادة 213 من قانون أصول المحاكمات المدنية الأردني رقم (24) لسنة 1988.
  34. أحمد المومني، المرجع السابق، ص 347 وما بعدها .
  35. أحمد المومني، المرجع السابق، ص 358 وما بعدها .
  36. وقد أوردت المادة 512/مرافعات مصري الحالات التي تبرر طلب بطلان حكم المحكمين وهي ذات الأسباب التي تستند إليها دعوى الفسخ في قانون التحكيم الأردني مضافاً إليها حالات عدم تحديد موضوع النزاع في اتفاق التحكيم (501/مرافعات مصري) ووقوع بطلان في الحكم أو في الإجراءات أثر في الحكم (512/4/مرافعات مصري) وقارن ما جاء في المادة 53/1 من قانون التحكيم المصري الجديد بخصوص الأحوال المبررة لقبول دعوى البطلان وقد أوردت اسباباً جديدة منها : إذا كان أحد طرفي التحكيم وقت إبرامه فاقد الأهلية أو ناقصها وفقاً للقانون الذي يحكم أهليته، أو تعذر على أحد طرفي التحكيم تقديم دفاعه بسبب عدم إعلاناٌ صحيحاً بتعيين محكم أو بإجراءات التحكيم أو لأي سبب آخر خارج عن إرادته. أو إذا استبعد حكم المحكمين تطبيق القانون الذي اتفق الأطراف على تطبيقه على موضوع النزاع، راجع أيضاً: أحمد المومني، الإشارة السابقة.
  37. راجع المادة 18/3 من قانون التحكيم الأردني.
  38. محمود هاشم، اتفاق التحكيم وأثره، ص 15 بند1، وجدي راغب، تأصيل الجانب الإجرائي في هيئة التحكيم، مجلة الحقوق، جامعة الكويت السنة السابعة، العدد الرابع، ديسمبر ص 107، عبد الرزاق السنهوري، الوسيط، المجلد الخامس، ص 555 وما بعدها، أحمد المومني، المرجع السابق، ص 62.
  39. راجع :

ROBERT (JEAN) TRAITE DE L’ARBITRAGE CIVILE ET COMMERCIALE, V.1, 1962, 3 RED SIREY, No.4.

وفي هذا المعنى قضي بأن الاتفاق الذي ينيط بمكتب محاسبة تحقيق مقدار الرصيد المترتب بذمة أحد طرفي الدعوى هو ليس اتفاق تحكيم وإنما إجراء ضروري لتتمكن المحكمة عند إصدار حكمها من ذكر مقدار الرصيد تطبيقاً للمصالحة الجارية، وعليه فإن الاتفاق الجاري هو اتفاق مصالحة وليس اتفاق تحكيم : تميز حقوق 491/76 ص 730 لسنة 1977 مشار إليه في : مجموعة المبادئ القانونية لمحكمة التميز، الجزء الرابع، ص 469.

  1. أحمد المومني، المرجع السابق، ص63.
  2. راجع

GARSONNET ET CEZAR-BRU: TRAITE DE PROCEDURE CIVILE ET COMMERCIALE, 3 RED, SIREY, PARIS (1912-1913), V.8, No. 228.

  1. محمود هاشم، اتفاق التحكيم وأثره، المرجع السابق، ص 16 وقارن: من يرى أن حكم التحكيم يصير صلحاً إذا قبله الخصوم.

JEAN CLAUDE DUBARRY ET ALAIM BENABENT : TRIBUNAUX DE COMMERCE ARBI TRAGE, REV TRIM DROIT COMM.ET-DE. ECON. 1982, P.94-95, No. 1.

ومن جانب آخر يختلف الوكيل عن المحكم في أن الأول يعمل لصالح موكله ويحل محله في التصرف ويمكن أن يتنصل الموكل من بعض أعمال الوكيل وفاقاً لقواعد القانون المدني، أما المحكم فيلتزم جانب الحياد والتجرّد كما هو شأن القاضي، أحمد المومني، المرجع السابق، ص64، ويكفي في المحكم أن يكون ذا قدرة ولا يشترط أن يكون من ذوي الخبرات الفنية، وهو مقيد في أداء مهمته بقواعد آمرة ينتظمها قانون التحكيم وذلك ما يميزه عن الخبير: أحمد المومني، نفس المرجع السابق، ص 63.

  1. للفقه الإيطالي اجتهادات غنية في هذا المجال، راجع : فتحي والي، قانون القضاء المدني، ط1973، ص 83 وما بعدها .
  2. وجدي راغب، النظرية العامة للعمل القضائي، رسالة، ص 282، أحمد حشيش، الدفع بعدم القبول، ص 146، بند 97.
  3. فتحي والي، المرجع السابق، ص 83-84.
  4. أحمد حشيش، الرسالة، ص 146 بند 97.
  5. يأخذ بهذا الرأي من الفقه الإيطالي: ساتا، مرافعات ط 1954، ص 623-925، بند 520، وتسير محكمة النقض المصرية في ركاب هذا الرأي حيث ذهبت في بعض أحكامها إلى القول بأن اختصاص جهة التحكيم بنظر النزاع وإن كان يرتكز أساساً إلى حكم القانون الذي أجاز استثناء طلب اختصاص جهة القضاء، إلا أنّه ينبني مباشرة وفي كل حالة على حدة على اتفاق الطرفين، وهذه الطبيعة الاتفاقية التي يتسم بها شرط التحكيم وتتخذ قواماً لوجوده تجعله غير متعلق بالنظام العام: الطعن رقم 167 لسنة 31ق جلسة 24/5/1966 س 17 ص 1223 مشار إليه في هشام الطويل، الدفع بعدم قبول الدعوى، ص 343 بند ب/1.
  6. وقد أشارت المذكرة الإيضاحية لمجموعة المرافعات المصرية الجديدة صراحة إلى أن حكم المحكمين ليس حكماً قضائياً، راجع فتحي والي، المرجع السابق، ص 84، آمال الفزايري، دور قضاء الدولة في تحقيق فاعلية التحكيم منشأة المعارف الاسكندرية 1993 ص 77 وما بعدها بند 16، محمد حامد فهمي، تنفيذ الأحكام الأجنبية والسندات التنفيذية، القاهرة 1951، بند 3، عزمي عبد الفتاح، سلطة المحكمين في تفسير وتصحيح أحكامهم، مقالة منشورة بمجلة حقوق الكويت، السنة الثانية، العدد الرابع، ديسمبر 1984 ص101 هامش (3)، أمينة النمر، قوانين المرافعات، الجزء الثالث ص 152، وجدي راغب، الرسالة، ص 381، وأيضاً:
    • MOTULSKY (HENRY): ECRITS ETUDES ET NOT SURL’ARBITRAGE, DALLOZ, PARIS 1960, P.8, ET.S.
    • DEVICHI (RUBELLN): L’ARBITRAGE NATURE, JURIDIQUE, DROIT INTERNT ET DROIT INTERNATIONAL, PARIS, 1965, NO.5, ET.S.
  7. أنظر في نقد النظرية التعاقدية من الفقه الإيطالي :
    • CHIOVENDA (G) : ISTITUZIONI DI DIRITTO PROCESSUALE CIVILE, V.I, NAAPOLI, 1953, P. 68-69.
    • COSTA (S) : MANUALE DI DIRITTO PROCESSUALE CIVILE, TORIN, 1955, P. 80, NO. 61.

ومن الفقه الفرنسي موتولسكي وديفيشي، الإشارات السابقة، وراجع ما أشير إليه في فتحي والي، المرجع السابق، ص 85.

  1. SANTORO PASARELLI(F) GIUDIZIO.RIV. TRIM. CIV. 1956, P. 1161.
  2. الإشارة السابقة وهذه هي وجهة القانون المصري، وكذلك القانوني الإيطالي بدلالة المادة (822) من قانون الإجراءات المدنية الإيطالي.
  3. ديفيشي، المرجع السابق، ص15 بند 17، ص364-365 بند 584، وأيضاً: والي الإشارة السابقة، آمال الفزايري، المرجع السابق، ص 82 وما بعدها بند 18.
  4. راجع من الفقه الإيطالي :
    • CARNELUTTI (F.) ISTITUZIONO DEL PROCESSO CIVILE ITALIANO, V.I ROMA, 1956, P. 60.59.

 

ومن دعاة هذا الرأي في الفقه المصري: السنهوري، الوسيط، الجزء الثاني ص 650 بند 351، ومحمد كامل ليلة الرقابة القضائية ص 584 هامش1، عبد المنعم الشرقاوي، شرح قانون المرافعات، ص 633 بند 464، رمزي سيف، قواعد تنفيذ الأحكام، ط 1969، ص 66 بند 64، ص 98 بند 95، أبو الوفا، نظرية الأحكام في قانون المرافعات ط(4) ص 16 بند 13، محمد عبد الخالق عمر، النظام القضائي المدني، 108، آمال الفزايري، المرجع السابق، ص 41 بند 8 ومن الفقه الفرنسي :

MOREL (RENE): TRAITE ELEMENTAIRE DE PROCEDURE CIVILE, 2E EDITION, 1949, P. 555, No. 732.

  1. تمييز حقوق 476/65 ص 371 لسنة 1966، منشور في مجموعة المبادئ القانونية لمحكمة التمييز الجزء الثاني، القسم الثاني، ص 1499.
  2. راجع ما سبقت الإشارة إليه في سياق عرض النظرية التعاقدية.
  3. فتحي والي، قانون القضاء المدني، ط 1973 ص 88.
  4. فتحي والي، الإشارة السابقة.
  5. راجع المادة 506/مرافعات مصري.
  6. راجع المادة 505/مرافعات مصري والمادة 13/3 من قانون التحكيم الأردني .
  7. فتحي والي، الإشارة السابقة .
  8. فتحي والي، الإشارة السابقة.
  9. آمال الفزايري، المرجع السابق، ص 110 بند 29. وترى أن هذه الرقابة ليست متطلباً سابقاً لثبوت الحجية لحكم المحكمين، وتجد أساسها لدى فقه المرافعات في كون حكم المحكمين قضاء خاصاً يستند إلى اتفاق التحكيم ولا يستمد أية قوة من السلطة العامة : 111 بند 30، ص 142 بند 36.
  10. فتحي والي، الإشارة السابقة، محمد عبد الخالق عمر، النظام القضائين المدني، ص 108.
  11. ديفيشي، المرجع السابق، ص 16 بند 11 فتحي والي، الإشارة السابقة : ويشير إلى أن ذلك الهدف لا يحول دون رغبة الأفراد في الامتثال لحكم القانون، وأن هذا الامتثال مفترض في جميع الأحوال، وقد يظهر من اتفاق الطرفين بالنسبة لقضاء الدولة كما في حالة اتفاق أطراف النزاع على تحديد محكمة مختصة بدعواهم وهو ما يعني رغبتهم في الامتثال لحكم هذه المحكمة : نفس المرجع ص 89.
  12. صاحب هذه النظرية الفقيه الإيطالي كيوفندا، راجع مؤلفه السابق، مبادئ الجزء الأول، ص 67 وما بعدها بند 26.
  13. كيوفندا، الإشارة السابقة، كوستا، المرجع السابق، ص 79-80 بند 61.
  14. فتحي والي، المرجع السابق، ص 86، أنظر المزيد من التفصيل بصدد هذه النظرية وأسانيدها وتقديرها: وجدي راغب، الرسالة، ص 381، أبو الوفا الحكيم ط(5) بند 3 و 86، إبراهيم نجيب سعد، حكم التحكيم، رسالة باريس 1969 ص503، أبو زيد رضوان، الأسس العامة في التحكيم التجاري والدولي، دار الفكر العربي، 1981 ص 30 بند 19، ص 54 وما يليها بند 29، آمال الفزايري، المرجع السابق، ص 80 وما بعدها بند 17، وأيضاً :

VIZIOZ (HENRY): ETUDES DE PROCEDURE, PARIS, 1956, P. 585 ET.S, NO.287.

وديفشي، المرجع السابق، ص10 بند 3، ص 14 بند 9، ص 16 وما بعدها بند 13. ومن الفقه الإيطالي:

SATTA (SALVATORE): DIRITTO PROCESSUALE CIVILE, PADOVA<1959, p. 641.

  1. وكذلك القضاء الذي تتولاه سلطة مدنية غير سلطة الدولة كما كان عليه الحال في مصر بالنسبة للمجالس المالية، راجع فتحي والي، المرجع السابق ص 87، وكما هو الحال بالنسبة للمحاكم الدينية في الأردن، راجع المادة الثانية من قانون تشكيل المحاكم النظامية في الأردن رقم (26) لسنة 1952.
  2. أحمد أبو الوفا، الجديد في عقد التحكيم وإجراءاته، مقالة، ص 14، محمد عبد الخالق عمر، الإشارة السابقة، وانظر في عرض النظرية وتقديرها: أبو الوفا، التحكيم، ط(5) ص 17، بند 2 وما يليه، ص 202 وما يليها بند 86، الشرقاوي، مرافعات، ط 1950، ص 633، رمزي سيف، قواعد تنفيذ الأحكام، ط 1969 ص 566، وجدي راغب، الرسالة، ص 381 وما يليها، محمود هاشم، النظرية العامة للتحكيم، دار الفكر العربي، 1990، ص 214 وما يليها فتحي والي، الوسيط 1987، ص 40 وما بعدها، آمال الفزايري، المرجع السابق، ص82، وما بعدها، بند 18.
  3. فتحي والي، قانون القضاء المدني الكويتي، ط 1977، ص 446 بند 347 ومؤلفه الوسيط، ط2، ص 972 بند 411،ـ وقارن عكس ذلك في الفقه الإيطالي الذي يرى أن له طبيعة إجرائية عامة بدلالة تأثير عقد التحكيم في الخصومة من حيث امتناع عرض النزاع على القضاء وتخويل المدعى عليه دفعاً به، إلى جانب أن اتفاق التحكيم ينظم خصومة التحكيم في كثير من النواحي التي ترك القانون للأفراد حرية تنظيمها، راجع في ذلك :
    • CARNELUTTI (FRANCESCO): SISTEMA DEL DIRITTO PROCESSUALE CIVILE (PADOVA 1936-1938) T.2, P.70, NO. 614.

وانظر أيضاً : آمال فزايري، دور قضاء الدولة في تحقيق فاعلية التحكيم، المرجع السابق، ص 41 بند 9: “التحكيم عقد خاص متميز عن سائر العقود بحكم موضوعه وهو التقاضي بطريق مواز لقضاء الدولة العام، ويخضع لرقابته ولكنه يبقى متميزاً عنه بحكم النظام الخاص لخصومة التحكيم كأسلوب موازم للخصومة القضائية”، وجدي راغب، تأصيل الجانب الإجرائي في هيئة التحكيم، معاملات الأسهم بالأجل، بحث منشور بمجلة الحقوق، جامعة الكويت، السنة السابعة، العدد الرابع، ديسمبر 1983 ص 106 وما يليها، ومؤلفة، النظرية العامة للعمل القضائي، رسالة، ص 385.

  1. فتحي والي، نظرية البطلان، الرسالة، ص130-131 بند 63، والقانون القضائي الكويتي، والوسيط ط(2)، الإشارات السابقة.
  2. أبو الوفا، التحكيم الاختياري والإجباري، ط(3) ص 19 بند 3.
  3. ومقصود حتماً على ما تنصرف إليه إرادة المحتكمين بالنسبة للنزاع المعروض عليهم : نقض مصري الطعن رقم 275 لسنة 36 ق جلسة 16/2/1971 م.م.ف، س22 ص 179، مشار إليه في : السيد خلف محمد، مجموعة المبادئ لمحكمة النقض (1970-1975). الهيئة المصرية العامة للكتاب ط1980، ص 369 بند 1372.
  4. أبو الوفا، الجيد في عقد التحكيم وإجراءاته، مقالة منشورة في مجلة الحقوق، جامعة الاسكندرية، السنة 15، العدد الأول، 1970، ص 3-29.
  5. آمال الفزايري، دور قضاء الدولة، المرجع السابق، ص 22 بند 6.
  6. تمييز حقوق 845/86 ص 2103 لسنة 1989، منشور في مجموعة المبادئ القانونية لمحكمة التمييز، نقابة المحامين، الجزء السابع، القسم الأول ص717.
  7. تمييز حقوق 150/87 ص 101 لسنة 1990، مجموعة المبادئ، الجزء السابع، القسم الأول، ص491.
  8. فتحي والي، الوسيط ط(2) ص 972 وما بعدها بند 412، محمود محمد هاشم، اتفاق التحكيم وأثره، المرجع السابق، ص 161 وجدي راغب، طبيعة الدفع بالتحكيم بحث موجز ومكتوب بخط اليد 1987 ص 1، أبو الوفا، الجديد في عقد التحكيم وإجراءاته، مقالة سبقت الإشارة إيها، ص9، محمد عبد الخالق عمر، النظام القضائي المدني، الجزء الأول، الطبعة الأولى، 1976، ص99.
  9. وجدي راغب، الإشارة السابقة.
  10. وجدي راغب، نفس الإشارة السابقة.
  11. محمود محمد هاشم، اتفاق التحكيم وأثره، المرجع السابق، ص 161.
  12. محمود محمد هاشم، الإشارة السابق ومؤلفةه قانون القضاء المدني، الجزء الثاني، ص100 بند 60، أبو الوفا، مرافعات، الطبعة (13) ص126 بند 118، أحمد المومني، المرجع السابق، ص194-195.
  13. نقض مدني مصري 14/4/1970، مجموعة أحكام النقض س 21 ص598، وقارن نقض 17/4/1965 س16 ص 788، نفس المرجع السابق.
  14. نقض مدني مصري 20/1/1970 س21 ص 146، 11/1/1966 س17 ص65، نفس المرجع السابق.
  15. فتحي والي، والوسيط، ط(2) ص972-973 بند 412، وجدي، راغب، طبيعة الدفع بالتحكيم، بحث سبقت الإشارة إليه، ص1-2.
  16. أبو الوفا، التحكيم في القوانين العربية ط(1)، ص 5، ومؤلفه التحكيم الاختياري والإجباري ط(3) ص 114 بند 43، محمود محمد هاشم، المرجع السابق ص162 بند 78.
  17. قانون التحكيم الأردني رقم (18) لسنة (1953) المنشور على الصفحة 482 من الجريدة الرسمية في عددها رقم (1131) الصادر بتاريخ 17/1/1953.
  18. أحمد المومني، المرجع السابق، ص159.
  19. راجع نص المادة 242/ من القانون المدني الأردني .
  20. أحمد المومني، المرجع السابق، ص160.
  21. أحمد المومني، المرجع السابق، 161/162.
  22. حتى أن القانون المصري في باب التحكيم لم يشر إلى هذه المسألة ولم ير فيها ما يستحق الذكر بين نصوصه.
  23. على أن تقديم الدفع في حد ذاته يؤكد هذه الرغبة ويغني عن إثباتها، راجع : تمييز أردني 312/77 منشور في مجموعة المبادئ القانونية لمحكمة التمييز، الجزء الرابع، ص470. وقضي بأنه يشترط لقبول طلب إحالة الخلاف للتحكيم قيام أسباب تكفي لإقناع المحكمة بأن الطالب كان مستعداً قبل الشروع في الدعوى ولا يزال راغباً بعد إقامتها في اتخاذ التدابير اللازمة لانتظام سير التحكيم بما يعني أن التمسك به بعد إقامة الدعوى لا يكفي وحده سبباً لتوقيف الإجراءات: تمييز حقوق رقم 45/47 مؤيد لقرار محكمة الاستئناف رقم 327/73الصادر بتاريخ 20/2/1973، مجلة نقابة المحامين لسنة 1974، ص 1049-1056.
  24. تمييز حقوق 323/73 تاريخ 30/9/1973، مجلة نقابة المحامين لعام 1974، ص 371-375.
  25. تمييز حقوق رقم 411/84 ص 152 لسنة 1985، مجموعة المبادئ القانونية لمحكمة التمييز / الجزء الخامس، القسم الأول، ص481.
  26. أحمد المومني، المرجع السابق، ص 178.
  27. أحمد المومني، نفس المرجع السابق، ص179 وقارن ما قضت به محكمة التمييز بقولها : إن عبارة وبأنه ليس هناك ما يحول دون إحالة الأمر للتحكيم حسب الاتفاق – الواردة في القانون تفيد أن حكم المادة يشمل الحالة التي لم يكن الأمر قد أحيل بشأنها على التحكيم فعلاً : تمييز حقوق رقم 285/75 تاريخ 29/6/1975، مجلة نقابة المحامين، لسنة 1979 ص 835-838.
  28. أحمد المومني، المرجع السابق، ص180، صلاح الناهي، المرجع السابق، ص200.
  29. أحمد المومني، نفس الإشارة السابقة، وتمييز حقوق رقم 80/67 مجلة نقابة المحامين لعام 1976 مجموعة المبادئ القانونية الجزء الرابع، ص 468 .
  30. راجع تمييز حقوق رقم 55/76 تاريخ 10/3/1976، مجلة نقابة المحامين لعام 1976، ص 1610-1615.
  31. راجع المادة 249/ أصول حقوقية ملغي التي لم تجعل من مخالفة القانون – موضوع الطعن – المتعلق بحقوق الخصمين سبباً للنقض إذا أهمل الخصم الاعتراض على ذلك أمام محكمة البداية والاستنئاف وآثارها أمام محكمة التمييز فقط : أحمد المومني، المرجع السابق، ص181، وهذا الحكم مؤيد بقضاء التمييز، راجع تمييز حقوق رقم 60/67 تاريخ 28/3/1967 مجموعة مجلة نقابة المحامين لسنة 1967 ص 512-571 وأيضاً: 456/66 ص 409، مجموعة المبادئ القانونية، الجزء الثاني، القسم الأول، ص750 .
  32. أحمد المومني، المرجع السابق، ص196 وقارن حكم محكمة التمييز الذي يرى أن الهدف من ذلك أن الطلب يختصر على المحكمة النظر في الدعوى المقامة ويغنيها عن بحث الموضوع: 528/87 ص 597 لسنة 1990 تاريخ 721/1987، مشار إليه في مجموعة المبادئ الجزء السابع، القسم الأول، ص493-494.
  33. القانون رقم 24 لسنة 1988.
  34. تمييز حقوق 13/83 ص 435 لسنة 1983 مجموعة المبادئ القانونية، الجزء الخامس، القسم الأول، ص478-479.
  35. وهذه هي وجهة نظر جمهور الفقه، راجع في ذلك أبو الوفا، التحكيم الاختياري والإجباري، ص 126 بند 47، ونظرية الدفوع ط(6) ص 272 بند 147 وأيضاً:
    • Glasson, Tissier et Morel: Traite elementaire de procedure civile, V.1, No. 280.
  36. أبو الوفا، التحكيم، المرجع السابق، ص 125 وما بعدها بند 47 فتحي والي، الوسيط ط(2) ص 1001 بند 426. ومع ذلك فقد قيل بأن ليس هناك ما يمنع من إحالة الدعوى إلى التحكيم إذا كان يدخل في اختصاص هيئات دائمة: محمود هاشم، اتفاق التحكيم وأثره، ص 174، محمد كمال عبد العزيز، تقنين المرافعات، ص 257 وأيضاً: نقض مصري 27/3/1979، س30 ص 941، مشار إليه في محمود هاشم، نفس الإِشارة السابقة.
  37. أحمد المومني، المرجع السابق، ص 205-206.
  38. أحمد أبو الوفا، التحكيم بالقضاء والصلح، ص124.
  39. أحمد المومني، المرجع السابق، ص206.
  40. راجع ما سبقت الإشارة إليه في هامش (54) .
  41. تميزي حقوق 21/66 ص 591 لسنة 1966 مجموعة المبادئ القانونية، الجزء الثاني، القسم الأول، ص 749، وقد ورد فيه : “في حالة إثارة دفع بوجوب إحالة النزاع إلى محكم إثارة قانونية، فإن القرار الذي يتوجب على المحكمة إصداره هو توقيف إجراءات الدعوى وليس ردها”. ونفس المعنى: 76/85 ص 813 لسنة 1985، مجموعة المبادئ القانونية، الجزء الخامس، القسم الأول، ص481. وقد اعتمد اجتهاد المحكمة في ظل قانون الأصول الملغي على حكم المادة السادسة من قانون التحكيم باعتباره قانوناً خاصاً مقيداً لنص المادة 16 من القانون الملغي.
  42. تمييز أردني 284/80 سبقت الإشارة إليه.
  43. راجع قراري محكمة التمييز رقم (21/66 و 76/85) وقد سبقت الإشارة إليها.
  44. راجع المادة 122 من قانون أصول المحاكمات المدنية لأردني وتقابل نص المادة 129/مرافعات مصري.
  45. راجع المادة 123/1، 123/2 من قانون أصول المحاكمات المدنية الأردني وتقابل نص المادة 128/مرافعات مصري.
  46. راجع نص المادة 123/3 من قانون أصول الحاكمات الأردني، وهو يقابل نص المادة 13/مرافعات مصري والذي جاء في سياق الحديث عن انقطاع الخصومة تأسيساً على نفس الحالات المشار إليها في النص الأردني، علماً بأن نظام انقطاع الخصومة يختلف عن نظام وقف الخصومة من حيث من يملك هذا الحق الإجرائي والأسباب التي يبنى عليها ونتائجه العملية : فبينما تملك المحكمة من تلقاء نفسها أو بناءً على طلب الخصوم، أو نص في القانون الحق في وقف الدعوى فإن الانقطاع يبنى على أحد من الحالات المشار إليها حصراً وهي وفاة أحد الخصوم أو فقده أهلية الخصومة أو زوال صفة من كان يباشر الخصومة نيابة عنه، وأخيراً فإن زوال سبب الوقف يؤدي إلى استئناف الدعوى من النقطة التي توقفت عندها أما زوال سبب الانقطاع فيخرج المدة السابقة للانقطاع من الاحتساب فتعتبر كأن لم تكن وبيدأ في حساب مدة جديدة : أحمد المومني، المرجع السابق، ص203 وما بعدها، أمينة النمر، أصول المحاكمات والمدنية، ص 157 وما بعدها بند 51 وما بعده، احمد الصاوي محمد، الوسيط في شرح قانون المرافعات المدنية والتجارية، ص 454 وما بعدها بند 323 وما بعده ص 463 وما بعدها بند 329 وما بعده، محمد محمود ابراهيم، الوجيز في المرافعات، ص 786 وما بعدها، ص 803 وما بعدها، وجدي راغب، مبادئ الخصومة المدنية، اطبعة الأولى، دار الفكر العربي، 1978 ص 331 وما بعدها، ص 339 وما بعدها.
  47. راجع المواد 134-137/ مرافعات مصري.
  48. راجع المادة 124/أصول محاكمات مدنية التي تجيز للمحكمة أن تقرر إسقاط الدعوى إذا كانت لائحة الدعوى لا تنطوي على سبب الدعوى أو كانت الحقوق المطلوبة مقدرة بأدنى من قيمتها ولم يقم المدعي بالتصحيح المطلوب في المدة المعنية، أو كانت الرسوم المدفوعة ناقصة ولم يستكملها المدعي في المدة المعنية.
  49. انظر حكم محكمة التمييز الذي جاء فيه “على محكمة الموضوع توقيف الإجراءات في الدعوى الأصلية لا ردها بقرارها المتعلق بالطلب المقدم لرد الدعوى قبل الدخول في الأساس بسبب الاتفاق على إحالة النزاع على التحكيم”: تمييز الحقوق 76/85 ص 813 لسنة 1985، مجموعة المبادئ القانونية الجزء الخامس القسم لأول، ص481 وأيضاً 282/76 ص 116 لسنة 1977 مجموعة المبادئ الجزء الرابع ص 468-469 .
  50. القانون رقم 13 لسنة 1968 وقد جاء موضوع التحكيم في الباب الثالث من الكتاب الثاني لهذا القانون في المواد (501-513) .
  51. قانون أصول المحاكمات الحقوقية رقم (42) لسنة 1952.
  52. أحمد المومني/ المرجع السابق ص 199-201.
  53. ذلك لأن انقضاء الخصومة يكون معلقاً على شرط حلول حكم المحكمين محل حكم القضاء فإذا أخفق التحكيم في فض النزاع تخلف الشرط واعتبرت الخصومة قائمة، العشماوي، مرافعات، الجزء الثاني ص429 بند 886.
  54. وجدي راغب، مبادئ الخصومة ص117.
  55. أحمد المومني، المرجع السابق، ص199.
  56. راجع المواد 127-129 من قانون أصول المحاكمات المدنية الحالي.
  57. راجع المادتين 122-123 من قانون أصول المحاكمات المدنية الحالي.
  58. راجع المواد 122-123 من قانون أصول المحاكمات المدنية الحالي وهي تقابل المادتين 128 و 129/مرافعات مصري.
  59. أحمد المومني، المرجع السابق، ص201، تمييز حقوق 433/76 ص 514 لسنة 1977ن مجموعة المبادئ القانونية الجزء الرابع، ص469.
  60. أحمد المومني، المرجع السابق، ص199.
  61. وذلك من وجهة النظر التي ترى بأن الدفع بالتحكيم ينتمي إلى طائفة الدفوع بعدم القبول.
  62. كالدفع بالبطلان على سبيل المثال، راجع نص المادة 25/ أصول محاكمات مدنية أردني وهي تقابل نص المادة 21/مرافعات مصري.
  63. وجدي راغب، مبادئ الخصومة ص 214 وما بعدها، أحمد الصاوي، الوسيط 1981 ص 29 وما بعدها بند 147 وما بعده، محمد محمود إبراهيم، الوجيز، ص748 وما بعدها، أمينة النمر، أصول المحاكمات، ص 127 وما بعدها، بند 101 وما بعده.
  64. أحمد المومني، المرجع السابق، ص189.
  65. تمييز حقوق 285/75 ص 830 لسنة 1976 مجموعة المبادئ القانونية، الجزء الرابع، ص467.
  66. راجع في تقسيمات الدفوع وأهمية التفرقة بينها : أحمد أبو الوفا،أصول المحاكمات المدنية، الدار الجامعية، بيروت 1983 ص 266 وما بعدها بند 214 وما بعده ومؤلفه الدفوع ط6 ص 846 بند 495، أمينة النمر، أصول المحاكمات المدنية، ص 124 وما بعدها بند 97 وما بعده، محمد محمود إبراهيم، الوجيز في المرافعات، 1983 ص749 وما بعدها، عبد الباسط جميعي، شرح قانون الإجراءات المدنية، طبعة 1965/1966 س413، وما بعدها، نبيل إسماعيل عمر، الدفوع بعدم القبول ونظامه القانوني، ط(1) 1981 ص 152 وما بعدها بند 100 وما بعده، مفلح القضاة، أصول المحاكمات المدنية والتنظيم القضائي في الأردن، الطبعة الأولى 1988 ص 257 وما بعدها.
  67. وجدي راغب، مبادئ الخصومة، ص 213 وما بعدها، ص215 وما بعدها، ص219 وما بعدها، أحمد الصاوي، الوسيط، ص210 وما بعدها بند 148، محمد محمود إبراهيم، الوجيز، ص749 وما بعدها، أمينة النمر، أصول المحاكمات، ص126 بند 100 ص127 وما بعدها بند 102 ص 138 وما بعدها بند 112.
  68. راجع المادة 115/مرافعات مصري ولا نظير لهذه المادة في القانون الأردني.
  69. راجع المادة 3/ أصول محاكمات مدنية أردني والمادة 3/مرافعات مصري.
  70. راجع بهذا الصدد قرارات محكمة التمييز : 73/78 لسنة 1978 و 344/79 ص 490 لسنة 1980 ص 949 و ص646، 287/67 ص 1179 لسنة 1967، مشار إليها في مجموعة المبادئ القانونية لمحكمة التمييز، الجزء الرابع، ص262 وص276 الجزء الثاني، القسم الأول، ص939.
  71. حمد المومني، المرجع السابق، ص 189.
  72. المادة 110/أصول مأخوذة عن نص المادة 108/ مرافعات مصري بتصرف، والمادة 11/أصول مأخوذة عن المادة 109/مرافعات مصري والمادة 112/أصول مأخوذة عن المادة 116/مرافعات مصري.
  73. المادة 109/2/ أصول مدنية منقولة عن نص المادة 16/أصول حقوقية قديم بتصرف.
  74. المادة (109/1) التي تقضي بأن على الخصوم أن يبيّنوا جميع طلباتهم ودفوعهم دفعة واحدة.
  75. وقد أخذ هذا الحكم عن المادة (16/أصول حقوقية قديم) والتي كانت تنص على ما يلي : “يجوز للمدعي عليه في أية دعوى وفي أي وقت من الأوقات بعد تبليغه مذكرة الحضور أن يقدم طلباً خطياً لرد القضية المرفوعة عليه بناءاً على أحد الأسباب التالية : 1.كون القضية محكمة، 2. عدم الاختصاص. 3. مرور الزمن، أو بالاستناد إلى أي سبب آخر قد يتراءى للمحكمة أنه يستوجب رد الدعوى قبل الدخول في الأساس فإذا قررت قبول الطلب ترد الدعوى بالنسبة للمدعى عليه ويكون قرار المحكمة بالرفض غير قابل للاستئناف ما لم يكن متعلقاً بمرورالزمن فيكون القرار خاضعاً للاستئناف”.
  76. راجع المواد 110/أصول مدنية أردني والمادتين 108 و 114/مرافعات مصري .
  77. راجع المادتين 112/أصول مدنية أردني و 116/ مرافعات مصري وراجع أيضاً: أحمد الصاوي، الوسيط، ص 232 وما بعده بند 167 وما بعده .
  78. حكم لمحكمة النقض الفرنسية الدائرة المدنية بتاريخ 23 فبراير 1944، سيريه 1944-1-117

وأيضاً  Vasseur Delais Prefix, Delais de procedure، مجلة القانون المدني، العدد الأخير 1950 رقم 15 وما بعده. ومن الفقه الأردني: مفلح القضاة، أصول المحاكمات، ص 258، ومن الفقه المصري: فتحي والي وعبد المنعم الشرقاوي، مرافعات 1976 ص 278بند 181.

  1. عبد المنعم البدراوي، أثر مضي المدة في الالتزام، رسالة ص 249 بند 268. عبد الخالق عمر، الدفع بعدم القبول، رسالة ص 165، بند 336. وأيضاً :

Beguet (M.J.P.):  Etude critique de la notion de fin de non-recevior en droit prive R.T.D.C 1947(P. 130-160).

  1. راجع المادتين 108 و 109/ مرافعات مصري وقد سبقت الإشارة إليهما .
  2. راجع المادة 155/مرافعات مصري والتي جاء فيها : “الدفع بعدم قبول الدعوى يجوز إبداؤه في أية حالة تكون عليها الدعوى”.
  3. ومن هذه التطبيقات فضلاً عن نص 112- المادة (3) المتعلقة بالمصلحة في الدعوى والتي تنص على أنه “لا يقبل أي طلب أو دفع لا يكون لصاحبه فيه مصلحة قائمة يقره القانون”.
  4. وجدي راغب، طبيعة الدفع بالتحكيم، ص2، أبو الوفا، التحكيم الاختياري والإجباري، ص114-115 بند 43.
  5. أبو الوفا، المرجع السابق، ص114 وما بعدها، بند 43.
  6. راجع المادة 110/مرافعات مصري ولا نظير لها في القانون الأردني.
  7. أبو الوفا، الإشارة السابقة وراجع المادة 383/مدني مصري ولا نظير لها في القانون المدني الأردني .
  8. راجع ديفيشي، التحكيم، المرجع السابق ص 178-193 بند 250 وأيضاً أحكام النقض الفرنسية المشار إليها في : محمود هاشم، اتفاق التحكيم، ص162.
  9. وقد اعتبرته محكمة النقض الإيطالية دفعاً غير متعلق بالنظام العام شأن الدفع بعدم الاختصاص المحلي مما يوجب التمسك به قبل الكلام في الموضوع وإلا سقط الحق فيه : نقض مدني إيطالي، 18 يناير 1948، المجلة الفصلية الإيطالية 1948 ص422 وأيضاً: 3 أغسطس 1946، المجلة الفصلية الإيطالية للقانون المدني وقانون المرافعات لسنة 1948 ص 412 وأيضاً الأحكام المشار إليها في محمود هاشم، المرجع السابق، ص162 هامش 63، فتحي والي، قانون القضاء المدني الكويتي، 1977، ص 446، هامش (4)، ومؤلفه الوسيط ط(2) ص 973، هامش2.
  10. عز الدين عبد الله، تنازع القوانين في مسائل التحكيم في مواد القانون الخاص، مقالة منشورة في مجلة العدالة، تصدر عن وزارة العدل في دولة الإمارات العربية المتحدة، أبو ظبي عدد 19/إبريل 1979، عدد 20 يوليو 1979 ص 88-89. ويستشهد على ذلك بما يرد في كثير من الاتفاقات الدولية بإلزام المحاكم في الدولة المتعاقدة القائم أمامها نزاع متفق على عرضه على التحكيم، بإحالة الخصوم إلى تحكيم بناءً على طلب أي منهم.
  11. محمود هاشم، المراجع السابق، ص169.
  12. محمود هاشم الإشارة السابقة.
  13. عز الدين عبدالله، المقالة السابقة ص 88 .
  14. سعد أبو السعود، الدفع بالتحكيم، مقالة منشورة في مجلة المحاماة المصرية، العدد الثامن، السنة الحادية والأربعون، ص1334 وما بعدها .
  15. محمود هاشم، المرجع السابق، ص167.
  16. محمود هاشم، الإشارة السابقة.
  17. محمود هاشم نفس الإشارة السابقة .
  18. فتحي والي، الوسيط، ط(2) ص 997 بند 425، أبو الوفا، التحكيم الاختياري والإجباري، ط(3) ص 314، وقد قضي في حالة دعوى الضمان المقامة من هيئة عامة ضد إحدى شركات القطاع العامة والمختص بنظرها هيئات التحكيم بأن للمحكمة المعروض عليها النزاع أن تقضي بعد اختصاصها في هذه الحالة من تلقاء نفسها ويجب عليها إحالها إلى هيئات التحكيم: نقض مدني مصري بتاريخ 27/3/1979 ص 941 بند 175 وأيضاً 20/3/1982 في الطعن رقم 169 ل 49ق، مشار إليهما في محمود هاشم، المرجع السابق، ص171. و قارن عكس ذلك بخصوص وجوب الإحالة التي لا تكون إلا إلى المحكمة المختصة وهيئة التحكيم ليست كذلك: فتحي والي، المرجع السابق، ص1001 بند 426، أبو الوفا، المرجع السابق، ص126 بند 47.
  19. محمود هاشم، المرجع السابق، ص171.
  20. راجع المادة 511/مرافعات مصري.
  21. راجع المادة 153/مرافعات مصري والمادة 14 من قانون التحكيم الأدني بخصوص دعوى الفسخ .
  22. راجع المادة 509/مرافعات مصري، والمادة 17 من قانون التحكيم الأردني .
  23. راجع المادة 506/مرافعات مصري والمادة 9 من قانون التحكيم الأردني.
  24. محمود هاشم، المرجع السابق، ص172.
  25. راجع نص المادة 1458/مرافعات فرنسي جديد .
  26. محمود هاشم، نفس المرجع السابق، ص173. وقد قضي بأن طلب التأجيل لضم دعوى أخرى لا يعتبر كلاماً في الموضوع مسقطاً للحق في التمسك بشرط التحكيم نقض مصري 26/4/1982 في الطعن رقم 714 لسنة 47 ق مشار إليه في محمود هاشم المرجع السابق، ص173، هامش 4.
  27. محمود هاشم، المرجع السابق، ص173 .
  28. راجع أحكام النقض المصرية 6/1/1976 س27 ص138، 46/4/1982 في الطعن رقم 714 لسنة 47ق – سبقت الإشارة إليه. وأيضاً 20/3/1982 في الطعن رقم 169 ل49ق، 27/3/1979 س 30 ص941. وقد جاء في الحكمين الآخرين أن للمحكمة أن تقضي بعدم الاختصاص من تلقاء نفسها إذا رفعت إليها دعوى به هيئات التحكيم المنشأة وفقاً لقانون القطاع العام، مشار إليهما في محمود هاشم، المرجع السابق، ص173.
  29. سعد أبو السعود، المقالة السابقة ص1333.
  30. أبو الوفا، المرجع السابق، ص120 وما بعدها بند 45.
  31. راجع المادة 511/مرافعات مصري.
  32. راجع المادة 506/1/ مرافعات مصري.
  33. أبو الوفا، المرجع السابق، ص123 بند 45، وجدي راغب، طبيعة الدفع بالتحكيم، مقالة ص5 وما بعدها.
  34. وجدي راغب الإشارة السابقة وأيضاً ردتني مرافعات، ص111، بند 53 مشار إليه في محمود هاشم، المرجع السابق، ص166 هامش1.
  35. وجدي راغب، المرجع السابق،ص6.
  • وجدي راغب، المرجع السابق، ص7.
  1. راجع المادة 32/مرافعات مصري.
  2. راجع المواد 62 و 111/ مرافعات مصري .
  3. وجدي راغب، الإشارة السابقة .
  4. وجدي راغب، الإشارة السابقة.
  5. باستثناء الدفع بعدم الاختصاص المكاني الذي لا يعبر كذلك : راجع المواد 108/مرافعات مصري و 110/ أصول المحاكمات مدنية أردني.
  6. راجع المادة 110/مرافعات مصري .
  7. وجدي راغب، المرجع السابق، ص8، أبو الوفا، المرجع السابق، ص348، بند 152.
  8. أحمد حشيش، الدفع بعدم القبول، رسالة، ص230-232، بند 163، ص 305، بند 63 .
  9. أحمد حشيش، المرجع السابق، ص143 بند 96، وراجع أيضاً عبد الحميد أبو هيف، مرافعات، ص284، بند 519.
  10. وجدي راغب، المرجع السابق، ص9.
  11. أبو الوفا، مرافعات، ط(13) ص218، بند 204، والدفوع، ص 860، بند 474، أحمد مسلم، أصول المرافعات، (ط) 1978، ص575، بند 540، أحمد الصاوي، الوسيط، (ط) 1981، ص238 بند 170، عبد الباسط جميعي، شرح قانون الإجراءات المدنية، ص422، عبد الخالق عمر، الرسالة، ص199 بند 202، نبيل عمر، الدفع بعدم القبول، ص197 بند 126.
  12. راجع المادة 505/2/مرافعات مصري والمادة 5/3/من قانون التحكيم الأردني.
  13. وجدي راغب، نفس الإشارة السابقة.
  14. وجدي راغب، المرجع السابق، ص12.
  15. وجدي راغب، نفس الإشارة السابقة .
  16. وهو نفس المعنى الذي يؤكده الفقه الإيطالي كما جاء على لسان العلامة كيوفندا بأن اتاق التحكيم ينشئ دفعاً بالتنازل عن الخصومة القضائية أو كما قال الفقيه ردنتي بأن الدفع بالتحكيم دفع بعدم جواز اتخاذ الإجراءات القضائية ويعبر الفقيه كارنيلوتي عن هذا المعنى بقوله : بالتحكيم يتم حل النزاع بوسيلة مختلفة عن الخصومة القضائية ويطلق عليها “بديل الخصومة أو شبه الخصومة” وهذا المعنى قريب مما تردده النقض المصرية بقولها : “التحكيم طريق استثنائي لفض المنازعات قوامه الخروج عن طريق التقاضي العادية” مشار إليه في وجدي راغب، نفس الإشارة السابقة .
  17. وجدي راغب، الإشارة السابقة .
  18. ومن هذه التشريعات : قانون الإجراءات المدنية السوداني (م154) وقانون المرافعات العراقي (م183) فضلاً عن قانون التحكيم الأردني (م6) وتحديد طبيعة التحكيم بهذه الكيفية يخضعه لكافة القواعد التي تسري على الدفوع الإجرائية كوجوب إبدائه قبل أي دفع موضوعي أو بعدم القبول ومع الدفوع الإجرائية الأخرى وضرورة الفصل فيه على استقلال ما لم تقرر المحكمة ضمه إلى الموضوع من تنبيه الخصم إلى ذلك. والحكم الصادر فيه حكم قطعي فاصل في مسألة إجرائية ولا يجوز حجية الأمر المقضي بالنسبة للموضوع، راجع وجدي راغب، المرجع السابق، ص14.
  19. قارن عكس ذلك ما هو مقرر في المادة السادسة من قانون التحكيم الأردني .
  20. وجدي راغب، المرجع السابق، ص14 وما بعدها .
  21. وجدي راغب، المرجع السابق، ص15، ولذلك يميز القانون الفرنسي بين بطلان الإجراءات بسبب عيب في الشكل وتنظمه المواد (112-116/مرافعات فرنسي) وبين بطلان الإجراءت بسبب عيب موضوعي وتنظمه المواد (117-121/مرافعات فرنسي) ومن المسلم أن التعداد المذكور في المادة 117/مرافعات فرنسي ليس وارداً حصراً : وجدي راغب، نفس الإشارة السابقة .
  22. راجع المواد 19-24/مرافعات مصري.
  23. راجع المادتين 19 و 20/ مرافعات مصري.
  24. فتحي والي، الوسيط، ط(2)، ص79، بند 36، ص83، بند 38، أبو الوفا، مرافعات، ط(13)، ص115، بند 108، وهامش (2)، أحمد الصاوي، الوسيط، ص137، بند 84، محمود هامش، قانون القضاء المدني، الجزء الثاني، ص91، بند 54، أحمد مسلم، أصول المرافعات والتنظيم القضائي، ط1978، ص386، بند 350، رمزي سيف، الوسيط، ص124-125، بند 99، وجدي راغب، مبادئ القضاء المدني، ط1986، ص93.
  25. نقض مصري 16 يونيه 1956 في الطعن رقم 136س22 قضائية مشار إليه في أبو الوفا، مرافعات ص 115 هامش(2)، وأيضاً الطعن رقم 252 لسنة 28ق جلسة 19/6/1963 س14 ص 823، والطعن رقم 176 لسنة 38ق جلسة 19/11/1973 س 24 ص 1189.
  26. راجع المادة 132مرافعات مصري.
  27. وجدي راغب، طبيعة الدفع بالتحكيم، ص16، فتحي والي، المراجع السابق، ص264، بند 243، محمود هامش، المرجع السابق، ص195، بند 136 .
  28. وجدي راغب، الإشارة السابقة.
  29. وجدي راغب، نفس المرجع السابق، ص17.
  30. وذلك عملاً بالمادة 24/3/مرافعات مصري .
  31. وذلك طبقاً للمادة 24/1 و 24/2/ مرافعات مصري، ومن ذلك إمكانية تحول إجراء إعلان صحيفة الدعوى الذي بطل بسبب بطلان المطالبة القضائية إلى تنبيه يقطع التقادم المسقط للحق وفقاً لأحكام المادة 383/مدني مصري.
  • فلا يحكم بموجبه بالبطلان لعدم تحقق الغاية (المادة /20مرافعات) ولا يقضي بتصحيح الإجراء الباطل بتكملته (المادة 23/مرافعات مصري) فكلاهما غير متصورين إلا بالنسبة للعيوب الشكلية .
  1. وجدي راغب، المرجع السابق، ص18-19 .
  2. أحمد الغويري، قضاء الإلغاء في الأردن، رسالة، ط(1) 1989، ص310، محمود حافظ القرار الإداري، ط(7) 1989، ص80، سليمان طماوي – قضاء الإلغاء – ط(6) 1986، ص699، وأيضاً عدل عليا، القضية رقم 26/85 تاريخ 18/5/1981، المجلة الإعداد 11-12 لسنة 33، ص1748 وتعليق أحمد الغويري، الرسالة، ص313.
  3. عثمان خليل، مجلس الدولة، ط(4) 1956 ص 334-335، مصطفى أبو زيد، القضاء الإداري – قضاء الإلغاء – الكتاب الثاني، ط (4) منشأة المعارف 1979 ص433؛ وأيضاً حكم محكمة القضاء الإداري : القضية رقم 665 لسنة 6 ق تاريخ 23 يونيه 1953، والقضية رقم 99 لسنة 3 ق تاريخ 18/إبريل 1950، مجموعة مجلس الدولة، السنة الرابعة، قاعدة (836) ص 1700 وقاعدة (184) ص 613 وأيضاً حكمها بتاريخ 24/فبراير 1947، مجموعة عمر، الجزء الأول، ص551.
  4. راجع حكمها بهذا الصدد في الطعن رقم 9 لسنة 42 ق تاريخ 16/1/1976 س27 ص138، والطعن رقم 1875 لسنة 50ق تاريخ 3/3/1986 مشار إليهما في هشام الطويل، الدفع بعدم القبول، ص344-345 بند 3، ص346-347 بند 6.
  5. وجدي راغب، مبادئ القضاء المدني، ص427، محمد وعبد الوهاب العشماوي، قواعد المرافعات، الجزء الثاني، ص307 بند 788، أبو الوفا، المرافعات، ط(13) ص224 بند 209، فتحي والي، الوسيط، ط2 ص565 بند 282، نبيل عمر، الدفع بعدم القبول، ص332 بند 207 .
  6. أبو هيف، التنفيذ، ص922 هامش(2) و ص933 هامش(4) أبو الوفا، التحكيم الاختياري والإجباري، ص119-120 بند45، فتحي والي، قانون القضاء المدني اللبناني بند 67، محمد عبد الخالق عمر، النظام القضائي المدني، الجزء الأول، الطبعة الأولى، ص99.
  7. أبو الوفا، المرجع السابق، ص120 هامش2.
  8. أبو الوفا، المرجع السابق، ص120 وما بعدها بند 45، نبيل عمر، الدفع بعدم القبول، ص222 بند 138.
  9. أبو الوفا، المرجع السابق ص123 بند 45.
  10. أبو الوفا، التحكيم بالقضاء والصلح، ص107 بند 43، أمينة النمر، أصول المحاكمات المدنية، ص100 بند 82.
  11. محمد عبد الخالق عمر، المرجع السابق، ص99.
  12. كيوفندا، نظام جزء أول، ص68 و ص72، وقد أخذت محكمة النقض الإيطالية بهذا التكييف في بعض أحكامها، أنظر : نقض إيطالي 21 ديسمبر 1945، المجلة الفصلية الإيطالية للقانون المدني 1948، ص421.
  13. كوستا، المرجع السابق، ص83، بند 63، أبو الوفا، التحكيم بالقضاء والصلح، ط1964، ص107، بند 43 ومؤلفه التحكيم الاختياري والإجباري، ط 1978، ص119، بند 45.
  14. فتحي والي، المرجع السابق، ص447.
  15. نقض مدني مصري 15 مارس 1972، مجموعة النقض 23-168-26 و 24 مايو 1966، مجموعة النقض 17-1223-168. ويبقى للاتفاق على التحكيم أثره ولو حدثت قوة قاهرة، إذ يقتصر أثرها على عدم سريان الميعاد المحدد لعرض النزاع على التحكيم إن كان له ميعاد: نقض مدني مصري، 17 يونيه 1965 مجموعة النقض 16-778- 123.
  16. فتحي والي، الإشارة السابقة .
  17. وجدي راغب، طبيعة الدفع بالتحكيم، ص9، محمود هاشم، المرجع السابق، ص168، سعد أبو السعود، المرجع السابق، ص1324.
  18. فتحي والي، الوسيط، ط(2)، ص973 بند 412.
  19. فتحي والي، المرجع السابق، ص974، بند 412، وجدي راغب، الإشارة السابقة.
  20. سعد أبو السعود، المرجع السابق، ص1334 .
  21. كوستا، المرجع السابق، ص94 بند 63 .
  22. كيوفندا، مبادئ، ص107-108 .
  23. ردنتي، مرافعات جزء ثالث، ص453، بند 264.
  24. سعد أبو السعود، المرجع السابق، 1334.
  • محمود هاشم المرجع السابق، ص170، فتحي والي، الوسيط، ص974 بند 422، ردنتي، مرافعات الجزء الثالث ص453، كوستا، مرافعات ص94، بند 63، كيوفندا، مبادئ، ص207 وما بعدها. وأيضاً نقض مدني مصري 6/1/1976، ص37، ص138، 30/4/1975، س26، ص904 25/2/1972، س23، ص168، مشار إليها في : محمود هاشم، المرجع السابق، ص171.
  1. راجع حكم النقض المصرية في الطعن رقم 9 لسنة 42ق والطعن رقم 1875 لسنة 50ق، وقد سبقت الإشارة إليهما .
  2. راجع الأحكام التي سبقت الإشارة إليها بهذا الصدد .
  3. وجدي راغب، المرجع السابق، ص10.
  4. ويعد القانون الفرنسي المصدر التاريخي لقانون الرافعات المصري وبالأخص فيما يتعلق بنظام عدم القبول ومنه استوحى هذا النظام وقنّنه في المجموعة الجديدة المعمول بها حالياً.
  5. أنظر عرضاً لمذهب القضاء الفرنسي في ظل القانون القديم، مشار إليه في ديفيشي المرجع السابق، ص195، بند 275 والأحكام العديدة المشار إليها في الهوامش من 11-24.
  6. جلاسون تيسيه وموريل، المرجع السابق، بند 1816، ديفيشي المرجع السابق، ص197-200، بند 279-285، موريل، مرافعات، المرجع السابق، ص549، وأيضاً:
    • Cornu (Gerard) et Foyer (Jean): Procedure civile, Paris, 1958, P. 66. .
    • Cuche (Paul) et Vincent (Jean): precis de Procedure civile et commerciale, dalloz, 1963, 1963, No. 616.

 

  1. أنظر : مدني فرنسي 13 مايو 1981، جازيت دي باليه 1981 ص357 .
  2. Boisseson et de Jugtart: P. 87, No. 84 ets.

250م وقد ساير المشرع المصري هذا القضاء في قانون التحكيم الجديد الذي جاء في مادته 13/1 ما يلي : “يجب على المحكمة التي يرفع إليها نزاع يوجد بشانه اتفاق تحكيم أن تحكم بعدم قبول الدعوى إذا دفع المدعى عليه بذلك قبل إبدائه أي طلب أو دفاع في الدعوى”.

  1. الطعن رقم 289 لسنة 30ق جلسة 11/1/1966 س17، ص65، مشار إليه في: هشام الطويل الدفع بعدم القبول، ص337، بند2.
  2. الطعن رقم 167 لسنة 31ق جلسة 24/5/1966، س17، ص1223، سبقت الإشارة اليه، والطعن رقم 194 لسنة 37ق جلسة 15/2/972، س23، ص168، مشار إليه في هشام الطويل، المرجع السابق، ص344، بند2، والطعن رقم 698 لسنة 47ق جلسة 26/4/1982، س23، ص442، مشار إليهما في هشام الطويل، المرجع السابق، ص345-346، بند 4 و 5.
  3. نقض مصري 6/1/1976 في الطعن رقم 119 لسنة 42ق مشار إليه في : أبو الوفا، التحكيم في القوانين العربية، ط(1)، ص5.
  4. الطعن رقم (9) لسنة 42 قضائية جلسة 6/1/1976 س27، 138 والطعن رقم 1875 لسنة 90 ق تاريخ 3/3/1986 مشار إليهما في هشام الطويل، المرجع السابق، ص344-345، بند3، ص346-347، بند6.
  5. تمييز حقوق 312/77 تاريخ 26/9/1977، مجلة نقابة المحامين 1978، ص112-116، 433/76 تاريخ 16/11/1976، مجلة نقابة المحامين لسنة 1977 ص514-518، وبصدور قانون أصول المحاكمات المدنية رقم 24 لسنة 1988 وحذف المادة 16/أصول حقوقية ملغي التي كانت تستلزم تقديم الطلبات التي تستوجب رد الدعوى قبل الدخول في الأساس خطياً، لم يعد لهذا الحكم من قيمة قانونية.
  6. الإشارة السابقة، علماً بأنه لا صلة لحكم المادة 183/أصول حقوقية قديم بالدفوع، والمادة 16 من نفس القانون هي التي أشارت إلى الحكم المتعلق بكيفية تقديم الطلب. وقد بينت الحالات التي يجوز فيها تقديم الطلب خطياً قبل الدخول في الأساس ومن بينها أي طلب قد يتراءى للمحكمة أنه يستوجب رد الدعوى قبل الدخول في الأساس، وحكم هذه المادة يلحق الدفع بالتحكيم بالحالات التي يجوز فيها للمدعى عليه تقديم طلب لرد الدعوى قبل الدخول في الأساس خطياً وليس شفاهة كما قضت بذلك محكمة التمييز في حكمها الذي سبقت الإشارة اليه. ويغني عن ذلك إبداؤه أمام المحكمة وإدراجه خطياً في محضر الجلسة: أحمد المومني، المرجع السابق، ص184. كذلك فإنّ إلحاق المحكمة الدفع بالتحكيم بالدفع بانتقاء المصلحة أو الدفع بعدم الخصومة بعد أن اعتبرت الأول دفعاً شكلياً لم يكن في محله لأن الدفعين الآخرين من أبرز تطبيقات الدفوع بعدم القبول.
  7. تمييز حقوق رقم 284/80 و 35/81 لعامي 1980-1981 مشار إليهما في مجموعة المبادئ الجزء الخامس، القسم الأول، ص472 وأيضاً: 814/87 تاريخ 28/10/1987. ص928 لسنة 1990 مشار إليه في مجموعة المبادئ القانونية لمحكمة التمييز، الجزء السابع، القسم الثاني، ص796، 780/87 ص923 لسنة 1990 تاريخ 28/10/87. مشار إليه في مجموعة المبادئ الجزء السابع، القسم الأول، ص495.
  8. تمييز حقوق 284/80، ص637 لسنة 1981 سبقت الإشارة إليه .
  9. تمييز حقوق 35/81، ص1072 لسنة 1981، سبقت الإشارة إليه .
  10. تمييز حقوق 838/85، ص210 لسنة 1988، مجموعة المبادئ القانونية لمحكمة التميز، الجزء السادس، ص421.
  11. تمييز حقوق 48/90 ص1951 لسنة 1991 تاريخ 13/10/1990 و 350/90، ص1941 لسنة 1991، مشار إليهما في مجموعة المبادئ القانونية لمحكمة التمييز الجزء السابع، القسم الأول، ص503 وأيضاً 385/90هـ 40، ص837 لسنة 1991، مجموعة المبادئ الجزء اسابع، القسم الثاني ص837.
  12. تمييز حقوق 1075/87، ص979 لسنة 1990، مجموعة المبادئ القانونية لمحكمة التمييز، الجزء السابع، القسم الأول، ص495، أيضاً 814/87 ص 928 لسنة 1990، مجموعة المبادئ، الجزء السابع، القسم الثاني، ص796.
  13. تمييز حقوق 307/79، ص 215 لسنة 1980، مجموعة المبادئ، الجزء الرابع، ص473.
  14. أحمد المومني، المرجع السابق، ص196.
  15. فيما عدا الأحكام المستعجلة والأحكام الصادرة بوقف الدعوى : راجع المادة 170/أصول مدنية وتقابل نص المادة 212/مرافعات مصري.
  16. أبو الوفا، التحكيم الاختياري والإجباري، ص120، بند 45.
  17. باستثناء الحالة الخامسة المقررة في المادة 241/مرافعات مصري .
  18. راجع المادة 511/مرافعات مصري ولا نظير لها في قانون التحكيم الأردني .
  19. ابو الوفا، المرجع السابق، ص266 بند 117 .
  20. راجع المادة 506/مرافعات مصري كذلك يحب إيداع أحكام المحكمين قلم كتاب المحكمة المختصة أصلاً (م508) ولا يكون حكم المحكم قابلاً للتنفيذ إلا بأمر يصدره قاضي التنفيذ بالمحكمة التي أودع أصل الحكم قلم كتابها (509).
  21. أبو الوفا، المرجع السابق، ص123 بند 45.
  22. راجع نص المادة 1458/مرافعات فرنسي جديد .
  23. راجع المادة 115/مرافعات مصري.
  24. أبو الوفا، المرجع السابق، ص116 بند 44.
  25. أبو الوفا، الإشارة السابقة .
  26. أبو الوفا، المرجع السابق، ص117 بند 44، أمينة النمر، أصول المحاكمات، ص86 بند 72، وجدي راغب، مبادئ الخصومة، ص116 وما بعدها. وقد اختلف الفقه في تحديد شروط الدعوى بين قائل بأن المصلحة هي الشرط الوحيد لقبول الدعوى وبين من أضاف إليها شروطاً أخرى، راجع في ذلك : وجدي راغب، مبادئ القضاء المدني، ص91، وما بعدها، محمد عبد الخالق عمر، الرسالة، ص97، بند 199، الشرقاوي، نظرية المصلحة، ص40-41 بند 38، فتحي والي، الوسيط، ط(2)، ص69 وما بعدها بند 32 وما بعده .
  27. راجع المادة 444/مدني أردني والمادة 371/مدني مصري.
  28. وقارن وجدي راغب، طبيعة الدفع بالتحكيم، ص12، سعد أبو السعود/الدفع بالتحكيم صفحة 1334 وما بعدها .
  29. وفي هذا المعنى تقول محكمة التمييز الأردنية، لقد أناطت المادة 102 من الدستور الأردني حق القضاء وعلى جميع الأشخاص وفي جميع المواد بالمحاكم النظامية في المملكة، وأن الاتفاق بين الأفراد والهيئات على إحالة خلافاتهم على التحكيم استثناء من هذه المادة يجب عدم التوسع في تفسيره وتطبيقه في حدوده الواضحة، 350/90، ص1941 لسنة 1991 تاريخ 27/10/1990 مجموعة المبادئ القانونية الجزء السابع، القسم الأول، ص503 .
  30. راجع المواد من 109-122/أصول محاكمات مدنية جديد .
  31. راجع المادة 108/مرافعات مصري والمادة 110/أصول محاكمات مدنية أردني، أيضاً أبو الوفا، المرجع السابق، ص123 وما بعدها بند 46 والتحكيم بالقضاء والصلح ط 1965، ص111، بند 44.
  32. أبو الوفا، الإشارة السابقة، وقارن الأستاذ سعد أبو السعود، المقالة السابقة، ص 1329-1334، وهذه هي وجهة نظر القائلين بأنه دفع بعدم جواز النظر ما لم يتقايل المحتكمان فيصبح عندئذ بغير محل يرد عليه وكأنه لم يكن: أحمد حشيش، الرسالة، ص143، بند 96.
  33. عملاً بأحكام المادة 115/ مرافعات مصري، محمد عبد الخالق عمر، النظام القضائي المدني، ص99، ولا نظير لهذه المادة في قانون أصول المحاكمات المدنية الأردني .
  34. أبو الوفا، الإشارة السابقة .
  35. نقض مدني مصري في الطعن رقم 119 لسنة 42ق تاريخ 6/1/1976 مشار إليه : أبو الوفا، المرجع السابق، ص125، هامش(2). مع ملاحظة أنه لا فرق من هذه الناحية بين بين الدفع بعدم القبول والدفع الإجرائي فالحكم في كليهما لا يستنفذ ولاية محكمة أول درجة كما بيّنا سابقاً .
  36. أبو السعود، المقالة السابقة، ص1330.
  37. أبو السعود، المرجع السابق، ص1331، هامش (1) .

 

 

 

المراجع

  1. المراجع العربية :

أ-  الكتب والرسائل والمقالات :

  1. إبراهيم (محمد محمود) : الوجيز في المرافعات، دار الفكر العربي، 1983.
  2. أبو السعود (سعد) : الدفع بالتحكيم، مقالة منشورة في مجلة المحاماة .
  3. أبو هيف (عبد الحميد) :
  • المرافعات المدنية والتجارية، ط3، 1921.
  • التنفيذ.
  1. أبو الوفا (أحمد) :
  • التعليق على قانون المرافعات، ط3، منشأة المعارف، 1979 .
  • قانون المرافعات المدنية والتجارية، ط3، منشأة المعارف، 1980.
  • نظرية الدفوع، ط6، منشأة المعارف، 1980
  • نظرية الاحكام في قانون المرافعات، ط4، منشأة المعارف ،
  • اصول المحاكمات المدنية والتجارية، ط3، الدار الجامعية، بيروت، 1983.
  • التحكيم الاختياري والاجباري، ط 3، الدار الجامعية، بيروت ،1983.
  • التحكيم في القوانين العربية، ط1، منشأة المعارف، الاسكندرية
  • التحكيم بالقضاء والصلح، ط4، 1964.
  • الجديد في عقد التحكيم واجراءاته، مجلة الحقوق، جامعة الاسكندرية، العدد الاول، السنة الاولى (15) لعام 1970.
  1. بدراوي (عبد المنعم) : أثر مضي المدّة في الالتزام، رسالة جامعة فؤاد الأول، القاهرة، 1950.
  2. جميعي (عبد الباسط): شرح قانون الإجراءات المدنية، دار الفكر العربي، 1965/1966.
  3. حشيش(أحمد): الدفع بعدم قبول الدعوى في قانون المرافعات المدنية والتجارية، رسالة جامعة الاسكندرية، 1986.
  4. دناصوري(عز الدين)، وعكاز (حامد) : التعليق على قانون المرافعات، ط2، مطابع روز اليوسف، 1982.
  5. راغب وجدي :
  • النظرية العامة للعمل القضائي، دار المعارف، 1974 .
  • مبادئ الخصومة المدنية، ط1، دار الفكر العربي، 1978.
  • مبادئ القضاء المدني، ط1، دار الفكر العربي، 1986/1987 .
  • طبيعة الدفع بالتحكيم، مقالة غير منشورة.
  • تأصيل الجانب الإجرائي في هيئة التحكيم، معاملات الأسهم بالأجل، بحث منشور في مجلة الحقوق، الكويت، السنة السابعة، العدد الرابع، ديسمبر 1983 .
  1. سنهوري (عبد الرزاق): الوسيط في شرح القانون المدني، الجزء الثاني، ط2، الجزء الرابع، 1968 .
  2. سيف (رمزي) : الوسيط في شرح قانون المرافعات المدنية التجارية، ط9، 1970 .
  3. شرقاوي (عبد المنعم) :
  • نظرية المصلحة : رسالة، ط1، مكتبة عبدالله وهبة، 1947.
  • المرافعات المدنية والتجارية، ط2، 1956 .
  • المرافعات المدنية والتجارية (مع فتحي والي)، دار النهضة العربية، 1976، 1977 .
  1. صاوي (أحمد السيد) : الوسيط في شرح المرافعات المدنية والتجارية، دار النهضة العربية، 1981 .
  2. طويل (هشام) : الدفع بعدم قبول الدعوى المدنية، منشأة المعارف، 1977 .
  3. عبد العزيز (محمد كمال): تقنين المرافعات في ضوء القضايا والفقه.
  4. عشماوي (محمد وعبد الوهاب): قواعد المرافعات في التشريع المصري والمقارن (جزءان) مكتبة الآداب، 1957.
  5. عمر (محمد عبد الخالق) :
  • فكرة عدم القبول في القانون الخاص، رسالة باريس، باللغة الفرنسية، 1967 .
  • النظام القضائي المدني، دار النهضة العربية، 1976 .
  1. عمر (نبيل إسماعيل) : الدفع بعدم قبول الدعوى ونظامه القانوني، ط1، 1981 .
  2. فزايري (آمال أحمد) : دور قضاء الدولة في تحقيق فاعلية التحكيم، منشأة المعارف، ط1993.
  3. فهمي (محمد حامد) : شرح المرافعات المدنية والتجارية، ط1940 .
  4. قضاة (مفلح عواد) : أصول المحاكمات المدنية والتنظيم القضائي في الأردن، ط1، دار الكرمل، 1988.
  5. مسلم (أحمد) : أصول المرافعات، دار الفكر العربي، 1978.
  6. مومني (أحمد سعيد): التحكيم في التشريع الأردني والمقارن، الجزء الأول، ط1، مطبعة التوفيق، 1983.
  7. ناهي (صلاح) : الوجيز في مبادئ التنظيم القضائي والمرافعات في الأردن، ط1، دار المهد، 1983 .
  8. نمر (أمينة) :
  • قوانين المرافعات، الكتاب الأول، منشأة المعارف، 1982.
  • أصول المحاكمات المدنية، الدار الجامعية، بيروت.
  1. هاشم (محمود محمد) :
  • قانون القضاء المدني، الجزء الأول، دار البخاري للطباعة، 1981.
  • اتفاق التحكيم وأثره على الإجراء القضائي في الفقه الإسلامي والأنظمة الوضعية، دار الفكر العربي، 1985.
  1. والي (فتحي) :
  • نظرية البطلان، رسالة، ط1، 1959.
  • قانون القضاء المدني اللبناني، ط1970.
  • قانون القضاء المدني الكويتي، ط1977 .
  • الوسيط في قانون المرافعات، ط2، 1981 .

 

ب- مراجع الفقه الإسلامي :

  1. ابن نجيم (زين الدين المصري) : البحر الرائق في شرح كنوز الدقائق، الجزء السابع، المطبعة العلمية، ط1، 1311هـ.
  2. شيخ زاده (المولى عبد الرحمن بن الشيح محمد بن سليمان): مجمع الأنهر في شرح ملتقى الأبحر، مطبعة دار السعادة، مصر، 1310هـ، دار الطباعة العامرة، مصر، 1328هـ.
  3. الكاساني(علاء الدين أبو بكر مسعود) : بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع، ط1، المطبعة الجمالية، مصر، 1910.
  4. ابن الهمام (كمال الدين محمد بن عبد الوهاب بن عبد الحميد) : فتح القدير، مطبعة مصطفى محمد، المكتبة التجارية الكبرى، مصر، 1356هـ.
  5. ابن قدامة (أبو محمد عبدالله بن أحمد بن محمد) : المغنى، مطبعة المنار، ط1، 1347هـ، ط3، 1367هـ.
  6. الفيروزابادي (مجد الدين محمد بن يعقوب) : القاموس المحيط، مطبعة فن الطباعة، ط2، القاهرة، 1954.

 

ج-  الدوريات ومجموعات الأحكام القضائية :

  1. مجلة نقابة المحامين الأردنية.
  2. مجلة المحاماة المصرية .
  3. مجلة الحقوق، تصدر عن جامعة الاسكندرية.
  4. مجلة الحقوق، جامعة الكويت.
  5. المبادئ القانونية لمحكمة التمييز في القضايا الحقوقية (7 أجزاء).
  6. مجموعة أبو شادي (مجموعة المبادئ التي أقرّتها محكمة النقض المصرية في خمس سنوات (1961-1966)، دار الكتب، 1967 .
  7. مجموعة محمد السيد خلف (مجموعة المبادئ القانونية التي قرّرتها محكمة النقض المصرية في خمس سنوات (1970-1975)، الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1980.
  8. مجوعة هشام الطويل، منشأة المعارف، 1977.

 

2-  المراجع الأجنبية :

أ-  المراجع الفرنسية:

  1. Beguet (M.J.P.): Etudes Critique de la notion de fin de non-recevoir en droit prive, R.T.D.C. 47.
  2. Cornu (Gerard) et Foyer (Jean): Procedure civile, Paris, 1958.
  3. Cuche (Paul) et Vincent (Jean): Precis de procedure civile et commerciale, Dalloz, 1963.
  4. Devichi (Rubellin): L’arbitrage nature, juridique, droit interneet droit international, Paris, 1965.
  5. Dubarry (Jean Claude) et Benabent (Alaim): Tribunaux de commerce et arbitrage, Rev. Trim. Dr. Comm. Et de econ. 1982.
  6. Garsonnet (E.) et Cezar-Bru (): Traite de procedure civile et commerciale, 3 Red, Sirey, Paris, 1912-1913.
  7. Glasson (E.), Tissier (A.) et Morel (R.): Traite elementaire de procedure civile, V.I. 1925-1930.
  8. Motulsky (Henry): Ecrits etudes et not sur l’arbitrage, Dalloz, Paris, 1960.
  9. Morel (Rene): Traite elementaire de procedure civile, 2e edition, Sirey, 1949.
  10. Robert *Jean): Traite de l’arbitrage civile et commerciale, V.I. Red. Sirey, 1961.

 

ب- المراجع الإيطالية :

  1. Carnelutti (F.):
  • Istituzioni del processo civile Italiano, Roma, 1956.
  • Sistemea del diritoo processuale civvile, (padova, 1936-1938).
  1. Chiovenda (G): I’stituzioni di diritoo processuale civile, V.I Napoli, 1953.
  2. Costa (S.): Manuale di diritto processuale civile Torino, 1955.
  3. Santoro Passarelli (F.): Negozio e giudizio, Riv. Trim. Civ., 1956.
  4. Satta (Slavatore): Diritoo processuale civile, padova, 1954, 1959.

 

 

 

 

 

 

]]>
مصر: مجلس الشيوخ يوافق مبدئيا على قانون حقوق المسنين https://www.a7wallaw.com/15818 Mon, 22 Nov 2021 11:54:27 +0000 https://www.a7wallaw.com/?p=15818 وافق مجلس الشيوخ، خلال جلسته العامة، برئاسة المستشار عبد الوهاب عبد الرازق، من حيث المبدأ على مشروع قانون بإصدار حقوق المسنين المقدم من الحكومة ومشروع القانون المقدم من النائب عبد الهادى القصبى و60 من أعضاء مجلس النواب.
ويهدف مشروع القانون إلى حماية ورعاية المسنين وكفالة تمتعهم بجميع الحقوق الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والصحية والثقافية والترفيهية وغيرها من الحقوق وتوفير الحماية اللازمة لهم وتعزيز كرامتهم وتوفير حياة كريمة لهم.
ويعمل مشروع القانون على تحقيق عدة أهداف أهمها ضمان حقوق المسنين صحية، واقتصادية وثقافية واجتماعية وترفيهية، وتوفير معاش مناسب يكفل لهم حياة كريمة، بجانب تمكينهم من المشاركة في الحياة العامة وأن تراعي الدولة في تخطيطها للمرافق العامة احتياجات المسنين، وأن تعمل على تشجيع منظمات المجتمع المدنى على المشاركة في رعاية المسنين.
كما يهدف إلى أن تمنح الدولة معاشا ضمانيا لكبار السن من عمر الخامسة والستين أو لمن يعانون عجزا أو مرضا مزمنا وليس لهم دخل ولا يتقاضون معاشأ تأمينيا بجانب إنشاء دور الرعاية الخاصة بكبار السن وافتتاح أندية رعاية نهارية لهم، وإطلاق وثيقة مكتوبة خاصة بحقوق المسنين بالتعاون مع منظمات المجتمع المدنى.
ومن أهداف القانون أيضا نشر آليات الثقافة الإلكترونية في مراكز المسنين لتهيئة الثقافة الذاتية بأيسر الوسائل وكذلك إتاحة الهيئة العامة لتعليم الكبار الفرصة للمسنين لمواصلة التعليم فى المراحل الإعدادية والثانوية، وصولا للتعليم الجامعى.
بالإضافة إلى التوسع في برامج الحماية الاجتماعية الممنوحة للمسنين، وزيادة المخصصات المالية المتاحة لمؤسسات الرعاية الاجتماعية الحكومية، وتعزيز التفتيش عليها، وتعزيز حصول كبار السن على الرعاية الصحية المناسبة.
وكذلك تمكين كبار السن من المشاركة في الحياة العامة وتعزيز مشاركتهم في صياغة السياسات الخاصة بهم، وتنظيم حوارمجتمعي سنوي يستهدف تحديد الفجوات، ومجالات الاهتمام، وسبل التفاعل الملائمة مع قضايا كبار السن، وتعزيز فرص حصولهم على التعليم وتعزيز مشاركتهم في الحياة الثقافية، وتعزيز المساعدة القضائية لكبار السن، وتسهيل ولوجهم لسبل التقاضي، وتشجيع التوسع في إنشاء دور رعاية للمسنين.
ويتيح القانون حقوق متكاملة للمسنين من الرعاية الصحية وتسهيل صرف المعاشات، وتوفير رفيق للمسن فى منزله.
كما يقدم إعفاء لهم جزئي من تذاكر وسائل المواصلات وغيرها ويوفر لهم الرعاية النفسية وإعادة التأهيل للمسن ويتضمن أنشاء صندوق بوزارة التضامن الاجتماعى يسمى “صندوق رعاية المسنين”، تكون له الشخصية الاعتبارية العامة، ويتبع الوزارة المختصة، ويكون تحت إشراف رئيس مجلس الوزراء، ويجوز لمجلس إدارة الصندوق إنشاء فروع أخرى له فى المحافظات.
المصدر: اليوم السابع
]]>
العدالة الجنائية الاصلاحية للأطفال https://www.a7wallaw.com/15815 Sun, 21 Nov 2021 19:59:47 +0000 https://www.a7wallaw.com/?p=15815 تعد فئة الأطفال (الأحداث) من بين فئات المجتمع الضعيفة التي لها حقوق انسانية ينبغي على هيئات المجتمع الدولي حمايتها، حيث أنهم يمثلون الفئة الأكثر تأثراً بانتهاكات حقوق الانسان ، لذا كان اهتمام المجتمع الدولي بحقوق الطفل ليس فقط من خلال حمايته لحقوق الانسان عامة وإنما خصهم بإجراءات خاصة تضمن لهم توفير العدالة الجنائية لحقوقهم، بيد أن التشريعات الحديثة لغالبية الدول عملت على التمييز في المعاملة الجزائية بين المجرمين البالغين والأحداث الجانحين، فخصتهم بإجراءات جزائية وأحكام قانونية خاصة، وجزاءات وتدابير عقابية مناسبة ترتكز على تطبيق تدابير أمنية ملائمة لهم أملاً في إصلاحهم وتهذيبهم وإعادة إدماجهم في المجتمعى، وقد وجدت هذه العدالة الاصلاحية مصادرها في الاعلان العالمي لحقوق الانسان لعام 1948م ، والعهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لعام 1966م،  والحقوق المدنية والسياسية من ذات العام ، وبروتوكول منع وقمع ومعاقبة الاتجار بالبشر وبخاصة النساء والاطفال لعام 2000م ، واتفاقية حقوق الطفل لسنة 1989م والبروتكولات الملحقة بها، وقد حازت قضية حماية الطفل (الحدث) مكانة هامة في الاتفاقيات والمواثيق الدولية وكذلك في التشريعات الوطنية، واهتمت قواعد بكين لعام 1985 بظروف محاكمة هؤلاء، ووضعت الأمم المتحدة قواعد نموذجية لإدارة شؤون قضاء الاحداث، وكذلك مباديء الرياض لعام 1990 وهافانا 1990 ، كما اهتمت اتفاقية حقوق الطفل لعام 1989 بإرساء قواعد خاصة لحماية الحدث الجانح المتهم بارتكاب جريمة معينة، حيث وضعت مجموعة من المبادىء والضوابط لضمان حمايته في مرحلتي التحقيق والمحاكمة ، من أهمها أن الطفل (الحدث الجانح)  يتمتع بقرينة البراءة في حال نُسب اليه اتهام بارتكاب جريمة ما ، لذا وجب على السلطات المختصة أن تعتبر البراءة هي القرينة الاساسية عندما يوجه اتهام إلى أي انسان بما فيهم الاطفال ، وكفلت الاتفاقية له حق الطعن في الحكم الصادر بإدانته من محكمة أول درجة أمام محكمة أعلى درجة، كما تضمنت مجموعة من اجراءات العدالة له أثناء نظر قضيته، ففي مرحلة عدم التمييز والتي تتوقف على تحديد سن الحدث ، فالمادة (40) من اتفاقية حقوق الطفل أوجبت على الدول الأطراف تحديد السن التي يفترض معها قطعاً عدم قدرة الحدث على خرق القوانين الجزائية، وقد اختلفت التشريعات الوطنية في تحديد سن عدم التمييز فنجده في قانون العدالة الاصلاحية للأطفال البحريني رقم (4) لسنة 2021 قد نص في المادة (3) على أنه: لا مسؤولية جناية على الطفل الذي لم تتجاوز سنه 15 عام ميلادي كامل وقت ارتكابه الجريمة ، وفي الاردن محدده بسن 7 سنوات وكذلك الاماراتي واللبناني والقطري, بينما ترفعه تشريعات أخري إلى عشر سنوات ومنها السوري واليمني وغيرها، وفي المرحلة الثانية وهي مرحلة المسؤولية الاجتماعية يراعي خلالها اتخاذ تدابير لا تؤول إلى ايداعه في المؤسسات الاصلاحية وهو ما نصت عليه المادة (18) من قواعد بكين ، وقد أكدت المواد (13, 14, 15 16, 17 ) من قانون العدالة الاصلاحية البحريني عليها سواء تمثلت في توجيه التوبيخ ، أو الامر بالاعتذار ، أو وضعه تحت اشراف شخص من اقاربه أو رقابة ….الخ ، وفي مرحلة المسؤولية المخففة وفيها لا يحاكم الطفل الا أمام محكمة الاطفال او الاحداث والذي أكدت عليها نص المادة (4) من القانون البحريني والمادة (120) من قانون الطفل المصري، وقد تراوحت التدابير خلالها ما بين (تهذيبية- تقويمية- اصلاحية- علاجية) مراعاة لسن الحدث وحالته البدنية والاخلاقية والظروف البيئية المحيطة به .

]]>